"سكانضال" يسجل في تاريخ الأكاديمية الجهوية طنجةتطوان الحلقة السادسة قضية الأستاذ الخنوسي بنيابة بتطوان: أكبر "سكانضال" يسجل في تاريخ الاكاديمية الجهوية طنجةتطوان ويستمر الخنوسي في سرد الوقائع قائلا: "حين تم الاتفاق على استعارة حجرتين من الطابق العلوي اختارت أستاذتان العمل بهما عن طيب خاطر ودونما أي إكراه أو تأثير، وقبل أن تباشرا عملهما قامت الإدارة بالترميمات الضرورية، من تجيير وإصلاح النوافذ والأبواب والكهرباء، والنظافة التي جندت لها منظفتي المؤسسة إضافة إلى عاملين آخرين استأجرا خصيصا لذلك، بسبب ما كان بهما من أزبال متراكمة. وقد سألتني يومها منظفة وحارسة المؤسسة عما يجب فعله بالأرشيف الملقى هناك فكانت تعليماتي واضحة وصارمة، إذ قلت لها بالحرف: لا تلمسوه واتركوه في مكانه". وفي اليوم الذي جاءتني الأستاذة المذكورة تخيرني بين أن أنقل الأرشيف المذكور إلى مكتبي أو أنها ستلقي به خارج المؤسسة، يتابع الخنوسي "حاولت أن أشرح لها أنني لو كنت أردت أن أتلفه لكنت فعلت من قبل، إلا أن مزاجها آنذاك لم يكن يسمح بأي حوار بل كانت تردد في هيجان هستيري بأنه يجمع عليها الحشرات والفئران. ولما استوقفتها وشرحت لها أنني مسؤول فقط عن الأرشيف الذي تسلمته والذي يوجد بالمرفق الذي أسيره، أما الذي يوجد خارجه وخارج الحجرتين المستعارتين ولم أتسلمه فلا علاقة لي به، حينها أصرت أن تلقي به في الخارج". و يقول "لم تمر إلا بضع دقائق حتى كانت الأستاذة تخرج علبة مملوءة بأوراق تحرير قديمة، لتقوم بعدها بإخراج علبة تظهر منها الملفات البرتقالية التي لمجرد أن وقع بصري عليها أمرتها بإرجاعها لمكانها فأرجعتها، ولكن تدخل زميلاتها الصائب لاستنكار ما أقدمت عليه من صنيع مشين أثار ثائرتها فسمعتها وأنا أغادر المؤسسة في اتجاه النيابة لغرض إداري وهي ترد عليهن من أعلى الدرج وبصوت مدوي عبارات كلها تعنت واستعلاء". و حوالي الساعة الثانية بعد الزوال، يورد مسترسلا "وبينما كنت في منزلي، وردت علي مكالمة من الكتابة الخاصة للنائب يطلب مني أن أخبره عما يجري في مدرسة ابن خلدون، فطمأنته أن الأمور بها عادية وأنه ليس هناك ما يثير الانتباه. وبعد مدة قصيرة عاود الاتصال ليخبرني أنه يتلقى مكالمات من الأكاديمية تخبره أن هناك أرشيف للمؤسسة ملقى خارجها، فأخبرته أن الأمر لا يعدو أن يكون مجرد علبة من الأوراق الممزقة التي لا قيمة لها ألقت بها أستاذة لأنها تجمع الحشرات. كان ذالك فعلا ما شاهدته قبل توجهي الى النيابة، وحوالي الساعة الرابعة قررت الذهاب للمكتب للإطلاع على النازلة رغم أنني لم أكن أعمل الفترة المسائية لذلك اليوم. ولدى وصولي أخبرني أحد حراس السيارات بأن مسؤولين من النيابة حضروا وأخذوا بعض الأوراق التي كانت ملقاة على الأرض على متن سيارة "جيطا" إلى النيابة بعدما قاموا بتصويرها". وهنا يقول الخنوسي "لا بد من فتح قوس للتساؤل عن سبب نقل تلك الوثائق للنيابة بدل إرجاعها للمؤسسة مقابل محضر وفتح تحقيق مباشر مع المدير والأطر والتلاميذ للوقوف على الفاعل الحقيقي؟، ألم يكن السيد رئيس مصلحة الشؤون التربوية يحضر للمؤسسة كالبرق الخاطف لمجرد تلقي وشاية كاذبة أو دعاية تافهة؟، فلم لم يفعل في هذه الحالة وما الذي رده رغم وجود الأدلة الدامغة؟ الجواب بسيط جدا يؤكد الخنوسي، فهو لم يضرب الحديد ساخنا سعيا للتغطية على الجهات التي كانت وراء إلقاء الأرشيف بطريقة وحشية على أرضية الطابق العلوي أولا وعلى التي تسترت عليها بأسلوب مشبوه ثانيا. ويواصل الخنوسي موضحا "فلو فرضنا أن السيد الرئيس وقف يومذاك على الوقائع في إبانها ، ودخل من الباب الرئيسي متوترا مهرولا كعادته أثناء زياراته السابقة، ولقيه الحارس والحارسة وسألهما عن الحادثة، فأخبراه بما رأوا، ثم استدعى الأساتذة والتلاميذ للتحقق وأكدوا له ذلك، ثم توجه بسؤال للأستاذة المخطئة، فدفعت بعذرها، وبأنه يجمع عليها الحشرات حيث تعمل، وتساءل عن سبب تواجد أرشيف المؤسسة في الطابق العلوي – كما لو أنه لم يكن يعلم من قبل- وسمى له الأطر الجهة التي قامت بنقله وطرحه هناك وحددوا له اسم المدير الذي كان حينها مسؤولا وأثبتوا له براءة المدير الخنوسي، لكان وضع نفسه في موقف حرج جدا، و حرك ملفا الجميع يسعى لطمسه وقبره زيادة على كونه يعتبر هو نفسه من أول المتورطين فيه". وهذا هو بالضبط السيناريو الذي تجنبه السيد الرئيس "حين قام بتهريب الأرشيف إلى النيابة، وقد ساعدته مقاطعة البريد التي طالت بما فيه الكفاية ولعبت لصالحه، فرتب أوراقه ودرس الخطة الفاشلة التي من شأنها أن تدفع التهمة عن كل الشركاء في الصفقة بما فيهم الجماعة الحضرية والأكاديمية والنيابة والمقاولة والمدير الذي دبر الفترة الانتقالية وإلصاقها بضحية بريئة". وفعلا يقول الخنوسي، "طالت مقاطعة البريد، وفي أحد أيام عطلة الدورة الأولى استرعى انتباهي مقال في جريدة إلكترونية عن أرشيف إحدي المؤسسات، ومن خلال الصورة المصاحبة رأيت للمرة الأولى الملفات مبعثرة، وتأسفت كثيرا لكون الأستاذة لم تكترث لكلامي ولا لاستنكارات زميلاتها". "على أي، انتهت العطلة ووجدت استفسارا في البريد، فقمت بالرد عليه بكون كل ما تسلمته من وثائق وأرشيف ما زال محفوظا ومصونا ولم يمسسه أي مكروه، وأن إدارة المؤسسة رهن إشارة كل من يرغب في الاطمئنان على ملفات أبنائه من الأولياء، كما طلبت إرسال لجنة لتقصي الحقيقة في عين المكان". وجاءت اللجنة، يقول الخنوسي، مفتشون ثلاثة، "أعرف منهم أحمد البياضي فقط، بحكم عملي معه يوم كان نائبا، حيث ما زلت أذكر أنني كنت من أول المعجبين به، فخلال أول عرض له، اضطر إلى مغادرة القاعة قبل فتح النقاش تلبية لدعوة جهة ما، وبينما كان يتوجه مسرعا نحو الباب كنت الوحيد الذي صفق له، لأنني تتبعت عرضه بكل اهتمام ووجدته يستحق الثناء". و يسترسل الخنوسي "إلا أنه مع مرور الأيام وبعد لقاءين لي معه في مكتبه، سيحكم علي بأنني لست رجل مرحلته ويدير ظهره بشكل رهيب للمؤسسة التي أسيرها، لدرجة أنني تعرضت صباح يوم لكسر في معصم يدي اليمنى وأنا في طريقي للعمل، ولما أدليت بالشهادة التي تحدد مدة العجز في شهر، أبقى علي في مزاولة المهام مدة اثنان وعشرين يوما قبل أن يكلف غيري بالتسيير، وحبذا لو أن الحيف توقف عند هذا الحد، بل حين طلبت الترخيص بمتابعة الدراسة رُفض بدعوى أنني أدلي بالشواهد الطبية، ولما التجأت لمدير الأكاديمية القباج بشأن ذاك الشطط، أسمعني الأخير على هاتفه رد البياضي وهو يكيل لي وابلا من التهم الباطلة من بينها واحدة ما زال صداها يطن في أذني للآن وهي أنني حرمت إحدى الأستاذات من الانتقال!. و يضيف "المهم استأنفت الدراسة في السنة الموالية وناقشت وأهديته نسخة من بحثي، سلمها له كاتبه الخاص. وفي الموسم الدراسي 2010-2011 شاركت في الحركة الانتقالية فحرمني فعلا من خمس نقط في تقييمه لعملي، أبان كشف النقط الذي طلبته منه أنه خصم نقطتان على التنظيم ونقطتان على الإشعاع ونقطة على الهندام، لتستقر المؤسسة التي تباريت عليها في اسم مدير من نيابة شفشاون". ويواصل الخنوسي، "جلس المفتشون الثلاثة قبالتي، ونظرا لكون البياظي هو أول من تكلم فقد فهمت أنه هو من يترأس اللجنة، وبعد أن قدم لي زملاءه أردف دونما انتظار أن اللجنة جاءت في إطار ملف تأديبي يخصني، وقبل أن ينتهي من جملته التاريخية تلك كان المفتش الميموني فد أضاف أن ذات الملف قد يصل حد الإعفاء". و يقول الخنوسي "ذكرتني آنذاك تلك اللحظة بريتشارد باتلر، إعدام قرينة البراءة واللجوء الى قوة الأباطيل للتركيع ، فاستغربت كيف أتحول أنا الذي طلبت لجنة للتقصي، إلى مدان في طريق الإعفاء قبل بداية التحقيق بل وأيقنت أن اللجنة – خرجت مايلة ملخيما - ، ولكن ومع ذلك فقد جاريتهم في مهمتهم بكل برودة دم وضبط نفس ودون أي انفعال أو تأثر أو ارتباك". وكالعادة يقول الخنوسي، "وفي إطار الشكليات الأولى، طلبوا مني معلومات شخصية وإدارية فأخبرتهم حين سألوني عن إطاري أنني أستاذ للتعليم الثانوي التأهيلي دون حرج، لأن الإدارة ) كل من النيابة والأكاديمية( كانت على علم بذلك منذ أكثر من سنة ،ولأنني كنت أوضح ذلك في كل مراسلاتي، وعلى كل المواقع الرسمية على الأنترنت، منذ توصلت بوضعيتي الجديدة، وكان ذلك بالضبط بعدما ذهبت أستفسر بالنيابة عن سبب تراجع أجرتي بحوالي مائة درهم، حيث أطلعني الكنياري هناك على أن تغير وضعيىتي إلى أستاذ التعليم الثانوي التأهيلي هو الذي يقضي التراجع برتبة وأعطاني نسخة منها. وبعد ذلك بشهور سحبت ذات الوضعية مختومة من مصلحة الموارد البشرية بالأكاديمية"، ومنها دخلنا في صلب التحقيق يقول الخنوسي، مواصلا السرد "وعرجنا على كل أسباب النزول، مشكل التوقيت واستعارة الحجرات بالطابق العلوي، ولما أخبرت البياظي أننا اشتغلنا من قبل بالتوقيت المسترسل بناء على ترخيصه، طلب مني إطلاعه على الوثيقة المثبتة فناولته إياها، أما حين قلت له أنني لم أتسلم الأرشيف الذي كان مطروحا فوق على شكل أزبال متراكمة فإنه باغتني بسؤال جارح: ولماذا لم تجمعه؟ وإني أحمد الله الذي هداني وقتذاك إلى جواب في مستوى السؤال فكان ردي قاطعا: أنا جئت هنا لتسيير مرفق عام وليس لجمع الأزبال أم أن المدير لا كرامة له؟". و يواصل متحدثا "هناك نظر البياظي الى أحد زملائه وكأنه يقر له بقدرتي وكفاءتي التفاوضية، ولما صارحتهم بكون كل من مدير الأكاديمية والنائب زارا المؤسسة ورأوه في تلك الحالة ولم يتفوهوا بكلمة، رد علي أن ذلك أمر لا يعنيهم. و قدم مقارنة غريبة توقفت طويلا لأتأملها، لقد قال أنه لما عين نائبا وجد أرشيف النيابة في حال يرثى لها وأن الفضل كله في إحصائه وجمعه يعود إليه. والحق يقال أنني تفهمت قصده من نبرة صوته ولكنني لم أجد مجالا لمقارنة النازلتين، كونه تسلم أرشيف النيابة وفي المرفق المسند له، أما أنا فقد تم إخفاؤه عني عنوة ولم أتسلمه وحين اكتشفته لم يكن في صفة الأرشيف ولا في فضاء مسؤوليتي". وأثناء التدقيق في المراسلة التي كنت أجبت بها على الاستفسار يضيف الخنوسي، طلب مني البياظي أن لا أذكر المقاولة، لأنني كنت استشهدت في ذكرها بشهادة الحارسة ،بعد التأكد القطعي من ثباتها على موقفها عبر مطالبتها بتحديد الفاعل أكثر من ثلاث مرات متباعدة. طلب غريب استعصى علي إدراك بعده التربوي كثيرا. "وبعدما طلبوا مني تسمية الأستاذة التي تسببت في الكارثة سميتها لهم، وبعد خروج التلاميذ صعدنا إلى حجرتها بالطابق العلوي وهناك رأى أعضاء اللجنة الكميات الهائلة الأخرى من الأرشيف المتبقية تحت الأنقاض في الحجرات الأخرى، حتى إن البياظي انحنى في لحظة معينة على أحد سجلات الغياب ونفض عنه الغبار واطلع على تاريخه ليخبر رفاقه أنه يعود لنهاية الستينيات قبل أن يعيده إلى غباره وينصرف دون اكتراث. وافترقنا للاستراحة والغذاء، لنعود وقت دخول التلاميذ، وليتوجه البياظي وواحد من رفاقه إلى حجرة الأستاذة المعنية، بينما يبقي رفيقهم الثالث بجانبي في المكتب، ثم ليعودا بعد مدة قصيرة وبشائر نشوة النصر والخلاص بادية على وجه البياظي الذي و دون أن يدخل مكتب الإدارة حتى، توجه لصديقه قائلا: )يالله فحالنا آلسي الميموني، صافي قوست عليه!." و يتابع الخنوسي "ولما ودعتهم إلى الباب وعدت أدراجي يواصل الخنوسي، لم أشعر إلا وأنا أردد عبارة نستعملها نحن المغإربة عند الوقوف على عمل كهذا يتميز بالدقة والعبقرية والجدية التامة في الأداء والتي تقول: )خاوّار يا الملاّلي وخاوّار(. لقد اكتفت اللجنة برواية الأستاذة التي ألقت بالأرشيف خارج المؤسسة دون أن تعمل حتى على تقابلنا وجها لوجه على الأقل، ودون أن تعبأ بما سيخلفه ذلك من انطباع وانتكاسة لدى الأساتذة والتلاميذ وباقي الشهود الذين رأوا بأعينهم كل شيء، ولا بالقدوة والنموذج المفروض فيهم تكريسه بحكم رتبهم العالية في مدارج التربية والتعليم. ولكن المفاجئة العظمى التي كانت تحتفظ لي بها الأقدار الساخرة، هي أنني لما حاولت إعادة جمع وترتيب الوثائق التي سلمتها للجنة أثناء التحقيق لاحظت أن الوثيقة (الأم) أي ترخيص البياظي للمدير السابق بالعمل بالتوقيت المسترسل حتى نهاية الأشغال التي لم تنته ليومنا هذا قد اختفت، ذابت وطارت، ولم اعثر لها على أثر".