كان الجراح المصري أيمن محمد ربيع الظواهري الذي قتل في ضربة أمريكية في أفغانستان، المنظر الرئيسي لتنظيم القاعدة لعقود عدة لكنه فشل في إعادة هذه الحركة الإسلامية المتطرفة إلى سابق عهدها عندما كان يقودها مؤسسها أسامة بن لادن. وكان لطبيب العيون المصري البالغ 71 عاما دور محوري في الهجمات على السفارة الأمريكية في كل من كينيا وتنزانيا في العام 1998 وفي الاعتداءات الكبيرة على الولاياتالمتحدة في 11 سبتمبر 2001 التي تسببت بمقتل نحو ثلاثة آلاف شخص. لكن خلال العقد الذي تولى فيه قيادة تنظيم القاعدة بعدما قتل بن لادن في عملية أمريكية في العام 2011 في باكستان، لم تستعد هذه الحركة دورها المحوري مع بروز تنظيم "الدولة الإسلامية" وهيمنته على أجزاء واسعة من العراق وسوريا وإعلانه دولة "الخلافة" فيها لفترة قبل دحره. وفي حين كان محللون يشددون على أن الظواهري يتقدم في السن وبات بطيئا، بدا على أنه يحاول إعادة بناء التنظيم بشراكة مع حركة طالبان بعد سيطرتها مجددا على كابول في آب/أغسطس الماضي. وأعلن جو بايدن مقتل الظواهري في ضربة شنتها مسيّرة أمريكية في كابول إلى حيث انتقل قائد التنظيم المتطرف على ما يبدو بعدما توارى لسنوات عند الحدود الأفغانية الباكستانية "العدالة تحققت وتم القضاء على هذا الزعيم الإرهابي". عملية استخباراتية دقيقة وعلى غرار الطريقة الهوليوودية التشويقية، وبتصريح غامض أعلنت واشنطن عن "صيد ثمين" في أفغانستان دون الإفصاح عن اسم أيمن الظواهري، ليظهر بعدها بفترة وجيزة الرئيس الأمريكي جو بايدن معلنا الخبر بشكل رسمي أمس الاثنين. هنا نستعرض تقريرا منذ ساعة الصفر مع إعلان مقتل زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري وحتى ردود الفعل الدولية والخبراء على تلك الضربة. – رغم التصريح المقتضب لمسؤول أمريكي مساء الإثنين عن تنفيذ واشنطن عملية "ناجحة" ضد "هدف مهم" لتنظيم القاعدة في أفغانستان بدأ الحديث عن استهداف الظواهري. ومع الساعات الأولى من صباح الثلاثاء، أكد مسؤولون أمريكيون، مقتل زعيم تنظيم القاعدة، في ضربة جوية شنتها المخابرات الأمريكية في أفغانستان مطلع الأسبوع الجاري. عملية نفذتها طائرة مُسيرة تابعة لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية في أفغانستان، في أكبر ضربة للتنظيم المتشدد منذ مقتل مؤسسه أسامة بن لادن في 2011. – الاحتفاء الأمريكي بالضربة العسكرية التي نفذتها وكالة الاستخبارات المركزية بدا مضاعفا لعدم سقوط ضحايا مدنيين، وهو ما أكده مسؤولون في واشنطن. ضربة عسكرية جاءت قبل أسبوع من الذكرى السنوية الأولى لانسحاب القوات الأمريكية من أفغانستان وتركها البلاد تحت سيطرة حركة طالبان. – وعلى مدار عشر سنوات، ومنذ مقتل الزعيم السابق لتنظيم القاعدة أسامة بن لادن في ضربة أمريكية عام 2011 استهدفته في باكستان، لم يبارح الظواهري، خطى أستاذه "بن لادن" في طريق الإرهاب طوال حياته وحتى في طريقة مقتله. وصعد الظواهري من الظل كساعد أيمن لأسامة بن لادن حتى خلفه في قيادة التنظيم، مستندا إلى "مشروعه الإرهابي" الذي بدأه من مصر فساعد في تأسيس "جماعة الجهاد"، ثم احتفظ بموقع المنظر الرئيسي لتنظيم القاعدة. – لكن تلك العملية التي احتفى بها الأمريكيون ومن خلفهم العالم، لم تجد قبولا لدى حركة طالبان الأفغانية، حيث أدان المتحدث باسم حكومة الحركة، القصف الأمريكي لمنزل سكني في منطقة "شيربور" بالعاصمة كابول، دون الاعتراف بمقتل زعيم تنظيم القاعدة. ولم تتوقف طالبان عند حد الإدانة، بل أكدت أن "الأجهزة الأمنية والاستخباراتية في حكومتها قامت بالتحقيق في الحادث ووجدت في تحقيقاتها الأولية أن الهجوم نفذ بطائرات أمريكية بدون طيار". – غير أن انتقاد طالبان، قابلته الخارجية الأمريكية بهجوم مضاد؛ حيث اعتبرت واشنطن أن حركة طالبان وفرت المأوى للظواهري. وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، قال صراحة إن طالبان انتهكت "على نحو صارخ" اتفاق الدوحة من خلال استضافة زعيم تنظيم القاعدة وإيوائه. – ومع بدء الإفراج عن مزيد من التفاصيل، كشفت وكالة أنباء أفغانية مستقلة، عن أن اثنين من مرافقي أيمن الظواهري قتلا معه بالغارة الأمريكية. والقتيلان هما من أقارب سراج الدين حقاني وزير الداخلية في حكومة حركة طالبان. – وبعد ساعات، خرج الإعلان الأمريكي الرسمي على لسان الرئيس جو بايدن، الثلاثاء، عن مقتل الظواهري في العاصمة الأفغانية كابول. وقدم بايدن، مبررات أمريكية لاستهداف الظواهري، مؤكدا أنه "كان مسؤولاً عن مقتل العديد من الأمريكيين في هجمات مختلفة", مضيفا أن "العدالة تحققت بعد مقتله". – ضربة أمريكية لرأس الإرهاب العالمي، كانت السعودية من أولى الدول المرحبة بإعلان بايدن استهداف ومقتل زعيم تنظيم القاعدة. وزارة الخارجية السعودية قالت في بيان، إن "أيمن الظواهري، يعد من قيادات الإرهاب التي تزعمت التخطيط والتنفيذ لعمليات إرهابية مقيتة في الولاياتالمتحدةالأمريكية والسعودية وعدد من دول العالم الأخرى قتل إثرها الآلاف من الأبرياء من مختلف الجنسيات والأديان بمن فيهم مواطنون سعوديون". – وخرجت تحليلات عن مصير تنظيم القاعدة الإرهابي، وتعقد الوضع بعد مقتل زعيمه أيمن الظواهري، حيث أصبح مستقبل التنظيم أكثر ضبابية. – غير أن الحديث الأبرز كان عن الخليفة المنتظر لأيمن الظواهري في زعامة تنظيم القاعدة؛ حيث برز من جديد اسم الإرهابي الملقب ب"سيف الانتقام"، والذي يقيم في إيران. وسيف الانتقام هو مصري آخر أكدت صحيفة "ديلي ميل" أنه "تعهد بإعادة التنظيم إلى سابق عهده كأيام زعيمه الراحل أسامة بن لادن". – تفاصيل أخرى خرجت إلى النور عن موقف اختباء الظواهري؛ إذ تحدث مسؤول أمريكي عن أنه "كان مختبئا منذ سنوات وأن عملية تحديد مكانه توجت عمل مجتمع مكافحة الإرهاب والمخابرات". وحتى إعلان الولاياتالمتحدة، ترددت شائعات مختلفة عن وجود الظواهري في المنطقة القبلية بباكستان أو داخل أفغانستان. – واعتمدت الاستراتيجية الأمريكية بالدرجة الأولى على أن انسحاب قواتها في أغسطس/آب الماضي، سيمكنها من الاحتفاظ بالقدرة على شن هجمات "عبر الأفق" من أماكن أخرى على العناصر الإرهابية داخل أفغانستان. وبحسب مسؤول أمريكي فإنهم رصدوا مجتمع الاستخبارات الظواهري بالمنزل الآمن وأمضوا شهورًا في تأكيد هويته و"أسلوب حياته"، فضلًا عن تتبع تحركاته وسلوكه، بحسب المسؤول. – وفي أول تعليق له، أشاد الرئيس الأمريكي الأسبق، باراك أوباما، بنجاح عملية استهداف زعيم القاعدة. أوباما اعتبر أن العملية "تكريم لقيادة الرئيس جو بايدن، وأعضاء مجتمع الاستخبارات الذين عملوا لعقود من الزمن لأجل هذه اللحظة، ومحترفي مكافحة الإرهاب الذين تمكنوا من تحييد الظواهري من دون أي إصابة مدنية". – عملية عسكرية أمريكية خاصة، جاءت بعد عام تقريبا إلا 6 أسابيع من الظهور العلني الأخير لأيمن الظواهري في مقطع مصور. وارتبط الظهور الأخير العلني للظواهري بالذكرى العشرين لهجمات 11 أيلول/سبتمبر، فيما بدا أنه محاولة لدحض الشائعات حول وفاته بعد إطلالته بملابس بيضاء ولحية كثيفة. – الدكتور أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس دولة الإمارات، علق بدوره على إعلان مقتل الظواهري عبر تغريدة له على موقع "تويتر". قرقاش أكد أن إعلان مقتل زعيم القاعدة بالتزامن مع ذكرى غزو الكويت فرصة للمنطقة للتأمل في عبثية التطرف والإرهاب، والمغامرات العسكرية المتهورة.