ارتفاع حصيلة العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و183 شهيدا منذ بدء الحرب    الأمل يفرّط في نقطتين ثمينتين أمام المنصورية    محكمة الاستئناف تشدد عقوبة الطاوجني من سنتين حبسا إلى أربع    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الثلاثاء    ارتفاع أسعار النفط في ظل ترقب صدور بيانات عن المخزونات الأمريكية    صديقي يشدد على ضرورة العمل لمواجهة أزمة المناخ التي تهدد الفلاحة الإفريقية    مفاجآت بالجملة تقرب "الكوديم" من اللقب وتنعش آمال أولمبيك خريبكة في العودة إلى دوري الأضواء    الكونفدرالية الديمقراطية للشغل تراسل والي جهة بني ملال وتطالب بتشغيل "الممرضين المتعاقدين" وانصافهم    توقعات أحوال الطقس اليوم الثلاثاء        عضوات وأعضاء اللجان الثنائية المنتمون ل"FNE" يرفُضون التوقيع على أي محضر يتضمن عقوبة ضد الموقوفين    كوريا الشمالية تطلق عدة صواريخ باليستية قصيرة المدى باتجاه البحر الشرقي    الإدراة الامريكية كرسات إعترافها بمغربية الصحرا فتقرير حالة حقوق الإنسان فالعالم لسنة 2023        القميص ‬البرتقالي ‬يمرغ ‬كبرياء ‬نظام ‬القوة ‬الضاربة ‬في ‬التراب‬    الاتحاد المصري يستدعي المغربي الشيبي    سباق النصر النسوي يطفىء شمعته ال 14 يوم الأحد المقبل وسط أجواء رياضية واحتفالية    بعد قضية نهضة بركان.. الإتحاد الدولي يصادق رسميا على خريطة المغرب    المعرض الدولي للفلاحة بالمغرب، أكثر المعارض الفلاحية "المرموقة" في شمال إفريقيا (وزارة إسبانية)    القرض الفلاحي والوكالة الفرنسية للتنمية يعززان شراكتهما في الاستثمار والابتكار    سلسلة زلازل تضرب تايوان أشدّها بقوة 6,3 درجات    توقيف شخص متورط في القتل العمد وحرق جثة الضحية بفاس    اللي غادي لفرانسا لخميس وماشي لشي غراض مهم يؤجل رحلتو الجوية حتى الجمعة وها علاش    فرنسي يبصق على مؤثرة مغربية محجبة قرب برج إيفل (فيديو)    اتفاق "مغاربي" على مكافحة مخاطر الهجرة غير النظامية يستثني المغرب وموريتانيا!    اعترافات مقاول تسائل مبديع عن أشغال تهيئة غير منجزة في الفقيه بنصالح    شبهة التجسس توقف شخصا بالبرلمان الأوروبي    كندا.. حرائق الغابات تجتاح عددا من المقاطعات في غرب البلاد    الصين: مصرع 4 أشخاص اثر انهيار مسكن شرق البلد    تصنيف "سكاي تراكس" 2024 ديال مطارات العالم.. و تقول مطار مغربي واحد ف الطوب 100    دورة تكوينية بتطوان لفائدة المفتشين التربويين بجهة الشمال    الموت يفجع طليق دنيا بطمة    بنما.. الاستثمار الأجنبي المباشر يتراجع بأزيد من 30 بالمائة منذ بداية العام    ماذا نعرف عن كتيبة "نيتسح يهودا" العسكرية الإسرائيلية المُهددة بعقوبات أمريكية؟    بطولة إيطاليا-كرة القدم.. "إنتر ميلان" يتوج بلقبه ال20    ادعاء نيويورك كيتهم ترامب بإفساد الانتخابات ديال 2016    ثمة خلل ما.. المعرض المغاربي للكتاب يحتفي بالأديبة الناظورية آمنة برواضي    هل يمكن لفيزياء الكم أن تقضي على الشيخوخة وأمراض السرطان؟        سعد لمجرد يكشف تفاصيل لقائه بجورج وسوف    أسامة العزوزي يسجل في مرمى روما    الحسيمة.. حفل ثقافي لإبراز التفاعل الوجداني بين الموسيقى والشعر    فرنسا تشيد بأداء الشرطة المغربية .. تصور واقعي وخبرة في مكافحة الجريمة    "النواب" يستكمل هيكلته والتوافق يحسم انتخاب رؤساء اللجن الدائمة    الأمثال العامية بتطوان... (579)    تقوى الآباء تأمين على الأبناء    وفاة الشيخ اليمني عبد المجيد الزنداني عن 82 عاما    كيف أشرح اللاهوت لابني ؟    مشاركة متميزة للسينما المغربية في مهرجان موسكو    نصف المواليد الجدد يعانون من فقر الدم والمولدات يقمن بأدوار محورية في حماية صحة الأم والطفل    إصابة فنان فرنسي شهير بطلق ناري في الصدر    يوتيوب "يعاقب" سعد لمجرد بسبب متابعته في قضية "الاغتصاب"    السعودية تعلن شروط أداء مناسك الحج لهذا العام    الأسبوع الوطني للتلقيح من 22 إلى 26 أبريل الجاري    المغرب.. الأسبوع الوطني لتلقيح الأطفال من 22 إلى 26 أبريل الجاري    دراسة تكشف فوائد نظام غذائي متوازن للحفاظ على صحة الجسم    الأمثال العامية بتطوان... (577)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد عنيبة الحمري من هجاء الحب، إلى مديح الشعر
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 21 - 03 - 2014

يلخّص لنا الشاعر محمد عنيبة الحمري، مسار تجربته الشعرية الحافلة الطائلة، ويضعُ لنا علاماتِ وصُوى طريقها، من خلال النص التركيبي التالي/
وأنتَ تعاني الكتابة..
كلُّ رصيدك شعرٌ.. يسمّي البياض،
ويَكْسر هذا الأوان.. يحنّ إلى رعشات المكان..
بداء الأحبَّة والشوق المبحر،
مرثيةً للمصلوبين..
والحب مهزلة للقرون..
لتكتيك الآن كلُّ المحن..]
وغني عن البيان، أن جماع هذه العلامات اللغوية الشعرية، هي عناوين رامحة لأعماله الشعرية التي توالت مواسمُها منذ عشية الستينيات من القرن الفارط إلى الآن، ما أخلف موعداً ولانكث مع الشعر عهداً.
بل ظلَّ على الدوام، شمعة تحترق لتضيء وتُدْفىء.
وما إن يُذكر اسمُ محمد عنيبة الحمري، حتى تفدَ إلى الذاكرة على التوّ، لغة شعرية أنيقة ورشيقة، جزلة وسلسة، سهلة ومُمتنعة، مُضَمَّخة بعبَق التراث ومغموسة بماء الحداثة، محلّقة في أجواء المجاز والاستعارة، ومغروسة في حَمَأ الواقع المسنون.
هو شاعر سبعيني عريق، يقف في الرَّعيل الأول من الشُّعَراء السبعينيين البواسل، الذين تحنَّكوا بين مطرقة وسندان وطلعوا مع لظى سنوات الجمر والرصاص، وانخرطوا بشعرهم في المَعْمَعان..
ولذلك نظر الشاعر هُزُؤاً وسخرية، في طور يفَاعته، إلى شعر الحب الناعم. فكان ديوانُه الأول (الحبّ مهزلة القرون) صكَّ إدانة للحب. وكان، في نظري، أول شاعر عربي يشذّ عن القاعدة ويندّ عن السِّرب، وينزل بالحب من عَلْيائه ليمرِّغه في تراب الواقع..
لقد كان الشعر، أيامئذ، شاعراً أُممياً يرهف سمعه وشعره لآلام وآمال الكادحين والبسطاء والمعذبين في الأرض، ويحلم مع الرّفاق بالتغيير... وما يفتأ إلى الآن، يرهف سمعه وشعره لوجيب تاريخه ووطنه، سونةً مع وجيب ذاته وشَجَنه.
ورغم تجهمه للحب في (الحب مهزلة القرون)، في تلك السنوات الساخنات من القرن الماضي، والمناسبة شرط كما يقال وكل إناء ناضح بما فيه، فقد ظل الحب ساكنا في شغاف الشاعر، نابضا في دخيلاء شعره و سائلا على شفاه حروفه، ويكفي أن كلمة الحب تتوج أول ديوان للشاعر، ولو بدلالة السلب.
وفي (الحب مهزلة القرون) ذاته، ترف علينا نسائم حب عذبة، شجية ورومانسية، نقرأ في نص (انتظار).
قيثارتي أبدا معي وقعت لحني للمياه
أنغامه شكوى حزين والغروب صدى هواه
عيناك والوجه الحزين و رعشة بين الشفاه والوقفة الحيرى نبادل بعضنا آه بآه، الشوق يقتلني و عيناها وشيء لا نراه.
البحر يعرفني وكم أحكيه ما بي من رغاب
أصفي إلى الأمواج تزفر ثم تفنى في العباب.
وسيبقى هذا الشوق ملازما للشاعر وساكنا في أطوائه، على امتداد رحلته.سيبقى الشوق للإبحار، قدره ومصيره، إنه شاعر سندباد في سفر مستمر، في الذات والوجود والشعر، لكنه بلا زفة أو جلبة، كصنوه وقرينه السياب، وللشاعر، بالمناسبة، صلات قرنبى روحية مع أصلاء الشعراء، على امتداد رحلته الشعرية الطويلة، الحفيلة، كان عنيبة باستمرار، سندبادا جوابا للآفاق، باحثا عن أمكنة و أزمة جديدة، ومحارا شعريا كلما غمرته المياه، يحتفي بالقمر.
وتعيش حياة البحر
بين مد وجزر
كالمحار
كلما غمرته المياه:
يحتفي بالقمر
فاتحا صدفه
وإذا انسحبت:
غلق الباب ثم استدار
ساحبا معطفه
باحثا عن مكان سواه
مطولة (كون عام(-انكسار الأوان) - ص37
ولا يبالي الشاعر بوعثاء الطريق،
طالما أن القافية، زاده وسنده، ملاذه ومعاذه.
هائما في خيالات عشق
لكي احتسي الهم حين أ ميل
وأقول لقافيتي
همنا أن نظل
لا نبالي، عذاب الطريق
مطولة كون خاص (انكسار الأوان
لقد تعمدت الإنصات قليلا إلى بوح
الشاعر، لأنه القصد والطلب
والناطق بلسان الحال
ص 59
ثمة نبرة أسى شفافة في شعر عنيبة
صقلتها وبرتها تحارب الأيام ونوائبها
التي تكاثرت روابعها
بما جعل الأفق ملبدا و الرؤية ريادية
وذاك جزء من حصاد الشاعر
في رحلته الشعرية الطويلة/
قد مضى زمن مذ تشربت شعر الأنين
فكيف السبيل إلى عالم الصحو
أنت الذي قد يخونك
كل الكلام إلى حضرته
تتودد مثل الشريد
وتتام على أمل المشتهى
فانتهى
كل ذاك الرصيد
والقصيد
يتبدد مثل الضباب
كون خاص (انكسار الاوان) ص 56
ونبرة الأسى هذه، تخالط كل شعر أصيل
لقد تعمدت الإنصات قليلا إلي بوح الشاعر
لأنه القصد والطلب. والناطق بلسان الحال
ومع توالي، الأيام والليالي، وتوالي
نائبات الدهر وصروفه في العقود الكالحة
الأخيرة، من المحيط إلى الخليج، ظل شعر
الشاعر ذهبا ابريزا، تزيده النار صقلا
ونضارا، وظل الشاعر وفيا للشعر،
رفيقا، وشقيقا للروح، وعزفا دائما على
الشفة واللسان. كما ظلت شارة وبشارة النصر
تعويذة دائمة لقافيته
نقرأ في خاتمة (انكسار الأوان)
مهموم أنسج من جسد الكلمات الخرساء
بشارات النصر
مسكون، أعبث بالألفاظ تمانعني
واسمي معركة: شعر
تلك، بحق هي المعركة الجميلة والنبيلة
والجليلة للشاعرمحمد عنيبة الحمري
وما يتبقى يؤسسه الشعراء، يقول قرنية هولدرلن


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.