أوجار: إصلاحات حكومة أخنوش تاريخية .. وندعو لتقييم عملها ب"الأرقام لا الضرب تحت الحزام"    تساقطات ثلجية وأمطار قوية أحياناً رعدية مرتقبة خلال نهاية الأسبوع في عدة مناطق بالمغرب    رسالة سياسية حادة من السعدي لبنكيران: لا تراجع عن الأمازيغية ولا مساومة على الثوابت    إنزال أمني بمسجد ستراسبورغ الكبير    مونديال 2026: خمسة ملايين طلب تذاكر خلال 24 ساعة ومباراة المغرب والبرازيل ثانيةً من حيث الإقبال    بورصة البيضاء .. ملخص الأداء الأسبوعي    ميسي في الهند.. جولة تاريخية تتحول إلى كارثة وطنية    المديرية ال0قليمية للثقافة بتطوان تطمئن الرإي العام على مصير مدخرات المكتبة العامة بتطوان    محمد رمضان يحل بمراكش لتصوير الأغنية الرسمية لكأس إفريقيا 2025    مجلس السلام خطر على الدوام /1من2    تعاون غير مسبوق بين لارتيست ونج وبيني آدم وخديجة تاعيالت في "هداك الزين"        من الناظور... أخنوش: الأرقام تتكلم والتحسن الاقتصادي ينعكس مباشرة على معيشة المغاربة        مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية        احتفاء بكأس أمم إفريقيا 2025.. مزيج بين الفن والرياضة في عرض "موج" بمحطة الرباط-أكدال    مطارات المملكة جاهزة لاستقبال كأس إفريقيا للأمم 2025    الناظور .. انطلاق فعاليات النسخة ال10 للمعرض البين-ثقافي الافريقي    نقابات الصحة تصعّد وتعلن إضرابًا وطنيًا باستثناء المستعجلات    التونسي وهبي الخزري يعتزل كرة القدم    توقيف مواطن ألباني في أصيلة مبحوث عنه دوليا    المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    ضحايا "زلزال الحوز" ينددون بحملة التضييقات والأحكام في حقهم    تساقط الثلوج يقطع طرقات في تنغير    الطريق بين تطوان والمضيق تنقطع بسبب الأمطار الغزيرة    الملك تشارلز يعلن تطورا لافتا في علاجه من السرطان    كأس أمم إفريقيا 2025.. "الكاف" ولجنة التنظيم المحلية يؤكدان التزامهما بتوفير ظروف عمل عالمية المستوى للإعلاميين المعتمدين    نادي الأهلي السعودي يحتفي بالرجاء    القنيطرة .. يوم تحسيسي تواصلي لفائدة الأشخاص في وضعية إعاقة    الممثل بيتر غرين يفارق الحياة بمدينة نيويورك    جهة الدار البيضاء : مجلس الأكاديمية الجهوية يصادق على برنامج العمل وميزانية 2026    حبس الرئيس البوليفي السابق لويس آرسي احتياطيا بتهم فساد    السغروشني تعلن تعبئة 1,3 مليار درهم لدعم المقاولات الناشئة    خطابي: فلسطين تحتاج "محامين أذكياء"    تشيوانتشو: إرث ابن بطوطة في صلب التبادلات الثقافية الصينية-المغربية    الركراكي يرفع سقف الطموح ويؤكد قدرة المغرب على التتويج بالكان    الإقصاء من "الكان" يصدم عبقار    بنونة يطالب ب «فتح تحقيق فوري وحازم لكشف لغز تهجير الكتب والوثائق النفيسة من المكتبة العامة لتطوان»    عاصفة شتوية تصرع 16 شخصا بغزة    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية        يونيسكو.. انتخاب المغرب عضوا في الهيئة التقييمية للجنة الحكومية الدولية لصون التراث الثقافي غير المادي    إيران تعتقل متوجة بجائزة نوبل للسلام    بورصة البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الارتفاع    بريطانيا.. موجة إنفلونزا "غير مسبوقة" منذ جائحة (كوفيد-19)    ميناء العرائش .. انخفاض طفيف في حجم مفرغات الصيد البحري    مدينة الحسيمة تحتضن فعاليات الملتقى الجهوي السابع للتعاونيات الفلاحية النسائية    تناول الأفوكادو بانتظام يخفض الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية    تيميتار 2025.. عشرون سنة من الاحتفاء بالموسيقى الأمازيغية وروح الانفتاح    مراسلون بلا حدود: سنة 2025 الأكثر دموية للصحافيين وقطاع غزة يتصدر قائمة الاستهداف    منظمة الصحة العالمية .. لا أدلة علمية تربط اللقاحات باضطرابات طيف التوحد    فيضانات تجتاح الولايات المتحدة وكندا وإجلاء آلاف السكان    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    موسم حج 1448ه... تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموازنة بين الرصيد الغنائي وحق الملكية في واقعة أسرة ميكري الفنية
نشر في بريس تطوان يوم 19 - 01 - 2022

ما أثارته عملية تنفيذ حكم قضائي على منزل تكتريه عائلة ميكري الفنية بقصبة الوداية المطلة على مصب نهر أبي رقراق والمعانق للمحيط الأطلسي، من نقاش على وسائط التواصل الإجتماعي وفي المنتديات المختلفة اتخذ بعدا حادا أحيانا، وكانت السمة الجامعة في هذا النقاش، وفي تقديري المتواضع قيامه على خلل منهجي واضح.
ينطلق هذا الخلل من تقدير الحق في ذاتيه، عبر سوء الموازنة بين حق عائلة فنية يشهد لها الجميع بإسهاماتها الخالدة في الأغنية والموسيقى بالمغرب، وحق المالك الذي كفل له القانون إمكانية استرداد عقاره المكترى قصد الاستعمال المباشر، له شخصيا أو لمن حدده القانون.
بداية لا يمكن إنكار إرتباط الإنسان بالمكان بالنظر لما نسجه فيه من ذكريات، مطلق الإنسان، كما لا يمكن إنكار خصوصية اللمسة التي يمكن أن يضفيها الفنان على المكان الذي يقيم فيه، وأيضا الطابع الإشعاعي الذي يتخذه هذا المكان بسبب دوام استقطابه للأنشطة الثقافية والعلمية والفنية.
لذلك غالبا ما تتحول مثلا المقاهي التي ارتبطت بشخصيات فنية وأدبية مثل مقهى قشتمر بحي الظاهر القاهري ومقهى الفيشاوي المعرف أيضا والذي كان يرتادهما الأديب المصري الكبير نجيب محفوظ، ومقهى الحافة بطنجة الذي ارتبط اسمه بأدباء ورجال الفن والسياسة من مختلف بقاع العالم، منهم وينستون تشرشل وجيمي هندريكس وبول وبوز ومحمد شكري وغيرهم كثير.
ما يحضرني هنا أنه خلال السنتين الماضيتين صدر قرار بهدم جزء مخالف محدث من هذه المقهى بقرار إداري لم يرفضه أصحاب المقهى بدعوى العالمية أو نفوذ الفن والأدب، هو ما يجسد وعي أناس بسطاء بالوقع الحضاري للقانون.
في برشلونة تحول منزل أنطوني غاودي الى مزار سياحي دون خرق القانون أو المساس بالحريات والحقوق أو َمصادرتها، كذلك في زالتسبورك النمساوية، حيث يوجد منزل العبقري موزار والذي تحول أيضا منزله لمزار سياحي، دون الإعتداء على حق الملكية.
في تطوان يوجد بيت عبد الخالق الطريس وهو الرمز الوطني الكبير وما زال البيت على حاله دون المساس بحقوق الورثة.
في شفشاون المنزل الذي كان يقطنه مولاي على بن راشد والذي ما يزال قائما، هو الأن ملكية خاصة ويعتمره أناس من باب السكن، ورغم إشعاعهم العلمي والصوفي(السيد علي الريسوني)، ولم ينكر عليهم أحد ذلك بدعوى أنه أثر تاريخي أو لرمزية مولاي علي بن راشد ومكانته في قلوب أهل القديسة.
وللملكية الخاصة جلالها وقداستها في مجتمعنا وهو الأمر المشروط بعدم إستعمال هذا الحق الدستوري بشكل تعسفي أو بشكل مخالف للقانون، كما لا يمكن الحد من نطاقه إلا طبقا للقانون.
وبالتالي فإن إرتباط المالك بملكه معزز بقوة القانون المطلقة والتي لا يمكن الحد منها إلا بواسطة القانون نفسه.
هنا أقر من خلال ما سمعت عن الجانب الإشعاعي للمنزل الذي سكنه أل ميكري، ومن المناسب ثقافيا أن يتحول إلى منشأة ثقافية لكن طبقا للقانون وليس تشبثا من الفنان بالسكن فيه لطول مدة اعتماره، مادام يوجد حكم قضائي يلزمه بالفراغ، لأن الأحكام القضائية النهائية ملزمة للفنان والسياسي والعسكري وملزم للدولة ذاتها، مع مراعاة مبدأ نسبية هذه الأحكام.
ومن جهة ثانية فإن أل مكري يتشبثون بالسكن في هذا المنزل وليس تحويله لمؤسسة ثقافية، وهنا الجانب الثاني للخلل المنهجي الذي يقارب به هذا الموضوع، لأن الفنان في الأخير مواطن، إنسان له حقوق وعليه واجبات، ويفرض عليه القانون الالتزام بمبدأ المساواة أمامه، وهو المبدأ الذي يدافع عنه الفن أصلا.
وبالتالي فإن المطالبة بتحويل المكان إلى منشأة ثقافية يجب أن لا يمس حق المالك إلا طبقا للقانون، ولا يجب أن ينتصر لحقوق شخصية وغير فنية يكفلها القانون للفنان والغير، بل يكفلها بشكل متساوي للجميع.
أما الطعن في الأحكام فله مجاله وجلاله وتقنياته التي يستعصي الفضاء الإلكتروني عن اختضانها أو ممارساتها.
فضلا عن أن شخصنة الحالة يجعل الأمر فاقدا لبريقه الثقافي، فالمطالب الثقافية يجب أن تتصف بالعمومية والتجرد خدمة للمصلحة العامة.
ولآل مكري كل التعاطف الإنساني الذي لا يمكن أن يبطل حقا و/أو ينتصر لباطل، وكم أتمنى من نشطاء الفايس بوك وغيره شن حملة من أجل رد الإعتبار لمنزل ابن خلدون بمدينة فاس وغيره من العظماء الذين عاشو هناك، تماما كما أعتقد أن الوداية تحتضن منازل أبطال الجهاد البحري وغيرهم ممن علم المغاربة الكرامة وعزة نفس وليس طريقة اللباس فقط، بل خلفوا إرثا تاريخيا ومعماريا يجب أن يصان بواسطة القانون وأن يصان مع الفن والثقافة من مزالق المزايدات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.