في تطور يبرز تغيرًا تدريجيًا في نظرة المجتمع الدولي لحركة "البوليساريو"، طالبت "الجمعية الكنارية لضحايا الإرهاب" (ACAVITE) السلطات الأمريكية رسميًا بإدراج الجبهة الانفصالية ضمن قائمة التنظيمات الإرهابية، وهو المطلب نفسه الذي سبق أن عبّر عنه النائب الأمريكي البارز، جو ويلسون، أمام الكونغرس. وتأتي هذه الدعوة في ظل تزايد الأدلة والوثائق التي تربط "البوليساريو" بأنشطة وصفتها منظمات دولية بأنها تحمل طابعًا إرهابيًا، لا سيما في منطقة الساحل والصحراء، التي تحولت في السنوات الأخيرة إلى بؤرة ساخنة لتقاطع الجماعات المسلحة والأنشطة غير الشرعية. الجمعية الكنارية ACAVITE، والتي تمثل عائلات الضحايا الإسبان الذين سقطوا في هجمات وعمليات خطف خلال سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي، حمّلت "البوليساريو" مسؤولية مباشرة عن عدد من هذه العمليات، معتبرة أن الوقت قد حان لردّ الاعتبار للضحايا والاعتراف بالحقائق المؤلمة التي عاشها أرخبيل الكناري نتيجة هذه الأفعال. وفي بيان رسمي، طالبت الجمعية إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن باتخاذ موقف واضح وحازم إزاء ما وصفته ب"الازدواجية في التعامل مع التهديدات الإرهابية"، مشيرة إلى أن التغاضي عن أنشطة "البوليساريو" يعزز مناخ الإفلات من العقاب ويشجع على استمرار زعزعة الاستقرار في المنطقة. مطلب ACAVITE جاء بعد أسابيع من تدخل النائب الجمهوري جو ويلسون، عضو لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب الأمريكي، الذي حذّر من التهديدات الأمنية التي يشكلها تواجد "البوليساريو" في مناطق قريبة من معاقل التنظيمات المتطرفة في الساحل. وأشار ويلسون إلى "وجود تقارير استخباراتية" تؤكد تواصلًا وتنسيقًا بين عناصر من الجبهة الانفصالية وجماعات إرهابية تنشط في مالي والنيجر والجزائر. ودعا النائب الأمريكي إلى إدراج الجبهة ضمن قائمة وزارة الخارجية الأمريكية للمنظمات الإرهابية الأجنبية (FTO)، مؤكدًا أن هذا التصنيف سيساهم في تجفيف منابع التمويل والدعم الذي تستفيد منه "البوليساريو"، سواء من أطراف رسمية أو شبكات غير مشروعة تنشط في التهريب والبشر والسلاح. التقارير الأمنية الصادرة عن عدة مراكز أبحاث أوروبية متخصصة في شؤون الإرهاب، من بينها "المعهد الملكي الإسباني للدراسات الدولية"، أشارت في السنوات الأخيرة إلى تحول مخيمات تندوف، التي تسيطر عليها البوليساريو بدعم جزائري، إلى حاضنة محتملة للتطرف. وتقول هذه الدراسات إن غياب الرقابة الدولية وانعدام الشفافية في إدارة المساعدات الإنسانية هناك، جعلا من هذه المخيمات بيئة خصبة لتجنيد الشباب من طرف جماعات إرهابية عابرة للحدود. يأتي هذا الحراك السياسي في ظل تغير موازين القوى الإقليمية، خاصة بعد الاعتراف الأمريكي بمغربية الصحراء في ديسمبر 2020، والذي أطلق سلسلة من التغييرات في مواقف عدد من الدول المؤثرة. كما أن تعاظم الشراكة الأمنية بين المغرب والولايات المتحدة، وتوسيع التعاون الاستخباراتي والعسكري بين الرباط وواشنطن، جعلا من المغرب شريكًا محوريًا في الحرب الدولية على الإرهاب، ما يضع "البوليساريو" في موقع ضبابي مثير للتساؤلات. المطالبات المتزايدة بتصنيف "البوليساريو" كمنظمة إرهابية قد تفتح الباب أمام مراجعة جذرية للتعامل الدولي مع هذه الجبهة، خاصة في ظل التحديات الأمنية المتصاعدة التي تهدد استقرار شمال إفريقيا والساحل. وفي حال استجابت الإدارة الأمريكية لهذا الطلب، سيكون لذلك أثر استراتيجي عميق، ليس فقط على مستقبل الجبهة، بل أيضًا على طبيعة الاصطفافات الجيوسياسية في المنطقة.