كشفت الإضرابات الاخيرة التي شهدتها محاكم ولاية الدارالبيضاء الكبرى ، والتي دعت الى خوضها النقابة الديمقراطية للعدل «دفاعا عن الملف المطلبي لمنخرطيها»، من كاتبات وكتاب الضبط ، الحجم الذي تمثله هذه الفئة الاجتماعية ، التي تعتبر العمود الفقري لعمل المحاكم، إذ نسجل باستمرار أن بعضهم يصل كل صباح للمحكمة قبل غيرهم، فيما البعض الآخر يغادرها بعد فوات الوقت القانوني. بالطبع يبقى كتاب الجلسات الجنحية والجنائية والأعوان الذين يساعدون الهيئة في عملها داخل القاعات هم آخر من يغادر المحكمة بعد ملء محاضر إيداع المعتقلين والمحكوم عليهم بالسجن. فئة أخرى من العاملين بالمحاكم، تعاني أكثر من الأولى يتعلق الأمر بالأعوان الموجودين في حالة المؤقتين منذ ما يزيد عن عشرين سنة، والحال أن هناك مناشير صادرة عن وزير أول سابق ليس فقط بحدف السلاليم الدنيا - من 1 الى 4 - من الوظيفة العمومية، وإنما كذلك حل مشكل المؤقتين. وللشهادة، فإن بعض هؤلاء المؤقتين قد اكتسبوا مهارات العمل الإداري لدرجة توازي او تفوق بعض الكتاب وكاتبات الضبط المشتغلين معهم بنفس المكتب. وهذا ما وقفنا عليه مرارا وأكده لنا كذلك بعض المحامين والمحاميات، بل منهم من أضاف أن تعامل بعض الاعوان المؤقتين معه أحسن من تعامل بعض كاتبات الضبط والكتاب بنفس الجناح. إن هؤلاء الأعوان المؤقتين الموزعين على مختلف أقسام المحاكم بالدارالبيضاء أصبح لا غنى عنهم وخاصة بعد عملية المغادرة الطوعية التي أفرغت المحاكم من بعض خيرة موظفاتها وموظفيها، بل أكثر من ذلك فإن قيمة عمل هؤلاء الأعوان المؤقتين ظهرت مع الاضرابات التي تعرفها المحاكم استجابة للنداءات النقابية. وهكذا فإن جنود الخفاء المؤقتين هم من يتحمل عناء استقبال المحامين والمتقاضين أثناء ممارسة كاتبات وكتاب الضبط حقهم المشروع في الاضراب ، ويقومون بكل الاجراءات والبسمة تعلو وجوه البعض فيما يكون الغضب والشعور بالدونية والاستغلال والحرمان من العديد من الحقوق والحريات هو التعبير السري منهم لبعض من يثقون فيهم من مرتادي المحاكم. إن الوضعية الادارية «المعلّقة» لهؤلاء المؤقتين النشطاء والمنحة المالية المحدودة التي يتوصلون بها، قد تؤثر سلبا على ظروفهم الاجتماعية والعائلية وبالتالي على نشاطهم ومردوديتهم العملية التي توجد الآن كل المحاكم في حاجة ماسة إليها، وإن الاسراع في ترسيمهم وهو ما يستحقونه لن يكون فقط موقفا إيجابيا للوزارة، وإنما كذلك سيشجعهم على أداء واجبهم على الوجه الأفضل خدمة للعدالة في هذا الوطن.