إذا كان لنا أن نتأمل مستقبل مجتمعنا،فان علينا أن ننطلق من النظر في حال النخبة أو من يتزرون بازار النخبة،باعتبار تاريخ المجتمعات هو تاريخ نخب،فالمجتمعات لا تسيرها الجماهير بالرغم من شيوع المقولة الماركسية القائلة بان الجماهير هي صانعة التاريخ،لان الجماهير تقاد ولا تقود.النخب هي التي تقود التغيير وعلى رأسها توجد النخبة السياسية والنخبة الثقافية. لكن وأمام العمليات والممارسات التي يقوم بها بعض المحسوبين على النخبة السياسية،والتي طحنت الإنسان الواد نوني طحنا،و وضعته في مأزق تاريخي، بعد تحول مدينة كليميم من منطقة منهوبة إلى منطقة منكوبة،أمام هذه الممارسات التي كان أخرها الشطحة التي قامت بها الأمانة الجهوية بكليميم لحزب الأصالة والمعاصرة،شطحة أبانت عن انسلاخ عن الواقع باعتبارها الصراع الدائر بواد نون هو مجرد صراع سياسوي،في حين أن الواقع يقول أن الصراع يتجاوز الدكاكين الحزبية،لأنه صراع بين ساكنة واد نون من جهة ولوبيات الفساد من جهة أخرى،اللوبيات التي لا هم لها إلا تنمية حساباتها البنكية بعيدا عن أمال وتطلعات الساكنة التي تسعى لولادة واد نون جديد صالح للعيش وقادر على استيعاب أبنائه،من رحم واد نون القديم الذي لا مكان فيه إلا لعائلات مستفيدة من اقتصاد الريع،متاجرة بقضايا الوطن،معرقلة لمسار التنمية.أمام هذه الممارسات التي تهبط بالذات الإنسانية إلى ادني مستوياتها أو توصلها إلى مستوى البهيمية،لا يسعنا إلا القول أن مدينة كليميم في الوقت الراهن لا تقودها نخبة بل نخمة نسبة الى "النخايم"،نخمة فاسدة يجمعها هم النهب والسطو على مقدرات واد نون،وان اختلفت اسماء الدكاكين الحزبية التي تتميز في الغالب الأعم بغياب الرؤية،تلك البوصلة القادرة على تحقيق غد أفضل وحياة كريمة. في ظل هذه العلاقة المشوهة التي تجمع بين السياسة والمجتمع،على اعتبار ان المجتمع هو الوعاء الكلي الذي يحتوي النظم السياسية والاجتماعية والثقافية،يتضح بشكل جلي ان الفساد يستشري في عروق النخمة الحزبية بواد نون،وينخر في ترابه التي تم السطو عليها وتحويلها الى ملكية خاصة للوبيات الفساد التي هبطت بأخلاق المجتمع وقيمه،لكن يتضح كذلك أن كليميم اكبر من هؤلاء الفاسدين الذين يحاولون أخدها غصبا وهم لا يحسنون حتى إدارة فندق أو محطة وقود.كليميم اكبر مما يتصور كثيرون و لن تنبني إلا بسواعد شبابها الطامح للتغيير والذي لا هم له إلا خدمة الصالح العام،فالشباب هم الرصيد الاستراتيجي القادر على الانجاز والعطاء لامتلاكه طاقة إبداعية في كل الميادين،ولا سيما الشباب الذين لم يسبق استخدامهم من طرف الدكاكين الحزبية،ولم يتم تحويلهم بعد إلى حفاضات للغائط الحزبي الذي يزكم أنوف الوادنونيين . أما من يقول في ظل الواقع المرير الذي تعيشه كليميم "ان الحزب يناى بنفسه الخوض في كل ما هو سياسوي" فلا مكان له إلا مزبلة التاريخ،لأنه مجرد كومبارس يحركه "البومبيس"، ولا تدخل في حساباته أرواح و منازل الساكنة التي جرفت من جراء البنية التحتية الهشة والمغشوشة،ولان الشراكة مع البومبيس في إحدى التجزئات السكنية بمدخل مدينة كليميم جعلته يخبط خبط عشواء،ويحاول الدفاع عن مصالحه ومصالح ولي نعمته. الأوطان لا تدار بالطريقة التي تدار بها الفنادق ومحطات الوقود،وإنما تدار من خلال نخب سياسية قادرة على الإحساس بنبض الشعب،وتكوين رؤية يتفق عليها المجتمع،فالسياسة وان كان لها قدر من الاستقلال النسبي تنبع من المجتمع وترتد اليه،المجتمع الذي جرفته آلة الفساد في ظل صمت أعلى سلطة في البلاد،واكتفائها بتعزية أهالي الضحايا ،وعدم ربطها للمسؤولية بالمحاسبة و فتح تحقيق في ملفات الفساد التي لطالما نبه لها المجتمع المدني بحاضرة واد نون ،وهنا يطرح السؤال نفسه وبقوة أمام المخيال الشعبي الواد نوني: هل عشب ملعب أهم من روح الإنسان الواد نوني؟وان كانت الإجابة بالسلب، فلماذا اختلف التعامل مع فضيحة الموندياليتو، عن التعامل مع فضيحة الفيضانات أو بالأحرى فضيحة البنية التحتية الهشة والمغشوشة؟