والتعويض عن مأسي استعمارها الغاشم للمغرب الكاتب: ابراهيم الصافي لعل ما يمكن أن يحفزها فينا خطاب الملك الذي نقله رئيس الحكومة عبد الاله بنكيران أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة المخصصة لموضوع "التنمية البشرية المستدامة"، هو استحضار للذاكرة الجماعية ليس لقادة الدول فحسب بل للشعوب وخاصة تلك التي اكتوت بنار الاستعمار، فذلك الخطاب الذي لخص في جملة واحدة أن "الغرب الاستعماري هو المسؤول المباشر في الوضعية المتأزمة التي نعيشها". فما نحن فاعلون كشعب لدفع الغرب إلى تقديم الاعتذار للمغربو المغاربة والتعويض عن الحقبة الاستعمارية الغاشمة؟ ربما هي مجرد افكار قد لا يكون لها معنى في المرحلة الحالية التي يعيشها المغرب، لكن اليقين إن لم نفعل هذا الان، سيأتي جيل يجبر كل دولة نهبت خيرات هذا الوطن واستنزفت موارده، على الاعتذار الرسمي، واسترجاع ما سرقته لهذا الشعب، واسترجاع كرامته امام الشعوب والامم. إن الذاكرة الجماعية للمغاربة لن تنسى يوما،ما تعرض له المغرب من نهب لخيراته الاقتصادية ومن تشويه لبنيته الاجتماعية وما كرسه الاستعمار الغاشم من فوارق طبقية لا زالت قائمة الى اليوم، فلن ينسى المغاربة ذاك الماضيالمؤلم والمخزي والمرعب ايضا. فلا يستطيع أي عقل بشري احصاء وتقدير حجم الآثار المادية والمعنوية للاستعمار، فالثروة اللامادية التي يعتكف المغرب على تقديرها اليوم، تم تدمير قيمها وركائزها خلال تلك الحقبة السيئة في تاريخ المغرب. فنحن اصحاب حق والحق مقدس وشرعية مطالبنا لازالت قائمة، فجرائم الاستعمار التي ارتكبت في حق الشعب المغربي خلال 44 سنة لا يمكن آن تسقط بالتقادم من وجهة نظر القانون الدولي الإنساني. بماآن الدولة المغربية قامتبالاعتراف وجبر الضرر عن سنوات الرصاص، والالتزام بعدم تكرار الماضي الاليم، فمن الواجب ايضا على الدول الاستعمارية التي احتلت المغرب جبر الأضرار عن المرحلة الاستعماريةوهي قضية مشروعة، وحصلت في العديد من الدول بأمريكا اللاتينية، ودول اوروبية وحتى في بعض الدول الافريقية كان آخرها انتزاع ليبيا الاعتذار الرسمي وإقرار إيطاليا بجرائمها أمام المنتظم الدولي وقبولها بمبدأ التعويض المادي عن فترة الاستعمار. إن الاشارة التي يجب أن نلتقطها من الخطاب الملكي، هو تكسير ذلكالطابو الذي كان كابحا لحركية المغاربة في الجهر علانية وبصوت مرتفع: اعيدوا لنا كرامتنا التي دنستموها خلال 44 سنة من العار، فاليوم لم تعد "المصلحة العليا للدولة" المغربية هي الصمت والتغاضي عن ما لحقنا من انتهاكات وتدمير لقيمناالانسانية والاجتماعية، فاليوم فتح الخطاب الملكي النافدة للجهر والتحرك والعمل لدفع فرنسا واسبانيا على الاعتراف وجبر الضرر والتعويض عن مأسي الحبقة الاستعمارية، وسبيلنا الى ذلك فتح جبهة نضالية على هذا المستوى، لان واقعنا اليوم لا تتحمل فيه الدولة بكل اجهزتها المسؤولية كاملة، فالاستعمار يتحمل الجزء الاكبر في وضعنا الحالي، فلولا مواردنا وخيراتنا لما وصلت تلك الدول لما هي عليه اليوم، ولنا من السبل والاليات امكانيات عديدة لتأسيس حركة شعبية لضغط واثارة انتباه المجتمع الدولي والشعوب من أجل رد الاعتبار للمغرب عن الفترة الاستعمارية الغاشمة. [email protected]