تقرير: أخنوش يستخدم أمواله للسيطرة على الإعلام والصحافيون المستقلون يتعرضون لضغوط مستمرة    سوريا: القصف الإسرائيلي قرب القصر الرئاسي "تصعيد خطير"    "اليونيسف": أطفال غزة يواجهون خطرا متزايدا من الجوع والمرض والموت    سفينة مساعدات لغزة تتعرض لهجوم بمسيرة في المياه الدولية قرب مالطا    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    إجهاض محاولة لتهريب أزيد من 51 ألف قرص مخدر بميناء طنجة المتوسط    العرائش تسجل أعلى نسبة تملك.. وطنجة تتصدر الكراء بجهة الشمال    مقاطعة مديري مؤسسات الريادة للعمليات المصيرية يربك مشروع الوزارة في الإصلاح التربوي    المغرب يودّع أحد رموزه الفنية.. محمد الشوبي يترجل بعد مسار طويل من الإبداع    "موازين" يكشف عن أسماء فنانين عالميين وعرب جدد في برنامج دورته العشرين    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    بوعياش تطالب بعدالة تعويضية شاملة لجبر ضرر الشعوب الإفريقية    الجامعة تحتفي بالمنتخب النسوي المتوج بكأس إفريقيا داخل القاعة    هل ينجو قمح المغرب من الجفاف ؟ توقعات جديدة تعيد الأمل للفلاحين    مجلس الدفاع في لبنان يحذر "حماس"    نجاح "خامس مهمة نسائية" خارج المحطة الفضائية الدولية    "الكورفاتشي" تستعد للتنقل إلى مدينة الدار البيضاء لحضور "الكلاسيكو" أمام الوداد    إيقاف سيموني إنزاغي و هاكان بسبب علاقتهما بمشجعين مرتبطين ب"المافيا"    الجيش الكونغولي يقتحم مقر مازيمبي بسبب خلاف سياسي مع رئيس النادي    تفاؤل تجاري ينعش أسعار النفط في الأسواق العالمية    لماذا لا تحتفل هولندا بعيد العمال (فاتح ماي) رغم عالميته؟    هل تشعل تصريحات بنكيران أزمة جديدة بين المغرب وفرنسا؟    في ساحة مسجد بدر بطراسة… رجل يقبّل طفلًا والأب يتصل بالشرطة    البكوري يقيم مأدبة غذاء على شرف جنود خفاء جماعة تطوان قبيل انطلاق الموسم الصيفي    الارتفاع يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    رسالة مفتوحة إلى السيد محمد ربيع الخليع رئيس المكتب الوطني للسكك الحديدية    كوريا: الرئيس المؤقت يقدم استقالته لدخول سباق الانتخابات الرئاسية    العلاقات التجارية بين المغرب ومصر.. وفد اقتصادي مغربي يزور القاهرة    وفاة الممثل محمد الشوبي بعد صراع طويل مع المرض    الأمن يوقف مروجي كوكايين وكحول    العثور على جثة شخص داخل منزل بشارع الزرقطوني بعد اختفائه لثلاثة أيام .    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    تفاصيل إحداث قطب تكنولوجي جديد بالدار البيضاء يوفر أزيد من 20 ألف منصب شغل    عيد العمال.. الكونفدرالية ببني ملال "تحتج" في مسيرة حاشدة    الحوار الاجتماعي بالمغرب بين الشكلية والفعالية    لجنة الأخلاقيات توقف العديد من المسؤولين عن كرة القدم بين سنة وثلاث سنوات بسبب اختلالات في التسيير    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    الفنان محمد شوبي يغادر الدنيا إلى دار البقاء    اللاعب المغربي الذي أبهر العالم بأدائه المجنون … !    الصين تدرس دعوات أمريكية لاستئناف الحوار بشأن الرسوم الجمركية    حين يتحول الانفعال إلى مشروع سياسي: في تفكيك خطاب بنكيران حول "القضية" و"الحمار"    كرة القدم.. توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    احتراق شاحنة على الطريق السيار طنجة المتوسط    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    هل بدأت أمريكا تحفر "قبرها العلمي"؟.. مختبرات مغلقة وأبحاث مجمدة    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    فوائد القهوة لكبار السن.. دراسة تكشف علاقتها بصحة العضلات والوقاية من السقوط    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



طنجة.. المدينة الأغلى في المغرب.. سكانها محرومون حتى من الشكوى!
نشر في المساء يوم 19 - 12 - 2010

في العاشر من دجنبر من الشهر الجاري، كان بضع عشرات من الناشطين الحقوقيين يستعدون لتنظيم وقفة رمزية في «ساحة الأمم» في طنجة، وهي الساحة التي أصبحت تحتضن كل شيء لأنه لا توجد ساحة غيرها في المدينة.
كانت ساحة الأمم، وقبل ساعتين من بداية الوقفة، محاطة بعدد من أفراد الأمن بزي مدني وآخرين بزي رسمي، بينهم والي الأمن نفسه ونوابه ورؤساء المقاطعات الأمنية، بينما توقفت أيضا سيارات فيها العشرات من أفراد الأمن المستعدين لكل شيء.
لم يكن ليمر التأهب الأمني الذي سبق الوقفة الرمزية دون تعليقات ساخرة، من بينها أن النشطاء الحقوقيين كان عليهم أن يسلموا أفراد الأمن لافتتهم ليحملوها مكانهم وبذلك تكون الوقفة الأكبر من نوعها في طنجة، لأن عدد أفراد الأمن كان يفوق بكثير عدد النشطاء الحقوقيين!...
عندما تجمّع بضعة عشرات من المشاركين في الوقفة، طالبهم مسؤولون أمنيون بالرحيل وبإلغاء الوقفة، وعندما احتج ناشطو الجمعيات الحقوقية على المنع، لكونه الوحيد في المغرب، لم تكد تمر بضع ثوان حتى كانت الهراوات تهوي على رؤوس الجميع، وتحولت الساحة إلى كرّ وفرّ، واعتقالات وضرب، وأيضا سباب وشتائم بذيئة من طرف أمنيين في حق المحتجين.
هذه صورة من التناقض الكبير الذي تعيشه طنجة، التي توجد على مرأى حجر من أوربا، بينما يجعلها وضعها الأمني والحقوقي وكأنها على مرمى حجر من القرون الوسطى...
ففي الوقت الذي كانت ساحة الأمم تعج برجال الأمن من كل نوع، لمنع وقفة احتجاجية سلمية ورمزية وبسيطة، فإن أحياء كثيرة في المدينة كانت تغرق في تسيب أمني كبير، وأحياء أخرى كثيرة قُطِع عنها الكهرباء وتحولت إلى مرتع لقطاع الطرق، واستفحلت عربدة مروجي المخدرات الصلبة الذين يتحركون في المدينة بحرية مخجلة.
تطرح تساؤلات كثيرة في طنجة حول الأسباب التي تجعل الوقفات الاحتجاجية تعامل بتشدد أمني كبير، سواء تعلق الأمر بالوقفات الاحتجاجية ضد الغلاء أو بالوقفات ذات الطابع الحقوقي أو بالوقفات التي أصبحت تتكرر كثيرا، والتي تندد في الغالب بالفواتير الخيالية لشركة «أمانديس»، المفوضة بتدبير قطاعي الماء والكهرباء في المدينة.
وتشتهر طنجة اليوم بكونها أغلى مدينة في المغرب، سواء في العقار أو في المواد الاستهلاكية اليومية أو في أي شيء آخر، ومع ذلك فإن أي احتجاج شعبي، ولو رمزي ضد هذا الغلاء، يواجَه غالبا بتشنج واضح من طرف الأمن.
قبل عدة أشهر، تعرض صحافي في المدينة للضرب، لأنه كان يلتقط صورا لوقفة احتجاجية، وتبيَّن بعد ذلك أن والي الأمن نفسَه شارك في «بهدلة» ذلك الصحافي، الذي حصل على شهادة طبية تخول له المتابعة القضائية للمعتدين عليه، قبل أن يتنازل عن دعواه.
وفي كثير من الوقفات الاحتجاجية ضد شركة «أمانديس»، تعرض المحتجون للترهيب الأمني، وكثيرون تخلَّوا عن تلك الاحتجاجات، ضمانا لسلامتهم، في الوقت الذي استمرت فواتير «أمانديس» تفتك بالقدرة الشرائية لسكان طنجة، إلى درجة أن لافتات ترفع اليوم تصف «أمانديس» بأنها ليست شركة فرنسية استعمارية فقط، بل تربط بينها وبين الصهيونية، وهو ما ظهر في لافتة رفعها محتجون مؤخرا في منطقة الفنيدق.
والذي يثير استغراب السكان أكثر هو أنه في الوقت الذي يتم تنظيم وقفات احتجاجية في مدن أخرى بلا مشاكل، فإن طنجة تجري فيها الأشياء بشكل مختلف، ويتعامل رجال الأمن فيها مع المحتجين بعنف لا مبرر له، يصل حد استعمال شتائم بغيضة وألفاظ بذيئة، وأفضل مثال على ذلك ما جرى في العاشر من دجنبر، حيث بدت عنجهية غير مفهومة على مئات من أفراد الأمن جاؤوا لتفريق وقفة احتجاجية لا يزيد عدد المشاركين فيها على العشرين.
طنجة، التي توجد على مرمى حجر من أوربا، هي نفسها التي تعيش وكأن الديمقراطية وحرية التعبير لم تولد بعدُ، ويتصرف مسؤولوها الأمنيون بعقليات متحجرة جدا، إلى درجة أنهم يعطون الأوامر بأن تنزل الهراوات على رؤوس الجميع، المتظاهرين والصحافيين والمارة، النساء والرجال...
مقابل ذلك، يتمنى الطنجويون أن يتم تبنّي نفس هذا الحماس في محاربة شبكات الجريمة المنظمة، بما فيها شبكات رهيبة لترويج الكوكايين والهيروين وكل أصناف المخدرات في المدينة.. وأن تتم محاصرة مَعاقل الجريمة وقلاع تجار الكوكايين والهيروين، عوض محاصرة ساحة في وسط المدينة فيها محامون وأطباء وصحافيون... كما يتمنى السكان أن يتم وضع حد لكل هذه «الإشاعات» التي تتردد في المدينة حول أشخاص معينين تناسلت حولهم قصص الفساد والإفساد، والجميع يتذكرون قصة «المافيا في الكوميسارية»، حين كان أفراد شبكة محكمة التنظيم من أمنيين وموظفين في أمن طنجة يمارسون عملا لا يختلف أبدا عن أعمال «المافيا»، حيث يقومون بأعمال الاختطاف والترهيب في حق مواطنين ويبتزونهم، بتُهم مختلفة.
أهم ما في الأمن سمعته، وأهم ما يجب أن يقوم به المسؤولون الأمنيون هو مراقبة «مطبخهم» الداخلي وليس مغادرة مكاتبهم لمحاصرة الوقفات الاحتجاجية البسيطة وإعطاء الأوامر بالضرب. إذا استمرت العقلية الأمنية في طنجة على هذا الحال، فإن أفضل شيء يتمناه السكان هو زلزال من علِ، لا يبقي ولا يذر، مثلما حدث في الحسيمة، حين تم «تشطيب» كل شيء في زمن قياسي، وهذا ما سيحدث في طنجة، إذا لم يفهم مسؤولوها مهامهم كما يجب!...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.