قالت المقررة الخاصة السابقة في الأممالمتحدة، أغنيس كالامار، التي حققت بمقتل الصحافي السعودي جمال خاشقجي، إن السلطات الأمريكية لا تزال تحتفظ بمعلومات عن الجريمة لكن لم تكشفها بشكل يجعلها "متواطئة" في الجريمة. وفي تصريحات لأندرو بانكومب من صحيفة "إندبندنت"، قالت كالامار إن فشل الولاياتالمتحدة بالكشف عن المعلومات أو كونها كانت تعرف مقدما بالمخاطر المحيطة بها يعني أنها "متواطئة" في قتل الصحافي السعودي. وأضافت: "لو كانت لديهم معلومات من أي نوع أو مصدر تتعلق بالقتل، ولو كانت لديهم معلومات تشير بأصابع الاتهام لولي العهد السعودي أو توقف فرقة الاغتيال في القاهرة ولم يكشفوا عنها، فإنهم يجعلون أنفسهم متورطين في محاولة الإفلات من العقاب". وقضت أغنيس كالامار، ستة أشهر تحقق في ظروف مقتل خاشقجي. وتوصلت في تقريرها إلى أن عملية الإعدام مدبّرة على مستويات عليا، وهناك أدلة موثوقة على تورط محمد بن سلمان. ونفت السعودية مسؤولية ولي العهد، وزعمت أن الصحافي البالغ من العمر 57 عاما كان ضحية عملية قامت بها عناصر "مارقة". وقدمت السعودية مجموعة من مسؤولي الدرجة الثانية للمحاكمة، لكن بدون الكشف عن هوياتهم، ولم تشمل المحاكمات أياً من المسؤولين البارزين الذي كشفت عنهم وثيقة استخباراتية سمحت وكالة الأمن الوطني الأمريكي بنشرها بداية العام الحالي. وشهدت الفترة الماضية سلسلة معلومات جديدة حول ظروف مقتل الصحافي في أكتوبر 2018، والذي كان مدافعا عن النظام السعودي قبل أن يتحول إلى ناقد شديد له عبر مقالاته في صحيفة "واشنطن بوست". وكشفت صحيفة "نيويورك تايمز" في يونيو، أن فريق القتل تلقى تدريبات أولية في شركة تعهدات أمنية "تير وان غروب" ومقرها ولاية أركنساس الأمريكية، والتي تملكها شركة سندات خاصة هي "سيربيروس كابتيال مانجمينت". وتعهد جوزيف بايدن في حملته الرئاسية بمعاقبة السعودية والتشدد معها أكثر من سلفه دونالد ترامب. ولكنه لم يتخذ أية إجراءات ضد ولي العهد الذي يشير تقري وكالة الأمن القومي الأمريكي إلى أنه أمر بالعملية. وقُدمت دعوى قضائية ضد الحكومة الأمريكية لإجبارها على الكشف عن أية معلومات حول الجريمة وما كانت تعرفه مقدما من التهديد على حياة خاشقجي الذي كان مقيما في فيرجينيا. ودعت كالامار التي حققت في الجريمة بما في ذلك الاستماع إلى تسجيل صوتي من 15 دقيقة لم يكشف عنه كل الحكومات التي تملك أدلة لتوفيرها. وعبّرت عن خيبة أملها من عودة العلاقات الأمريكية- السعودية إلى طبيعتها بشكل سريع. وفي تقريرها الذي صدر عام 2019، قالت كالامار إنها تستطيع تأكيد التقارير الإعلامية بأن تركياوالولاياتالمتحدة كان لديهما معلومات حول التهديدات على حياة خاشقجي. وبعد عامين تقول إنه من "غير المحتمل جدا" عدم معرفة الولاياتالمتحدة بالتهديد على الصحافي الراحل. وتضيف: "كل شيء نسمعه يشير إلى علاقة وثيقة بين الولاياتالمتحدة والسعودية، بما في ذلك المستوى الأمني. حدث هذا في مقدمة التسريبات... وهذه فرضية، وليس لدي المواد لإثباتها، ولكنها تزيد من احتمال حصول المخابرات الأمريكية على معلومات تتعلق بالتهديدات على جمال". ولم يرد البيت الأبيض على طلب من الصحيفة للتعليق، ولا وكالة "سي آي إيه" أو كالة الأمن القومي. وقالت وزارة الخارجية الأمريكية إنها لا تستطيع التعليق، ولم ترد السفارة السعودية في واشنطن، أو وزارة الخارجية وواحد من محاميها في الولاياتالمتحدة على أسئلة الصحيفة، وكذا شركة سيبروس. وقالت الصحيفة، إن التسجيل الذي استمعت إليه كالامار، وكانت واحدة من قلة، لا يزال محاطا بالغموض، وفي الوقت الذي اتهم فيه المدعي العام التركي هيئات عليا في السعودية بالوقوف وراء الجريمة، تقول كالامار إن الولاياتالمتحدة لديها معلومات يمكن أن تساعد في محاسبة المسؤولين عن الجريمة. وقالت: "أن تكون الولاياتالمتحدة قادرة على توفير المعلومات في الإطار العام التي اعتبرتها تهديدا على جمال وتقييمهم للتهديد أمر أساسي". وأضافت أن هذا مهم، نظرا لوجود دعوى قضائية في الولاياتالمتحدة و"هم يخفون معلومات تتعلق بالجريمة، وهذا بالنسبة لي غير مقبول". وتقدم ناشطون بدعوى قضائية ضد الحكومة الأمريكية وطالبوها بالكشف عن كل السجلات المتعلقة بالجريمة. وتساءلت جماعات حقوق إعلامية عن معرفة الولاياتالمتحدة مقدما بالتهديد لخاشقجي الذين كان مقيما في أمريكا، وأنها فشلت في القيام بواجبها القانوني وتحذيره. وانضمت الجماعة إلى "منظمة الديمقراطية في العالم العربي" التي أنشأها خاشقجي في واشنطن. وكان أول تسجيل استمعت إليه كالامار، هو زيارة خاشقجي وخطيبته خديجة جنكيز للقنصلية في 29 سبتمبر 2018 للحصول على وثيقة طلاق، حيث قام مسؤول في القنصلية بالاتصال مع الرياض والسؤال إن كان خاشقجي من بين الأشخاص المطلوبين. وبدا أن المسؤولين في إسطنبول فوجئوا بزيارته. وتبع ذلك حوارات عدة حول كيفية التعامل معه وإرسال فرقة من 12 شخصا. وآخر تسجيلين استمعت إليهما كالامار كانا عن الجريمة، واحد منها من الطبيب الشرعي الذي ناقش عددا من المسائل مثل "تقطيع الجثة"، و"كان وصفا عاما، ولم يذكر اسم جمال خاشقجي ولكنه تحدث عن سهولة تقطيع الجثة خارج مختبر التشريح الشرعي"، وقال: "ليست معقدة وكل ما تريد عمله هو ألف ثم جيم" وهو "أقوى دليل لدينا على أن عملية قتل جمال كانت مدبرة". أما التسجيل الأخير فقد ذكر فيه "الأضحية" و"لا يوجد شك في ذهني أنهم كانوا يشيرون إلى جمال".