في ظل تصاعد التوتر الدبلوماسي حول ملف الصحراء المغربية، لجأت الجزائر إلى موسكو بعد تعثر محاولاتها مع الولاياتالمتحدة لإقناع واشنطن بتغيير موقفها الداعم لمبادرة الحكم الذاتي التي يقترحها المغرب تحت سيادته على أقاليمه الجنوبية. وفي هذا السياق، عقد وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف يوم السبت الماضي اجتماعا مع نظيره الروسي سيرغي لافروف على هامش فعاليات الدورة ال80 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك. ووفق بيان رسمي للخارجية الجزائرية، تناول اللقاء ملف الصحراء المغربية، إلى جانب عدد من القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، في محاولة لتعزيز التعاون الدبلوماسي بين البلدين. و من جانبها، أكدت وزارة الخارجية الروسية أن الاجتماع شمل "أبرز القضايا العالمية والإقليمية الراهنة، بما في ذلك الوضع في الشرق الأوسط ومنطقة الساحل والصحراء"، مشيرة إلى التزام موسكو بمواصلة التنسيق الوثيق مع الجزائر في مجال السياسة الخارجية، وسط تقارير ترجح أن موسكو ستواصل لعب دور ورقة الضغط الدبلوماسية في مجلس الأمن لصالح الجزائر. وتسعى الجزائر، بحسب مراقبين، إلى الاستفادة من العلاقة مع روسيا لإبقاء خيار استخدام الفيتو مفتوحا أمام أي قرار أممي قد يعزز الاعتراف الدولي بمغربية الصحراء. ويرى خبراء أن هذا التحرك يعكس حجم التوتر الذي يعيشه الملف، خصوصا مع تزايد الزخم الدولي الداعم لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، وهو ما قد يجعل أي تحرك جزائري يعتمد على روسيا مجازفة دبلوماسية محفوفة بالمخاطر. و في المقابل، تشهد الساحة الدولية دعما متناميا لمبادرة المغرب، سواء من القوى الكبرى أو من المنظمات الإقليمية والدولية، ما يضع الجزائر أمام مأزق دبلوماسي جديد بعد فشلها في إقناع واشنطن بالتراجع عن موقفها. ويبدو أن توجه الجزائر إلى موسكو ليس مجرد خطوة عادية، بل محاولة لإعادة ترتيب أوراقها في اللحظات الحرجة قبيل استحقاق أممي قد يشكل منعطفا حاسما في مسار النزاع. و يرى المحللون أن التحرك الجزائري يعكس استراتيجية مزدوجة: داخليا تهدف إلى إدارة الرأي العام المحلي، وخارجيا تستخدم الجزائر النفوذ الدولي للضغط على الساحة الدولية. ويبرز هذا التوجه حجم التحديات التي تواجهها الجزائر في الدفاع عن مصالحها في ملف ظل محور نزاع إقليمي طويل الأمد، في الوقت الذي يواصل فيه المغرب تعزيز دعمه الدولي لمبادرة الحكم الذاتي. ويشير الخبراء إلى أن لقاء وزير الخارجية الجزائري أحمد عطاف بنظيره الروسي سيرغي لافروف قد يمثل بداية مرحلة جديدة من الصراع الدبلوماسي، حيث قد تلعب موسكو دورا محوريا في محاولة الجزائر لإعاقة أي تقدم نحو حل سياسي يحسم قضية الصحراء لصالح المغرب، وسط متابعة دولية دقيقة لكل تحرك في هذا الملف .