سفير إسرائيل يمزق ميثاق الأمم المتحدة أمام الجمعية العمومية (فيديو)    القطاع السياحي يسجل رقما قياسيا بالمغرب    مزور تستقطب شركة عالمية رائدة للمغرب    اضطرابات في حركة سير القطارات ما بين 12 و26 ماي نتيجة أشغال تأهيل منشآت التشوير بين الدار البيضاء والقنيطرة    هكذا ساهمت دبلوماسية روسيا والصين في مقاومة "طالبان" للضغوط الغربية    143 دولة تدعم عضوية فلسطين بالأمم    حماس: إسرائيل تعيد الأمور للمربّع الأول    تصفيات كأس العالم لكرة القدم النسوية لأقل من 17 سنة .. المنتخب المغربي يفوز على نظيره الجزائري    "الطاس" ترفض الطلب الاستعجالي للاتحاد الجزائري لكرة القدم    منتخب "لبؤات الأطلس" يكتسح الجزائريات    رسميا.. مبابي يعلن الرحيل عن سان جرمان    خبراء يناقشون حكامة منظومات التربية    اعتراض 133 مرشحا للهجرة في طانطان    اللعبي: القضية الفلسطينية وراء تشكل وعيي الإنساني.. ولم أكن يوما ضحية    لحجمري ينصب 3 أعضاء جدد في الأكاديمية    المغرب يسجل 26 إصابة جديدة ب"كورونا"    بعد إحداثها لطفرة في إصدارات الAI وطنيا.. الأمانة العامة للحكومة تُناقش آخر إصدارات الدكتورة رومات حول الذكاء الإصطناعي    تفاصيل قاعدة عسكرية مغربية جديدة لإيواء الدرونات والصواريخ    سماء المملكة غائمة وطقس حار بهذه المناطق!    بالصور.. اعتقال خمسة أشخاص بتهمة تنظيم الهجرة غير الشرعية والعثور على زوارق وسيارات وأموال    مدرب الجيش مطلوب في جنوب إفريقيا    صدمة جمهور الرجاء قبل مواجهة حسنية أكادير    جديد موسم الحج.. تاكسيات طائرة لنقل الحجاج من المطارات إلى الفنادق    الشركات الفرنسية تضع يدها على كهرباء المغرب    دكار توضح حقيقة وجود مهاجرين سنغاليين عالقين بالصحراء المغربية    الشبيبة التجمعية بطنجة تلامس منجزات وتحديات الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة    بهدف تأهيله لاستقبال 4.4 ملايين مسافر .. هذه تفاصيل مشروع توسيع مطار طنجة    "طاس" ترفض الطلب الاستعجالي للاتحاد الجزائري لكرة القدم    هل تحتاج الجزائر إلى المغرب لتطوير اقتصادها؟    المغرب..بلد عريق لا يبالي بالاستفزازات الرخيصة    الدراسة الطبوغرافية لأنبوب الغاز بين المغرب ونيجيريا تترجم فلسفة إفريقيا للأفارقة    قرار أمريكي يستهدف صادرات المغرب    توقع تسجيل هبات رياح قوية نوعا ما فوق منطقة طنجة    الأمثال العامية بتطوان... (595)    ثنائية الكعبي تقود أولمبياكوس إلى نهائي "كونفرنس ليغ"    المغرب يعلن حزمة جديدة من مشاريع الترميم والإعمار في المدينة المقدسة    امرأة مسنة تضع حدا لحياتها شنقا بالجديدة    بعد أن أفرغت الحكومة 55 اجتماعا تنسيقيا ومحضر الاتفاق الموقع بين الوزارة والنقابات من محتواها    شفشاون على موعد مع النسخة الثانية من المهرجان الدولي لفن الطبخ المتوسطي    بتعليمات ملكية.. تنظيم حفل استقبال أعضاء البعثة الصحية لحج موسم 1445 ه    نقابة "البيجيدي": آن الأوان لإيقاف التطبيع وإغلاق مكتب الاتصال الإسرائيلي بالرباط    غوتيريش يحذر من أن هجوما بريا إسرائيليا على رفح سيؤدي إلى "كارثة إنسانية"        تأشيرة الخليج الموحدة تدخل حيز التنفيذ مطلع 2025    نقابة تنبه لوجود شبهات فساد بالمندوبية السامية لقدماء المقاومين وأعضاء جيش التحرير    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولات الجمعة على وقع الارتفاع    إحداث منصة رقمية لتلقي طلبات الحصول على "بطاقة شخص في وضعية إعاقة"    أخصائية التغذية ل"رسالة24″… أسباب عديدة يمكن أن تؤدي لتسمم الغذائي    هل يجوز الاقتراض لاقتناء أضحية العيد؟.. بنحمزة يجيب    خبير في النظم الصحية يحسم الجدل حول لقاح أسترازينيكا    الحسين حنين رئيس الغرفة المغربية لمنتجي الأفلام: يتعهد بالدفاع عن المهنيين وتعزيز الإنتاج الوطني    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    الدمليج يقدم "بوريوس" في المهرجان الوطني الرابع لهواة المسرح بمراكش    سابقة بالمغرب .. حكم قضائي يلزم الدولة بتعويض متضررة من لقاح كورونا    النادي الثقافي ينظم ورشة في الكتابة القصصية بثانوية الشريف الرضي الإعدادية/ عرباوة    ندوة دولية حول السيرة النبوية برحاب كلية الآداب ببنمسيك    أصالة نصري تنفي الشائعات    سبع دول من ضمنها المغرب تنخرط في مبادرة "طريق مكة" خدمة لضيوف الرحمن    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



ما بين التدابير الاحترازية والمواجهة الفعلية والاستهانة بالمرض: 20 مارس .. 20 أبريل: أسئلة النجاعة في تدبير الجائحة الوبائية لفيروس كورونا المستجد
نشر في الاتحاد الاشتراكي يوم 17 - 04 - 2020

قلائل هم من تابعوا فيروس كورونا المستجد منذ ظهوره في الصين لأول وهلة، وكثيرون هم الذين لم يعتقدوا بأنه سينتقل بين البلدان وسيصل إلينا نحن أيضا، إلى أن استفاقوا في 2 مارس، على خبر تسجيل أول إصابة مؤكدة لحالة وافدة من إحدى بؤر المرض، قطعت مع مرحلة التشكيك، وأدخلتنا في دوامة مواجهة الفيروس، الذي كنا ننتظر من منظومة الترصد الوبائي ومن التدابير الوقائية المتخذة أن تحول دون ولوجه بيننا، مما جعل المغرب ينتقل من مرحلة البعد الوقائي التي كانت معتمدة على مستوى المعابر الحدودية، إلى مرحلة البعد التدبيري للحالات المرضية والمخالطة، والشق العلاجي، بما توفر من أدوية، لا تقضي على المرض وإنما تمنح بعض المناعة للحيلولة دون تطوره، خاصة بالنسبة للحالات البسيطة.
2 مارس كان له ما بعده، حيث تقررت مجموعة من الخطوات، أبرزها تلك المرتبطة بمحطة 20 مارس وما تم تحديده واتخاذه لاحقا من إجراءات في أفق 20 أبريل، هذا الموعد الذي ظل الكثير من المواطنين والمواطنات يترقبون أن يكون عنوانا للعودة إلى الحياة الطبيعية التي عرفوها سابقا، لكن كل المؤشرات المحلية تلك التي يمكن مقارنتها بدول أخرى تعاني من نفس الوباء، تؤكد أن الحرب ضد الفيروس لم تنته.

ما بين 20 مارس و 20 أبريل، هناك الكثير من الأسئلة وعلامات الاستفهام، المتعلقة بالخطوات الوبائية التي تم اعتمادها للحيلولة دون الإصابة بالداء في مرحلة أولى، ثم مواجهته وتقليص دائرة انتشاره في مرحلة ثانية، للوقوف على ما الذي كان من الممكن تحقيقه وتم إغفاله، لعامل من العوامل، إما ارتباطا بتوصيات متأخرة من منظمة الصحة العالمية، أو تدبير داخلي خاص، كان فيه نوع من التبخيس والاستهانة بالمرض، والاعتقاد بأنه لن يصل إلى المغرب، أو أن عوامل مناخية وغيرها ستكون حاسمة في القضاء عليه وعدم السماح بتفشيه، وهو ما جعل العديد من التصريحات لعدد من المسؤولين، تكون حادة وفيها الكثير من التحدي، غير ما مرّة، لكن بينت المعطيات الواقعية أنها كانت، إما بغاية زرع الطمأنة بأي شكل من الأشكال، أو أنها تنم عن جهل تام بل وتقاعس كانا سيكلفاننا الكثير، لولا الإرادة السيادية القوية، إذ بفضل التعليمات الملكية السامية للملك محمد السادس، تعبأت وتجنّدت العديد من القطاعات، وعززت صفوف الجبهة الأمامية لمواجهة المرض، صحيا واجتماعيا واقتصاديا، وتم إحداث صندوق مكّن من توفير العديد من السبل، خاصة في الشق الصحي، للتعبئة ومواجهة الوباء.
فما هي أبرز هذه الأسئلة، وما هي خصائصها والأجوبة التي كان من الممكن أن تقدمها، والقيمة المضافة التي كانت قد تشكلها في مسار الحرب ضد فيروس كورونا المستجد؟
يؤكد المختصون أن وزارة الصحة سطّرت سياسة صحية لمواجهة فيروس كورونا المستجد، انطلاقا من إمكانياتها وقناعاتها، هذه الاستراتيجية التي يجب تطبيقها تطبيقا سليما مع ضرورة تقييمها كأية سياسة عمومية أثناء أجرأتها، باعتبارها مرحلة مصاحبة لمراحل التنفيذ، من أجل تقويمها، حتى يتسنى تصويب الاختلالات وتجاوز النقائص وتدارك ما فات، من أجل تدبير أنجع في المرحلة اللاحقة.
p السؤال الأول: منظومة الرصد والمراقبة الوبائية
n انطلاقا من الإمكانيات والقناعات كما أشرنا، قررت وزارة الصحة أن تعتمد في مواجهة فيروس كورونا المستجد على الكشف المبكر، هذه التقنية التي تم اعتمادها في مواجهة السرطان، وهو ما ظلت وزارة الصحة من خلال ممثلها، تصفه بالاكتشاف المبكر، لتقديم مبررات عن عدم تعميم الاختبارات، وهو موضوع سؤال من بين الأسئلة الذي سنعود إليه لاحقا.
هذه الخطوة التي تبنتها وزارة الصحة، تأسست على الرصد والمراقبة الوبائية، على مستوى المعابر والنقاط الحدودية، وليس على إجراء الاختبارات، وذلك بقياس درجات الحرارة، ملء استمارة خاصة، تحديد الوجهة التي جاء منها المسافر، وغيرها من التفاصيل الأخرى، مع تسليمه مطويا حول كيفية التعامل والإجراءات التي يتعين عليها القيام بها، إذا ما ظهرت عليه أية أعراض مرضية، ثم يدخل البلاد إذا لم تكن تظهر عليها خلال تلك اللحظة أية علامات تحيل على إمكانية الشك في إصابته بالفيروس.
هذا الإجراء مهّد لدخول العديد من حاملي الفيروس، وهو ما كان سيتواصل لولا قرار وقف الرحلات في البداية مع عدد من الدول بشكل تدريجي، وصولا إلى الخطوة الحاسمة المتمثلة في إغلاق الحدود.
دخول هذه الحالات المرضية المستوردة إلى أرض الوطن، سيحيلنا على السؤال الثاني الذي له صلة بالأول.
p السؤال الثاني: تعريف الحالات وإشكالية التكفل المبكر
n وقع تعثر كبير في اكتشاف الحالات المرضية مبكرا، وفي التكفل بها في وحدة واحدة بمستشفى مولاي يوسف بالدارالبيضاء، فضلا عن أن لائحة تعريف الحالات المشكوك فيها كانت تحدد عددا من الشروط، التي قد تجعل المرضى لا يلجون إلى العلاج مبكرا إلا في مراحل متقدمة وبعد نقل العدوى إلى غيرهم، وكان الإشكال في البداية مرتبطا بالمسافرين الذين كانوا على متن طائرة أولى، ثم طائرة ثانية بعد تأكد حالة مرضية ثانية في 13 مارس، وبالتالي اتسعت رقعة دائرة المشكوك في إصابتهم، ومخالطيهم من مختلف المستويات، ومع ذلك ظل تعريف الحالة المشكوك فيها متكلّسا، بداعي التقيد بتوصيات منظمة الصحة العالمية، وحتى حين تم توسيع دائرته، ظلت الأجوبة على الاتصالات الهاتفية تشدد على بعض “الأساسيات” لإمكانية الحديث عن حالة مشكوك في إصابتها بالفيروس من عدمه، مما يعني أن تحيين التعريف، لم يكن بالسرعة والفعالية المطلوبة، ولم يكن يجد صداه عند المكلفين باتخاذ قرار التعامل مع الحالة المشكوك فيها؟
p السؤال الثالث: سؤال المختبرات
n اختارت وزارة الصحة تضييق رقعة إجراء الاختبارات للكشف عن المرض من عدمه، واقتصرت في ذلك على مختبر المستشفى العسكري بالرباط والمعهد الوطني بالعاصمة الإدارية، ثم معهد باستور، إلى جانب مختبر الدرك الملكي الذي كان رهن الإشارة.
مختبرات للكشف عن العينات التي تأتي من كافة أرجاء المغرب، في الوقت الذي كان من الممكن وفي إطار منظومة الرصد الوبائي، اعتماد مختبرات في كافة المدن التي بها مطارات تستقبل رحلات جوية خارجية، ونفس الأمر بالنسبة للموانئ وباقي المعابر الحدودية، في إطار الكشف المبكر عن الحالات المشكوك فيها، من أجل ربح الكلفة على مستوى الوقت والمسافة، وتطويق كل حالة مرضية للحيلولة دون تحولها على بؤرة، الأمر الذي لم يتم اعتماده.
هذا الوضع يدفعنا للتساؤل عما إذا لم يتأخر المغرب في تقوية ترسانته على مستوى المختبرات، علما بأن منظمة الصحة العالمية وفي إطار اللوائح الصحية الدولية تلح على تقويتها، إذ تؤكد المادة الخامسة من هذه اللوائح على أن كل دولة عليها أن تعمل على تعزيز وصون القدرة على كشف الأحداث وتقييمها والإخطار بها والتبليغ عنها.
p السؤال الرابع: تدبير الاختبارات
n الطريقة التي دبّرت بها وزارة الصحة الاختبارات كانت لها كلفة غالية ومرتفعة، إذ كان يوصي البرنامج الوطني بأن يتم إرسال العينة المأخوذة من المريض خلال 24 ساعة لأخذها إلى المعهدين المرجعيين، في الرباط أو الدارالبيضاء، بحسب المكان الجغرافي للحالة، وانتظار مدة ليست بالهينة لمعرفة النتيجة، إن كانت سلبية أو إيجابية، علما بأن الاختبار نسبة حساسيته ليست 100 في المئة، وهو ما يعني أنه يمكن أن يعطي نتيجة سلبية لحالة مرضية، مادامت حساسيته هي ما بين 60 و 70 في المئة، وفقا للخبراء، لكن وأمام البعد الجغرافي يصبح تكرار الاختبار أمرا مستبعدا لكلفته الزمنية، بالرغم من السياق الوبائي والسريري الذي قد يشير إلى إمكانية إصابة المريض، وهو ما عايناه في عدد من الحالات كأكادير والدارالبيضاء، حيث تبين بعد مرور أيام، مرض المعنيين بالأمر، بالكوفيد 19 خلافا لما خلصت إليه الاختبارات في البداية.
p السؤال الخامس: أخذ العيّنات
n أخذ العينات من حالة مشكوك في إصابتها، هو أحد الأسئلة المؤرقة خلال هذه المرحلة، بسبب إمكانية وجود هامش للخطأ، خاصة بسبب العامل البشري، ليس من باب الإهمال والتقصير أو التهاون، وإنما ارتباطا بالنقطة المتعلقة بالتكوين التي كانت مثار احتجاجات وانتقادات كثيرة من المهنيين أنفسهم، سواء تعلق الأمر بالنسبة للجانب المرتبط بالاختبارات أو بالتعامل مع الحالات المشكوك في إصابتها، أو بخصوص التكفل بالحالات المؤكدة، وذلك في ظل غياب شقّ يخص التكوين لا يشير له المخطط الوطني، مما يفرض على مهني الصحة الذي يأخذ العينة من أجل الاختبار، أن يكون متمرسا في ذلك أو على الأقل قد استفاد من تكوين في هذا المجال
p الأسئلة 6 – 7 – 8 : المخالطون .. القنبلة
n منذ البداية، لم يتم اعتماد خيار إجراء الاختبارات على المخالطين، منذ وصول الطائرة الأولى التي جلبت أول مريض، ثم الطائرة الثانية، وبعد ذلك مخالطي الحالات المرضية التي تعاقب اكتشافها، وظلت وزارة الصحة تتابع المعنيين بالأمر عن بعد، باستعمال الهاتف، مستفسرة عن درجات حرارة أجسامهم، إلى حين تطور وضعهم الصحي، إما إيجابا أو سلبا.
هذا الخيار جعلنا أمام واقعين اثنين:
الأول يجعلنا نطرح سؤالا حول إذا ما تقيد المعنيون بالحجر الصحي كما ينبغي، ولم يغادروا منازلهم، وإذا ما كانوا قد خالطوا غيرهم، الأمر الذي لم يكن من الممكن إدراكه وتقديم جواب عن هذا السؤال، لأن التأكد من ذلك كان يقتضي وضع المخالطين في مكان ما تحت المراقبة والملاحظة الطبية، لتفادي أي انزلاق في هذا الصدد ومحاصرة انتشار العدوى، خاصة في البداية عندما كان عدد المخالطين معدودا على “رؤوس الأصابع”.
أما السؤال الثاني، فله صلة ب “تناسى” القائمين على تدبير الشأن الصحي، الاستفادة من تجارب دول أخرى، أكدت وجود حاملين للفيروس بدون أعراض، يمثلون ما بين 30 و 34 في المئة، من مجموع المصابين بالفيروس، وبالتالي لم يتم تمكينهم من الاختبارات للتأكد من وضعهم الصحي، ولم يتم وضعهم في فضاء آمن تحت المراقبة الطبية، وتم تركهم على حالهم، عرضة لنشر المرض، علما بأنه يمكن للمريض نقل المرض ونشر العدوى قبل ما بين 24 و 48 ساعة من ظهور الأعراض المرضية عليه، فماذا عن الذين بدون أعراض؟
في حين أن السؤال الثالث المرتبط بهذا الموضوع، يجعلنا نتساءل عما خسرناه وما ربحناه، بعد أن شرعنا بشكل متأخر في إجراء الاختبارات لفائدة المخالطين، وتبين لنا من خلال أرقام وزارة الصحة، وآخرها المعطيات التي تخص مساء الخميس 16 أبريل 2020، التي أكدت أن 16 في المئة من الحالات المرضية المؤكدة خلال ذلك اليوم هي بدون أعراض، وأن 149 حالة من مجموع الحالات التي تم اكتشافها إلى غاية مساء الخميس والتي بلغ عددها 259 حالة مرضية، تخص أشخاصا مخالطين، وبأن الاختبارات مكنت من تحديد 1128 حالة مرضية في أوساط المخالطين الذين كانوا بدون أعراض، في حين أن 5174 يوجدون تحت المراقبة الطبية من مجموع 12357 مخالطا ومخالطة؟

p الأسئلة 9 – 10 – 11 – 12 – 13: الحكامة والاستهانة
n تاريخ تعامل المغرب مع الجائحات ليس وليد اليوم، فقد استطاعت بلادنا تجاوز أزمات صحية لها علاقة بفيروس أنفلونزا الخنازير، وأنفلونزا الطيور، والسارس، وإيبولا، كما أنها استعدت لزيكا، وغيرها من الأوبئة، وبالتالي كان من المفروض أن تكون عِبرُ هذه المراحل قد تم استخلاصها من أجل الاستعداد لكل جائحة وبائية في أية لحظة وحين، لكن تبين على أن وزارة الصحة تعاملت مع فيروس كورونا المستجد بنوع من الهواية والاستهانة، لا باعتماد الحكامة والمسؤولية، ولم تتمكن من تحديد التوقعات وتعريف الحاجيات، ويتضح ذلك من خلال مجموعة من الأسئلة على الشكل التالي:
السؤال الأول: ما الذي حال دون اقتناء وزارة الصحة عدّة الاختبارات بكميات وافرة، والاستعانة بمختبرات المستشفيات الجامعية وحتى الجهوية، منذ الأسابيع الأولى لظهور الفيروس وقبل إغلاق الحدود؟ ونفس الأمر بالنسبة لأجهزة التنفس الاصطناعي؟ في ارتباط بالكشف من جهة والاستعداد للمضاعفات الصحية على مستوى الجهاز التنفسي من جهة أخرى، خاصة بعدما تبينت بعض خصائص المرض.
السؤال الثاني: ألم يكن من المفيد توفير الكمامات الطبية بشكل مبكر وكافٍ، ولو من باب الوقاية، بعيدا عن التبريرات التي قدمتها وزارة الصحة وربط الأمر بتحيين منظمة الصحة العالمية للمعطيات في هذا الباب، فالكمامة هي وسيلة للوقاية، حملها ووضعها إذا لم يحقق نتيجة إيجابية فلن يكون لها أي أثر سلبي، وفقا للمتخصصين، وتفادي الاختلالات التي رافقت الدعوة لحملها بل وفرضها قانونيا تحت طائلة العقاب؟ وكان حريا الاستفادة من تجارب الغير في مختلف المحطات الوبائية مبكرا وتوفيرها وحث المواطنين على وضعها في لحظات مبكرة.
السؤال الثالث: أليس من الحكامة في إطار الرؤية الاستشرافية وبائيا وصحيا، أن نتوفر على مخزون استراتيجي للمستلزمات الطبية والدوائية، والتفكير في مواجهة كل احتمال وبائي، خاصة وأن خارطة الفيروسات تتغير بشكل قوي في السنوات الأخيرة، والأمراض المعدية تعرف تناميا، وهنا يبرز دور مديرية علم الأوبئة ومحاربة الأمراض بشكل جلي، إن كانت فاعلة ويقظة أو العكس من ذلك؟
السؤال الرابع: هل اعتقدت وزارة الصحة أنه يمكن دحر الفيروس بالاعتماد على العامل الزمني والمناخي، وانتظرت أن يُقهر المرض بفضل الانتقال من مرحلة مناخية إلى أخرى، واعتبرت
أن تأخر الفيروس وانتهاء فترة الشتاء هو في مصلحتها، مما جعلها لا تبذل مجهودات كبرى؟
السؤال الخامس: هل خالت وزارة الصحة نفسها قادرة على القضاء على الفيروس بمعزل عن الحكومة بكافة مكوناتها، وظنت في لحظة من اللحظات أن الجائحة الوبائية يمكنها التعامل معها لوحدها، علما بأنها ظلت تشنّف الأسماع بأن ما وقع في دول أخرى لن نعيش تفاصيله وستظل حياتنا طبيعية بدون حجر صحي ولا أية صعوبات أخرى، صحية واجتماعية واقتصادية وغيرها؟
p الأسئلة 14 – 15 – 16 – 17 : التواصل “المقيّد”، من المواطن إلى المهني إلى الإعلامي
n رافقت الجائحة الوبائية لفيروس كورونا المستجد العديد من علامات الاستفهام الغامضة، التي كانت تحتاج إلى أجوبة، سواء تعلق الأمر بأسئلة المواطنين أو المهنيين، أو ممثلي وسائل الإعلام، ورغم أن وزارة الصحة ظلت تدّعي أنها تتواصل، و”تحث” مسؤوليها على القيام بذلك، واحترام الحق في المعلومة الذي هو قانون في بلادنا، إلا أنها جعلته تواصلا وفقا لقالب صاغته له، ووضعته في إطاره، كي تبقى متحكمة في كل معلومة يراد لها أن تُنشر وتصل إلى الغير، وهنا تطرح مرة أخرى العديد من الأسئلة.
السؤال الأول: من عناوين استهانة وزارة الصحة بفيروس ” كوفيد 19 “، أنها لم تخصص حملات توعوية وتحسيسية في مختلف المنابر الإعلامية، مرئية أو مسموعة أو مكتوبة، ورقية أو رقمية، موجهة لعموم المواطنين والمواطنات، طيلة مراحل انتشار المرض وغزوه للعديد من الدول، وظلت الأخبار المتعلقة به، وبضحاياه، من مصابين وموتى، يستقيها المغاربة من قنوات ووسائط أخرى أجنبية، وبعض المتابعات الإعلامية هنا أو هناك.
السؤال الثاني: “حرصت” وزارة الصحة على أن يظل تواصلها متأخرا، بل أنها حتى حين أعدت كبسولة عن المرض لم تعمل على تعميمها على المؤسسات التعليمية المختلفة بشراكة مع الوزارة المختصة، في حين كان من المفيد جدا، التعريف بالمرض والاستعداد له، إذا وصل إلى بلادنا، وفي حال العكس، فستكون قد ساهمت في رفع منسوب التثقيف الصحي، عند التلاميذ وعند الأسر، وعملت على تكريس أهمية نظافة اليدين وكيفية السعال والعطاس، للوقاية من أمراض أخرى، لكنها آثرت أن تترك الأمور على حالها، ولم تتحرك تواصليا إلا بعد أن أصبح الفيروس ينتقل بين المغاربة؟
السؤال الثالث: وضع عانى منه مهنيون في قطاع الصحة هم أيضا، الذين خرجوا للاحتجاج مرات ومرات، وطالبوا بأن تتواصل معهم الوزارة، وأن يتواصل معهم عدد من المسؤولين المحليين، وظلوا هم أنفسهم يتلمّسون ما له علاقة بالفيروس وطبيعته وكيفية الوقاية منه والتعامل معه، وجملة من الإشكالات المرتبطة به، من خلال تقارير صحافية، في وقت كان فيه المخطط الوبائي المعمول به جامدا لا يقدم أجوبة عن الكثير من الأسئلة، وبعيدا كل البعد عن وصف الديناميكية، بسبب التأخر في التحيين والإجابة عن الإشكالات التي لها صلة بالوباء وبتبعاته، ومن بينها على سبيل المثال لا الحصر، النقطة المتعلقة بالتعامل مع الوفيات، مرضى الدياليز، التلقيح… وغيرها من القضايا الأخرى.
السؤال الرابع: سوّقت وزارة الصحة لنوع واحد ووحيد من التواصل الأحادي الجانب، من خلال إطلالات ممثلها، لتقديم أرقام يمكن أن تشكل مضمون بلاغات، بعيدا عن حضور ميكانيكي لبضع دقائق يتم من خلاله سرد أرقام بكيفية آلية، تجعل المتتبع والمستمع لا يميزان بين خبير في الأوبئة وبين أي تلميذ في مستوى الصف الابتدائي يمكنه تلاوة النص المكتوب أمامه، وذلك عوض أن تفسح المجال للتواصل الفعلي والإجابة عن الأسئلة المقلقة، حيث كان مدير الأوبئة حريصا على عدم الرد على الاتصالات والرسائل، وعلى نفس المنوال سار البعض الآخر من المسؤولين، في حين كان يتم تسويق بعض الخرجات في منابر بعينها، في وطن هو عنوان للدمقرطة ولدولة المؤسسات واحترام القوانين؟
p السؤال 18 : طب الشغل وحماية مهنيي الصحة
n بالرغم من أن لطب الشغل أهمية كبرى في مجال التدبير الصحي للموارد البشرية الصحية، إلا أنه ونظرا للأعطاب القانونية والاعتماد على مرسوم وزاري لسنة 2013، فإنه لم يكن فاعلا في هذه الجائحة الوبائية، وظلت الاقتراحات التي يتقدم بها عدد كبير من أطباء الشغل مركونة في مكاتب المسؤولين، باستثناء فئة قليلة، وهو ما قد يعرض عددا من مهنيي الصحة لتبعات وخيمة، لأنه تمت مطالبتهم بالقيام بالحراسة، والاشتغال في مسار ” كوفيد 19 “، والحال أنهم إما يعانون من داء السكري أو الضغط الدموي، أو أمراض لها صلة بالقلب والشرايين أو الربو أو الصرع، وغيرها من الأمراض، التي يعرفها أطباء الشغل معرفة جيدة، ويقدمون مقترحاتهم حتى يتم تفادي تعرض هذه الفئة من مهنيي الصحة للخطر وإلى احتمال الإصابة بالعدوى والتعرض لتبعاتها، باعتبارها من الفئات الهشة صحيا.
اقتراحات غاب أي أثر للتفاعل معها إيجابيا في عدد كبير من المستشفيات، ولم يعقد المناديب اجتماعات اللجان الطبية، بناء على تفويض مجلس الصحة المركزي لهم هذا الأمر نظرا للأوضاع الحالية، ولم يتم استدعاء أطباء مختصين لاستشارتهم في مجال تخصصهم بخصوص الملفات ومعهم أطباء الشغل، وظل الوضع كما هو عليه، مما جعل عددا من المهنيين، الذين لا يتهربون من أداء الواجب، يتساءلون عن سرّ عدم استحضار وزارة الصحة لهذه الفئة وهذا المعطى الأساسي، وعدم إقدامها على توجيه مذكرة أو دورية تحدد كيفية التعامل معهم، حتى لا يصاب أي واحد منهم بالعدوى ويتسبب في نقلها لغيره، فنجد أنفسنا أمام مهنيين ينتظر الجميع مواجهتهم للمرض، فإذا به قد يتفشى بينهم، ونفس القياس يمكن استحضاره بشأن التدابير التي قد يوصي بها طبيب الشغل في مؤسسة صحية، من أجل اتخاذ التدابير الوقائية للحيلولة دون الوصول إلى ما وصل إليه مستشفى محمد الخامس بالحي المحمدي بالدارالبيضاء نموذجا؟
p السؤال 19: الوقاية والدعم النفسي
n تواصلت «الاتحاد الاشتراكي» مرارا وتكرارا مع مجموعة من مهنيي الصحة في مختلف ربوع المملكة، منذ بداية الجائحة الوبائية، فوجدت عددا منهم يشتغلون وهم يعانون الأمرّين، خاصة على المستوى النفسي، لأن عددا كبيرا منهم لم يتلق أي تكوين في المجال الذي طُلب منه العمل فيه، ولم يتم توفير وسائل الحماية له، وحتى الكمامات لمّا تم توزيعها مُنحت بكيفية تثير الاستغراب، عدد الكمامات مقارنة بعدد ساعات العمل، ونوعيتها التي اختلفت من مصلحة إلى أخرى، إلى جانب مطالبتهم بالعمل لساعات معينة والعودة إلى منازلهم للراحة ثم استئناف العمل لاحقا، مع ما يعنيه ذلك من إمكانية لنقل العدوى إلى الأسر، خاصة المهنيين الذين يشتغلون في وحدات “كوفيد 19” مباشرة، قبل أن تسهم تدخلات رسمية في تمكين المهنيين من البقاء في وحدات فندقية وسياحية.
خلال هذه اللحظات كلها كان المهنيون يقتاتون من أجسادهم ويعيشون تمزقا نفسيا خطيرا في كل لحظة، ولم يتم التفكير في الاستماع إليهم ودعمهم نفسيا، بل تم الدفع بكثير منهم نحو جبهة الحرب لمواجهة عدو يجهلون عنه كل شيء، وتُركوا عرضة للتآكل النفسي.
وضع عاشته الأسر والعديد من المواطنين، صغارا وكبارا، ولم يتم أخذ هذه الوضعية الجديدة بعين الاعتبار، لولا المبادرات التي قام بها عدد من أطباء القطاع الخاص، لتشكيل وحدات للاستماع، التي لم تكن كافية وعملية، بالرغم من أنها مبادرة محمودة، ومساهمة هيئة الأطباء كذلك في هذا الباب، والحال أن التحضير لمواجهة الوباء، كان يفترض إعداد كل السيناريوهات التي يمكن اللجوء إليها، وتحضير المواطنين والمهنيين للتعامل معها، وتخفيف وقعها النفسي وتبعاته عليهم، فاليوم العديد من الأسر، نموذجا، تعيش أوضاعا غير سليمة، وكثيرة هي الأعطاب الناتجة عن الحجر الصحي، التي يتم تصريف تداعياتها على الأطفال وفيما بين الأزواج، وتنذر بتبعات لن تكون هيّنة؟
p السؤل 20 : الحجر الصحي وما بعده
n سؤال، خلق نقاشا وسجالا في العديد من الدول الأوربية، حول توقيت رفع الحجر، وضرورة تمديده حتى لا يتم تضييع كل ما تم اتخاذه والقيام به من مبادرات وقائية، وكيفية رفعه لاحقا، بناء على أية معايير ومواصفات، مهنية، جغرافية أو صحية، أي الأشخاص الذين لا يعانون من أمراض مزمنة، وما هي الاجراءات الوقائية التي يجب التقيد بها، لتفادي موجة ثانية أو ثالثة من المرض، وما يرتبط بهذا الرفع من خطوات على مستوى قطاعات أخرى.
نقاش يشارك فيه الجميع، وتكونت عنه أفكار في العديد من الأقطار، إلا في بلادنا، فوزارة الصحة لم تقدم ولو صورة تقريبية عن السيناريو الذي يمكن اللجوء إليه، وحتى ذروة المرض، وبسبب النبرة التفاؤلية والوعود التي تم تقديمها بشأن الكشف عن المعطيات التي تخص العلاج وما يقع في الإنعاش والوفيات التي شهدتها مصالحه، اعتقد الغاربة يوما أنه تم الوصول إليها، وبأن المنحى في تراجع، قبل أن نستفيق على أرقام قياسية ما بين الأربعاء والخميس، والحال أن الوصول إلى الذروة ثم التراجع يفترض ما بين 3 و 4 أسابيع، للتأكد من الحالات المحتمل إصابتها بالمرض التي قد تكون بين ظهرانيينا هنا أو هناك، إلى حين تكوين قناعة تامة على أن المرض غير موجود، بما أن الدواء المعالج غير متوفر لحد الساعة، ونفس الأمر بالنسبة إلى اللقاح، لأنه لو توفر هذا الأخير لتم تلقيح المغاربة وتم انتظار مدة 10 أيام إلى حين تشكيل الأجسام لمناعة ضد الفيروس، وآنذاك يمكن أن يتم فتح أبواب الحياة الطبيعية، إلا أنه وأمام تعذر ذلك في الظرف الحالي، فإن سؤال: هل لدينا رؤية، خاصة، لما بعد الحجر الصحي، يبقى عريضا بدون جواب، في انتظار اللحظة في حينها ربما،؟


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.