"ندوة السلام".. بن عبد الله يدعو لتكثل عالمي يواجه إجرام إسرائيل ويحيي سكان طنجة    سوريا.. السلطات تعتبر القصف الإسرائيلي لمنطقة قريبة من القصر الرئاسي بدمشق "تصعيدا خطيرا"    لهذه الأسباب سيغيب الدولي المغربي مزراوي عن فريقه … !    اعتقال مروج مخدرات خطير بمراكش وبحوزته آلاف الأقراص المهلوسة    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية بجهة الداخلة    يونس مجاهد: مجالس الصحافة وضعت للجمهور وليست تنظيمات بين-مهنية    رغم القطيعة الدبلوماسية.. وفد برلماني مغربي يحل بالجزائر    مخاريق: لا يأتي من بنكيران سوى الشر.. وسينال "العقاب" في الانتخابات    الجامعة الملكية المغربية تكرم المنتخب الوطني النسوي المتوج بكأس الأمم الإفريقية للفوتسال    بسبب اختلالات رياضية.. الجامعة الملكية تصدر قرارات التوقيف والغرامة في حق عدد من المسؤولين    الناظور ضمن خريطة أطول أنبوب غاز في العالم يربط إفريقيا بأوروبا    مواطنون إسبان يشيدون بالمساعدة المقدمة من المغرب إثر انقطاع الكهرباء    لبنان يحذر حماس من استخدام أراضيه للقيام بأي أعمال تمس بالأمن القومي    في الجلسة الافتتاحية للمنتدى الدولي الثالث للبرلمانيين الشباب الاشتراكيين والديمقراطيين .. الكاتب الأول إدريس لشكر: الجيل الجديد من البرلمانيين الشباب مطالب بحمل مشعل الحرية والكرامة والتضامن في عالم مضطرب    توقعات أحوال الطقس في العديد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    اللاعب المغربي إلياس أخوماش يشارك في جنازة جدته بتطوان    بعد 25 سنة.. شركة "FRS" تُعلن رسمياً توقف نشاطها البحري بين طنجة وطريفة    حقوقيون يسجلون إخفاق الحوار الاجتماعي وينبهون إلى تآكل الحريات النقابية وتنامي القمع    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    « بين التاريخ والرواية» كتاب جماعي يرصد مسارات أحمد التوفيق    في كلمة حول جبر الأضرار الناجمة عن مآسي العبودية والاتجار في البشر والاستعمار والاستغلال بإفريقيا: آمنة بوعياش تترافع حول «عدالة تعويضية» شاملة ومستدامة    «غزة على الصليب: أخطر حروب الصراع في فلسطين وعليها»    حادثة سير مميتة تنهي حياة سبعيني بالفقيه بن صالح والسائق يفرّ هاربا    العرائش تسجل أعلى نسبة تملك.. وطنجة تتصدر الكراء بجهة الشمال    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    مقاطعة مديري مؤسسات الريادة للعمليات المصيرية يربك مشروع الوزارة في الإصلاح التربوي    للمرة الخامسة.. مهمة سير فضائية نسائية بالكامل خارج المحطة الدولية    سفينة مساعدات لغزة تتعرض لهجوم بمسيرة في المياه الدولية قرب مالطا    رسالة مفتوحة إلى السيد محمد ربيع الخليع رئيس المكتب الوطني للسكك الحديدية    العلاقات التجارية بين المغرب ومصر.. وفد اقتصادي مغربي يزور القاهرة    كوريا: الرئيس المؤقت يقدم استقالته لدخول سباق الانتخابات الرئاسية    "الكورفاتشي" تستعد للتنقل إلى مدينة الدار البيضاء لحضور "الكلاسيكو" أمام الوداد    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الجمعة    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة: المغرب يستهل مشواره بفوز مثير على كينيا    تفاصيل إحداث قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء يوفر أزيد من 20 ألف منصب شغل    الصين تدرس دعوات أمريكية لاستئناف الحوار بشأن الرسوم الجمركية    كرة القدم.. توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    احتراق شاحنة على الطريق السيار طنجة المتوسط    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    هل بدأت أمريكا تحفر "قبرها العلمي"؟.. مختبرات مغلقة وأبحاث مجمدة    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



"فيلا هاريس" معلمة أثرية تصارع البقاء وتقاوم "وحوش العقار"
نشر في طنجة 24 يوم 18 - 02 - 2011

والي طنجة يريد تفويت بقعة أرضية تابعة لها لفائدة شركة استثمارية

على بعد خمسة كيلومترات من وسط طنجة، وفي منطقة مطلة على الشاطئ البلدي، تقع هذه المعلمة التي يعود تاريخ بنائها إلى القرن التاسع عشر، والتي تعرف باسم "فيلا هاريس"، وهي تصنف ضمن المآثر التاريخية بالمدينة.

وخلال السنوات الأخيرة، أصبحت هذه البناية التاريخية وغيرها من البنايات المصنفة لدى مندوبية الآثار مهددة من طرف من يوصفون بالمدينة ب"وحوش العقار"، الذين افترسوا البقع الأرضية بالمدينة وباقي المناطق الخضراء بها، فضلا عن ارتكابهم خروقات مجلجة على المستوى التعمير.

اليوم، تتم محاولات حثيثة من أجل الاستيلاء على البقع الأرضية المجاورة ل"فيلا هاريس"، من أجل فتح المجال لإقامة مشروع سياحي بالمنطقة.
القصة بدأت عندما وجه والي المدينة، محمد حصاد، رسالة إلى وزارة الثقافة يطالبها برفع يدها عن البقعة الأرضية المحيطة بهذا الموقع التاريخي عبر إخراجها من قائمة المباني التاريخية المصنفة.
وزارة الثقافة لم تنتظر طويلا لتلبية طلب الوالي، فأرسلت لجنة مركزية تضم مفتشين متخصصين في الآثار لزيارة هذا الموقع التاريخي وأعدت تقريرا في الموضوع.
وفي الوقت الذي تروج أنباء داخل الأوساط الثقافية بالمدينة حول إمكانية هدم "فيلاهاريس" نفسها، فإن المفتش الجهوي للمباني والآثار التاريخية بطنجة، توفيق أرزكان، نفى ذلك، وأضاف في تصريح ل"المساء" أن "فيلا هاريس" ما تزال مصنفة ضمن المآثر التاريخية بالمدينة، وأن ما يروج حول هدمها هو "مجرد إشاعات لا أساس لها من الصحة". غير أن أرزكان يرفض الحديث عن حديقة الفيلا وفضائها الحيوي، إذ تعتبر الفيلا لا شيء بدون هذا الفضاء.
وفي الوقت الذي لم يصدر أي قرار للجنة التي زارت هذا الموقع التاريخي، فإن مصادر داخل وزارة الثقافة أكدت ل"المساء" بأن هناك اتجاها نحو تحويل "الفيلا" إلى فضاء يتم استغلاله في أنشطة ثقافية، أو بناء مكتبة، أو تحويله إلى مكان ترفيهي يستفيد منه سكان مدينة طنجة، حتى لا يبقى المكان مرتعا للصوص والمجرمين.
معلمة أثرية تقاوم البقاء
صاحب هذه البناية التاريخية، التي أصبحت تسيل لعاب المنعشين العقاريين، هو الصحافي والكاتب البريطاني الشهير والتر هاريس، الذي استقر في طنجة سنة 1886، وعاش فيها سنوات طويلة.
والتر هاريس، الذي كان يعمل مراسلا لجريدة "تايمز" اللندنية، أشرف بنفسه على بناء هذه الفيلا، وهي عبارة عن قصر رائع مليء بالزخارف والنقوش المرسومة على خشب الأرز. كما أشرف شخصيا على التخطيط لبناء وتهييء عدد من الحدائق والجنان، التي ما تزال تحتوي على العديد من الأشجار المستوردة من بلجيكا. كما اعتمد على الحرفيين المدربين في تركيب الفسيفساء والزليج، مستلهما روعة الفن المغربي، مازجا إياه بطابع الفن الصيني الذي تأثر به خلال رحلاته وأسفاره المختلفة عبر أرجاء المعمور.
ومن شدة حب "هاريس" لطنجة أنه قدم هذه البناية هدية ثمينة لسكانها، وأمر أن يدفن بها بعد موته، الذي صادف يوم 4 أبريل 1933، إذ وافته المنية بمالطا، قبل أن ينقل إلى مدينة طنجة، حيث دفن في مقبرة كنيسة القديس "أندرو" بجوار فندق "فيلا دي فرانس".
وبالرغم من أن هذه الإقامة الفخمة- فيلا هاريس- ظلت مستغلة إلى حدود بداية التسعينيات من طرف المجموعة الفندقية "كلوب ميد"، بموجب عقد كراء، فقد أصبح مصيرها مجهولا بسبب الإهمال المتعمد الذي تعرضت له، علما أن العقار يفترض فيه أن يكون محميا من قبل إدارة الأملاك المخزنية، التي تملكت العقار والمباني بموجب القانون الخاص بالأراضي المسترجعة.
وشكلت هذه البناية التاريخية قبلة لكبار الشخصيات العالمية في عهد "والتر هاريس"، وحتى بعد موته، حينما انتقلت ملكيته إلى أحد المقاولين الكبار في عالم الاستثمار السياحي.
ومع نهاية التسعينيات اتخذت السلطات المحلية قرارا بإغلاقه، بعدما تحول هذا المبنى التاريخي الذي يطل على البحر إلى بناية خالية يملؤها المنحرفون واللصوص.
من يحمي فيلا هاريس؟
من يحمي فيلا هاريس؟ سؤال بات يتردد بكثرة مع توالي التهديدات والمخاطر المحدقة بهذا الموقع التاريخي. وقد أصدرت جمعية حماية المستهلك بطنجة بيانا مفصلا ينبه إلى خطورة الاقتراب من هذا الموقع التاريخي، الذي أصبح محط أطماع بعض المنعشين العقارين أو وحوش العقار. وطالبت هذه الجمعيات الجهات المسؤولة بحماية هذه الفيلا الأثرية من الأطماع التي تحاول إخراجها من قائمة المباني التاريخية المصنفة.
ويبدو أن الإهمال المستمر لهذه المعلمة التاريخية لمدة تزيد عن عقدين من الزمن، يضع أكثر من علامة استفهام حول مآل هذه الفيلا الأثرية. وتقول الجمعية في هذا السياق إن الإهمال المتعمد هو نهج متبع من أجل تملك العقارات الحساسة بكيفية ناعمة من أجل تجنب إثارة الاحتجاجات، وهو المخطط الذي تم تنفيذه في صمت من أجل إبادة الكثير من المواقع والمباني التاريخية والبيئية في ظل التغطية المضمونة من الجهات النافذة الماسكة بسلطة القرار.
ولم يقف بيان الجمعية عند هذا الحد، بل وصف ما يجري على صعيد معلمة فيلا هاريس بأنه "مجزرة" بيئية وثقافية مدبرة يتم إعدادها بهدوء، حتى لا تلفت الأنظار إليه ويفاجأ السكان بشروع آلات الهدم والتخريب في إسقاط رمز تاريخي وثقافي بالمدينة.
مجالس منتخبة غائبة
المجالس المنتخبة، من جهتها، تبدو آخر ما يعلم بالمخاطر التي تهدد المآثر التاريخية بالمدينة، فلا مجلس المدينة ولا المجلس الإقليمي أو الجهوي تطرق في إحدى دوراته إلى المشاكل المحدقة بالمآثر التاريخية بالمدينة.
ووجهت فعاليات المجتمع المدني انتقادات لاذعة إلى المجالس المنتخبة لكونها لم تتدخل من أجل التأكيد على ضرورة الإبقاء على البقعة الأرضية، التي يريد والي المدينة تفويتها إلى مستثمرين سياحيين، ذلك أن هذا الفضاء يعتبر منتجعا طبيعيا وترفيهيا لسكان طنجة، خصوصا أن المدينة تفتقر إلى فضاء من هذا النوع.
ورغم أن هذا الموقع مهيأ بكل المقاييس من أجل أن يتحول إلى مرفق عمومي متعدد الاختصاصات، فإنه لم يجد من يحميه ويدافع عنه. فهذا المكان الفريد يضم قصورا صالحة كفضاءات للأنشطة العامة أو ساحات للألعاب وفضاءات خضراء وأماكن مخصصة للعب والاستجمام، فضلا عن توفره على مسبح ضخم يمكن أن يكون جزءا من أملاك البلدية، على أن يشرف عليه المجلس الإقليمي والجهوي في إطار تجربة واضحة مبنية على دفاتر تحملات تضمن حق ولوج المواطنين إلى خدمات المؤسسة بأثمان معقولة وتفضيلية.
وتأتي عملية الإجهاز على البقعة الأرضية التابعة لفيلا هاريس في الوقت الذي تتم عملية طمس مشبوهة لمعالم هذه البناية الأثرية بكل مكوناته الجاهزة كالمسبح والملاعب الرياضية، بينما يتم الترخيص في منطقة غير بعيدة عن هذه المعلمة التاريخية، ببناء مسبح خاص فوق موقع أثري (قلعة غيلان). كما تتم إقامة فضاءات رياضية لفائدة إحدى المؤسسات المستثمرة في المجال السياحي فوق رمال الشاطئ العمومي.
اليوم أصبح المطلب ملحا على الجهات المسؤولة، سواء كانت سلطات محلية أو منتخبة، في ضرورة فتح تحقيق موسع حول المتسبب في الإجهاز على المواقع التاريخية في المدينة، وحرمان سكانها من فضاءات ترفيهية هم في أمس الحاجة إليها.

عن المساء


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.