بنك المغرب يصدر قطعة نقدية تذكارية بمناسبة عيد ميلاد جلالة الملك    تفاصيل اجتماعات أمريكية–أممية لإعادة النظر في مستقبل بعثة "المينورسو"    زيلينسكي: لقاء بوتين يتطلب ضمانات    بورنموث يضم عدلي ب29 مليون يورو    رسميا.. الجامعة تعلن افتتاح ملعب مولاي عبد الله بالرباط في حلته الجديدة بمباراة المغرب والنيجر    يوسف الحمداوي يرفض تمثيل بلجيكا    الوداد يعلن موعد تسليم بطائق الاشتراك لجماهيره    الدوري التركي يترقب عودة حكيم زياش    تدهور الحالة الصحية لوالد ناصر الزفزافي ونقله لقسم الانعاش    الأمن يطيح بمروجين للمخدرات والمؤثرات العقلية في مكناس    انطلاق فعاليات مهرجان الرمى والطلبة والخيالة بمركز صخور الرحامنة مبادرات راائدة في التضامن الترابي (صور)    ابتكار جهاز من الماس يرصد انتشار السرطان دون مواد مشعة    حرقة المعدة .. هذه علامات تستوجب زيارة الطبيب فورًا    سواريز يقود إنتر ميامي لنصف نهائي كأس الرابطتين في غياب ميسي    الداخلية تأمر بصرف التعويض عن الأخطار للممرضين وتقنيي الصحة بالجماعات الترابية    مندوبية التخطيط تسجل انخفاضا طفيفا للرقم الاستدلالي للأثمان عند الاستهلاك    توقعات أحوال الطقس اليوم الخميس    جامعة التخييم تدين هتك عرض طفل بمخيم رأس الماء وتؤكد أنه سلوك مشين لا يمت بصلة إلى الإدارة والأطر التربوية    المغرب يمد يد العون لإسبانيا والبرتغال في مواجهة الحرائق        عيد الشباب.. جلالة الملك يصدر عفوه السامي على 591 شخصا    العفو الدولية تتهم واشنطن بتوظيف الذكاء الاصطناعي لمراقبة المهاجرين والطلاب المؤيدين للفلسطينيين    بدء توزيع المساعدات المغربية على سكان غزة    الحارس البرازيلي فابيو هو الأكثر خوضا للمباريات الرسمية    القبلية.. سرطان يفتك بالوطن    الصين: مدينة شنزن في الصدارة من حيث التجارة الخارجية    الصين تطلق أولمبياد الروبوتات الشبيهة بالبشر بمشاركة دولية واسعة    334 ألف شقة فارغة في شمال المغرب.. ومدينة طنجة في الواجهة    بلجيكا.. هجوم إلكتروني يستهدف بيانات 850 ألف زبون لشركة "أورانج"        سنة أولى بعد رحيل الدكتور عبد الفتاح فهدي    إسبانيا: زوجة رئيس الوزراء بيدرو سانشيز متورطة في قضية جنائية جديدة    تقرير: المغرب يعتبر ثاني أكبر مصدر للهجرة اليهودية العالمية نحو فلسطين المحتلة    عفو ملكي على 591 شخصا بمناسبة "عيد الشباب"    توقيف جانح قاصر حاول السرقة من محل تجاري تحت التهديد باستخدام طرد متفجر وهمي    إلغاء مباريات ولوج الماستر واعتماد انتقاء الملفات    ضربة قوية لتجار السموم.. أمن أكادير يحجز 7960 قرصا مهلوسا وكوكايين ويوقف شخصين    محمد السادس.. ملك الإصلاحات الهادئة    مدينة تمارة تحتضن أضخم حدث فني هذا الصيف    الرابور مورو يحيي حفل ضخم بالبيضاء بشبابيك مغلقة    قمة "تيكاد 9".. المغرب يعزز موقعه الاستراتيجي والجزائر تواجه عزلة دبلوماسية متزايدة    سامويل ولُولي... حين قادهم الطريق إلى بيت الجار    حجز عجول بميناء طنجة .. ومستوردون يوقفون الاستيراد بسبب الرسوم    الملك يهنئ هنغاريا بالعيد الوطني    أوروبا تسجل رقماً قياسياً في إصابات الأمراض المنقولة عن طريق البعوض    دراسة: أجهزة السمع تقلل خطر الخرف لدى كبار السن بنسبة تفوق 60%            إطلاق فيديو كليب "رمشا الكحولي" بتوقيع المخرج علي رشاد    تمهيدا لتشغيل الميناء.. إطلاق دراسة لاستشراف احتياجات السكن في الناظور والدريوش    اختتام فعاليات الدورة الرابعة للمهرجان الدولي للفن المعاصر بمدينة ميدلت    حجز 14 طنا من البطاطس بتطوان قبل توجيهها للبيع لانعدام شروط النظافة والسلامة    المركز الفرنسي للسينما يكرّم المخرجة المغربية جنيني ضمن سلسلة "الرائدات"    "بعيونهم.. نفهم الظلم"    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



اكناوة بالمغرب: الأصول والتسمية
نشر في أخبار الجنوب يوم 18 - 06 - 2013

مدينة الصويرة عاصمة فن اكناوة بالمغرب، يرتبط اسمها ارتباطا وثيقا بمهرجان اكناوة، اشتهرت عبر العالم بهذه الموسيقى منذ الستينات، عندما شارك مع اكناوة كل من المغني الشهير دجيمي هاندريكس والمغني الجامايكي بوب مارلي وبيتر توش، كما ذاع صيت المدينة لتعانق العالمية منذ شُرع في تنظيم مهرجانها السنوي اكناوة وموسيقى العالم، في يونيو من كل سنة، والذي يستقطب عشرات الآلاف من الزوار المغاربة والأجانب. وبفضل الإشعاع الكبير الذي حققته موسيقى اكناوة، بدأت تشترك في عروض التوليف الموسيقي مع مختلف المدارس الثقافية الموسيقية واللاتينية ذات الجذور الإفريقية، كالجاز والبلوز والصول والملحون. وبالنظر للنجاح الكبير الذي خلفته دورات المهرجان السابقة، فقد تقدم مسؤولو المهرجان بطلب لمنظمة التربية والعلوم والثقافة من أجل إدراج موسيقى اكناوة ضمن التراث الشفهي العالمي غير المادي. فكيف دخلت المغرب هذه الموسيقى القوية المُحَمّلة بثقل الأساطير والمعتقدات الموغلة في القدم ؟ وما السر وراء تسميتها باسم موسيقى اكناوة؟
يشير ذ الحسين بولقطيب في محاضراته عن العصر الوسيط أن العبيد لعبوا دورا هاما في الحركة التجارية بين المغرب والسودان الغربي، و إن حاولت بعض الدراسات نُكْران ضُلوع التجار المغاربة في هذه التجارة، ذلك أن افريقيا ظلت عامة خزانا للعبيد والأقنان الذين كانوا إلى حدود القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين يُعْتَبَرون بضاعة يُتَاجر بها في الأسواق وتُسْتَبْدَلُ بالملح وبضائع أوروبا.
ومن زاوية البحث التاريخي لم يَعْرف المغرب عبيد اكناوة قبل الدولة السعدية. ويرى ذ يحيى جلال أن سياسة التوسع باتجاه الجنوب التي قام بها سلاطين المغرب على حساب إقليم السودان الغربي تمت على مرحلتين: الأولى في عهد السلطان أحمد المنصور السعدي في أواخر القرن السادس عشر، والثانية مع المولى اسماعيل في أوائل القرن السابع عشر، فكان من نتائج هذا التوسع خلال المرحلة الأولى بداية تكوين ما يُعْرَف داخل الأوساط العامية المغربية بعبيد اكناوة، الذين مارسوا أعمال السّخرة على اختلاف أنواعها، في حين مثلث المرحلة الثانية رد الإعتبار لهؤلاء العبيد نتيجة اندماجهم داخل المؤسسة العسكرية. إذ لازلنا إلى الآن نجد حيا سكنيا يالصويرة يحمل اسم البّاخَر نسبة لهؤلاء الجنود العبيد.
وبحسب الباحث والمعلم الكناوي محمد قاقة في بحثه الجامعي لنيل الإجازة في التاريخ أن من نتائج هذه الحملات دخول العديد من العادات والتقاليد السودانية إلى المغرب، والتي مَثّلَث في حقيقة أمرها البداية الأولى لظاهرة عبيد اكناوة الحاملين للطقوس الأرواحية. وكان ذلك فرصة سانحة لهؤلاء السود للتعبير عن عاداتهم وتقاليدهم وطقوسهم. وكانت بداية لظُهُور ما يسمى بالليالي الكناوية داخل القصبات التي يَقْطُنون بها، المسماة حسب الدراسة التي قام بها كل منJ.HAINAUT J.CALLE قصبات اكناوة، التي بلغت حسب الزياني في عهد المولى اسماعيل ستة وسبعون قصبة. كما نجد عدة أزقة إلى الآن تحمل اسم اكناوة، بمراكش ومكناس وفاس والرباط والبيضاء وآسفي..
وقد تناول محمد ابزيكا موضوع التراث الكناوي مثيرا بعض الأسئلة حول أصل مفهوم اكناوة، حيث يعتبر أن لفظة أكناو تقارب لفظة نجومي NGOOM التي تعني اسم لآلة الهجهوج (الكنبري) في مالي. والغريب أن هذه الكلمة تقارب لفظا ومعنى كلمة ننجوتي الآشورية وناجن العبرية، التي تعني العزف على الآلات الوترية، ونيجناه التي تعني موسيقى الآلات الوترية.
وترى الباحثة فيفيان باك أن أكناو AGNAW بالبربرية هي إدغام وتقلص لكلمة IGRI-IGNAWEN المشتقة من اللاتينية AGER بمعنى النجم أو الكوكب. واللاتينيون يطلقون هذا الإسم على نجم الدبران (الثور). أما لفظة EGANAWEN بالأمازيغية فتشير إلى الحدادة أو عمل الحداد. ومن جهة أخرى يميل آخرون بخصوص نسب اكناوة إلى إحدى قبائلهم الأصلية الكانكا، وهي قبيلة مشهورة إلى الآن بهذا الإسم، وتقع ما بين تنبكتو وتالاندي بالسودان الغربي. و نجد برابرة الأطلس يشيرون باسم AKAL-N-IGNAWEN للدلالة على بلاد السودان، وهو الإسم الذي تأتي منه كلمة GUINEE والتي تدل بلا شك على اسم اكناوة، وكلمة جيني كانت تطلق حسب الوزان الذي زار بلاد السودان في العقد الأول من القرن السادس عشر (1510 ) على مملكة يسميها التجار الأفارقة اكناوة و الأهليون جيني، ويطلق عليها البرتغال ومن لهم خبرة بهذه المناطق بأوروبا غينيا.
أما في معلمة المدن والقبائل نجد أن جانة هي تحريف لغانة، ومنها نسبة جانوي أو جنوي، حيث يقال عبيد جناوة، أي سود اللون من أصل غاني، ذلك أن العديد من المؤرخين نقلوا أسماء بعض الممالك السودانية باختلاف في الكتابة والنطق، مع أنهم كانوا يقصدون في غالب الأحيان نفس المنطقة أو المدينة. الأمر الذي يبرر الإعتقاد بأن الفن الكناوي هو إفريقي الأصل، لكن بيزومان سيسوكو المالي وأشهر عازف على آلة نكوني، يَرُد الفن الكناوي إلى أصل عربي، حيث يرى أن هذه الآلة وصلت إلى افريقيا في عصر الفتوحات الإسلامية على يد عربي إسمه جاليتا Jalita .
وقد أطلق المغاربة في القديم هذه الكُنْيَة التي تحيل على انتماء جغرافي لمدينة جيني على العديد من المكونات البشرية للعبيد الوافدين، إذ نجد أن المؤرخ الضعيف الرباطي يشير في حديثه عن زوجات السلطان المولي اسماعيل إلى امرأة اكناوية كان له معها ولدان هما عبد الله والطيب. وهذه الإحالة الجغرافية للإسم هي التي رافقت تسمية العبيد المغاربة الذين يشكلون فئة من المغنين المتجولين في فترة نشأة فن اكناوة.
وبعيدا عن التضارب الحاصل في التسمية والأصول، نستخلص أن فن اكناوة بالمغرب، هو فن وافد مع رافده البشري، يُطْلَق على أولئك المُخْلصين للطرق السوداء بالمغرب، و المُنْحَدرين القدامى من العبيد السود، الذين يعتبرون سيدنا بلال رمزهم الأكبر، من أجل إضفاء شرعية دينية على طائفتهم. وفي الصويرة يوجد ضريح سيدي بلال الذي تَحْسبه الثقافة الشعبية في عداد الأولياء مجهولي النسب والسيرة، فضلا عن زاوية سيدنا بلال التي لا بد أن يَحُجّ إليها أي اكناوي قبل أن يحصل على لقب معلم، حيث تحتضن الزاوية في العشرين من شهر شعبان الموسم السنوي لكناوة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.