الأحزاب تثمن المقاربة الملكية التشاركية    رفض البوليساريو الانخراط بالمسار السياسي يعمق عزلة الطرح الانفصالي    الطالبي العلمي يجري مباحثات مع وزير الشؤون الخارجية السنغالي    تنصيب عمر حنيش عميداً جديدا لكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط    الرايس حسن أرسموك يشارك أفراد الجالية أفراح الاحتفال بالذكرى 50 للمسيرة الخضراء    أخنوش يستعرض أمام البرلمان الطفرة المهمة في البنية التحتية الجامعية في الصحراء المغربية    إطلاق سراح الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي وإخضاعه للمراقبة القضائية    مئات المغاربة يجوبون شوارع باريس احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل المشروع الاستراتيجي ميناء الداخلة الأطلسي حيث بلغت نسبة تقدم الأشغال به 42 في المائة    رسميا.. منتخب المغرب للناشئين يبلغ دور ال32 من كأس العالم    المعارضة تقدم عشرات التعديلات على مشروع قانون المالية والأغلبية تكتفي ب23 تعديلا    تداولات بورصة البيضاء تنتهي "سلبية"    ندوة حول «التراث المادي واللامادي المغربي الأندلسي في تطوان»    أخنوش: "بفضل جلالة الملك قضية الصحراء خرجت من مرحلة الجمود إلى دينامية التدبير"    مصرع شخص جراء حادثة سير بين طنجة وتطوان    أمن طنجة يُحقق في قضية دفن رضيع قرب مجمع سكني    كرة أمم إفريقيا 2025.. لمسة مغربية خالصة    نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية تترأس تنصيب عامل إقليم الجديدة    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    "حماية المستهلك" تطالب بضمان حقوق المرضى وشفافية سوق الأدوية    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يضمن التأهل إلى الدور الموالي بالمونديال    المجلس الأعلى للسلطة القضائية اتخذ سنة 2024 إجراءات مؤسسية هامة لتعزيز قدرته على تتبع الأداء (تقرير)    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    تقرير: احتجاجات "جيل زد" لا تهدد الاستقرار السياسي ومشاريع المونديال قد تشكل خطرا على المالية العامة    تدهور خطير يهدد التعليم الجامعي بورزازات والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدق ناقوس الخطر    تلاميذ ثانوية الرواضي يحتجون ضد تدهور الأوضاع داخل المؤسسة والداخلية    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    200 قتيل بمواجهات دامية في نيجيريا    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    الركراكي يستدعي أيت بودلال لتعزيز صفوف الأسود استعدادا لوديتي الموزمبيق وأوغندا..    كيوسك الإثنين | المغرب يجذب 42.5 مليار درهم استثمارا أجنبيا مباشرا في 9 أشهر    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل أصبح نضال النساء العربيات بممارسة الجنس العلني وخلع الملابس؟
نشر في أخبارنا يوم 11 - 12 - 2011

قد تظّن علياء المهدي الفتاة المصرية المسلمة والشابة أنّها أكثر تحرّرا من بقية النساء العربيات عموما والمسلمات خصوصا وقد تظّن الممثلة التونسية الشابة نادية بوستة أنّها أكثر النساء العربيات والمسلمات جرأة في رفض قمع حرية الرأي والتعبير في الدول العربية عامة والدول الإسلامية خاصة.
ولكن غاب عن بال المهدي وبوستة أنّ هناك اصواتا نسائية عربية مسلمة ومسيحية ودرزية وبهائية ويهودية من العالم العربي ناضلن ويناضلن من أجل رفض كافة اشكال قمع حرّية الرأي والتعبير الذي تتعرّض له المرأة العربية ورفض كافة اشكال انتهاك حقوقها لكنذ هؤلاء المناضلات انتهجن اساليب أخرى في الشهرة والاعلان عن انفسهن بعيدا عن نظرية 'خالف تعرف' هؤلاء عملن ويعملن ليل نهار ويدفعن من جيوبهن ووقتهن ومجهودهن الخاص ويضحيّن بوظائفهن احيانا لأجل القيام بمبادرة تدعم حقوق المرأة وتصون كرامتها وتحميها من كافة اشكال الاستغلال الذكوري والقانوني والديني والاجتماعي لها...
قد يغيب عن بال علياء ونادية ومن أيّدهنّ وروّج لنشر صورهن عارية على صفحات التواصل الاجتماعي وروّج الى ان الدعوة لممارسة الجنس علنا في الشوارع والساحات العامة وأمام مقرات الشرطة سيساهم بتوعية الرأي العام العربي واصحاب القرار السياسي بحقوق المرأة وسيساهم بالتالي في إنصاف المرأة العربية ولكن مهلا، فهل يمكن لعلياء ونادية ومن يشدّ على ايديهنّ ان يشرحوا لنا كيف انّ عريهنّ وشهرتهن التي أتت من وراء 'العريّ' سيضغط على البرلمانات العربية لتغيير وتعديل القوانين القائمة التي تظلم المرأة؟... وهل يخبروننا كيف ستنعكس صور 'صدورهن' العارية على إقرار قوانين تعنى بتجريم العنف الاسري والتحرّش الجنسي في أماكن العمل والدراسة والشارع؟... ومن ثمّ كيف ستنعكس صور 'اعضائهن' الجنسية العارية لتكريس توّلي النساء العربيات مزيد من المقاعد البرلمانية والوزارية والرئاسية في زمن الثورات والحركات الشعبية والشبابية وسط إسقاط انظمة وتعديل دساتير انظمة أخرى؟... وهل يمكن لهؤلاء ومن يدعم افعالهنّ ان يشرحوا لنا كيف ان دخول ملايين الزوار من مستخدمي الانترنت يوميا للنظر الى صورهن العارية عبر حسابات الفايسبوك وتويتر وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي ستزيد حجم وعي الرجل العربي تجاه مفهوم شرف المرأة 'المغلوط' في مجتمعنا العربي ومفهوم الحرية الغائب عن بال العرب؟ بالله عليكم اشرحوا لنا...
بالله عليكن يا علياء ونادية أخبروني كيف ستغيرن بصوركن العارية نظرة الرجل العربي الخاطئة الى كل فتاة عربية مسلمة غير متحجبة حيث يظنّها 'هو' سهلة المنال فقط لأنّها تلبس سروالا ضيّقا أو فستانا قصيرا؟ بالله عليكن اخبروني كيف ستغيرن نظرة الرجل العربي الى الفتاة التي تمنح الرجل 'قلبها' وثقتها قبل الزواج فيظن انها ستمنحه جسدها على 'طبق من الماس' داعيا ايّاها لتناسي رادع الضمير والدين والاخلاق؟... بالله عليكن اخبروني كيف ستفهمون الرجل العربي ان الفتاة التي تسافر للعمل في الخارج تعرف كيف تصون نفسها اكثر من 'ابنة الحيّ' التي تسكن بجانب بيته ويراها في كل دقيقة ولكنها قد تخون حبيبها او زوجها او خطيبها عبر موقع 'دردشة اجتماعي' دون علمه وهي سجينة اربع جدران؟ بالله عليكن أخبروني كيف ستقنعن الرجل العربي ان 'بنت البيت' هي تلك التي تخاف الله حين لا يراها احد وان خلف نقاب 'بعض' النساء وشعارات الدين لدى 'اخريات' قد يختبئ الفحش والمنكر؟ هل من جواب؟
أنتن ايضا ضحايا افكاركن الخاطئة عن الحرّية والتحرّر يا ابنة تونس ويا ابنت مصر فأنتن اردتنّ محاربة الصور النمطية عن المرأة العربية ورفض تعنيفها نفسيا ومعنويا وجسديا ولكنكن قمتن بتعنيفها اكثر من قبل فقد وضعتّن نضالها في خانة الحرية الجسدية فقط لا غيرّ لقد جعلتن من نضال النساء العربيات مجرّد 'سعي' لممارسة الجنس ومجرّد 'هدف' لخلع الملابس.
لن اقبل ولن تقبل الكثيرات من المناضلات في العالم العربي ان تحصروا نضالاتنا وتعب السنين في رفع قيمة المرأة في المجتمع العربي والاعلام العربي في 'وقاحة أجساد نسائية عارية' لقد ناضلنا 'نحن' النساء العربيات لاسقاط انظمة وللإتيان بوجوه برلمانية ووزارية جديدة ولتغيير سياسات اقتصادية فاشلة ولتوفير تعليم وطبابة افضل لمجتمعاتنا... فرجاء لا تحصروا مطلبنا بتحرّر الجسد ولا تحصروا اساليب نضالنا بادوات الجسد لانّها مرفوضة قطعا لدينا.
انا متاكدة ان علياء ونادية لا يقبلن ان يقال عنهن انهن يستغلن جسدهن لتحقيق تحصيل علمي ما او منصب وظيفي ما... فلماذا يكون دفاعهن عن حقوق المرأة والانسان من خلال تحقير جسدهن بنشر صوره عارية؟ ولماذا يردن لهذا الجسد ام يكون سلعة جديدة للتعبير عن اسمى مطالب الكون وهو حقوق المرأة والانسان.
الرسالة هنا ليست 'ترّجيا' لعلياء او نادية و'اخواتهن' للتوّقف عن الدعوات للعري وممارسة الجنس علنا كوسيلة للتعبير عن الرغبة بالتحرّر بل هي تصريح مباشر باسم نساء عربيات كثيرات لا يردن لأجسادهن ان تكون وسيلة للتعبير عن حقوقهن ولا يردن لحجابهن ونقابهن ان يتم استغلاله سياسيا او اعلاميا... فممارستنا لشعائرنا الدينية هي شيء يخصّ علاقتنا بالله ويخصّ معتقداتنا الدينية وليست سلعا تستغلها اي جهة لتحقيق اهداف من اي نوع كان.
كل هذا التعرّي 'الوقح' والدعوات لممارسة الجنس العلني 'الحيواني' يبرّره الدعاة اليه بكونه وسيلة اعلامية دعائية في زمن 'الربيع العربي' للمطالبة بقدر أكبر من حرية الراي والتعبير والديمقراطية ومنح المرأة مزيدا من الحقوق... لن نناقش هنا ممارسة الجنس من وجهة النظر الدينية أو الاجتماعية لانّ الأمر يبقى حرّية شخصية لكل شخص وأمرا خاصا بين كل انسان ومعتقداته الدينية والأخلاقية ولكن أن يتمّ المطالبة بممارسته علنا فهذا مطلب 'حيواني' يجب على من ينادي به ان يراجع كتبا مختصة في الصحة الجنسية والنفسية ليعرف ان هكذا فعل لا يمتّ للانسانية بصلّة لأن هذه العلاقة من الناحية البيولوجية والسيكولوجية هي علاقة 'حميمة' و'خاصة' قبل أيّ شيء آخر وممارستها في العلن يقرّب أصحابها من ممارسة الأفعال الحيوانية البحتة... وما يثير الاشمئزاز في هذا الاطار هو أن يعتبر هؤلاء الشباب ان فعل هكذا أمر 'حيواني' هو وسيلة للمطالبة بحرّية الرأي والتعبير فهل هذا ما يريدونه؟ هل لهذه الاسباب قامت الثورات والحركات الاحتجاجية في العالم العربي!
يعاني العالم العربي والاسلامي بشكل خاص من ظواهر عديدة لها علاقة بالكبت الجنسي وغياب التربية الجنسية الصحيحة للطلاب والشباب ولكن لا يمكن ان يكون البديل هو ممارشة الفحش والمنكر في العلن لنعبرّ عن رغبتنا بالتحرّر... وهل التحرّر يعني الانفلات من الضوابط والقيم والمعايير الأخلاقية والدينية والانسانية؟... وهل هذه هي الطريقة التي تعبرون فيها عن خوفكم وقلقكم من السياسات الاجتماعية القادمة للأحزاب الاسلامية القادمة بفعل 'صوت' الناخب العربي في مختلف الدول العربية التي شهدت سقوط انظمة أو تعديلات دستورية وهل أنّ رؤيتنا لصور ناشطة مصرية عارية او ممثلة تونسية عارية ستنقذ المرأة العربية من ظلم القوانين العربية المجحفة بحق النساء وهل ان صدورهنّ العارية ستغيّر من الصور النمطية التي يحملها الرجل العربي عن المرأة العربية؟... وهل ان 'مبادرات' العرّي وممارسة الجنس العلني ستغيّر واقع الفتيات العربيات اللواتي يتعرّضن للتحرش الحنسي بسبب غياب القيم الخلاقية في عقول الرجال العرب؟ ا و انها ستغيّر موقف المشرّعين للقوانين في البرلمانات العربية لتجريم العنف الأسري والتحرش الجنسي واغتصاب القاصرات وسواها من مظاهر تعنيف المرأة... وهل ان ملايين الرجال العرب الى المنتديات وصفحات التواصل الاجتماعي لرؤية صور العري لمن تدعين انفسهن بانهن ناشطات عربيات سيزيد حجم مشاركة المرأة في القرار السياسي في الانظمة العربية الجديدة؟...
وللمفارقة العجيبة في بلدان 'العرب' انّ تسمّى ناشطة كل فتاة تكلّف نفسها عناء النزول مرة الى شوارع ميادين الاعتصام والثورات او من تكلّف نفسها عناء السفر بضع مرات لحضور مؤتمرات 'الغرف المغلقة' وقاعات المنتديات بين بلد وآخر في حين لم نسمع لها يوما عن مبادرة ملموسة احدثت من خلالها تغيير ما أو وعي ما تجاه قضية معينة.
في العالم العربي اصبح توزيع الألقاب هو الأكثر سهولة على اهل الصحافة واصبح الترويج لأصحاب 'الالقاب الممنوحة' متعة لا يضاهيها اي متعة او هواية أخرى... فتلك وصفوها بالاعلامية لمجرّد انها كانت عارضة أزياء وقامت بتقديم برنامج ترفيهي يطرح لائحة بأهم عشر اغنيات في ساحة الغناء العربي لهذا الشهر واخرى وصفوها بكونها كاتبة لمجرّد انها نشرت كتاب خواطر فيه تجربة فشل قصة حب او قصتينّ في حياتها والثالثة يعتبرها كثيرون مدوّنة كونها تكتب كل اسبوع ثلاث اسطر على مدوّنتها الشخصية تعبرّ فيها من واقع اجتماعي او اقتصادي تعيشه في محيطها...والرابعة تنال لقب المرأة الأكثر تاثيرا في بلدها او امتها فقط لانّها تغنّي اغاني 'ضاربة' والخامسة تنال لقب مناضلة نسائية لانها تعرّت دفاعا عن حقوق المرأة العربيةّ واللائحة طويلة جدا من تناقضات 'الألقاب' في مجتمعنا العربي...
خلاصة الكلام أن 'ثورة' حقيقية مطلوبة على الفساد 'النفسي' والكبت 'الاعلامي' في العالم العربي قبل اي ثورة اخرى على الأنظمة السياسية كي لا تصبح كل امرأة عارية هي نموذج المرأة العربية في ايصال رسالتها الى الرأي العام وكي لا تكون تصريحات 'العاريات' على الفايسبوك هي الاصوات الوحيدة التي يسمعها الشباب العربي...
رويدا مروة
قد تظّن علياء المهدي الفتاة المصرية المسلمة والشابة أنّها أكثر تحرّرا من بقية النساء العربيات عموما والمسلمات خصوصا وقد تظّن الممثلة التونسية الشابة نادية بوستة أنّها أكثر النساء العربيات والمسلمات جرأة في رفض قمع حرية الرأي والتعبير في الدول العربية عامة والدول الإسلامية خاصة.
ولكن غاب عن بال المهدي وبوستة أنّ هناك اصواتا نسائية عربية مسلمة ومسيحية ودرزية وبهائية ويهودية من العالم العربي ناضلن ويناضلن من أجل رفض كافة اشكال قمع حرّية الرأي والتعبير الذي تتعرّض له المرأة العربية ورفض كافة اشكال انتهاك حقوقها لكنذ هؤلاء المناضلات انتهجن اساليب أخرى في الشهرة والاعلان عن انفسهن بعيدا عن نظرية 'خالف تعرف' هؤلاء عملن ويعملن ليل نهار ويدفعن من جيوبهن ووقتهن ومجهودهن الخاص ويضحيّن بوظائفهن احيانا لأجل القيام بمبادرة تدعم حقوق المرأة وتصون كرامتها وتحميها من كافة اشكال الاستغلال الذكوري والقانوني والديني والاجتماعي لها...
قد يغيب عن بال علياء ونادية ومن أيّدهنّ وروّج لنشر صورهن عارية على صفحات التواصل الاجتماعي وروّج الى ان الدعوة لممارسة الجنس علنا في الشوارع والساحات العامة وأمام مقرات الشرطة سيساهم بتوعية الرأي العام العربي واصحاب القرار السياسي بحقوق المرأة وسيساهم بالتالي في إنصاف المرأة العربية ولكن مهلا، فهل يمكن لعلياء ونادية ومن يشدّ على ايديهنّ ان يشرحوا لنا كيف انّ عريهنّ وشهرتهن التي أتت من وراء 'العريّ' سيضغط على البرلمانات العربية لتغيير وتعديل القوانين القائمة التي تظلم المرأة؟... وهل يخبروننا كيف ستنعكس صور 'صدورهن' العارية على إقرار قوانين تعنى بتجريم العنف الاسري والتحرّش الجنسي في أماكن العمل والدراسة والشارع؟... ومن ثمّ كيف ستنعكس صور 'اعضائهن' الجنسية العارية لتكريس توّلي النساء العربيات مزيد من المقاعد البرلمانية والوزارية والرئاسية في زمن الثورات والحركات الشعبية والشبابية وسط إسقاط انظمة وتعديل دساتير انظمة أخرى؟... وهل يمكن لهؤلاء ومن يدعم افعالهنّ ان يشرحوا لنا كيف ان دخول ملايين الزوار من مستخدمي الانترنت يوميا للنظر الى صورهن العارية عبر حسابات الفايسبوك وتويتر وغيرها من مواقع التواصل الاجتماعي ستزيد حجم وعي الرجل العربي تجاه مفهوم شرف المرأة 'المغلوط' في مجتمعنا العربي ومفهوم الحرية الغائب عن بال العرب؟ بالله عليكم اشرحوا لنا...
بالله عليكن يا علياء ونادية أخبروني كيف ستغيرن بصوركن العارية نظرة الرجل العربي الخاطئة الى كل فتاة عربية مسلمة غير متحجبة حيث يظنّها 'هو' سهلة المنال فقط لأنّها تلبس سروالا ضيّقا أو فستانا قصيرا؟ بالله عليكن اخبروني كيف ستغيرن نظرة الرجل العربي الى الفتاة التي تمنح الرجل 'قلبها' وثقتها قبل الزواج فيظن انها ستمنحه جسدها على 'طبق من الماس' داعيا ايّاها لتناسي رادع الضمير والدين والاخلاق؟... بالله عليكن اخبروني كيف ستفهمون الرجل العربي ان الفتاة التي تسافر للعمل في الخارج تعرف كيف تصون نفسها اكثر من 'ابنة الحيّ' التي تسكن بجانب بيته ويراها في كل دقيقة ولكنها قد تخون حبيبها او زوجها او خطيبها عبر موقع 'دردشة اجتماعي' دون علمه وهي سجينة اربع جدران؟ بالله عليكن أخبروني كيف ستقنعن الرجل العربي ان 'بنت البيت' هي تلك التي تخاف الله حين لا يراها احد وان خلف نقاب 'بعض' النساء وشعارات الدين لدى 'اخريات' قد يختبئ الفحش والمنكر؟ هل من جواب؟
أنتن ايضا ضحايا افكاركن الخاطئة عن الحرّية والتحرّر يا ابنة تونس ويا ابنت مصر فأنتن اردتنّ محاربة الصور النمطية عن المرأة العربية ورفض تعنيفها نفسيا ومعنويا وجسديا ولكنكن قمتن بتعنيفها اكثر من قبل فقد وضعتّن نضالها في خانة الحرية الجسدية فقط لا غيرّ لقد جعلتن من نضال النساء العربيات مجرّد 'سعي' لممارسة الجنس ومجرّد 'هدف' لخلع الملابس.
لن اقبل ولن تقبل الكثيرات من المناضلات في العالم العربي ان تحصروا نضالاتنا وتعب السنين في رفع قيمة المرأة في المجتمع العربي والاعلام العربي في 'وقاحة أجساد نسائية عارية' لقد ناضلنا 'نحن' النساء العربيات لاسقاط انظمة وللإتيان بوجوه برلمانية ووزارية جديدة ولتغيير سياسات اقتصادية فاشلة ولتوفير تعليم وطبابة افضل لمجتمعاتنا... فرجاء لا تحصروا مطلبنا بتحرّر الجسد ولا تحصروا اساليب نضالنا بادوات الجسد لانّها مرفوضة قطعا لدينا.
انا متاكدة ان علياء ونادية لا يقبلن ان يقال عنهن انهن يستغلن جسدهن لتحقيق تحصيل علمي ما او منصب وظيفي ما... فلماذا يكون دفاعهن عن حقوق المرأة والانسان من خلال تحقير جسدهن بنشر صوره عارية؟ ولماذا يردن لهذا الجسد ام يكون سلعة جديدة للتعبير عن اسمى مطالب الكون وهو حقوق المرأة والانسان.
الرسالة هنا ليست 'ترّجيا' لعلياء او نادية و'اخواتهن' للتوّقف عن الدعوات للعري وممارسة الجنس علنا كوسيلة للتعبير عن الرغبة بالتحرّر بل هي تصريح مباشر باسم نساء عربيات كثيرات لا يردن لأجسادهن ان تكون وسيلة للتعبير عن حقوقهن ولا يردن لحجابهن ونقابهن ان يتم استغلاله سياسيا او اعلاميا... فممارستنا لشعائرنا الدينية هي شيء يخصّ علاقتنا بالله ويخصّ معتقداتنا الدينية وليست سلعا تستغلها اي جهة لتحقيق اهداف من اي نوع كان.
كل هذا التعرّي 'الوقح' والدعوات لممارسة الجنس العلني 'الحيواني' يبرّره الدعاة اليه بكونه وسيلة اعلامية دعائية في زمن 'الربيع العربي' للمطالبة بقدر أكبر من حرية الراي والتعبير والديمقراطية ومنح المرأة مزيدا من الحقوق... لن نناقش هنا ممارسة الجنس من وجهة النظر الدينية أو الاجتماعية لانّ الأمر يبقى حرّية شخصية لكل شخص وأمرا خاصا بين كل انسان ومعتقداته الدينية والأخلاقية ولكن أن يتمّ المطالبة بممارسته علنا فهذا مطلب 'حيواني' يجب على من ينادي به ان يراجع كتبا مختصة في الصحة الجنسية والنفسية ليعرف ان هكذا فعل لا يمتّ للانسانية بصلّة لأن هذه العلاقة من الناحية البيولوجية والسيكولوجية هي علاقة 'حميمة' و'خاصة' قبل أيّ شيء آخر وممارستها في العلن يقرّب أصحابها من ممارسة الأفعال الحيوانية البحتة... وما يثير الاشمئزاز في هذا الاطار هو أن يعتبر هؤلاء الشباب ان فعل هكذا أمر 'حيواني' هو وسيلة للمطالبة بحرّية الرأي والتعبير فهل هذا ما يريدونه؟ هل لهذه الاسباب قامت الثورات والحركات الاحتجاجية في العالم العربي!
يعاني العالم العربي والاسلامي بشكل خاص من ظواهر عديدة لها علاقة بالكبت الجنسي وغياب التربية الجنسية الصحيحة للطلاب والشباب ولكن لا يمكن ان يكون البديل هو ممارشة الفحش والمنكر في العلن لنعبرّ عن رغبتنا بالتحرّر... وهل التحرّر يعني الانفلات من الضوابط والقيم والمعايير الأخلاقية والدينية والانسانية؟... وهل هذه هي الطريقة التي تعبرون فيها عن خوفكم وقلقكم من السياسات الاجتماعية القادمة للأحزاب الاسلامية القادمة بفعل 'صوت' الناخب العربي في مختلف الدول العربية التي شهدت سقوط انظمة أو تعديلات دستورية وهل أنّ رؤيتنا لصور ناشطة مصرية عارية او ممثلة تونسية عارية ستنقذ المرأة العربية من ظلم القوانين العربية المجحفة بحق النساء وهل ان صدورهنّ العارية ستغيّر من الصور النمطية التي يحملها الرجل العربي عن المرأة العربية؟... وهل ان 'مبادرات' العرّي وممارسة الجنس العلني ستغيّر واقع الفتيات العربيات اللواتي يتعرّضن للتحرش الحنسي بسبب غياب القيم الخلاقية في عقول الرجال العرب؟ ا و انها ستغيّر موقف المشرّعين للقوانين في البرلمانات العربية لتجريم العنف الأسري والتحرش الجنسي واغتصاب القاصرات وسواها من مظاهر تعنيف المرأة... وهل ان ملايين الرجال العرب الى المنتديات وصفحات التواصل الاجتماعي لرؤية صور العري لمن تدعين انفسهن بانهن ناشطات عربيات سيزيد حجم مشاركة المرأة في القرار السياسي في الانظمة العربية الجديدة؟...
وللمفارقة العجيبة في بلدان 'العرب' انّ تسمّى ناشطة كل فتاة تكلّف نفسها عناء النزول مرة الى شوارع ميادين الاعتصام والثورات او من تكلّف نفسها عناء السفر بضع مرات لحضور مؤتمرات 'الغرف المغلقة' وقاعات المنتديات بين بلد وآخر في حين لم نسمع لها يوما عن مبادرة ملموسة احدثت من خلالها تغيير ما أو وعي ما تجاه قضية معينة.
في العالم العربي اصبح توزيع الألقاب هو الأكثر سهولة على اهل الصحافة واصبح الترويج لأصحاب 'الالقاب الممنوحة' متعة لا يضاهيها اي متعة او هواية أخرى... فتلك وصفوها بالاعلامية لمجرّد انها كانت عارضة أزياء وقامت بتقديم برنامج ترفيهي يطرح لائحة بأهم عشر اغنيات في ساحة الغناء العربي لهذا الشهر واخرى وصفوها بكونها كاتبة لمجرّد انها نشرت كتاب خواطر فيه تجربة فشل قصة حب او قصتينّ في حياتها والثالثة يعتبرها كثيرون مدوّنة كونها تكتب كل اسبوع ثلاث اسطر على مدوّنتها الشخصية تعبرّ فيها من واقع اجتماعي او اقتصادي تعيشه في محيطها...والرابعة تنال لقب المرأة الأكثر تاثيرا في بلدها او امتها فقط لانّها تغنّي اغاني 'ضاربة' والخامسة تنال لقب مناضلة نسائية لانها تعرّت دفاعا عن حقوق المرأة العربيةّ واللائحة طويلة جدا من تناقضات 'الألقاب' في مجتمعنا العربي...
خلاصة الكلام أن 'ثورة' حقيقية مطلوبة على الفساد 'النفسي' والكبت 'الاعلامي' في العالم العربي قبل اي ثورة اخرى على الأنظمة السياسية كي لا تصبح كل امرأة عارية هي نموذج المرأة العربية في ايصال رسالتها الى الرأي العام وكي لا تكون تصريحات 'العاريات' على الفايسبوك هي الاصوات الوحيدة التي يسمعها الشباب العربي...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.