قال مكتب المدعي العام في محكمة الجنايات الدولية إنه سيفتح تحقيقاً بشأن ما وصفه بالجرائم الخطيرة التي ارتكبت في مدينة الفاشر بشمال دارفور. وقال في بيان إن الجرائم التي ارتكبت في مدينة الفاشر، حال ثبوتها، ستشكل جرائم حرب، مشيراً إلى أنه سيتخذ خطوات فعلية بشأن حفظ الأدلة على الجرائم المزعومة. واتُهمت قوات الدعم السريع التي سيطرت على المدينة مؤخراً بارتكاب انتهاكات واسعة شملت القتل على الهوية والاغتصاب والسلب والنهب. ونفت القوات شبه العسكرية التهم المُوجهة إليها ، لكنها أقرت بحدوث ما وصفته بالتجاوزات من بعض مقاتليها. * "ضربوا من قاوم وسرقوه وأعدموا البعض. شاهدتُ جثثاً ملقاة في الشوارع" - شهادات فارّين من الفاشر * "الدعم السريع أطلقوا النار على أولادي أمام عينيّ"، بي بي سي تستمع إلى شهادات مروّعة من الفارين من الفاشر وظلت المحكمة الجنائية الدولية منخرطة في تحقيقات في إقليم دارفور منذ أكثر من عقدين في أعقاب قرار من مجلس الأمن الدولي. وقد دانت المحكمة، خلال الشهر الماضي، أحد قادة القوات وهو علي عبد الرحمن الشهير بكوشيب بارتكاب جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية في الإقليم عام 2003. كما طالبت السلطات السودانية بتسليم الرئيس المعزول عمر البشير وعدد من معاونيه بعد اتهامهم بارتكاب جرائم حرب وإبادة جماعية. BBCخريطة تظهر مناطق سيطرة القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع شبه العسكرية. في هذه الاثناء، أكد مراسل بي بي سي في السودان، محمد عثمان، أن عدد النازحين الفارين من مدينة الفاشر إلى منطقة طويلة بلغ نحو 60 ألف شخص، معظمهم من النساء والأطفال، وفقاً لإحصاءات المنظمات الإنسانية المعنية. وأشارت مفوضية العون الإنساني في مدينة الدبة بشمال السودان إلى وصول أكثر من ألف أسرة إلى المدينة قادمة من الفاشر، موضحة أن هناك ترتيبات لاستقبال المزيد من النازحين وتقديم الخدمات العاجلة لهم. * ماذا نعرف عن الفاشر التي أعلن "الدعم السريع" السيطرة على آخر مقر للجيش فيها؟ في المقابل، كشفت منظمة أطباء بلا حدود أن عناصر من قوات الدعم السريع احتجزوا الآلاف من سكان مدينة الفاشر بغرض الحصول على فدية مالية، مشيرة إلى أن المحتجزين يعيشون في أوضاع قاسية بسبب نقص الغذاء وتعرضهم لانتهاكات من قبل تلك القوات. وكانت قوات الدعم السريع قد انتزعت السيطرة على مدينة الفاشر من قبضة الجيش السوداني في الشهر الماضي بعد حصار طويل. وكانت حكومة تأسيس (تحالف السودان التأسيسي) الموالية للدعم السريع، قالت إنها أوصلت مواداً غذائية لمدينة الفاشر وقدمتها للسكان. وأضافت أنّ أبواب المدينة مفتوحة للمنظمات الدولية لإيصال المساعدات الإنسانية، وذلك بعد التنسيق معها. وقد اتُهمت قوات الدعم السريع بارتكاب جرائم قتل جماعي واغتصاب. Getty Imagesسكان محليون في مظاهرة بأم درمان في 31 أكتوبر/تشرين الأول 2025، احتجاجاً على ما ذُكر عن انتهاكات ارتكبتها قوات الدعم السريع في الفاشر، غرب السودان. من جهتها، أفادت وكالة الهجرة التابعة للأمم المتحدة بأن عشرات الآلاف من المدنيين حاولوا الفرار من مدينة الفاشر في السودان، بعد أن سيطرت عليها قوات الدعم السريع شبه العسكرية من الجيش السوداني قبل أكثر من أسبوع. وكانت مدينة الفاشر آخر منطقة رئيسية لا تزال تحت سيطرة الجيش السوداني في إقليم دارفور. وأفاد شهود عيان بأن عددًا من السكان قُتلوا على يد قوات الدعم السريع، بينما أُسر آخرون — وخصوصًا الشباب المشتبه في انتمائهم إلى الجيش السوداني — وتعرضوا لسوء المعاملة. * ماذا بعد الفاشر؟ نزوح من بارا وحقائب تحزم في الأُبيّض ويواجه الفارّون من المدينة رحلة محفوفة بالمخاطر وخطر التعرض لهجمات من قبل الميليشيات، في وقت يعانون فيه أصلًا من الجوع والعطش بعد حصار دام 18 شهرًا. ويحاول كثيرون الوصول إلى مدينة طويلة، التي تبعد نحو سبعين كيلومترًا عن الفاشر، حيث تقدم وكالات الإغاثة المساعدة. تصعيد جديد في غرب كردفان Getty Imagesسيدة نازحة تستريح في مدينة طويلة، في منطقة دارفور غربي السودان، يوم 28 أكتوبر/تشرين الأول 2025 أشار سالم سليمان الصافي، المتحدث باسم غرفة طوارئ دار حمر لبي بي سي، إلى حصول تصعيد جديد للعنف في ولاية غرب كردفان، حيث أسفرت غارة جوية نُسبت لطائرات مُسيّرة تابعة للجيش السوداني على سوق بمدينة النهود، عن مقتل مدنيين اثنين على الأقل وإصابة آخرين، وفقاً لمصادر محلية. كما وُجهت اتهامات لقوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات عقب القصف، وسط مخاوف من تدهور الوضع الإنساني في المدينة الواقعة غرب ولاية كردفان. وقال الصافي لبي بي سي، إنّ الحياة في المدينة الآن "معدومة تماماً، ونزح منها غالبية السكان". وتحدث عن عدم وجود مياه صالحة للشرب، وأنّ السكان المتواجدين في المدينة يشربون من مياه ملوثة تماماً. كما أشار الى عمليات "قتل ونهب للمنازل وصلت الى حد نهب الأثاث والأبواب والشبابيك". وأكد أن العمليات هذه بدأت بالتوسع الى المناطق المجاورة للنهود وأنّ الوضع "كارثي". وكانت مصادر رفيعة من الجيش السوداني نفت لبي بي سي الأحد، صحة الأنباء الواردة بشأن موافقة الجيش السوداني وقوات الدعم السريع على هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر. وقالت المصادر إن الجيش تلقى من الوسطاء بالفعل مسودّة لاتفاق يقضي ببدء هدنة إنسانية لمدة ثلاثة أشهر، وإنه لم تتم الموافقة عليه حتى هذه اللحظة. وكان مستشار الرئيس الأمريكي للشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مسعد بولص، قد أكد خلال تصريحات صحفية أن التفاوض ما زال مستمراً بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع حول مقترح الهدنة، مبيناً أن المفاوضات وصلت إلى مراحل متقدمة دون الكشف عن المزيد من التفاصيل. يشهد السودان منذ أبريل/نيسان 2023 صراعاً مسلحاً بين قوات الجيش السوداني بقيادة رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع بقيادة محمد حمدان دقلو المعروف ب"حميدتي". وبحسب الأممالمتحدة فقد أفضى النزاع في السودان إلى أكبر أزمة إنسانية في العالم، إذ يواجه نحو 25 مليون شخص انعداماً حاداً في الأمن الغذائي وسط تزايد خطر المجاعة، فيما يفتقر 19 مليون شخص إلى المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي، مع استمرار تفشي وباء الكوليرا. * "ضربوا من قاوم وسرقوه وأعدموا البعض. شاهدتُ جثثاً ملقاة في الشوارع" - شهادات فارّين من الفاشر * صور أقمار اصطناعية تظهر أجساماً يُرجح أنها تعود لجثث بشرية في الفاشر | بي بي سي تقصي الحقائق