سعر صرف الدرهم يرتفع أمام الدولار ويتراجع مقابل الأورو    وفاة محمد المنيع عمدة الفنانين الخليجيين    أنفوغرافيك | سوق الشغل بالمغرب خلال 2025.. انخفاض طفيف للبطالة مقابل ارتفاع الشغل الناقص    أكثر من مليون مهاجر غير شرعي غادروا الولايات المتحدة منذ عودة ترامب    محامية تتعرض لاعتداء خطير على يد زوجها المهاجر داخل مكتبها    المديرية العامة للأمن توقف ضابط مرور طلب رشوة 100 درهم مقابل عدم تسجيل مخالفة    1.175,5 مليار درهم قيمة القروض البنكية في المغرب حنى نهاية يونيو    كيوسك السبت | التجارة الإلكترونية بالمغرب تلامس 2200 مليار سنتيم سنويا    بنك المغرب: 71 بالمائة من المقاولات تعتبر مناخ الأعمال عاديا    فتح بحث قضائي مع ضابط شرطة بمراكش بعد تداول فيديو يوثق شبهة رشوة    الصحافة الفرنسية تفتح ملف رئيس مسجد باريس وعلاقاته المريبة بالنظام العسكري الجزائري    زوما يصفع من جوهانسبرغ النظام الجزائري والموالين له بجنوب أفريقيا: نجدد دعمنا لمغربية الصحراء وعلم جنوب إفريقيا رمز للشعب وليس أداة بيد السلطة    الحرب في أوكرانيا.. ترامب سيلتقي بوتين في 15 غشت في ألاسكا    مجلس الأمن الدولي يعقد اجتماعا طارئا الأحد بشأن خطة إسرائيل السيطرة على غزة        تمديد فترة الميركاتو الصيفي بالمغرب إلى غاية 25 غشت    المقاتل المغربي الرشيدي يرفع التحدي في بطولة PFL إفريقيا    الشان يؤخر صافرة بداية البطولة الوطنية في قسميها الأول والثاني            رئيس جنوب إفريقيا الأسبق يدافع عن زيارته للمغرب    تيزنيت : شبهات تواطؤ بين مسؤولين ولوبي العقار في قضية الواد المدفون    فتح تحقيق مع ضابط أمن للاشتباه في تورطه في طلب رشوة من سائق سيارة    الولايات المتحدة.. ترامب يعين مستشاره الاقتصادي عضوا في مجلس البنك المركزي    مشروع قانون مالية 2026.. 60% من الاستثمارات للمناطق القروية والجبلية وبرامج اجتماعية لتعزيز العدالة المجالية    قانون مالية 2026.. مواصلة تنزيل الإصلاحات الهيكلية والحفاظ على التوازنات المالية    أسود البطولة يرفعون التحدي قبل مواجهة كينيا    شيخ الطريقة القادرية البودشيشية في ذمة الله    فرنسا تندد ب"شدة" بخطة الحكومة الإسرائيلية لاحتلال غزة بالكامل    موجة حر مع درجات حرارة تصل الى 48 بعدد من مناطق المغرب    وقفات مغربية تواصل مناصرة غزة    تداولات بورصة البيضاء تنتهي بالأخضر    الحضري: بونو يستحق الأفضل في العالم    بطاقة «نسك» لمطاردة الحجاج غير الشرعيين وتنظيم الزيارات .. طريق الله الإلكترونية    المغرب يحتفي بأبنائه في المهجر ببرامج صيفية تعزز الانتماء للوطن وتواكب ورش الرقمنة (صور)    عيطة الحال ... صرخة فنية من قلب البرنوصي ضد الاستبداد والعبث    الرباط تحتضن النسخة الأولى من «سهرة الجالية» بمناسبة اليوم الوطني للمهاجر    المعرض الوطني للطوابع والمسكوكات يتوج نسخته الثانية في مدينة خنيفرة بندوة علمية حول تاريخ النقود والبريد    المغرب في قائمة الوجهات الأكثر تفضيلا لدى الإسبان في 2025    الجمارك المغربية تجدد إجراءات الرقابة على المعدات العسكرية والأمنية    بطولة إسبانيا.. مهاجم برشلونة ليفاندوفسكي يتعرض للإصابة    مدافع برشلونة إينيغو مارتينيز في طريقه إلى النصر السعودي    بطولة أمم إفريقيا للمحليين.. بوابة اللاعبين المحليين صوب العالمية    وفاة الفنان المصري سيد صادق    لطيفة رأفت تعلق على "إلغاء حفلين"    النجم الحساني سعيد الشرادي يغرد بمغربية الصحراء في مهرجان "راب افريكا"        العربيّ المسّاري فى ذكرىَ رحيله العاشرة    توقعات أحوال الطقس اليوم الجمعة    هنا جبل أحد.. لولا هؤلاء المدفونون هنا في مقبرة مغبرة، لما كان هذا الدين    المغرب يواجه ضغوطا لتعقيم الكلاب الضالة بدل قتلها    تسجيل 4 وفيات بداء السعار في المغرب خلال أشهر قليلة    "دراسة": تعرض الأطفال طويلا للشاشات يزيد من خطر الإصابة بأمراض القلب    من هم الأكثر عرضة للنقص في "فيتامين B"؟        الملك محمد السادس... حين تُختَتم الخُطب بآياتٍ تصفع الخونة وتُحيي الضمائر    المغاربة والمدينة المنورة في التاريخ وفي الحاضر… ولهم حيهم فيها كما في القدس ..    من الزاويت إلى الطائف .. مسار علمي فريد للفقيه الراحل لحسن وكاك    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تمديد سن تقاعد موظفي قطاع التعليم بين إشكالية المردودية وظلم الثالوث اللعين (*)

أكد عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المغربية أمام مجلس المستشارين أن صناديق التقاعد مهددة بالإفلاس، وتوقع أن يعاني الصندوق المغربي من عجز مالي فضلاً عن نفاد احتياطاته المالية في أفق سنة 2021، وبالتالي سيعجز النظام عن صرف معاشات المتقاعدين. ( علما بأنه من أسباب وصول هذه المؤسسة الى هذه الوضعية المالية الحرجة عدم أداء الدولة باعتبارها مشغلا منذ الاستقلال إلى غاية 1996لواجباتها لفائدة صندوق التقاعد .
وقد لمح بنكيران إلى عزم حكومته الموقرة على إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد مهما كلفها ذلك من ثمن ولو على حساب الفقراء والمستضعفين من الموظفين وذلك بتخفيض أجورهم ، وبالرفع من سن التقاعد إلى 62 او 65 سنة على غرار المعمول به في بعض الدول الأوروبية .
و أود أن أضع بين ايديكم جدولا ببعض الدول التي يمتد فيها العمل إلى ما بعد الستين على سبيل العلم بالشيء ، وليس تزكية لحجج بنكيران ولكن لتروا الفرق في جميع مناحي الحياة بيننا وبين الدول المستشهد بها .
الدولة سن التقاعد المبكر سن التقاعد العادي
النمسا 60 (57) 65 (60)
الولايات المتحدة 62 67
المملكة المتحدة . 65
ألمانيا 65 67
إيطاليا 63 68
سويسرا 61 67
وكانه ليس في هذه الدول ما يستورد بنكيران غير انظمتها التقاعدية وخصوصا في جانبها المتعلق بتمديد سن التقاعد الى ما بعد الستين . بربك اسي بنكيران ما هو وجه الشبه بين وضعية موظف في احدى هذه الدول مع وضعية موظف اداراتكم الموقرة في ظروفه الحياتية والمعيشية والصحية وفي توفر شروط العمل. لا مقارنة مع وجود الفارق كما يقول الفقهاء .
و يتضمن مشروع الحكومة كذلك الزيادة في نسبة الاقتطاعات ب 26 بالمائة عوض 20 بالمائة كإجراء كفيل بتأجيل نفاذ الاحتياطات "ما كادهوم فيل زادوهم فيلة ".فهذا جواب واضح على مطلب الزيادة في الأجور .
قبل الدخول في تفاصيل ما تعتزم الحكومة القيام به وتأثيراته السلبية على موظفي قطاع التربية والتكوين (لانني لا أظن ان له ايجابيات تذكر ) لا بد من الإشارة في البداية أن قرار الرفع من سن التقاعد الى 62 او 65 سنة . ليس وليد اليوم بل ان الدراسات المعدة في شانه موجودة في رفوف الوزارة الأولى منذ عهد حكومة جطو تلكم الدراسات التي أبانت أن معدل تغطية تحملات الصندوق من الاحتياطات والمداخيل لا يتعدى 12 في المائة، وأن احتياطاته ستستهلك بشكل نهائي في أفق 2019، ما لم تتخذ إجراءات عاجلة لتمديد أجل السكتة القلبية،
لقد شكل الرفع في سن التقاعد بالنسبة الى والموظفين بصفة عامة ونساء ورجال التعليم بصفة خاصة مشكلا حقيقيا وهما كبيرا باعتباره يمس الطبقة الشغيلة التي تمثل نسبة هامة من جملة المواطنين النشيطين وخلق عزم حكومة بنكيران التمديد في مدة العمل الى 62 سنة أو65 سنة ،( وهو الإجراء الذي لم تجرؤ اية حكومة سابقة على اتخاذه )، اضطرابا في نفوسهم وهم في مجالسهم ومنتدياتهم لا يفتؤون يتذمرون من هذا الاجراء .
و من خلال النقاش الذي فتحه مشروع حكومة بنكيران لإصلاح أنظمة التقاعد وتدارك اختلال توازناتها المالية تبين ان جل نساء ورجال التعليم لا يجدون اية مبررات موضوعية لمشروع الرفع من سن التقاعد ويعتبر جلهم التمديد ما بعد الستين اجراء بدون فائدة تذكر وذلك -في اعتبارهم - للاسباب التالية :
اولا : لكونهم لا ذنب لهم كموظفين في إفلاس الصناديق الاجتماعية وبناء عليه فهم غير مستعدين لسد عجز ناتج أساسا عن سوء تصرف وتوجيه الأموال نحو وجهات اخرى، يرفضون ان يعاقبوا بجريرة الآخرين. ويطالبون حكومة بنكيران أن تحاسب التماسيح والعفاريت والأشباح وكل ذلك القاموس / الشماعة الذي تعلق عليه الحكومات إخفاقاتها اولائك الذين عاتوا فسادا في مدخرات عباد الله بدل نهج سياسة " عفا الله عما سلف".
ثانيا : إذا كان بنكيران كما يدعي مفوضا من طرف الشعب وهو الذي أعطاه 107من المقاعد فهذا التفويض يلزمه بالبحث عن الأسباب الحقيقية لافلاس انظمة التقاعد وبفضح ومحاسبة المسؤولين و كبار لصوص مختلف الصناديق بما فيها الصناديق السوداء ، فناهبو المال العام معروفون منهم الأموات ومنهم أحياء يرزقون ويتمتعون باموال الشعب من مدخرات وغيرها ، فما على بنكيران الا المطالبة بإرجاع أرصدتهم المودعة في الابناك الخارجية يسويسرا وكندا وفرنسا واسبانيا اللوكسمبورغ ....وجزر الواق الواق واسترداد ورؤوس الأموال المستثمرة في مختلف المشاريع في شتى المجالات وفي كل أصقاع العالم .
ان الموظفين - المساكين- غير مستعدين بتاتا ان تقدمهم اية حكومة قربانا تسد بها عجز صناديقها كما ان اصلاح هذه الصناديق لا يجب ان يتم على حساب صحتهم الجسدية والنفسية ، بقدر ما يتطلب الأمر الحفاظ على مكتسباتهم وتحقيق مطالبهم العالقة وتوفير تقاعد يريحهم ماديا ومعنويا بعد كل هذه السنين من الكد والجد .
ثالثا : يرى البعض ان التمديد في سن التقاعد الى خمس وستين عاما ربما تكون الغاية منه الاستفادة خبرات الموظفين التراكمية ومن عطائهم ومن كفاءاتهم لضمان مردودية أفضل ونجاعة أحسن لان المعلم –على سبيل الممثال - في هذه السن المتقدمة يكون أنضج خبرة وأكثر عطاءً ، صحيح فما على الحكومة اذا كانت ترغب في الاستفادة من هذه الكفاءات سوى فتح باب التعاقد مع الراغبين في التمديد . على ان تخلي سبيل أولائك الذين ضاقوا درعا و لا ينتظرون إلا الخلاص بعد أن نخرت شتى انواع الأمراض اجسادهم بسبب غياب الظروف الملائمة للعمل حيث يتسنى لهم ان يقضوا ما تبقى من اعمارهم – اذا بقيت لهم اعمار والتي هي بيد الله - بين المستشفيات والصيدليات ينفقون فيها نصيبا مهما من معاشهم والذي ينوي بنكيران قضم جزء منه ليسد به عجزا خلفته عفاريته وتماسيحه ...المشمولين بعفوه المشهور "عفا الله عما سلف ..."
قال لي صديقي المعلم الذي قضى ما يربو عن 40 سنة من تدريس قسم التحضيري ( الاول ابتدائي)في الفيافي والقفار والسباسي والاوعار : " اذا كان ولا بد ولا بد من التمديد ، فليسمحوا لنا ان التمس منهم ان يبنوا لنا مقبرة ومغسلة موتى في المؤسسة حتى نضمن على الأقل ان ندفن حيث قضينا كل حياتنا بدل حملنا الى مقبرة موحشة خارج المدينة .
رابعا : ان تمديد سن التقاعد اجراء يهدف بالدرجة الاولى الى سد ابواب التشغيل في وجه الأطر والطاقات الشابة وحاملي الشهادات العليا والشباب العاطل بصفة عامة مما سيزيد معضلة البطالة استفحالا . فاذا كانت فرنسا المثال الاعلى للسيد بنكيران قد مددت سن التقاعد الى 62 سنة ، فلان نسبة كبار السن في فرنسا أكبر من نسبة الشباب وتتخوف الحكومة الفرنسية من عدم اشغال أماكنهم بعد تقاعدهم. بعكسنا نحن حيث يجب تخفيض سن التقاعد لان نسبة الشباب في مجتمعنا أكبر من نسبة كبار السن ، وهو ما نتج عنه وجود البطالة بنسبة كبيرة تفوق فرنسا بعدة مرات، فاذن الاجدر والاحسن في حالتنا واللائق بوضعيتنا ان يتقاعد كبار السن وان يحل الشباب مكانهم. "ويا دار ما دخلك شر" كما يقول المصريون .
خامسا : اذا كان ولا بد من التمديد فالأولى به الفئة الشابة من الموظفين الذين تم توظيفهم حديثا، الذين يتراوح معدل أعمارهم بين 35 و40 سنة مما سيمكنهم من الحصول على سنوات شغل إضافية حتى تكون نسبة معاشات تقاعد هم مرتفعة . عكس الفئة التي تم توظيفها في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات حيث قضوا سنوات طويلة في الشغل وكل تمديد قد يثقل كاهلهم و يحل التمديد – حسب الخبراء - مشكلة صناديقكم .

كنت انتظر من بنكيران ان يفي بالوعد الذي قطعه على نفسه بوقف نهب المال العام وبمحاربة الفساد بكل أشكاله وأصنافه ، وان يقود حربا ضروسا لا هوادة فيها على استنزاف مختلف خيرات البلاد ، وان يوقف نزيف تهريب الاموال الى الابناك الخارجية وان يفتح جبهة خارجية لاسترجاع ثروات الشعب المهربة الى الخارج ، لا ان يقتصر الأمر على شن معارك هامشية عبارة عن فقاعات إعلامية من قبيل نشر لوائح مقالع الرمال ولوائح المستفيدين من أذونات النقل ، وان يحكم في النهاية بالعفو عما سلف .
ان المعارك الحقيقية ليست في تهديد الموظفين الذين لا حول لهم ولا قوة بالاجهاز على مكتسباتهم ورفض الإذعان لمطالبهم والتهديد بتخفيض رواتبهم باعتبارهم الحلقة الاضعف ، ان الشجاعة ليست في التهديد بزيادة أثمنة الماء والكهرباء ووالسكوت عن الارتفاعات الصاروخية لاثمنة قوت يوم الفقراء ، ان الشجاعة اسي بنكيران تتمثل في البحث عن الثقوب التي تستنزف خزينة الدولة وفي تقليص الأجور الخيالية التي تصرف لبعضهم ، وفي تنظيف الادارة المغربية من بقايا العهود السابقة .وفي الحد من ميزانيات البذخ والرفاه المخصصة لهذه الجهة او تلك . الشجاعة تتمثل في محاسبة المفسدين وفي استرجاع ما نهبوه .
ان الموظفين في الدول التي استشهد بها السيد بنكيران يعتبرون التقاعد فرصةٌ ينتظرونها لكي يعودوا لممارسة هواياتهم و نشاطاتهم السابقة في الرياضة و القراءة و حضور المسرحيات و الأمسيات الموسيقية و ممارسة مختلف النشاطات الثقافية و السفر حول العالم, أما عندنا فان التقاعد عالم مظلم وكئيب ومرحلة غالبا ما يصاحبها شعور باليأس و الكآبة وليست في نظرنا سوى خطوة أولى باتجاه القبر. ان السبب في هذه الرؤيا الكالحة يعود إلى معرفتنا بالمستقبل المادي الذي ينتظرنا بعد التقاعد . فمن كان راتبه و هو على رأس عمله بالكاد يكفيه, هل سيكفيه لاحقاً بعد ان يتقاعد ؟
كنت انتظر ان يطل علينا بنكيران بصفته ممثلا للشعب يحس بنبضه ، باستراتيجية وطنية تتغيا النهوض باوضاع المسنين استراتيجية مبنية على سياسة واضحة اساسها فهم طبيعة مرحلة التقاعد والأزمات المختلفة التي يمر بها المتقاعد، كنا ننتظر ان تتقدم الينا الحكومة ببرامج وقائية تقينا من أزمات التقاعد وتهدف الى الاستفادة قدر الإمكان من طاقات المتقاعدين البشرية و وتخفف مشكلاتهم وتعطيهم أدوارًا جديدة في مجتمعهم تجعلهم يواصلون حياتهم بشكل طبيعي.
كنت انتظر من بنكيران ان يولي كبير الاهتمام بالوضع الصحي والنفسي للمتقاعدين من خلال إعداد فرق علاجية متكاملة تشمل إخصائيًيين نفسيين واجتماعيين متخصصين في مجال كبار السن لتقديم رعاية متكاملة لهذه الفئة، الذين هم في التحليل النهائي أباء وأمهات وإخوان وأخوات افنوا زهرة شبابهم في خدمة بلدهم .
مفارقة عجيبة :
و سبحان الله !!!!! بالأمس القريب مغادرة طوعية مقابل إغراءات مالية سخية !!!!! واليوم إكراه على الاستمرار في العمل بعد الستين مع تخفيض من راتب المعاش !!!!. في حين أن فئة البرلمانيين يحصلون على معاش التقاعد بعد قضاء فترة نيابية واحدة، ويتقاضون قيمة معاشهم صافية ومعفاة من الضرائب وغير خاضعة للتصريح مقابل النوم والغياب ولعب الكارطة في البرلمان ...وسب وشتم بعضهم البعض في أحسن الأحوال .
لا يمكن بأي حال من الأحوال القبول بهذا القرار الذي تجب معارضته بشدة والنضال من اجل التراجع عنه. لأننا ولجنا الوظيفة العمومية على أساس ان سن التقاعد هو 60 سنة وكل تغيير في هذا المعطى يجب أن يكون بموافقتنا الشخصية ( حتى نقطع الطريق على بعض النقابات التي تطبل وتزمر لقرارات الحكومة ) هذا ويمكن للحكومة ان تشرع في تضمين قرار التمديد في تعاقدها مع الموظفين الجدد او مع الراغبين في ذلك .
والسلام
عيون الساقية الحمراء
(*)المقصود بالثالوث اللعين حسب تعبير سعيد صفصافي الكاتب العام للاتحاد النقابي للموظفين:
1-الرفع من سن التقاعد- 2-الزيادة في الاقتطاعات – 3-اعادة النظر في طريقة احتساب المعاش .
ذ.مولاي نصر الله البوعيشي

أكد عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة المغربية أمام مجلس المستشارين أن صناديق التقاعد مهددة بالإفلاس، وتوقع أن يعاني الصندوق المغربي من عجز مالي فضلاً عن نفاد احتياطاته المالية في أفق سنة 2021، وبالتالي سيعجز النظام عن صرف معاشات المتقاعدين. ( علما بأنه من أسباب وصول هذه المؤسسة الى هذه الوضعية المالية الحرجة عدم أداء الدولة باعتبارها مشغلا منذ الاستقلال إلى غاية 1996لواجباتها لفائدة صندوق التقاعد .
وقد لمح بنكيران إلى عزم حكومته الموقرة على إصلاح الصندوق المغربي للتقاعد مهما كلفها ذلك من ثمن ولو على حساب الفقراء والمستضعفين من الموظفين وذلك بتخفيض أجورهم ، وبالرفع من سن التقاعد إلى 62 او 65 سنة على غرار المعمول به في بعض الدول الأوروبية .
و أود أن أضع بين ايديكم جدولا ببعض الدول التي يمتد فيها العمل إلى ما بعد الستين على سبيل العلم بالشيء ، وليس تزكية لحجج بنكيران ولكن لتروا الفرق في جميع مناحي الحياة بيننا وبين الدول المستشهد بها .
الدولة سن التقاعد المبكر سن التقاعد العادي
النمسا 60 (57) 65 (60)
الولايات المتحدة 62 67
المملكة المتحدة . 65
ألمانيا 65 67
إيطاليا 63 68
سويسرا 61 67
وكانه ليس في هذه الدول ما يستورد بنكيران غير انظمتها التقاعدية وخصوصا في جانبها المتعلق بتمديد سن التقاعد الى ما بعد الستين . بربك اسي بنكيران ما هو وجه الشبه بين وضعية موظف في احدى هذه الدول مع وضعية موظف اداراتكم الموقرة في ظروفه الحياتية والمعيشية والصحية وفي توفر شروط العمل. لا مقارنة مع وجود الفارق كما يقول الفقهاء .
و يتضمن مشروع الحكومة كذلك الزيادة في نسبة الاقتطاعات ب 26 بالمائة عوض 20 بالمائة كإجراء كفيل بتأجيل نفاذ الاحتياطات "ما كادهوم فيل زادوهم فيلة ".فهذا جواب واضح على مطلب الزيادة في الأجور .
قبل الدخول في تفاصيل ما تعتزم الحكومة القيام به وتأثيراته السلبية على موظفي قطاع التربية والتكوين (لانني لا أظن ان له ايجابيات تذكر ) لا بد من الإشارة في البداية أن قرار الرفع من سن التقاعد الى 62 او 65 سنة . ليس وليد اليوم بل ان الدراسات المعدة في شانه موجودة في رفوف الوزارة الأولى منذ عهد حكومة جطو تلكم الدراسات التي أبانت أن معدل تغطية تحملات الصندوق من الاحتياطات والمداخيل لا يتعدى 12 في المائة، وأن احتياطاته ستستهلك بشكل نهائي في أفق 2019، ما لم تتخذ إجراءات عاجلة لتمديد أجل السكتة القلبية،
لقد شكل الرفع في سن التقاعد بالنسبة الى والموظفين بصفة عامة ونساء ورجال التعليم بصفة خاصة مشكلا حقيقيا وهما كبيرا باعتباره يمس الطبقة الشغيلة التي تمثل نسبة هامة من جملة المواطنين النشيطين وخلق عزم حكومة بنكيران التمديد في مدة العمل الى 62 سنة أو65 سنة ،( وهو الإجراء الذي لم تجرؤ اية حكومة سابقة على اتخاذه )، اضطرابا في نفوسهم وهم في مجالسهم ومنتدياتهم لا يفتؤون يتذمرون من هذا الاجراء .
و من خلال النقاش الذي فتحه مشروع حكومة بنكيران لإصلاح أنظمة التقاعد وتدارك اختلال توازناتها المالية تبين ان جل نساء ورجال التعليم لا يجدون اية مبررات موضوعية لمشروع الرفع من سن التقاعد ويعتبر جلهم التمديد ما بعد الستين اجراء بدون فائدة تذكر وذلك -في اعتبارهم - للاسباب التالية :
اولا : لكونهم لا ذنب لهم كموظفين في إفلاس الصناديق الاجتماعية وبناء عليه فهم غير مستعدين لسد عجز ناتج أساسا عن سوء تصرف وتوجيه الأموال نحو وجهات اخرى، يرفضون ان يعاقبوا بجريرة الآخرين. ويطالبون حكومة بنكيران أن تحاسب التماسيح والعفاريت والأشباح وكل ذلك القاموس / الشماعة الذي تعلق عليه الحكومات إخفاقاتها اولائك الذين عاتوا فسادا في مدخرات عباد الله بدل نهج سياسة " عفا الله عما سلف".
ثانيا : إذا كان بنكيران كما يدعي مفوضا من طرف الشعب وهو الذي أعطاه 107من المقاعد فهذا التفويض يلزمه بالبحث عن الأسباب الحقيقية لافلاس انظمة التقاعد وبفضح ومحاسبة المسؤولين و كبار لصوص مختلف الصناديق بما فيها الصناديق السوداء ، فناهبو المال العام معروفون منهم الأموات ومنهم أحياء يرزقون ويتمتعون باموال الشعب من مدخرات وغيرها ، فما على بنكيران الا المطالبة بإرجاع أرصدتهم المودعة في الابناك الخارجية يسويسرا وكندا وفرنسا واسبانيا اللوكسمبورغ ....وجزر الواق الواق واسترداد ورؤوس الأموال المستثمرة في مختلف المشاريع في شتى المجالات وفي كل أصقاع العالم .
ان الموظفين - المساكين- غير مستعدين بتاتا ان تقدمهم اية حكومة قربانا تسد بها عجز صناديقها كما ان اصلاح هذه الصناديق لا يجب ان يتم على حساب صحتهم الجسدية والنفسية ، بقدر ما يتطلب الأمر الحفاظ على مكتسباتهم وتحقيق مطالبهم العالقة وتوفير تقاعد يريحهم ماديا ومعنويا بعد كل هذه السنين من الكد والجد .
ثالثا : يرى البعض ان التمديد في سن التقاعد الى خمس وستين عاما ربما تكون الغاية منه الاستفادة خبرات الموظفين التراكمية ومن عطائهم ومن كفاءاتهم لضمان مردودية أفضل ونجاعة أحسن لان المعلم –على سبيل الممثال - في هذه السن المتقدمة يكون أنضج خبرة وأكثر عطاءً ، صحيح فما على الحكومة اذا كانت ترغب في الاستفادة من هذه الكفاءات سوى فتح باب التعاقد مع الراغبين في التمديد . على ان تخلي سبيل أولائك الذين ضاقوا درعا و لا ينتظرون إلا الخلاص بعد أن نخرت شتى انواع الأمراض اجسادهم بسبب غياب الظروف الملائمة للعمل حيث يتسنى لهم ان يقضوا ما تبقى من اعمارهم – اذا بقيت لهم اعمار والتي هي بيد الله - بين المستشفيات والصيدليات ينفقون فيها نصيبا مهما من معاشهم والذي ينوي بنكيران قضم جزء منه ليسد به عجزا خلفته عفاريته وتماسيحه ...المشمولين بعفوه المشهور "عفا الله عما سلف ..."
قال لي صديقي المعلم الذي قضى ما يربو عن 40 سنة من تدريس قسم التحضيري ( الاول ابتدائي)في الفيافي والقفار والسباسي والاوعار : " اذا كان ولا بد ولا بد من التمديد ، فليسمحوا لنا ان التمس منهم ان يبنوا لنا مقبرة ومغسلة موتى في المؤسسة حتى نضمن على الأقل ان ندفن حيث قضينا كل حياتنا بدل حملنا الى مقبرة موحشة خارج المدينة .
رابعا : ان تمديد سن التقاعد اجراء يهدف بالدرجة الاولى الى سد ابواب التشغيل في وجه الأطر والطاقات الشابة وحاملي الشهادات العليا والشباب العاطل بصفة عامة مما سيزيد معضلة البطالة استفحالا . فاذا كانت فرنسا المثال الاعلى للسيد بنكيران قد مددت سن التقاعد الى 62 سنة ، فلان نسبة كبار السن في فرنسا أكبر من نسبة الشباب وتتخوف الحكومة الفرنسية من عدم اشغال أماكنهم بعد تقاعدهم. بعكسنا نحن حيث يجب تخفيض سن التقاعد لان نسبة الشباب في مجتمعنا أكبر من نسبة كبار السن ، وهو ما نتج عنه وجود البطالة بنسبة كبيرة تفوق فرنسا بعدة مرات، فاذن الاجدر والاحسن في حالتنا واللائق بوضعيتنا ان يتقاعد كبار السن وان يحل الشباب مكانهم. "ويا دار ما دخلك شر" كما يقول المصريون .
خامسا : اذا كان ولا بد من التمديد فالأولى به الفئة الشابة من الموظفين الذين تم توظيفهم حديثا، الذين يتراوح معدل أعمارهم بين 35 و40 سنة مما سيمكنهم من الحصول على سنوات شغل إضافية حتى تكون نسبة معاشات تقاعد هم مرتفعة . عكس الفئة التي تم توظيفها في نهاية السبعينيات وبداية الثمانينيات حيث قضوا سنوات طويلة في الشغل وكل تمديد قد يثقل كاهلهم و يحل التمديد – حسب الخبراء - مشكلة صناديقكم .

كنت انتظر من بنكيران ان يفي بالوعد الذي قطعه على نفسه بوقف نهب المال العام وبمحاربة الفساد بكل أشكاله وأصنافه ، وان يقود حربا ضروسا لا هوادة فيها على استنزاف مختلف خيرات البلاد ، وان يوقف نزيف تهريب الاموال الى الابناك الخارجية وان يفتح جبهة خارجية لاسترجاع ثروات الشعب المهربة الى الخارج ، لا ان يقتصر الأمر على شن معارك هامشية عبارة عن فقاعات إعلامية من قبيل نشر لوائح مقالع الرمال ولوائح المستفيدين من أذونات النقل ، وان يحكم في النهاية بالعفو عما سلف .
ان المعارك الحقيقية ليست في تهديد الموظفين الذين لا حول لهم ولا قوة بالاجهاز على مكتسباتهم ورفض الإذعان لمطالبهم والتهديد بتخفيض رواتبهم باعتبارهم الحلقة الاضعف ، ان الشجاعة ليست في التهديد بزيادة أثمنة الماء والكهرباء ووالسكوت عن الارتفاعات الصاروخية لاثمنة قوت يوم الفقراء ، ان الشجاعة اسي بنكيران تتمثل في البحث عن الثقوب التي تستنزف خزينة الدولة وفي تقليص الأجور الخيالية التي تصرف لبعضهم ، وفي تنظيف الادارة المغربية من بقايا العهود السابقة .وفي الحد من ميزانيات البذخ والرفاه المخصصة لهذه الجهة او تلك . الشجاعة تتمثل في محاسبة المفسدين وفي استرجاع ما نهبوه .
ان الموظفين في الدول التي استشهد بها السيد بنكيران يعتبرون التقاعد فرصةٌ ينتظرونها لكي يعودوا لممارسة هواياتهم و نشاطاتهم السابقة في الرياضة و القراءة و حضور المسرحيات و الأمسيات الموسيقية و ممارسة مختلف النشاطات الثقافية و السفر حول العالم, أما عندنا فان التقاعد عالم مظلم وكئيب ومرحلة غالبا ما يصاحبها شعور باليأس و الكآبة وليست في نظرنا سوى خطوة أولى باتجاه القبر. ان السبب في هذه الرؤيا الكالحة يعود إلى معرفتنا بالمستقبل المادي الذي ينتظرنا بعد التقاعد . فمن كان راتبه و هو على رأس عمله بالكاد يكفيه, هل سيكفيه لاحقاً بعد ان يتقاعد ؟
كنت انتظر ان يطل علينا بنكيران بصفته ممثلا للشعب يحس بنبضه ، باستراتيجية وطنية تتغيا النهوض باوضاع المسنين استراتيجية مبنية على سياسة واضحة اساسها فهم طبيعة مرحلة التقاعد والأزمات المختلفة التي يمر بها المتقاعد، كنا ننتظر ان تتقدم الينا الحكومة ببرامج وقائية تقينا من أزمات التقاعد وتهدف الى الاستفادة قدر الإمكان من طاقات المتقاعدين البشرية و وتخفف مشكلاتهم وتعطيهم أدوارًا جديدة في مجتمعهم تجعلهم يواصلون حياتهم بشكل طبيعي.
كنت انتظر من بنكيران ان يولي كبير الاهتمام بالوضع الصحي والنفسي للمتقاعدين من خلال إعداد فرق علاجية متكاملة تشمل إخصائيًيين نفسيين واجتماعيين متخصصين في مجال كبار السن لتقديم رعاية متكاملة لهذه الفئة، الذين هم في التحليل النهائي أباء وأمهات وإخوان وأخوات افنوا زهرة شبابهم في خدمة بلدهم .
مفارقة عجيبة :
و سبحان الله !!!!! بالأمس القريب مغادرة طوعية مقابل إغراءات مالية سخية !!!!! واليوم إكراه على الاستمرار في العمل بعد الستين مع تخفيض من راتب المعاش !!!!. في حين أن فئة البرلمانيين يحصلون على معاش التقاعد بعد قضاء فترة نيابية واحدة، ويتقاضون قيمة معاشهم صافية ومعفاة من الضرائب وغير خاضعة للتصريح مقابل النوم والغياب ولعب الكارطة في البرلمان ...وسب وشتم بعضهم البعض في أحسن الأحوال .
لا يمكن بأي حال من الأحوال القبول بهذا القرار الذي تجب معارضته بشدة والنضال من اجل التراجع عنه. لأننا ولجنا الوظيفة العمومية على أساس ان سن التقاعد هو 60 سنة وكل تغيير في هذا المعطى يجب أن يكون بموافقتنا الشخصية ( حتى نقطع الطريق على بعض النقابات التي تطبل وتزمر لقرارات الحكومة ) هذا ويمكن للحكومة ان تشرع في تضمين قرار التمديد في تعاقدها مع الموظفين الجدد او مع الراغبين في ذلك .
والسلام
عيون الساقية الحمراء
(*)المقصود بالثالوث اللعين حسب تعبير سعيد صفصافي الكاتب العام للاتحاد النقابي للموظفين:
1-الرفع من سن التقاعد- 2-الزيادة في الاقتطاعات – 3-اعادة النظر في طريقة احتساب المعاش .


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.