حصيلة الحكومة فقطاع الصحة فهاد 3 سنين.. أخنوش: إيجابية وخدمنا فجوانب كثيرة منها زيادة الصالير للأطباء لتأهيل الخريجين وتجهيز 1400 مركز صحي    رئيس الوزراء الإسباني "يفكر" في تقديم استقالته بعد الإعلان عن فتح تحقيق ضدّ زوجته    جامعة الكرة: توصلنا بقرار الكاف اللي فيه خسارة USMA مع بركان وعقوبات منتظرة على الفريق الجزائري وماتش الروتور فوقتو    تسريب فيديوهات لتصفية حسابات بين بارونات بتطوان    اللجنة الجهوية للتنمية البشرية بالشمال تصادق على برنامج عمل يضم 394 مشروعا برسم سنة 2024    أخنوش: التحولات الاقتصادية مهمة بالمملكة .. والتضخم تحت سيطرة الحكومة    العدو الجزائري يقحم الرياضة من جديد في حربه على المغرب    لتطوير الصحة الحيوانية بالمغرب.. شراكة ترى النور بالملتقى الدولي للفلاحة بمكناس    الجزائر تتوصل رسميا بقرار خسارة مباراة بركان و"الكاف" يهدد بعقوبات إضافية    بطولة فرنسا لكرة القدم.. باريس سان جرمان يفوز على مضيفه لوريان 4-1    ترقب إطلاق خط جوي جديد بين مطار تطوان وبيلباو    القضاء الفرنسي يؤكد إدانة رئيس الوزراء السابق فرانسوا فيون بقضية الوظائف الوهمية    النصب على حالمين بالهجرة يقود سيدتين الى سجن الحسيمة    أخنوش: الحكومة دأبت منذ تنصيبها على إطلاق مسلسل إصلاحي جديد وعميق يحقق نهضة تربوية وثورة تعليمية    الكاف يعلن انتصار نهضة بركان على اتحاد العاصمة الجزائري    بنكيران يهاجم أخنوش ويقول: الأموال حسمت الانتخابات الجزئية    توقعات بتأجيل كأس أمم أفريقيا المغرب 2025 إلى يناير 2026    وزير النقل… المغرب ملتزم بقوة لفائدة إزالة الكربون من قطاع النقل    حملة أمنية غير مسبوقة على الدراجات النارية غير القانونية بالجديدة    لأول مرة في التاريخ سيرى ساكنة الناظور ومليلية هذا الحدث أوضح من العالم    أخنوش مقدما الحصيلة المرحلية: إجراءات الحكومة هدفها مناعة الأسرة التي هي "النواة الصلبة لكل التدخلات"    خارجية أمريكا: التقارير عن مقابر جماعية في غزة مقلقة    أخنوش: ما تحقق في نصف الولاية الحكومية فاق كل التوقعات والانتظارات    جهة طنجة تناقش تدابير مواجهة الحرائق خلال فصل الصيف    إستعدادُ إسرائيل لهجوم "قريب جداً" على رفح    المغرب سيكون ممثلا بفريقين في كأس العالم للفوتسال    قطب المنتجات المجالية نقطة جذب لزوار الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب 2024    أيام قليلة على انتهاء إحصاء الأشخاص الذين يمكن استدعاؤهم لتشكيل فوج المجندين .. شباب أمام فرصة جديدة للاستفادة من تكوين متميز يفتح لهم آفاقا مهنية واعدة    سنطرال دانون تسلط الضوء على التقدم المحقق في برنامج "حليب بلادي" لفلاحة مستدامة ومتجددة    ما قصة "نمر" طنجة؟    تهديدات بالتصعيد ضد ّبنموسى في حالة إصدار عقوبات "انتقامية" في حقّ الأساتذة الموقوفين    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    الحكم على مغني راب إيراني بالإعدام بتهمة تأييد الاحتجاجات    الولايات المتحدة تنذر "تيك توك": إما قطع العلاقات مع بكين أو الحظر    برنامج دعم السكن.. معطيات رسمية: 8500 استفدو وشراو ديور وكثر من 65 ألف طلب للدعم منهم 38 فالمائة عيالات    الفوائد الصحية للبروكلي .. كنز من المعادن والفيتامينات    دراسة: النظام الغذائي المتوازن قد يساهم في تحسين صحة الدماغ    مدير المنظمة العالمية للملكية الفكرية : الملكية الفكرية تدعم جميع جوانب الحياة في المغرب، بما في ذلك الزليج    أفلام متوسطية جديدة تتنافس على جوائز مهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    إعلان فوز المنتخب المغربي لكرة اليد بعد انسحاب نظيره الجزائري    مقترح قانون لتقنين استخدم الذكاء الاصطناعي في المغرب    ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و262 شهيدا منذ بدء الحرب    دراسة: تناول الأسبرين بشكل يومي يحد من خطر الإصابة بسرطان القولون        اختتام فعاليات الويكاند المسرحي الثالث بآيت ورير    مبادرة مغربية تراسل سفراء دول غربية للمطالبة بوقف دعم الكيان الصهيوني وفرض وقف فوري للحرب على غزة    دراسة تبيّن وجود صلة بين بعض المستحلبات وخطر الإصابة بمرض السكري    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    جلسة قرائية تحتفي ب"ثربانتس" باليوم العالمي للكتاب    الموت يفجع شيماء عبد العزيز    أسعار الذهب تواصل الانخفاض    "الراصد الوطني للنشر والقراءة" في ضيافة ثانوية الشريف الرضي الإعدادية بعرباوة    صدور رواية "أحاسيس وصور" للكاتب المغربي مصطفى إسماعيلي    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    كأس إيطاليا: يوفنتوس يتأهل للمباراة النهائية على حساب لاتسيو    لقاء يستحضر مسار السوسيولوجي محمد جسوس من القرويين إلى "برينستون"    الأمثال العامية بتطوان... (580)    الإيمان القوي بعودة بودريقة! يجب على الرجاء البيضاوي ومقاطعة مرس السلطان والبرلمان أن يذهبوا إليه    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الدخول المدرسي .. ثنائية الجدل والارتباك
نشر في أخبارنا يوم 24 - 08 - 2020

في ظل الارتفاع المقلق لعدد الإصابات المؤكدة في الأسابيع الأخيرة، ارتفع منسوب الترقب والتوجس والانتظار في أوساط الأسر والأطر الإدارية والتربوية وعموم الرأي العام، بشأن الدخول المدرسي والسيناريوهات أو النماذج البيداغوجية التي يمكن اعتمادها من طرف وزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي - قطاع التربية الوطنية - من أجل تدبير أمثل لدخول مدرسي استثنائي بكل المقاييس، وقد اتسعت دائرة القلق والجدل بعد أن كشفت الوزارة الوصية على القطاع قبل أيام، عن المقرر الوزاري لتنظيم السنة الدراسية الذي رسم خارطة طريق سنة دراسية "طبيعية"، قبل أن تحاول في بلاغ لاحق، توضيح ما أثاره هذا المقرر الوزاري من جدل متعدد المستويات، بتأكيدها بعدم الحسم في سبل تدبير الدخول المدرسي والسنة الدراسية برمتها، واضعة ثلاثة خيارات بيداغوجية، ربطت أولها باعتماد "التعليم الحضوري" بشكل كلي وثانيها بتبني "التعليم عن بعد" بشكل كلي وثالثها بإمكانية اللجوء إلى خيار بيداغوجي تناوبي يجمع بين "الحضوري" و"الافتراضي"، عقب ذلك، أجرى الوزير الوصي على القطاع اجتماعا تنسيقيا - عبر تقنية المناظرة المرئية- مع مديري الأكاديميات الجهوية للتربية والتكوين، بشأن تدارس الإجراءات والتدابير المرتبطة بإنجاح الدخول المدرسي المقبل2021-2020، وقد تم الوقوف من خلاله عند الأنماط التربوية التي أعدتها الوزارة والإجراءات اللازمة لتفعيلها وأجرأتها، بما ينسجم ويتماشى والخصوصيات الجهوية والإقليمية والمحلية، مما جعل الكثير من التحليلات، تصب في اتجاه إمكانية اعتماد مقاربة بيداغوجية قائمة على تعدد السيناريوهات أو النماذج البيداغوجية، التي تنسجم وخصوصيات الوضعية الوبائية لكل جهة أو عمالة أو إقليم، لكن في ظل هذه الموجة من الجدل والترقب والانتظار، لا أحد كان يتكهن بما ورد في بلاغ ليلة يوم السبت 22 غشت الجاري.

بلاغ لم يخرج عن قاعدة البلاغات والقرارات التي تعودنا أن تصدر في ساعات متأخرة من الليل، وبدل تذويب جليد الجدل والتوجس والتخفيف من درجات حرارة التوتر والقلق في أوساط الأسر والتلاميذ والفاعلين التربويين والإداريين، جاءت مضامينه حاملة لمفردات الضبابية والغموض والإبهام، بشكل سيجعلنا وبدون شك، أمام دخول مدرسي على وقع الجدل واللخبطة والتعثر والارتباك، و سنة دراسية ستعيش أجواء من الاضطراب وعدم الاستقرار، بعدما تم ربط محطاتها وإيقاعاتها بوضعية وبائية مقلقة، لا أحد بإمكانه التكهن بتطوراتها، وهو بلاغ جاءت خلاصاته الكبرى على النحو التالي:

· اعتماد صيغة "التعليم عن بعد" في بداية الموسم الدراسي 2021-2020 المرتقب أن ينطلق رسميا يوم السابع من شهر شتنبر المقبل بالنسبة لجميع الأسلاك والمستويات بكافة المؤسسات التعليمية العمومية والخصوصية ومدارس البعثات الأجنبية، مع توفير خيار "التعليم الحضوري" بالنسبة للمتعلمين الذين سيعبر أولياء أمورهم ، عن اختيار هذه الصيغة، في أفق وضع آلية تمكن الأسر الراغبة في ذلك، من التعبير عن هذا الاختيار:

خيار "التعليم عن بعد" كان "متوقعا" بالنظر إلى الوضعية الوبائية التي باتت مقلقة ومحرجة في ظل الارتفاع المهول في عدد الإصابات المؤكدة والوفيات والحالات النشطة والحالات الصعبة والحرجة، ولامناص من القول أن أرقام كورونا، جعلت من "التعليم عن بعد" الخيار الأقرب على الأقل لتدبير الدخول المدرسي في انتظار ما ستسفر عنه تطورات الوضع الوبائي، لكن "غير المتوقع" أن يتم تبني آلية "التعليم الحضوري بشروط" بالنسبة للمتعلمين الذين سيعبر أولياء أمورهم عن ذلك، بمعنى أن هذا الدخول المدرسي سيكون محكوما بتبني خيارين بيداغوجيين مختلفين، أولهما "عن بعد" (القاعدة) وثانيهما "حضوري بشروط" (استثناء)، وهذه "التخريجة البيداغوجية" أثارت زوبعة من اللغط والجدل المتعدد المستويات في أوساط الأسر والتلاميذ والأطر الإدارية والتربوية والباحثين والمهتمين، ليس فقط لأن لا أحد كان يتوقع أن تخرج الوزارة الوصية بقرار من هذا القبيل، ولكن لأن المبررات الوبائية التي فرضت اللجوء إلى خيار "التعليم عن بعد"، اختفت أو لم يتم استحضارها لحظة التفكير في تنزيل "تخريجة التعليم الحضوري بشروط"، بشكل دفع الكثير من الآراء أن تصب في اتجاه ربط "التخريجة" بلوبيات مقاولات التعليم الخصوصي (مع الاستثناء طبعا)، التي منحت "آلية بيداغوجية" لممارسة الجشع واستهداف جيوب الأسر(واجبات التمدرس، واجبات التأمين ..) وإثقال كاهلها بعقود "إذعان" تفرض تأدية واجبات التمدرس في أية وضعية من الوضعيات (عن بعد، حضوري، تناوبي) وتحت أي ظرف من الظروف (جائحة، حوادث فجائية، أزمات ..)، وهذا ما يفسر اتجاه إرادة "اللوبيات الخصوصية" إلى خيار "التعليم الحضوري" لممارسة رقصة الجشع والابتزاز بدون خجل أو حياء، وفي جميع الحالات، نرى أن هذه "التخريجة" (الحضوري بشروط) ستحمل بعض مشاهد اللخبطة والارتباك وعدم الاستقرار، للاعتبارات التالية :

- المؤسسات الخصوصية ومدارس البعثات الأجنبية ستلجأ إلى خيار "التعليم الحضوري" في ظل توفر بنيات مدرسية قد تساعد على أجرأة التدابير الوقائية والاحترازية (تخفيف عدد التلاميذ داخل الحجرات الدراسية، تحقيق التباعد، الكمامات، وسائل التعقيم ...)، أو يمكن الاعتماد عليهما معا حسب خصوصيات بعض المواد والتخصصات وحسب الإمكانيات التقنية المتاحة.

- بنيات مدارس التعليم العمومي لا تسمح بالالتزام بما وضعته السلطات العمومية من إجراءات وتدابير وقائية واحترازية (محدودية الحجرات الدراسية، ضعف أو انعدام الفضاءات (قاعات رياضية، مسارح ..) التي من شأنها كسب رهان التخفيف والتباعد الجسدي).

- آلية "التعليم الحضوري" ربطت بمدى رغبة أولياء أمور التلاميذ في اختيار هذه الصيغة، وهي رغبة لابد أن تتأسس على وعي حقيقي لا لبس فيه بواقع حال الوضعية الوبائية وتقدير أي خطر محتمل على التلميذ(ة)/الابن(ة) في حالة تبني خيار "التعليم الحضوري"، وإذا كانت الوزارة الوصية بل وحتى الحكومة نفسها، لا تستطيع التكهن بتطورات الوضعية

الوبائية وبمدى تداعيات "التعليم الحضوري" على الحالة الوبائية، فكيف يمكن أن نحمل ذلك، لأولياء أمور التلاميذ، خاصة في ظل الفوارق الثقافية والاجتماعية والمادية والمجالية، فمثلا أب بائع متجول أو فلاح صغير في قرية معزولة وسط الجبال، كيف نطلب منه الاختيار بين "التعليم عن بعد" و"التعليم الحضوري بشروط"؟ فعلى الأقل الوزارة الوصية والحكومة ككل تستند في قراراتها على رأي "اللجنة العلمية" القادرة وحدها دون غيرها على تشخيص واقع حال الوضع الوبائي بالمملكة وعلى القدرة على التوقع بناء على ما بات يسجل في الآونة الأخيرة من أرقام ومؤشرات مثيرة للقلق، وبالتالي فهي (الوزارة) الأكثر "أهلية" في تبني الخيار البيداغوجي الذي ينسجم وخصوصيات هذه الظرفية الوبائية، أما إلقاء الكرة في مرمى آباء وأمهات وأولياء التلاميذ، فهو محاولة لتحميلهم المسؤولية في هذه الأزمة الصحية، وليس إشراكهم في صناعة القرار التربوي.

- من ناحية الأجرأة والتفعيل، هل يكفي على أولياء أمور التلاميذ التعبير عن الرغبة في الاختيار لأبنائهم لصيغة "التعليم الحضوري" بتعبئة "استمارة" مباشرة عبر خدمة توفرها منظومة مسار أو تعبئتها مباشرة بالمؤسسات التعليمية، أم أن المسألة تتطلب التزامات موازية مرتبطة بإخضاع أبنائهم لاختبار الكشف عن وباء كورونا المستجد "كوفيد 19"، وإذا ما كان هذا الاختبار يعد شرطا إلزاميا، فمن يتحمل تكاليفه المادية، هل الإدارة أم أولياء أمور التلاميذ؟ وهل الأسر المتوسطة أو ذات الدخل المحدود، باستطاعتها تحمل تكاليف أية اختبارات محتملة لأبنائها خاصة في حالة تعدد الأبناء/التلاميذ؟ وفي حالة إذا ما كانت هذه الاختبارات ستتحملها الأسر، وهو ما لاتستطيع تحمله، أليس ذلك، إرغاما لهم على تقبل الأمر الواقع (الخضوع للتعليم عن بعد) بدون أية مساعدات أو وسائل؟

- نفترض أن كل أولياء الأمور اختاروا بشكل اعتباطي "التعليم الحضوري" بنسبة 80% أو 90% منهم تخوفوا على أبنائهم واختاروا "التعليم عن بعد"، فكيف سيتم تدبير كل وضعية على مستوى جداول حصص الأساتذة واستعمالات الزمن الخاصة بالتلاميذ وطرائق إجراء التقويمات (فروض المراقبة المستمرة)؟ وكيف يمكن تدبير حالة قسم نصفه اختار "الحضوري بشروط" ونصفه الثاني فضل آلية "التعليم عن بعد"؟ وماهي المعايير التي على ضوئها يمكن أن يشتغل الأستاذ(ة) "عن بعد" بشكل كلي" أو "حضوريا" بشكل كلي أو بالتناوب؟ وإلى أي مدى الأستاذ(ة) يبقى حرا في اختيار الخيار البيداغوجي الذي يناسبه؟ أم أن "آلية الحضوري بشروط" هي التي ستتحكم في هندسة جداول الحصص (الخاصة بالأساتذة) واستعمالات الزمن (الخاصة بالتلاميذ)؟

- الدخول المدرسي خاصة في أسابيعه الأولى يخصص عادة للتعارف والتواصل وتحديد خطة العمل وإجراء التقويمات التشخيصية، فكيف يمكن تحقيق هذه الغايات في حالة دخول مدرسي "عن بعد"؟ كيف يتحقق التفاعل بين جماعة القسم؟ كيف يمكن للأستاذ(ة) التعرف على المواظبين والمجتهدين والمتهاونين؟ وكيف له أن يرصد المتعثرين منهم؟ وأية آلية بيداغوجية يمكن اعتمادها لتقويمهم (فروض المراقبة المستمرة)؟

- "عن بعد" و"حضوري بشروط" يجعلنا أمام بيئة تنتج اللاعدالة وانعدام تكافؤ الفرص، خاصة في ظل الفوارق الاجتماعية والمجالية الصارخة.

- لجوء الوزارة إلى خيار "التعليم عن بعد" هو خيار مبرر من الناحية الوبائية كما تمت الإشارة إلى ذلك، لكن على مستوى الواقع، لم يتم توفير البيئة المناسبة لهذا النمط من التعليم الذي يقتضي شروط الدعم والتحفيز للأساتذة (تعويضات محفزة، وسائل رقمية) والأسر(مساعدات مالية لتمكين أبنائها من الهواتف الذكية واللوحات الإلكترونية)، كما يقتضي رؤية واضحة المعالم على مستوى التدبير وخاصة على مستوى تقويم التعلمات (سبل تقويم التلاميذ عن بعد)، كما أن الرهان على "التعليم الحضوري بشروط" قد يواجه بصعوبات واقعية على مستوى الالتزام بالتدابير الوقائية والاحترازية خاصة على صعيد المؤسسات العمومية (صعوبة تخفيف عدد التلاميذ داخل الأقسام في ظل محدودية البنيات المدرسية، صعوبة التحكم في تصرفات التلاميذ على مستوى إجراءات الوقاية والاحتراز، مدى القدرة على توفير الكمامات والمعقمات...)، وفي المجمل، قد نواجه صعوبات موضوعية (خاصة في التعليم العمومي) على مستوى "التعليم الحضوري" الذي يفرض شروطا صارمة قد لا يتم الوفاء والالتزام بها بشكل كلي، كما سنواجه مشكلات على مستوى "التعليم عن بعد" في ظل الفوارق الاجتماعية والمجالية الصارخة، ورهان الحكومة ككل على التعليم "عن بعد"، كان لابد أن توازيه إجراءات موازية (تعويضات مادية للأساتذة، مساعدة الأسر لتمكين أبنائها من الأجهزة الإلكترونية، توفير مجانية الأنترنيت للأساتذة والتلاميذ، مجانية منصات التعليم، انخراط حقيقي لمجموعة من المتدخلين في دعم تجربة "التعليم عن بعد" (شركات الاتصال، الجماعات الترابية وعلى رأسها الجهات، شركات القطاع الخاص التي تشتغل في مجال الاتصالات، الإعلام العمومي، مؤسسة محمد السادس للنهوض بالأعمال الاجتماعية للتربية والتكوين ... إلخ)).

- الرهان على الخيارين معا، يفترض أن يوازيه تخفيف في الغلاف الزمني للبرامج الدراسية بالنسبة لجميع المواد والتخصصات، وهذا التخفيف لامناص منه في هذا الظرف الخاص والاستثنائي (العبرة في الكيف وليس في الكم)، وإجراء من هذا القبيل، لاشك أنه سيخفف الأعباء عن الأساتذة والتلاميذ، ويتيح للوزارة تكييف مخطط تدبير السنة الدراسية بكل يسر وسلاسة وأريحية حسب تطورات الوضعية الوبائية، ومن المخجل جدا، أن يتم الاحتفاظ بنفس البرامج الدراسية والأطر المرجعية للامتحانات في ظرفية خاصة واستثنائية.

- الوزارة أو الحكومة وهي تتبنى هذا الطرح الثنائي، استحضرت ما تم تسجيله خلال الموسم الدراسي المنصرم (النزاع بين مقاولات التعليم الخصوصي وأولياء الأمور، جدل التعليم عن بعد) فحاولت "الموازنة بين مصالح "اللوبي الخاص" ومصالح الأسر التي خيرت بين أمرين

أحلاهما مر إن صح التعبير ("الحضوري" (في ظل وضعية وبائية مقلقة) و "عن بعد"(في ظل ضعف أو انعدام الوسائل).

- الحكومة حملت المسؤولية لأولياء الأمور، في محاولة لكبح جماح أي نزاع محتمل مع اللوبي الخصوصي أو أي احتجاج متوقع بشأن التعليم عن بعد، فمن أراد لابنه "التعليم عن بعد" فله ذلك، ومن اختار "التعليم الحضوري بشروط" فله ذلك، ليبقى العنصر الغائب هو "رأي التلميذ(ة)"، فماذا لو اختار الأب خيار "التعليم عن بعد" تخوفا من الحالة الوبائية، واختار الابن(ة)/التلميذة(ة) آلية "الحضوري بشروط"؟، لكن إلقاء المسؤولية على الآباء في الاختيار لأبنائهم بين "التعليم الحضوري بشروط" و"التعليم عن بعد"، رأت فيه "الكونفدرالية الوطنية لجمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ بالمغرب" (بلاغ محرر بالدار البيضاء، بتاريخ 23 غشت 2020) "قرارا يراعي بالأساس مصالح بعض مؤسسات التعليم الخصوصي، ويضرب في العمق مبدأ تكافؤ الفرص"، وهو موقف قد يضع أولياء التلاميذ مرة أخرى في مواجهة مباشرة مع أرباب مقاولات التعليم الخصوصي التي ستستثمر دروس وعبر الموسم الدراسي المنصرم، بممارسة المزيد من الجشع والابتزاز، والحكومة وتحديدا الوزارة الوصية على القطاع لايمكن أن تبقى على الحياد السلبي، فهي تبقى ملزمة بإعادة النظر فيما يؤطر التعليم الخصوصي من قوانين متجاوزة، بشكل يسمح بإرساء منظومة قانونية ناجعة وعادلة، قادرة على تقنين القطاع لكبح جماح بعض "تجار التربية" الذين انكشفت عوراتهم في ظل جائحة عالمية كانت تقتضي استحضار قيم المواطنة والتعاون والتضامن والتعاضد، وليس الركوب على صهوة الجشع والإشهار المبكر لسلاح "الأزمة" ورفع مطالب التعويض.

- الوضعية الوبائية أضحت مقلقة جدا، والأرقام القياسية التي باتت تسجل في عدد الإصابات اليومية المؤكدة، تدق ناقوس الخطر كما ورد في خطاب ذكرى ثورة الملك والشعب، والرهان على آلية "التعليم الحضوري بشروط" قد يكون مجازفة مجهولة العواقب من الناحية الوبائية، قد تفرز بعض "البؤر المدرسية" خاصة في المدن التي ترتفع فيها الإصابات كالدارالبيضاء ومراكش وبني ملال وفاس وطنجة، وهذا التوجه، قد يشكل خطرا على الأطر الإدارية والتربوية، فهل استحضرت الوزارة "السلامة الصحية" لأطرها في ظل حساسية المرحلة الوبائية، خاصة وأن الكثير من حالات الإصابة لا تظهر عليها أعراض؟ وما هي حدود مسؤولياتها الإدارية والقانونية في حالة إذا ما أصيب أستاذ(ة) أو إداري(ة) بالعدوى من طرف التلاميذ، ونقل العدوى إلى محيطه الأسري؟ وما هو "الإطار القانوني" الذي يمكن أن يؤطر أية إصابة أو إصابات محتملة في صفوف الأطر الإدارية والتربوية التي أصيبت داخل الفضاء المدرسي؟ وهل وضعت الوزارة الوصية في الحسبان حالة "الإغلاق الاضطراري" لمؤسسة من المؤسسات في حالة ظهور "بؤرة مدرسية" وسط التلاميذ؟ وهل استحضرت ما يفرضه ذلك من مرور سريع من نموذج بيداغوجي (حضوري) إلى آخر (عن بعد)؟ وما قد يترتب عن ذلك من تداعيات نفسية على الأساتذة والتلاميذ والأسر؟

· تأجيل الامتحان الجهوي الموحد للسنة الأولى بكالوريا، إلى "وقت لاحق" :

هذا القرار تم تبريره بالوضعية الوبائية التي باتت أرقامها مثيرة للقلق، وهنا نرى أن قرار التأجيل من يوليوز إلى شتنبر(التأجيل الأول) لم يكن صائبا، وكان من المفترض إجراؤه مباشرة بعد الامتحان الوطني الموحد للبكالوريا، استثمارا لما تم تحقيقه حينها، من تعبئة جماعية ومن حرص على الإجراءات والتدابير الوقائية (الكمامات، المعقمات ..) ومن إعداد لجملة من المدرجات الجامعية والقاعات الرياضية التي استثمرت كمراكز للامتحان لتحقيق إجراء التباعد الجسدي واحترام مسافات الأمان، خاصة وأن الحالة الوبائية كانت مستقرة ومتحكم فيها، وهذا التأجيل الثاني، لم يقدر حجم ودرجة التداعيات النفسية والصحية على المترشحين (تلاميذ السنة الأولى بكالوريا) الذين عاشوا سنة دراسية مسترسلة منذ شتنبر الماضي (2019)، وحتى العطلة التي يفترض أن تكون للراحة والاستجمام استعدادا لموسم دراسي جديد، تم استثمارها للإعداد الجيد للامتحان الجهوي الذي كان مبرمجا خلال الأسبوع الأول من شتنبر (2020) قبل أن يتم الإعلان عن تأجيله على بعد أقل من أسبوعين من موعد إجرائه إلى أجل "غير مسمى"، وهذا التأجيل، سيفرض عليهم الدخول في سنة دراسية جديدة في ظل مستوى إشهادي جديد (الثانية بكالوريا)، وفي نفس الآن، يحملون هم وثقل وهاجس الامتحان الجهوي الموحد، وهذا الوضع، ستكون له ولا شك في ذلك، آثارا نفسية وصحية، مما قد ينعكس سلبا على مستوى "الجاهزية" لهذا الاستحقاق الجهوي (نفسيا ومعرفيا) الذي يمثل ما نسبته 25% من المعدل العام للبكالوريا، وقد نتفهم التأجيل لأسباب وبائية، لكن يصعب تفهم فتح "إمكانية التعليم الحضوري" ما دامت الأسباب الوبائية واحدة، دون إغفال معطى موضوعي آخر، يرتبط بالامتحانات الجامعية ( الدورة الربيعية) المرتقب إجراؤها غضون مطلع شتنبر المقبل، والتي ستضع الوزارة الوصية على القطاع أمام اختبار ثان بعد استحقاق البكالوريا، سيتجدد معه الرهان في أن تمر هذه الامتحانات في أجواء عادية ودون أية تداعيات وبائية، وبالتالي كان من الصعب تدبير الامتحانات الجامعية والامتحان الجهوي في نفس الآن، مما يؤكد مرة أخرى أن قرار تأجيل "الجهوي" لم يكن موفقا، مع الإشارة أن مجموعة من الأساتذة الذين درسوا السنة الأولى بكالوريا (علوم، آداب) خلال الموسم الدراسي المنصرم، سيكونون مضطرين من ناحية "المبدأ" و"الالتزام" مواكبة تلاميذهم "عن بعد" والإجابة عن تساؤلاتهم واستفساراتهم، ومدهم بالتعليمات والتوجيهات الضرورية إلى حين اجتيازهم للامتحان الجهوي، وفي جميع الحالات، فالوزارة مطالبة بتوضيح رأيها بخصوص مستقبل الامتحان الجهوي الموحد، إما بإلغائه واعتماد نقط المراقبة المستمرة ومعدل الامتحان الوطني بالتساوي (في حالة تعقد الوضعية الوبائية) أو الإعلان الصريح عن موعد إجراء الامتحان، لتحرير التلاميذ من حالة القلق والتوتر والترقب والانتظار.

· يمكن في أي محطة من الموسم الدراسي 2021-2020، وفق تطور الوضعية الوبائية ببلادنا والتغيرات التي قد تطرأ عليها مستقبلا، تكييف الصيغة التربوية المعتمدة على المستوى المحلي أو الإقليمي أو الجهوي بتنسيق مع السلطات المحلية والصحية :

وضعت الوزارة الوصية على القطاع "ثلاث فرضيات" لتدبير الموسم الدراسي مرتبطة بالأساس بتطور الوضعية الوبائية بالمملكة، ترتبط الأولى بتوقع تحسن الحالة الوبائية والعودة التدريجية للحياة الطبيعية، بشكل يسمح بالمرور إلى "نموذج التعليم الحضوري" بشكل كلي، والثانية ذات صلة بوضعية وبائية في تحسن، وتستدعي المزيد من التقيد بالشروط الوقائية والاحترازية، وهي وضعية تنسجم وآلية "التعليم بالتناوب" في إطار رؤية بيداغوجية تجمع بين "الحضوري" و "الافتراضي"(عن بعد)، فيما توازي الفرضية الثالثة وضعية وبائية متفاقمة وغير متحكم فيها، تفرض الاعتماد بشكل كلي على صيغة "التعليم عن بعد"، وهي فرضيات لاشك أنها ستضعنا أمام سنة دراسية على وقع الارتباك وعدم الاستقرار والتوجس والقلق والانتظار، لارتباطها بأرقام ومؤشرات وبائية من الصعب التكهن بها في المدى القريب والمتوسط، لكن الرؤية لا يمكن أن تكون حاملة لمشاهد الغموض والضبابية والإبهام، فالوزارة ملزمة بوضع عتبات على امتداد الموسم الدراسي (العطل البينية)، تسمح بتشخيص وتقييم الوضع بما يتيح فرصة اتخاذ قرار المرور إلى مرحلة ثانية (التناوب بين "الحضوري" و "عن بعد" مثلا) أو البقاء في نفس المرحلة (عن بعد مثلا) حسب تطورات الوضعية الوبائية، لأننا أمام مجتمع مدرسي وإيقاعات تعلم وحياة مدرسية، من الصعب التحكم في إيقاعاتها عبر "قرارات فجائية" يتم الكشف عنها في "الوقت بدل الضائع".


في جميع الحالات، فالقرار الوزاري أثار زوبعة من الجدل واللغط والاحتجاج المتعدد المستويات، ومهما اختلفت التبريرات أو تباينت المؤاخذات، فالحقيقة التي لا يمكن إنكارها أو تجاهلها، أن "الدخول المدرسي المرتقب" سيكون حاملا لمشاهد اللخبطة والتردد والقلق والترقب لاعتبارين اثنين، أولهما: تفاقم الوضعية الوبائية في ظل الارتفاع المهول في عدد الإصابات المؤكدة والوفيات، وثانيهما: اعتماد "آلية التعليم الحضوري بشروط"، والتي حملت الأسر ما لا طاقة لها به، مما سيفرز مشكلات وإكراهات عملية على مستوى تطبيق هذه الآلية التي رأى فيه الكثير إرضاء واضحا لمقاولات التعليم الخصوصي، ونرى أنه كان من الأرجح اعتماد "التعليم عن بعد" بشكل كلي، انسجاما مع واقع الحالة الوبائية التي باتت صعبة ومقلقة، وتناغما والفرضيات الثلاث التي وضعتها الوزارة الوصية (حالة وبائية متفاقمة يوازيها تعليم عن بعد) أو اللجوء إلى خيار "تأجيل الدخول المدرسي" في انتظار أن تتوضح صورة الحالة الوبائية بالمملكة، أو تكييف السيناريوهات البيداغوجية حسب الخصوصيات الجهوية والمحلية (تعدد النماذج البيداغوجية حسب الخصوصيات الوبائية على مستوى الجهات والعمالات والأقاليم)، والوزارة الوصية على القطاع، لابد لها أن تستحضر ما أثاره قرارها من جدل ورفض واحتجاج، وتقدر تداعيات ذلك على الدخول المدرسي وعلى السنة الدراسية برمتها، بأن تراهن على المزيد من التواصل وعلى خلق نقاشات جادة ومسؤولة مع مختلف الفرقاء الاجتماعيين (النقابات) والتربويين (جمعيات أمهات وآباء وأولياء التلاميذ ..) وعلى الخبراء والمفتشين التربويين والأساتذة، من أجل بلورة مقاربة شمولية "متفق عليها"، تضمن دخولا مدرسيا "آمنا" و"سلسا" وسنة دراسية بأقل الأضرار، ونختم بالقول، أن الشأن التربوي ليس شأن وزارة أو حكومة، بل هو "شأن مجتمع" و"شأن دولة"، لذلك، لامناص من الرهان على بناء الإنسان/المواطن التي تعول عليه الدولة اليوم لكسب رهان "معركة كورونا"، وهو بناء يمر قطعا عبر منظومة تربوية عصرية وعادلة ومنصفة ومبدعة، تعيد الاعتبار لمن قيل فيه : كاد المعلم أن يكون رسولا ...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.