"الجمعية" تحمّل السلطات مسؤولية تدهور صحة معطلين مضربين عن الطعام في تادلة وتطالب بفتح الحوار معهما    حصانة مهددة واستقلالية في دائرة الخطر.. محام يفسّر أسباب رفض قانون المهنة الجديد    قناة "الحوار التونسية" تعتذر للمغاربة    السلطات الأمريكية تحقق في صعوبة فتح أبواب سيارات تيسلا    14 دولة تندد بإقرار إسرائيل إنشاء مستوطنات في الضفة الغربية المحتلة    الجزائر تُقرّ قانوناً يجرّم الاستعمار الفرنسي ويطالب باعتذار وتعويضات.. وباريس تندد وتصف الخطوة ب«العدائية»    2025 عام دامٍ للصحافة: غزة تسجل أعلى حصيلة مع 43% من الصحفيين القتلى حول العالم    وزارة العدل الأمريكية تحصل على مليون وثيقة يُحتمل ارتباطها بقضية إبستين    لوس أنجليس تحت الطوارئ .. أمطار غزيرة تهدد بفيضانات خطيرة    إحراق سيارة تحمل لافتة لمناسبة عيد حانوكا اليهودي في ملبورن الأسترالية    كأس إفريقيا.. المغرب يواجه مالي وعينه على التأهل المبكر لدور الثمن    شدّ عضلي لا أكثر.. الركراكي يطمئن الجماهير على سلامة رومان سايس    الركراكي: "إصابة أكرد مجرد إشاعة"    قناة "الحوار" التونسية تعتذر للمغاربة بسبب تقرير مثير للجدل حول تنظيم "الكان"    لأجل هذا خلقت الرياضة يا عالم    تسجيل هزة أرضية بقوة 4.1 درجة بإقليم مكناس        أنفوغرافيك | حصيلة 2025.. الجرائم المالية والاقتصادية وغسيل الأموال    سلا .. تواصل الجهود لتصريف مياه التساقطات المطرية    إطلاق خط سككي جديد فائق السرعة يربط مدينتين تاريخيتين في الصين    حادثة سير مروعة تودي بحياة أب وابنته ضواحي برشيد        الصين تكتشف حقلا نفطيا جديدا في بحر بوهاي    فيدرالية اليسار الديمقراطي تحذر من حالة الشلّل الذي تعيشه جماعة المحمدية    معارض إفريقية متنوعة للصناعة التقليدية بأكادير ضمن فعاليات كأس إفريقيا للأمم 2025    بالإجماع.. المستشارين يصادق على مشروع قانون إعادة تنظيم مجلس الصحافة        أجواء ممطرة وباردة في توقعات اليوم الخميس بالمغرب        "كان المغرب".. المنتخب الجزائري يقسو على السودان    المعارضة تنسحب والأغلبية الحكومية تمرر "قانون مجلس الصحافة المشؤوم"    "مهزلة تشريعية".. صحافيون يتفضون ضد "القانون المشؤوم"    ريمونتادا مثيرة تقود بوركينا فاسو للفوز على غينيا الاستوائية    نشرة إنذارية: أمطار وثلوج وطقس بارد من الأربعاء إلى السبت    بالملايين.. لائحة الأفلام المغربية المستفيدة من الدعم الحكومي    ندوة علمية بكلية الآداب بن مسيك تناقش فقه السيرة النبوية ورهانات الواقع المعاصر    كيف يمكنني تسلية طفلي في الإجازة بدون أعباء مالية إضافية؟    ماذا يحدث للجسم بعد التوقف عن حقن إنقاص الوزن؟    ملتقى العيون للصحافة يعالج دور الإعلام في الدفاع عن الصحراء المغربية    ارتفاع مخزون سد عبد الكريم الخطابي بإقليم الحسيمة بعد التساقطات المطرية الأخيرة    ‬ال»كان‮«: ‬السياسة والاستيتيقا والمجتمع‮    أمطار وثلوج تنعش منطقة الريف وتبعث آمال موسم فلاحي واعد بعد سنوات من الجفاف    "ريدوان": أحمل المغرب في قلبي أينما حللت وارتحلت    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر        توفيق الحماني: بين الفن والفلسفة... تحقيق في تجربة مؤثرة    نص: عصافير محتجزة    أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة الأزهر المصريّة    رباط النغم بين موسكو والرباط.. أكثر من 5 قارات تعزف على وتر واحد ختام يليق بمدينة تتنفس فنا    المغرب في المرتبة الثامنة إفريقيا ضمن فئة "الازدهار المنخفض"    رهبة الكون تسحق غرور البشر    الذهب يسجل مستوى قياسيا جديدا متجاوزا 4500 دولار للأونصة    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها        الولايات المتحدة توافق على أول نسخة أقراص من علاج رائج لإنقاص الوزن    دراسة: ضوء النهار الطبيعي يساعد في ضبط مستويات الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري    دراسة صينية: تناول الجبن والقشدة يقلل من خطر الإصابة بالخرف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



البام.. وخطاب الدكتاتور
نشر في العلم يوم 21 - 01 - 2011

ذكرتني عنتريات آخر من « قطر به السقف « في مجلس المستشارين المدعو حكيم ، والذي يصر على تمثيل مناطق من هذا الوطن تحت قبة البرلمان.. مثل تيداس وأيت يشو وبوقشمير وولجة السلطان وجمعة حودران، رغم أنه لم يسبق أن عرف موقعها على الخريطة .. بحكمة الشعراء وقدرتهم على استشراف أمور وقضايا ربما لا تتحقق سوى بعد أن يُغيبهم الموت، وهنا لا بد أن نشير مثلا إلى الشاعر التونسي الكبير الراحل أبي القاسم الشابي صاحب القصيدة الشهيرة «إرادة الحياة « التي يقول مطلعها ..إذا الشعب يوما أراد الحياة، فلابد أن يستجيب القدر.. ولابد لليل أن ينجلي، ولابد للقيد أن ينكسر، وقد استجاب القدر للشعب التونسي يوم 14 يناير الجاري.. قلت ذكرني المدعو حكيم بقدرة الشعراء على رسم صورة بعض الوقائع ربما بشكل أكثر عمقا وأكثر دقة مما تجود به كتابات السياسيين والصحفيين والمحللين في قضايا جارية ، ربما تعتبر حركيتها عائقا منهجيا في سبيل القدرة على تفكيكها والقبض على تفاصيلها وهي مهمة تبقى للمؤرخين اللذين يقبلون الاشتغال على الوجبات الباردة ..في هذه الأيام التي يعيش فيها الشارع العربي على وقع ثورة الشعب التونسي ضد منظومة الحزب السلطوي / دولة الحزب وحزب الدولة ، عُدت لبعض القصائد الرائعة للراحل محمود درويش الذي نفتقده في مثل هذه الأيام الرثة ..أعدت قراءة قصيدته الرائعة « خطاب الدكتاتور العربي « ، وجدت مقاطع من هذه القصيدة تنطبق جملة على حزب الأصالة والمعاصرة وعلى عناصره ممن اختارهم مؤسسه و دُفعت للواجهة في ما يشبه عمل «الحَيَاحَة»، يقول محمود درويش:
«سأختار شعبا من الأذكياء... الودودين
فمن كان منك بلا علة ..فهو حارس كلبي،
ومن كان منكم طبيبا ..أعينه سائسا لحصاني الجديد
من كان منكم أديبا .. أعينه حاملا لاتجاه النشيد
و من كان منكم حكيمًا ..أعينه مستشارا لصك النقود.
ومن كان منكم وسيمًا ..أعينه حاجبا للفضائح
ومن كان منكم قويًا ..أعينه نائبا للمدائح
ومن كان منكم بلا ذهب أو مواهب فلينصرف»
الطبيب والأديب والحكيم والوسيم والقوي وأصحاب الذهب والمواهب ، هذه هي تركيبة شعب الدكتاتور في نص محمود درويش، وأترك للقراء الكرام متعة وضع ما يقابلهم في حزب الأصالة والمعاصرة ...
حزب حكيم أزعجه ما تداولته الصحف من تصريحات للأستاذ عباس الفاسي بصفته أمينا عاما لحزب الاستقلال ضمن أشغال اللجنة المركزية ، والتي ناقشت عدة قضايا جوهرية تهم بلادنا سواء مستجدات قضية الوحدة الترابية أو مستجدات المساس المتكرر بالقيم الديمقراطية، التي تشكل العملة الصعبة والمكسب الكبير لبلادنا اتجاه العالم، وانتقد الميوعة التي تعرفها السياسة في الغرفة الثانية من قبل البعض ...حكيم لا يستطيع أن يميز بين المواقف السياسية لحزب سياسي وبين موقع هذا الحزب على مستوى الدولة ، هذه الواقعة تكشف عن عقلية حزب الأصالة والمعاصرة الذي لا يستطيع التمييز بين الحزب والدولة، حيث يصبح الحزب هو الدولة والدولة هي الحزب، بل يمكن القول أن مثل هذه العقلية لا تتواضع بقبول صفة حزب الدولة وتصر على لقب دولة الحزب ...هنا يمكن أن نعود قليلا إلى الوراء لنعيد تركيب صورة الوافد الجديد أو الفيروس الجديد، فحركة كل الديمقراطيين ضمت عددا كبيرا من مسئولي الدولة وخاصة الذين يوجدون في مواقع المسؤولية على رأس مؤسسات عمومية ضخمة لا يضعون الخيط في الإبرة إلا إذا وصلتهم الإشارة إياها ، هكذا أصبحنا عمليا أمام حزب الدولة في انتظار تحوله إلى دولة الحزب .. هذه الأخيرة هي من أشعلت ثورة الشعب التونسي وهي من يخنق أرواح عدد من الشعوب العربية والإسلامية، وهي من ساهمت معنويا وعمليا في أحداث العيون التي أعادت المغرب 34 سنة إلى الوراء فيما يخص قضية الصحراء المغربية ، حزب البام منذ أن سرق أحزابا ومؤسسات ورحل نوابا ضدا على القانون ودخل من النافذة للحياة الحزبية، والكوارث تضرب هذا البلد، آخرها أحداث العيون وأحداث الحسيمة، وكلها كانت بؤر توتر تم التغلب عليها في حينها، لكنها تركت ندوبا غائرة سيأتي وقت للمحاسبة عنها ...حكيم حزبه «بغا يكحلها أعماها»، حيث بدا يوم الثلاثاء الماضي شديد الارتباك بصفته مكلفا بمهمة داخل مجلس المستشارين، وكانت جلسة الثلاثاء فرصة لافتضاح طريقة تدبير الإحاطات في مجلس المستشارين، حيث يتم الحرص على ترك إحاطة الأصالة والمعاصرة دائما هي الأخيرة وذلك لكي يقوم حكيم آخر زمان ب» الممحاة/الكومة « لما سيأتي قبله والتشويش عليه خاصة إذا كانت هناك إحاطة للفريق الاستقلالي..رئيس الجلسة حاول «الالتزام» بعرف تمكين البام من تناول الكلمة كآخر إحاطة كما جرت العادة، لولا يقظة الفريق الاستقلالي الذي تشبث بتطبيق القانون، الذي يقول ببساطة أن الفريق الاستقلالي هو آخر من له الحق في التدخل في إطار الإحاطة باعتباره آخر من وضع طلب الإحاطة بوصل مختوم من إدارة المجلس، فهل هناك ميوعة أكثر من هذه ؟ هل هناك ميوعة أكثر من أن تتحول مؤسسة دستورية محترمة إلى موقع لتسمين العزوف من خلال إطلاق التفاهات والأباطيل كل أسبوع بلغة ساقطة تقترب من لغة الحانات الرخيصة؟ هل هناك ميوعة أكثر من استعمال الإحاطة التي لا وجود لمثلها في أي برلمان ديمقراطي، لممارسة معارضة بدائية تعيش على منطق الصوت الواحد والزعيم الواحد والرأي الوحيد وتخشى الحوار؟ هل هناك ميوعة أكثر من أن يقول البعض ما يريد مباشرة على الهواء لمدة ثلاثة دقائق، دون أن يكون للحكومة حق الجواب أو الإطلاع القبلي على نص الإحاطة ؟ هل هذا حوار أم منولوغ أم «تشيارسياسي» أي مس من الجن؟ أم باختصار فرصة للبوح ومصحة لأصحاب العقد النفسية ؟
عباس الفاسي أزعج العض عندما قال بروح النكتة الممزوج بالمرارة أن الفاسدين في جميع بلدان العالم عادة ما يلجؤون للأحزاب الحاكمة لحمايتهم ،باستثناء المغرب حيث يلتحقون بالمعارضة ؟ عباس الفاسي أزعج البعض عندما حذر مما يتهدد الديمقراطية في بلادنا وممن يروجون لليأس، وجزم بأن من يستطيع مواجهة هذا الواقع هي الأحزاب التي تملك استقلالية القرار ..فمن يُزعجه أن تكون للأحزاب استقلالية القرار؟ ومن يُتاجر باليأس ويخاف من كساد تجارته ؟... دعونا نتكلم بصراحة أكثر وأن نوسع «القشابة» لنثير قضايا يتداولها الناس في المقاهي والبيوت والصالونات تماما كما يتم تداول عملة فاسدة ..فالبعض ومنذ مدة طويلة وهو يستعمل صفة صديق الملك وبعد ذلك ظهرت عبارة صديق صديق الملك نخشى صراحة أن نستيقظ غدا على صفة صديق صديق صديق الملك وبعد غد على صديق صديق صديق صديق الملك، وهكذا بشكل يسيء للمؤسسة الملكية التي يضعها المغاربة فوق كل لغط أو صراع سياسي وحزبي ولم يتجرأ أحد أن يضعها في موقع المزايدات والإستقواء الحزبي باللجوء المخدوم لبعض التسريبات في صحافة المجاري الخاصة جدا ، وتوزيع صور من الألبوم الشخصي تجوب الصفحات الأولى للصحافة إياها بشكل دوري، وكأن البعض يخشى أن يراه الناس وحيدا بلا إشارات وإحاءات الصور...، وليس أمثال حكيم من يمكنهم أن يقدموا الدروس في الوطنية والدفاع عن المؤسسات الدستورية التي كان هو وأمثاله يرفضونها ويُتفهونها ويخونونها وينظرون للانقلاب عليها ويصورونها على أنها طليعة الفساد ويجب قطع دابرها، ليس من حق من تُصنع لهم المقاعد في الخفاء أن يمتد صوتهم لإعطاء دروس في النزاهة للآخرين في العلن...وليعلم اللذين ظلوا وانحرفوا وتآمروا على الانتقال الديمقراطي ببلادنا، أن الشعب المغربي وقواه الحية يملكون ذاكرة قوية وإرادة أقوى لحماية مكتسباته في إطار القانون بإلتصاق يومي مع جماهير الكادحين اللذين يحتضنون حزب الاستقلال وباقي الأحزاب الوطنية الديمقراطية المستقلة على مدى سنين طويلة ... ليس من حق تركيبة «حزبية» هجينة تجمع صلاح الوديع وعالي الهمة والطاهر شاكر وعلي بلحاج وخديجة الرويسي وميلودة حازب وبيد الله وزهراش .. أن تتصور في يوم من أيام الله هاته والأيام القادمة، أنه بإمكانها أن تخيف وأن تُعطي الدروس للآخرين أو أن تتوهم أن المغرب هو تونس أو سوريا أو الجزائر أو العراق أو ماشئتم من بلدان الحزب الوحيد ...رسالة أخرى لمن يهمهم الأمر، وبكل وضوح إن بلادنا ليست على استعداد لكي تعيد المساجلات التي أضاعتها في زمن مضى عندما انشغلنا كأحزاب وطنية ديمقراطية لفترة بأوفقير وكديرة والدليمي وإدريس البصري، فاليوم علينا بكل صراحة وصدق أن نجيب على سؤال واضح ومختصر..ماذا نريد للمغرب ؟
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.