انتهى ليل الموسيقار حسن ميكري الطويل بعدما وافته المنية يوم الأحد، على بعد أيام من ذكرى ميلاده السابعة والسبعين، تاركا لمحبّي الفنون إرثا لا يقتصر على الغناء والتلحين، بل يمتدّ إلى أنماط تعبيرية أخرى من بينها التشكيل. ويعدّ حسن ميكري مؤسّسَ مجموعة "الإخوان ميكري" الموسيقية ذائعة الصيت التي انتقلت بأنغامِها "المعاصرة" من عاصمة شرق المملكة وجدة إلى عاصمة الثقافة العالمية باريس، مُعتَلية مسرح "الأولمبيا" الذي شهد مرور أهم الأسماء الفنية الإنسانية. وفي إحدى دردَشَاته الصحافية، أرجع حسن ميكري بداية المجموعة التي جمعته وأخويه محمود ويونس، وأخته جليلة، إلى عام 1954، عندما أهداه أبوه الرسام وموسيقار طرب الآلة محمد ميكري قيثارة، بمناسبة فوزه بالمرتبة الأولى في مسابقة للفنون التشكيلية على الصعيد الإفريقي. ولكن لم تبدأ فعليّا رحلة "الإخوان ميكري" التي قادَها أخوهُم الأكبر حسن ميكري إلا في نهاية الخمسينيات، عندما التحق محمود ميكري بأخيه حسن، قبل أن تمتطي جليلة سفينة إخوتها مطلع الستينيات، ليكون آخر الملتحقين أخوهم الأصغر يونس ميكري الذي سيصبح بعد ذلك من علامات الموسيقى والتشخيص البارزة في المغرب. وبعد تفرّق الإبداعات الموسيقية المتناغمة للإخوَة ميكري، أسّسَ الراحل حسن ميكري "المجلس الوطني للموسيقى" الذي حصل على عضوية المجلس العالمي للموسيقى التابع لليونسكو بباريس، ودعم من خلاله المواهب الموسيقية الشابة. ولم يكتف ميكري بنفث شيء من روح العصر في الموسيقى المغربية، وبالاستمرارِ في مسار ولعه الإبداعي الأول تشكيلا وخطّا، بل سهر على دعم مختلف ألوان الإبداع من سينما ومسرحِ وتشكيل في "مهرجان صيف الوْداية" الذي سهر على إدارته عدّة سنوات. وقبل أن يلتقي حسن ميكري بما تقتضيه الحياة من علل وأدواء فرحيل، عاش حياة فنية أخذه فيها الإبداعُ إلى مختلف أنحاء العالم، فنانا متعاونا مع كبار من حجم الراحل شارل أزنافور، ومكرَّما في محافل عديدة، ومرشدا لم يدعم المبدعين الشباب فقط، بل عرّف أجيالا من المغاربة على الموسيقى العصرية، قبل أن يسلّم مشعل الإبداع إلى أفراد أكثر شبابا من عائلته ليكملوا رحلة "آل ميكري" في طريق الفن والإبداع.