بالتزامن مع الجهود التي يبذلها المغرب لتجاوز المخلفات الاقتصادية للأزمة التي تسببت فيها تداعيات جائحة كورونا، يتم تداول إمكانية تأجيل الانتخابات لبضعة شهور، وذلك لتهييئ الظروف الصحية المناسبة للتنافس السياسي. واستبعد أكثر من مصدر حزبي في حديث مع هسبريس إمكانية طرح تأجيل الاستحقاقات الانتخابية الآن، خصوصا أن 2021 يفترض أن تشهد أكثر من استحقاق انتخابي؛ فبالإضافة إلى الانتخابات التشريعية، هناك الانتخابات الجماعة والجهوية. رشيد لزرق، أستاذ القانون العام بجامعة ابن طفيل بالقنيطرة، يرى في حديث لهسبريس أن "المغرب حسم في الخيار الديمقراطي بشكل لا رجعة فيه، وهذا ما يجعل فكرة تأجيل الانتخابات غير مقبولة لانعكاس ذلك على التجربة الديمقراطية المغربية"، معتبرا "طرح كورونا سببا لتأجيل الانتخابات وخلق أجواء استثنائية، ليس مبررا لكون الجائحة كما يتضح باتت داء يفرض التعايش معه". وفي مقابل تأكيد الباحث في القانون الدستوري أن "مواجهة الجائحة تتم بقانون عاد سمي قانون الطوارئ الصحية من قبل الحكومة، من خلال مرسوم مشترك لوزارتي الصحة والداخلية"، سجل أن "دورية الانتخابات مبدأ مقدس للديمقراطية"، معتبرا أن "تأجيل الانتخابات فيه مس بمبدأ الانتخاب الديمقراطي". وفي هذا الصدد، أكد لزرق أن رئيس الدولة، باعتباره الضامن للخيار الديمقراطي، حرص على عدم إعمال الفصول التي تؤطر الأحوال الاستثنائية، كحالة الاستثناء المنصوص عليها في الفصل 59 وحالة الحصار المنصوص عليها في الفصل 74، مبرزا أنها "تندرج ضمن الاختصاصات الدستورية التي تمارس من قبل رئيس الدولة في الحالات والظروف غير العادية". "الدعوات إلى تأجيل الاستحقاقات الانتخابية تعد تراجعا عن مكاسب الخيار الديمقراطي التي تحققت بإعمال دورية الانتخابات"، يقول أستاذ التعليم العالي الذي نبه إلى أن "فكرة التأجيل الانتخابات القادمة هي بمثابة عملية ضرب للخيار الديمقراطي"، مضيفا: "لاحظنا أن البعض يحاول الترويج لفكرة تأجيل الانتخابات على خلفية جائحة كورونا والبعض الآخر يدعو إلى حكومة وحدة وطنية". وشدد المتحدث نفسه على أن "هذه الدعوات تظل معزولة، لكنها بدأت تظهر هنا وهناك، خصوصا من قبل بعض محترفي البوز الإعلامي"، محذرا من غياب "التفكير في وقع ذلك على المصلحة العامة، وصورة المغرب دوليا، لأن تأجيل الانتخابات ليس من مصلحة المغرب". ويرى لزرق كذلك أن "الضجيج الذي يحاول البعض خلقه بهذه الدعوات يدخل ضمن مناورات مكشوفة قصد الضغط بغاية تحقيق تعديل حكومي من قبل بعض فلول القيادات الشعبوية التي تسعى إلى عرقلة المسار الديمقراطي بهدف ضمان دخولها إلى الحكومة"، مضيفا أن "هذه الخرجات باتت أمرا ثابتا في مواقفها عن طريق خلق إرباك حكومي، عبر تصرفات عبثية لا أخلاقية، من خلال خلق تطاحنات وصراعات سياسية أنهكت الدولة وبات لها تأثير على المواطن في حياته اليومية".