نشرة إنذارية.. أمطار قوية أحيانا رعدية مرتقبة بتطوان    مجلس المنافسة يحقق بشأن تلاعبات في سوق توريد سمك السردين    الأمثال العامية بتطوان... (586)    نقابي: الزيادة في الأجور لن تحسن القدرة الشرائية للطبقة العاملة والمستضعفة في ظل ارتفاع الأسعار بشكل مخيف    استثمارات بقيمة تفوق 73 مليار درهم تعد بخلق 70 ألف منصب شغل جديد بجهة طنجة    محطات الوقود تخفض سعر الكازوال ب40 سنتيما وتبقي على ثمن البنزين مستقرا    الدوحة.. المنتدى العربي مع دول آسيا الوسطى وأذربيجان يؤكد على ضرورة الالتزام باحترام سيادة الدول واستقلالها وضمان وحدتها    المهمة الجديدة للمدرب رمزي مع هولندا تحبس أنفاس لقجع والركراكي!    قراءات سياسية ترافق سيناريو فوز "الأحرار" بجل الانتخابات الجزئية    لأول مرة.. "أسترازينيكا" تعترف بآثار جانبية مميتة للقاح كورونا    هجرة/تغير مناخي.. رئيس الجمعية البرلمانية لمجلس أوروبا يشيد بمستوى التعاون مع البرلمان المغربي    17 قتيلا و2894 جريحا حصيلة حوادث السير خلال الأسبوع الماضي    ليفاندوفسكي: "مسألة الرحيل عن برشلونة غير واردة"    الصناعة التقليدية تحقق 11 مليار درهم من العملة الصعبة.. وأوضاع الصناع تسائل عمور    من يراقب محلات بيع المأكولات بالجديدة حتى لا تتكرر فاجعة مراكش    بسبب نهضة بركان.. "الطاس" يصدم اتحاد العاصمة الجزائري    في عز التوتر.. المنتخب المغربي والجزائري وجها لوجه في تصفيات المونديال    بلينكن يؤكد أن الاتفاقات الأمنية مع السعودية لتطبيع علاقاتها مع إسرائيل شبه مكتملة    الجولة 23 من بطولة القسم الثاني : الكوديم يحافظ على الصدارة ولوصيكا يحتج التحكيم والصراع يشتعل في أسفل الترتيب    مساء اليوم في البرنامج الأدبي "مدارات" : المفكر المغربي طه عبد الرحمان.. بين روح الدين وفلسفة الاخلاق    ستة قتلى في هجوم على مسجد في هرات بأفغانستان    وزارة الاقتصاد: عدد المشتركين في الهاتف يناهز 56 مليون سنة 2023    توافد 3,3 مليون سائح على المغرب خلال الفصل الأول من 2024    دل بوسكي يشرف على الاتحاد الإسباني    توقيف نائب رئيس جماعة تطوان بمطار الرباط في ملف "المال مقابل التوظيف"    مورو يبحث في بكين عن جذب استثمارات صناعية لجهة طنجة    مساعد الذكاء الاصطناعي (كوبيلوت) يدعم 16 لغة جديدة منها العربية    تعبئة متواصلة وشراكة فاعلة لتعزيز تلقيح الأطفال بعمالة طنجة أصيلة    مقاييس الأمطار بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    لندن.. إصابة عدة أشخاص في هجوم بالسيف واعتقال مشتبه به    الدورة ال17 من المهرجان الدولي مسرح وثقافات تحتفي بالكوميديا الموسيقية من 15 إلى 25 ماي بالدار البيضاء    الملك محمد السادس يهنئ عاهل السويد    تم إنقاذهم فظروف مناخية خايبة بزاف.. البحرية الملكية قدمات المساعدة لأزيد من 80 حراك كانوا باغيين يمشيو لجزر الكناري    صفرو.. أنسبكتور استعمل سلاحو الوظيفي باش يوقف مشرمل جبد جنوية وهدد بها الناس    "الظاهرة" رونالدو باع الفريق ديالو الأم كروزيرو    الريال يخشى "الوحش الأسود" بايرن في ال"كلاسيكو الأوروبي"    "أفاذار".. قراءة في مسلسل أمازيغي    أفلام بنسعيدي تتلقى الإشادة في تطوان    صور تلسكوب "جيمس ويب" تقدم تفاصيل سديم رأس الحصان    أعداد الضحايا تواصل الارتفاع في غزة    استهداف المنتوج المغربي يدفع مصدرين إلى التهديد بمقاطعة الاتحاد الأوروبي    دراسة علمية: الوجبات المتوازنة تحافظ على الأدمغة البشرية    العثور على رفاة شخص بين أنقاض سوق المتلاشيات المحترق بإنزكان    التنسيق الوطني بقطاع الصحة يشل حركة المستشفيات ويتوعد الحكومة بانزال قوي بالرباط    فرنسا تعزز أمن مباني العبادة المسيحية    عرض فيلم "الصيف الجميل" للمخرجة الإيطالية لورا لوتشيتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    فيلم من "عبدول إلى ليلى" للمخرجة ليلى البياتي بمهرجان تطوان لسينما البحر الأبيض المتوسط    "النهج" ينتقد نتائج الحوار الاجتماعي ويعتبر أن الزيادات الهزيلة في الأجور ستتبخر مع ارتفاع الأسعار    مدينة طنجة توقد شعلة الاحتفال باليوم العالمي لموسيقى "الجاز"    تكريم الممثل التركي "ميرت أرتميسك" الشهير بكمال بمهرجان سينما المتوسط بتطوان    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    توقعات طقس اليوم الثلاثاء في المغرب    حمى الضنك بالبرازيل خلال 2024 ..الإصابات تتجاوز 4 ملايين حالة والوفيات تفوق 1900 شخص    المفاوضات بشأن اتفاق الاستعداد للجوائح بمنظمة الصحة العالمية تدخل مرحلتها الأخيرة    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



منير شفيق: مجلس التعاون الخليجي رفض عضوية المغرب بعد نجاح العدالة والتنمية
المفكر الفلسطيني ل« المساء»: النظام التركي ليس نظاما إسلاميا وتعليق عضوية سوريا من الجامعة العربية سابقة خطيرة
نشر في المساء يوم 21 - 12 - 2011

منير شفيق المفكر الإسلامي، مقدسي المولد، الذي «استقال» من المسيحية، دين والديه، أواخر السبعينيات،
كما استقال من الحزب الشيوعي الأردني واعتنق «البديل الإسلامي»، يكشف ل«المساء» خبايا الثورات العربية، ويرفض تعليق عضوية سوريا بالجامعة العربية، مؤكدا أن المجلس الانتقالي الليبي تواطأ مع الناتو وصمت عن قصف القذافي لمصراتة. ويعتبر منير شفيق أن مجلس التعاون الخليجي تراجع عن دعوته للانضمام المغرب إليه بعد نجاح حزب العدالة والتنمية في الانتخابات. كما يسخر من إعطاء بعض دول الخليج دروسا في الديمقراطية لدول أخرى
- مؤخرا رفرف العلم الفلسطيني لأول مرة فوق مقر اليونيسكو. ما الذي يعنيه لك هذا بصفتك فلسطينيا؟
هذا حق للشعب الفلسطيني مثله مثل كل الشعوب، لكنني لا أراه يحمل أهمية خاصة في هذه الظروف، والسبب أن اللجوء إلى اليونيسكو وقبله اللجوء إلى مجلس الأمن للاعتراف بدولة فلسطينية في حدود قرار مجلس الأمن 242 جاء في ظروف الفشل الذي منيت به استراتيجية التسوية والمفاوضات، فبدلا من أن يعترف محمود عباس بفشل هذه الإستراتيجية، ويرجع إلى شعبه هرب إلى الأمام لطرح القضية أمام مجلس الأمن في محاولة لافتعال معركة وهمية أو تحقيق انتصار سياسي ما، لكن هذا لا يغير مما تحتاجه القضية من مواقف وإجراءات. محمود عباس في حالة هروب الآن من مواجهة فشل استراتيجيته، التي راهن عليها واختصم مع ياسر عرفات عليها عندما تبنى عرفات خيار الانتفاضة والمقاومة ويئس من استراتيجية أوسلو. لقد كان على عباس أن يعترف بأن هذه الاستراتيجة فشلت فشلا ذريعا وتركت آثارا سلبية كبيرة على الوضع الفلسطيني، حيث تضاعف في ظلها الاستيطان وعمليات تهويد القدس وإقامة الحفريات تحت المسجد الأقصى، وبدأ نتنياهو يلوح بيهودية دولة إسرائيل. تحت مظلة استراتيجية التسوية والمفاوضات ارتكبت مجموعة كبيرة من الموبقات والكوارث والأخطاء في حق الشعب الفلسطيني، خصوصا أنها تضمنت مصادرة المقاومة والانتفاضة. الآن، هل معركة فلسطين في هيئة الأمم أم أنها على الأرض وفي مواجهة الاحتلال والحواجز والاستيطان وتهويد القدس والحفريات تحت المسجد الأقصى؟. إذا سلمنا أن المعركة الفعلية توجد هنا سنجد أن المطلوب هو وحدة صفوف الشعب الفلسطيني بكل فصائل المقاومة وبكل أطيافه لتحقيق هدف أساسي هو إطلاق انتفاضة شعبية كبيرة ضد كل تجليات الاحتلال.
- ألا تعتبر خطوات الوحدة الوطنية، التي انطلقت مؤخرا، بمثابة إعادة القطار الفلسطيني إلى سكة الوحدة للتصدي للاحتلال ومقاومته؟
إذا اتجه هذا نحو الانتفاضة والمقاومة سيكون خطوة رائعة وضرورية، أما إذا كان مجرد تغطية على فشل إستراتيجية التسوية أو كسب الوقت والتهدئة وطمأنة الناس بأننا اتحدنا وأن الأمور تسير على ما يرام، فإن أي اتحاد شكلي لا يأتي بأي شيء إيجابي.
- أليس هذا محاكمة للنوايا وحكما سابقا لأوانه؟
لا، هذا ليس محاكمة للنوايا. هذه الوحدة مرت عليها حوالي خمسة أشهر، وقد جُمّدت بعد الاحتفالات بالعرس الذي عملوه من أجل الوحدة، ثم ذهب عباس إلى مجلس الأمن وإلى اليونيسكو ولم يذهب إلى شوارع القدس وإلى رام الله ولم يذهب إلى الحواجز.
- يبدوا أنك تقلل من قيمة المعركة السياسية في المحافل الدولية. أليس من حق فلسطين انتزاع اعتراف أممي؟
ليست للعمل السياسي أي قيمة إذا لم يكن هناك عمل على الأرض، وإذا لم تكن هناك انتفاضة ومقاومة وصدام مع العدو. كل الذين راهنوا على قرارات هيئة الأمم المتحدة واعتبروها شيئا عظيما يعزل الكيان الصهيوني ويحرج أمريكا ويُكسب القضية الفلسطينية، هاهم يرون أن كل قرارات الأمم المتحدة منذ القرار 181 إلى اليوم وضعت على الرف، وحتى الدول التي وقعت عليها مثل أمريكا وأوربا حولت حل القضية إلى المفاوضات، لذلك أعتبر أن هذه الخيارات أوهام. من يقول إن الفيتناميين والجزائريين قرنوا بين العمل العسكري والعمل السياسي أثناء الثورة، أقول لهم هذا كلام فارغ لأنه كانت هناك ثورة في الميدان. أما إذا كان الميدان فارغا وأصبح العمل السياسي لذاته فلا قيمة للقرارات.
- أثناء الثورة الليبية عارضت قصف طائرات الناتو قوات القذافي. لماذا؟
أنا كنت دائما ضد حلف الناتو، لكني استمررت على موقف حاسم من القذافي، وقمت بفضح دور الناتو في تشجيع الحرب الأهلية والوصول بليبيا إلى التقسيم، فقد كانت هذه هي خطته التي أعلنها حين قال أنا لا أستطيع أو لا أريد أن أحسم الموقف عسكريا. لذلك كان مرة يقوم بوساطات لدى القذافي ومرة أخرى لدى المجلس السياسي. أنا ثقتي في الشعب الذي لا يمكن أن يقبل بسيطرة الأمريكين والفرنسيين.
- ولكن الشعب الذي تتحدث عنه ظهر أنه أكثر ديكتاتورية من زعيمه السابق عندما قتله بطريقة وحشية.
هذا ممكن أن يقع في أي ثورة، فعندما سقط القذافي بين أيدي مجموعة من الثوار، وهو الذي كان يبطش بهم ويستبيح نساءهم ويبيع ثروات البلاد للخارج... شيء طبيعي أن يقتلوه، وهذا حدث في الثورة الروسية عام 1917 عندما ألقي القبض على القيصر، وبفرنسا ماذا فعل الفرنسيون بلويس الرابع عشر؟ هل الغرب سيعلمنا حقوق الإنسان؟ هذا كلام فارغ، ثم لا أحد اتخذ قرارا بذبح القذافي. لقد وقع سيف الإسلام بين أيديهم ولم يفعلوا به الشيء نفسه.
- رئيس الوزراء الروسي فلاديمير بوتين قال إن أمريكا هي التي أعطت أوامرها بقتل القذافي.
بوتين هذا ينطلق من تقارير سرية سخيفة. أنا أعتقد أن القذافي سقط بسقوط طرابلس، وسقوط طرابلس تم بانتفاضة. عندئذ انتهى القذافي وأصبح إلقاء القبض عليه شكليا، وعندما حوصرت سرت ودارت المعارك بها انتهى القذافي. كما انتهى بصمود مصراتة والزنتان والجبل الغربي، ثم بالانتفاضة التي قامت في طرابلس من غير أن يراق فيها دم.
- رفضت قرار الجامعة العربية تعليق عضوية سوريا. علام استندت في ذلك؟
استنادي الأساسي ليس له علاقة بسوريا. فمن حيث المبدأ، القرار فيه خرق لميثاق الجامعة العربية ويشكل سابقة خطيرة ويؤكد تدخل الجامعة في قضايا تدمر ميثاقها. الآن يبدو أن هناك 19 صوتا ضد سوريا. أنا كنت متحفظا حتى لما اتخذت الجامعة قرارا بتعليق عضوية مصر بعد توقيع الرئيس أنور السادات اتفاقية كامب ديفد. كل قطع للعلاقات بين دولة عربية وأخرى أنا ضده، فتجميد العلاقات بين المغرب والجزائر يزعجني جدا، بغض النظر عن الأسباب، فهذا يضر بشيء مبدئي ويضر بوحدة الأمة ووحدة البلاد العربية، لذلك عارضت قرار الجامعة العربية، بالإضافة إلى منطق آخر هو أن هناك نوعا من استدعاء للقوة الخارجية، وأنا عندي موقف مبدئي من التدخل الخارجي.
- حذرت في مقال لك من أن تتحول تركيا من لعب دور الوساطة في الخلافات العربية السورية إلى التدخل العسكري. هل لمست شيئا من هذا في تحركات تركيا الأخيرة؟
هذا أيضا اعتبره البعض دفاعا عن سوريا. لكن الهدف من هذا في الحقيقة هو حماية تركيا من أن تتمزق، وتسقط هذه التجربة الجديدة، لأنني أعتقد أنه في حالة ما تدخلت تركيا في سوريا سيلحق خطر كبير بوضع تركيا، وسيكون حماقة وقرارا خاطئا ستنتج عنه حرب إقليمية، وقد تتحرك أوجاع كثيرة داخل تركيا بسبب هذا، فأنا حريص ألا تحدث مواجهة بين إيران وتركيا أو بين الشيعة والسنة في المنطقة. هذه كلها خطوط حمراء بالنسبة إلي، بغض النظر عن مسؤولية هذا الطرف أو ذاك. إذا حدث هذا فكل المكاسب التي حققتها الثورات سوف تتراجع في غضون سنتين أو ثلاث أو خمس، وأمريكا هي التي ستستفيد لأنها تصطاد في الماء العكر، لذلك أرى أن هناك حدودا يجب عدم تخطيها.على سبيل المثال، أنا أفهم أن تقع خصومة سياسية بين المغرب والجزائر، لكن ما لا أفهمه هو قطع العلاقات وإقفال الحدود. أنا أفهم أيضا أن تحدث هناك خلافات عربية وتأخذ دولة عربية موقفا من هذا البلد أو ذاك، أما أن تُخرج الجامعة العربية بلدا عربيا من عضويتها فهذا لا يحق لها لأنه خروج على المبدأ الذي هو عدم التدخل في الشؤون الداخلية. الوضع العربي إذا فتح فيه الباب على مصراعيه كأن يتدخل المغرب في الجزائر وتتدخل الجزائر والمغرب في تونس وليبيا... وسيكون هناك تدريب وسلاح وإدخال معارضات وإسقاط أنظمة، هذا برأيي سيحول الوضع العربي إلى وضع كارثي.
حتى إذا كان النظام المُتدخل فيه نظاما دمويا لا يتوقف عن تقتيل شعبه، وأتحدث هنا تحديدا عن النظام السوري.
أنا لا أوافق أن ينحصر النقاش في بلد بعينه، بل علينا أن نرسّخ مبادئ تكون معترفا بها من جميع الدول. من ناحية أخرى، فمنهجيا، يكون هناك دائما واقع راهن تكتيكي، وهناك جانب مبدئي ثابت، فإذا غلبنا الحالة التكتيكية على الجانب المبدئي فإنك تدخل في ازدواجية المعايير، وهي لعبة خطيرة تتسبب في الخلط بين المبدأ وتحديد موقف.
- ما هو المبدأ هنا؟
هو عدم التدخل واحترام الدول لبعضها
- والتكتيك هو الموقف من العنف والتقتيل؟
نعم، الموقف من التقتيل والعنف، موقف سياسي من هذا الجانب أو ذاك. نفس الشيء إذا جاءت إيران وتدخلت في الصراع، سيكون هناك خلل مبدئي. العالم العربي والعالم الإسلامي يجب أن تجمع بينهما علاقات تضامن وتكريس علاقات عدم الاعتداء. فإذا قامت مثلا ثورة في البحرين هل سيكون هناك مبرر لإيران أو العراق للتدخل عسكريا في البحرين. كل الذين يتحمسون الآن للموضوع السوري لا يستطيعون أخذ الموقف نفسه من حالات أخرى.
- ما يحدث الآن في سوريا عمّق من ارتباك وتناقض موقف محور المقاومة والممانعة في فلسطين ولبنان وإيران من النظام السوري. فمن جهة، النظام السوري محسوب على محور الممانعة هذا، ومن جهة أخرى هو نظام استبدادي ودموي.
حقيقة، سوريا وضعها معقد جدا ومختلف عن مصر أو ليبيا أو اليمن... وهذا يعود إلى الأسباب التي ذكرتها أنت. فمن جانب، وضع سوريا مرتبط بالمقاومة والممانعة في المنطقة، وهناك جانب آخر متعلق بتقدير الموقف، فإذا تحول الصراع إلى صراع طائفي فإن هذا سيفقد الثورة معناها، ويصبح العنف مشاعا بين كل القوى. الجانب الثالث هو أن الصراع قد يتحول إلى صراع طائفي إقليمي، لذلك أنا مع اعتماد المبادرة العربية وتصحيحها والزيادة فيها، وعدم اللجوء إلى دفع الصراع إلى حده الأقصى. وبرأيي هذا الموقف الحكيم هو الذي يجب أن تأخذ به المعارضة السورية، ويأخذ به النظام. بالمناسبة في كل مشكل هناك رأي يرى بضرورة استمرار هذا النظام، ورأي مخالف له، فأنت عندما تعالج مشكلا في بلد ما تعالجه بأخذ جميع الحيثيات والحسابات وتقديرات الموقف بالاعتبار، وليس بمنطق الحق والباطل فقط. علماء المسلمين عندما قبلوا بحكم الغَالب والمُلك العضوض لم يقبلوا ذلك لأن هناك قناعة به، ولكن خافوا من الفتنة. لذلك لا يكفي أن تقول إن هذا النظام فيه الصفات الفلانية، وبالتالي حق عليه القول. هذا جانب، لكن الجانب الآخر هو أين ستذهب بالبلاد؟ وما هي موازين القوى؟ الآن مثلا هناك رهان على الاستنجاد بقوات خارجية.
- من يستنجد بها في سوريا؟
بعض القوى في المعارضة، وهؤلاء كان أمامهم النموذج الليبي، أن يأتي الناتو، فاكتشفوا أن الناتو لن يأتي.
- ما الذي يمنع الناتو من المجيء إلى سوريا؟
معرفته بأنه إذا جاء إلى سوريا سيلاقي مقاومة، والناتو ذهب إلى ليبيا بدون مقاومة، إذ لم يطلق القذافي ولو صاروخا واحدا ولا مضادا حتى على طائرات الهيليكوبتر، لكي يتركوه يقصف الزنتان ومصراتة، فالناتو لم يكن مع القذافي ولم يكن مع الشعب الليبي أو المجلس الانتقالي.
- هل تواطأ الناتو مع القذافي على هذا؟
الناتو تواطأ مع الطرفين، حتى المجلس الانتقالي سكت وقبِل بأن يترك بوارج حربية للقذافي في المياه الإقليمية لمصراتة تقصف المدينة عدة أسابيع وطائرات الناتو فوقها لا تضربها. هم صمتوا وتستروا على هذا بمنطق ألا يغضب منهم الناتو، والقذافي وجدها فرصة لإسقاط مصراتة.
- لنعد إلى موضوع سوريا. هل تعني أن هذا لا يمكن أن يتحقق للناتو في سوريا؟
الناتو يعرف بأنه إذا دخل إلى سوريا ستكون هناك مقاومة إقليمية، وهذا لا الناتو ولا أمريكا ولا حتى تركيا مستعدة له.
- هل يمكننا أن نستنتج من هذا بأنه حتى التهديد بضرب إيران يبقى مجرد كلام؟
بالتأكيد، فقد ظلوا يقولون منذ خمس سنوات إنهم سيضربونها، وفي كل مرة يحمون الوطيس ثم يبردونه. لماذا لا يضربونها؟
- يعني هذا بأنه لا الناتو ولا أمريكا ولا إسرائيل ستقوى على ضرب إيران؟
لا نستطيع قول لا يمكن. هم لحد الآن مترددون، لأنه إذا جاءت لحظة تصوروا فيها أن بإمكانهم ضرب إيران أو غيرها فلن يترددوا. فيما يتعلق بسوريا قضية التدخل موضوعة على الطاولة منذ خمسة أو ستة أشهر. هناك أيضا دول عربية أحست بنبض فرنسا وأمريكا وقالت لهما نحن لسنا قادرين على التدخل في سوريا.
بعض الدول العربية، والخليجية بالتحديد، أصبحت تعطي دروسا في الديمقراطية والثورة، بينما هي دول لا تحترم إرادة شعوبها؟
عندنا مثل في المشرق يقول «فرفور ذنبه مغفور»، فالخليج عنده فلوس ونفط وله وضع معين، لذلك يعطينا دروسا في الديمقراطية، وعلينا أن نتعلم منه (يضحك)
- كيف تلقيت نقاش انضمام المغرب والأردن إلى مجلس التعاون الخليجي؟
أنا أعتقد أنهم غيروا موقفهم بعدما نجح حزب العدالة والتنمية في المغرب. هم أصلا لما طرحوا هذا الموضوع اعتبروا أن المغرب والأردن ممكن أن يبعثا لهم رجالا للقتال. لقد تذكروا أن هناك ملكيتين في المغرب والأردن بعدما لاحظوا أن الثورات العربية تمضي بلا هوادة. وهم طبعا لن ينجوا جميعهم من هذه الثورات.
- هل تتوقع بأن هناك دولا بعينها في الخليج سيأتي عليها الدور قريبا؟
الثورة الحالية أصبحت مناخا عاما ولم تعد مسألة قطرية، حتى أن بعض الخليجيين صاروا من أبطالها ودعاتها والمنظرين لها، وهذا مناقض لطبيعتهم، وبالتالي لماذا يستثنون؟. وبالمناسبة هل اليمن ليس من الخليج؟ هل العراق ليس من الخليج؟ المغرب وحده من الخليج؟! من ناحية أخرى، حتى لو دخل المغرب والأردن إلى الخليج سيسعدني هذا لأن أي خطوة وحدوية تُزال فيها التأشيرات ويكون هناك اختلاط بين الشعوب، حتى لو لم أكن موافقا الآن على مراميها السياسية فإنني من حيث المبدأ مع هذه الوحدة، لأنني منذ زمان لم أربط أي وحدة عربية بشروط، فالوحدة في حد ذاتها غاية، وبقية النواقص التي تحملها يمكن أن تُصحح لاحقا.
- قبل حوالي ثلاث سنوات تمنيت قرب انتهاء الخلافات بين إيران والدول العربية. لكن يبدو الوضع الآن أكثر تعقيدا واختلالا.
أعتقد أن تحويل إيران إلى عدو بدل الكيان الصهيوني وأمريكا هو ما يعقد الأمور، لكن ليست هناك أرضية تستدعي الدخول في حرب من أجلها. نعم هناك خلافات وتناقضات وصراعات، هناك شكاوى من جانب العرب على إيران ومن إيران على العرب، لكن ذلك لا يحل بالحرب والقطيعة وسفك الدماء.
- ما هي مكامن التناقض العربي الإيراني؟ هل هي تاريخية نفسية، أم واقعية براغماتية؟
لعلمك، فقد كان التناقض بين العرب وإيران موجودا أيام الشاه أكثر مما هو موجود الآن. وكان التناقض التركي العربي أيام وجود تركيا في الحلف الأطلسي على أشده. أنا أعتقد أنه مع الثورة الإسلامية ومع أردوغان دخل العرب إلى مرحلة أفضل في العلاقة مع إيران وتركيا، مما كانت عليه مع الشاه في إيران والعسكر في تركيا.
- ما الذي يجعل العرب مرتابين في نوايا إيران ومتوجسين منها؟
واحد من الأسباب يتمثل في الخلاف الذي دار ويدور حول العراق. أيضا هناك خلاف على الطريقة التي تعالج بها القضايا والتدخل الأجنبي. أمريكا مثلا عندما تتدخل في الشؤون العربية والإسلامية لا تريد أن تُحل الخلافات بطريقة أخوية، فحماس مثلا علاقتها توقفت لمدة مع السعودية ولم تقم بينهما حتى وساطة.
- هل يعود ذلك إلى ارتباط حماس بإيران؟
لا، حماس حركة مستقلة لها علاقات مع إيران، كما لها علاقات مع بلدان متعددة، ولكن أتى محور الاعتدال العربي وناصب حماس العداء، بينما حماس لم تناصب هذه الدول العداء. الأردن هو الذي طرد حماس من أراضيه وليس حماس التي خرجت من الأردن. أليس عجيبا أن تعادي إيران وهي تقف إلى جانب المقاومة وترفض الاعتراف بالكيان الصهيوني؟!
- أين يكمن الخلل والمشكل إذن في العلاقات العربية- الإسلامية؟
المشكل في سياسة الاعتدال العربي التي كانت مرتبطة بأمريكا، خاصة في العشر سنوات الأخيرة. هذا هو سبب الإشكالات الأساسية. تصور أن يقع عدوان عسكري على غزة في
-2008 2009، ولم تدع الدول العربية إلى قمة تقول فيها إنها مع الشعب في قطاع غزة ضد العدوان. هذا سبب رئيسي في قيام الثورات، فبعد فشل أمريكا وفشل العدوان على لبنان وفي قطاع غزة أصبحت الأمور ناضجة لقيام الثورات بسبب ما أداه ذلك من تغيير في ميزان القوى في غير مصلحة أمريكا والكيان الصهيوني، ومن ثم في غير مصلحة دول الاعتدال العربي.
- هل يعني صعود الإسلاميين، إلى الحكم في عدد من الدول العربية، مضاف إليها تركيا، أن الشعوب اختارت هذه الأحزاب لبرامجها السياسية، أم هو رد فعل عقابي من الشعوب لأحزاب وأنظمة بدأت اشتراكية وليبرالية ثم تحولت إلى أنظمة بوليسية عسكراتية؟
أولا، أنا لا أعتبر أن النظام التركي نظام إسلامي، لأنه لا يعتبر نفسه كذلك. هناك محاولة قسرية للقول بأن أردوغان يقود حركة إسلامية، فيما أعلن أردوغان أن حزبه حزب علماني. نعم أردوغان مسلم وزوجته مسلمة، لكن أعضاء الحزب فيهم المسلم والعلماني غير الإسلامي، لذلك أعتبره حزبا وطنيا تركيا ليبراليا علمانيا، ولكنه أخذ مواقف فيها جوانب إيجابية فصار هناك تياران، تيار في الغرب يقول هكذا يجب أن يكون الإسلام: ليبراليا علمانيا متوافقا مع الناتو ومعترفا بإسرائيل، وبالتالي تعمدوا اعتبار النظام التركي إسلاميا. وتيار من الإسلاميين رأى النجاحات والمواقف الإيجابية التي حققتها تركيا تحت قيادة هذا الحزب فصار يطمح إلى الاقتداء به واعتباره إسلاميا رغما عنه.
- مثل راشد الغنوشي في تونس؟
لا، ليس راشد الغنوشي تحديدا، بل بشكل عام، فحتى وسط القوى القومية والعلمانية هناك من لايزال مصرا على أن أردوغان يمثل الحركة الإسلامية، وبرأيي، أن أردوغان لا يمثل الحركة الإسلامية.
- وبالنسبة إلى العالم العربي. هل يمكن اعتبار صعود موجة الأحزاب الإسلامية إلى الحكم هو بفعل برامجها السياسية والاجتماعية، أم لاعتبارات خارجة عن ذلك؟
أنا أعتبر أن الحركات الإسلامية التي نجحت في الانتخابات بعدد من الدول العربية نجحت بفعل برامجها ونضالاتها وتضحياتها، وليس لأن أعضاءها يُصلون، وإلا لكان كل مشايخ المساجد وصلوا إلى البرلمانات. القصة هي أن الإسلاميين لديهم لغة خطاب تدخل إلى قلوب الناس، عكس اليساريين الذين يستعملون لغة تنفر الناس؛ فإذا تحدثوا عن المرأة تنافروا مع الناس، وإذا تحدثوا عن الحريات تنافروا مع الناس
- هل الخلل في الناس أم في هؤلاء اليساريين؟
(يضحك) هل الخلل في الأمة؟
- دعني أفكك سؤالي. اليساريون عندما يتحدثون عن المساواة بين النساء والرجال، أو عن الحريات الفردية، ينطلقون من مرجعيتهم الحداثية الكونية وينهلون من منظومة حقوق الإنسان، وإلا لن يكونوا يساريين؟
أمريكا نفسها متحفظة على ميثاق حقوق الإنسان مثل الإعدام والإجهاض، فلماذا لا نتحفظ بدورنا على بند أو بُندين؟ اليسار، وأنا هنا أتحدث عن اليسار المناضل وليس اليسار الذي باع نفسه لأمريكا، هذا اليسار الذي مازلت متعاطفا معه، وأتمنى ألا يغيب عن الساحة نظرا لأن دوره مهم، فهو يضيء ويساهم أفضل من الحركات الإسلامية في فهم الوضع العالمي. الحركات الإسلامية، والفكر الإسلامي عموما، لم يدرس إلى هذه اللحظة النظام الرأسمالي العالمي والإمبريالي دراسة دقيقة، فالإسلاميون مثلا مهتمون بالرأسمالية فيما يتعلق بالبنوك الربوية. هذا شيء جزئي بسيط، الرأسمالية والبنوك هما أخطبوط يسيطر على المجتمعات وينهبانها، ليس فقط بالربا، فالربا والفوائد قد لا تتعدى أحيانا1 في المائة. اليسار له طريقة أفضل لفهم طبيعة النظام الرأسمالي. اليسار أيضا له تراث في الدفاع عن العمال والفقراء وهذا أيضا شيء مهم، أما الإسلاميون فلهم فهم يقوم على المساعدات والجمعيات الخيرية والعمل الإحساني. لكن مشكلة اليساريين هي أنهم مشبعون بأفكار غربية عن الدين وعن عادات المجتمع والعلاقة بالناس. هل من اللازم، مثلا، عندما تتحدث عن حقوق المرأة أن تقول إن المرأة لازم تطلع في عمر 18 سنة من بيت والدها وتستقل بذاتها؟ عندما تتحدث إلى الناس بهذه الطريقة فإن كل رجل في البلد يخشى على ابنته. عندما يتحدثون عن الحقوق الفردية، هل من اللازم أن يقحموا الحديث عن المثليين جنسيا؟ لذلك تجد أن هناك صداما دائما بين اليساريين وبين الناس، على عكس الإسلاميين. أنا كنت يساريا ولم أكن أتبنى مثل هذا الطرح، إذ كنت دائما أركز على ما هو أساسي ولا أدخل معارك جانبية وقضايا ثانوية. هؤلاء اليساريون يشبهون في هذا الأمر المتطرفين الإسلاميين الحَرفيين الذين يرون أن إقامة الحد في السرقة أولى من تحرير البلاد وإقامة العدالة الاجتماعية، مع العلم أن المقاصد العليا للشريعة أولى بالتحقيق والتطبيق من الجزئيات التي يغلبونها على القيم العليا في الإسلام، دون إنكار أن الجزئيات هي جزء من المنظومة الكلية للإسلام، فالمسألة مسألة أخذ بالأولويات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.