وضعت الأمطار الغزيرة التي هطلت خلال مباراة السنغال وبوتسوانا في مدينة طنجة، البنية التحتية الرياضية للمغرب تحت مجهر الاختبار الفعلي، وذلك في سياق منافسات كأس الأمم الإفريقية 2025 التي تستضيفها المملكة وسط استثمارات ضخمة شملت تحديث الملاعب في ست مدن وتجهيز تسع منشآت رئيسية. وفي الوقت الذي تتوجه فيه الأنظار نحو الجمالية المعمارية للملاعب الجديدة، جاءت الظروف المناخية الصعبة لتفرض معيارا تقنيا حاسما لقياس جودة هذه الاستثمارات على أرض الواقع. ويقدم ملعب طنجة الكبير، الذي تبلغ طاقته الاستيعابية حوالي 75 ألف متفرج في نسخته المعدلة للبطولة، نموذجا بارزا للتحديثات التي أدخلها المغرب على مرافقه. وتتضمن تجهيزات الملعب مساحات واسعة مخصصة للصحافة تشمل أكثر من 7000 مقعد، بالإضافة إلى مركز إعلامي يمتد على مساحة 600 متر مربع، ومرافق طبية متكاملة، فضلا عن مواقف سيارات ذات سعة كبيرة وارتباط وثيق بشبكة المواصلات التي تسهل الوصول إلى المطار ومحطة السكك الحديدية. وقد تعرضت أرضية الملعب وأنظمة التصريف فيه لاختبار ميداني مباشر أثناء الهطول الكثيف للأمطار خلال مواجهة المنتخبين السنغالي والبوتسواني، حيث لم يسجل أي عطل فني يؤثر على سير اللعب أو حركة الكرة، مما يعكس كفاءة الأنظمة التقنية المعتمدة. وعلى الجانب الآخر في العاصمة، يقف مجمع الأمير مولاي عبد الله بالرباط كواجهة رئيسية للبطولة، بسعة تبلغ 69,500 مقعد، وهو الملعب المخصص لاستضافة حفلي الافتتاح والختام. وقد خضع هذا الصرح لعملية إعادة بناء وتجديد شاملة ليتوافق مع أحدث معايير الاتحاد الإفريقي لكرة القدم (كاف)، متضمنا مرافق إعلامية متطورة ومدرجات حديثة ومساحات مخصصة لكبار الشخصيات. وعلى الرغم من الجاهزية العالية التي ظهر عليها الملعب خلال حفل الافتتاح، إلا أنه لم يتعرض لاختبار مناخي قاس مماثل لما شهدته طنجة، مما يجعل نجاحه حتى الآن مقياسا للتفوق التنظيمي والبروتوكولي في ظل ظروف مناخية مستقرة، أكثر منه اختبارا وظيفيا تحت الضغط الطبيعي. وتشير المقارنة التحليلية بين المحطتين إلى تباين في طبيعة التحديات؛ فبينما واجهت طنجة اختبارا ميدانيا تحت ضغط مناخي أثبت صلابة البنية التحتية، استعرضت الرباط قدرات تنظيمية عالية في ظروف مثالية. ويلبي كلا الملعبين المعايير الدولية من حيث سعة الجمهور وجودة مرافق الإعلام والإدارة، غير أن استمرار اللعب بسلاسة في طنجة رغم سوء الأحوال الجوية منح الملعب مؤشرا عمليا إضافيا حول الجاهزية التقنية لأنظمة الصرف والعشب، وهو ما يكمل الصورة مع الفخامة البروتوكولية التي ميزت ملعب العاصمة. وتخلص المؤشرات الأولية إلى أن المغرب نجح في تقديم بنية تحتية تتجاوز المعايير القارية المعتادة، حيث يمثل كل من ملعبي طنجةوالرباط نقاط قوة في ملف الاستضافة. وفي حين يعكس الملعبان مستوى متقدما من التجهيز، فإن النتائج المستخلصة من أرض الميدان تمنح ملعب طنجة نقطة إضافية في رصيد الاختبار العملي وتأكيد الجودة الوظيفية، دون أن يقلل ذلك من القيمة المعمارية والرمزية لملعب الرباط الذي ينتظره اختبار النهائي، ليؤكد الاثنان معا الطفرة النوعية في المنشآت الرياضية المغربية.