مستشارو الملك يجتمعون بزعماء الأحزاب لمناقشة تحيين مبادرة الحكم الذاتي    أخنوش يستعرض أمام البرلمان الطفرة المهمة في البنية التحتية الجامعية في الصحراء المغربية    زيارة وزير الخارجية السنغالي للمغرب تفتح آفاقاً جديدة للشراكة الثنائية    مئات المغاربة يجوبون شوارع باريس احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء المظفرة    أخنوش: الحكومة تواصل تنزيل المشروع الاستراتيجي ميناء الداخلة الأطلسي حيث بلغت نسبة تقدم الأشغال به 42 في المائة    إطلاق سراح الرئيس الفرنسي الأسبق نيكولا ساركوزي وإخضاعه للمراقبة القضائية    المعارضة تقدم عشرات التعديلات على مشروع قانون المالية والأغلبية تكتفي ب23 تعديلا    تداولات بورصة البيضاء تنتهي "سلبية"    رسميا.. منتخب المغرب للناشئين يبلغ دور ال32 من كأس العالم    ندوة حول «التراث المادي واللامادي المغربي الأندلسي في تطوان»    أخنوش: "بفضل جلالة الملك قضية الصحراء خرجت من مرحلة الجمود إلى دينامية التدبير"    كرة أمم إفريقيا 2025.. لمسة مغربية خالصة    مصرع شخص جراء حادثة سير بين طنجة وتطوان    أمن طنجة يُحقق في قضية دفن رضيع قرب مجمع سكني    نادية فتاح العلوي وزيرة الاقتصاد والمالية تترأس تنصيب عامل إقليم الجديدة    "حماية المستهلك" تطالب بضمان حقوق المرضى وشفافية سوق الأدوية    المنتخب المغربي لأقل من 17 سنة يضمن التأهل إلى الدور الموالي بالمونديال    انطلاق عملية بيع تذاكر مباراة المنتخب الوطني أمام أوغندا بملعب طنجة الكبير    المجلس الأعلى للسلطة القضائية اتخذ سنة 2024 إجراءات مؤسسية هامة لتعزيز قدرته على تتبع الأداء (تقرير)    لجنة الإشراف على عمليات انتخاب أعضاء المجلس الإداري للمكتب المغربي لحقوق المؤلف والحقوق المجاورة تحدد تاريخ ومراكز التصويت    "الإسلام وما بعد الحداثة.. تفكيك القطيعة واستئناف البناء" إصدار جديد للمفكر محمد بشاري    تقرير: احتجاجات "جيل زد" لا تهدد الاستقرار السياسي ومشاريع المونديال قد تشكل خطرا على المالية العامة    صحة غزة: ارتفاع حصيلة شهداء الإبادة الإسرائيلية في قطاع غزة إلى 69 ألفا و179    تدهور خطير يهدد التعليم الجامعي بورزازات والجمعية المغربية لحقوق الإنسان تدق ناقوس الخطر    ليلى علوي تخطف الأنظار بالقفطان المغربي في المهرجان الدولي للمؤلف بالرباط    باريس.. قاعة "الأولمبيا" تحتضن أمسية فنية بهيجة احتفاء بالذكرى الخمسين للمسيرة الخضراء    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء    ألمانيا تطالب الجزائر بالعفو عن صنصال    82 فيلما من 31 دولة في الدورة ال22 لمهرجان مراكش الدولي للفيلم    200 قتيل بمواجهات دامية في نيجيريا    رئيس الوزراء الاسباني يعبر عن "دهشته" من مذكرات الملك خوان كارلوس وينصح بعدم قراءتها    قتيل بغارة إسرائيلية في جنوب لبنان    مكتب التكوين المهني يرد بقوة على السكوري ويحمله مسؤولية تأخر المنح    الحكومة تعلن من الرشيدية عن إطلاق نظام الدعم الخاص بالمقاولات الصغيرة جداً والصغرى والمتوسطة    الإمارات ترجّح عدم المشاركة في القوة الدولية لحفظ الاستقرار في غزة    برشلونة يهزم سيلتا فيغو برباعية ويقلص فارق النقاط مع الريال في الدوري الإسباني    إصابة حكيمي تتحول إلى مفاجأة اقتصادية لباريس سان جيرمان    اتهامات بالتزوير وخيانة الأمانة في مشروع طبي معروض لترخيص وزارة الصحة    توقيف مروج للمخدرات بتارودانت    الركراكي يستدعي أيت بودلال لتعزيز صفوف الأسود استعدادا لوديتي الموزمبيق وأوغندا..    الدكيك: المنتخب المغربي لكرة القدم داخل القاعة أدار أطوار المباراة أمام المنتخب السعودي على النحو المناسب    لفتيت: لا توجد اختلالات تشوب توزيع الدقيق المدعم في زاكورة والعملية تتم تحت إشراف لجان محلية    العالم يترقب "كوب 30" في البرازيل.. هل تنجح القدرة البشرية في إنقاذ الكوكب؟    كيوسك الإثنين | المغرب يجذب 42.5 مليار درهم استثمارا أجنبيا مباشرا في 9 أشهر    ساعة من ماركة باتيك فيليب تباع لقاء 17,6 مليون دولار    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    حسناء أبوزيد تكتب: قضية الصحراء وفكرة بناء بيئة الحل من الداخل    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    بين ليلة وضحاها.. المغرب يوجه لأعدائه الضربة القاضية بلغة السلام    الكلمة التحليلية في زمن التوتر والاحتقان    الدار البيضاء: لقاء تواصلي لفائدة أطفال الهيموفيليا وأولياء أمورهم    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    سبتة تبدأ حملة تلقيح جديدة ضد فيروس "كورونا"    دراسة: المشي يعزز قدرة الدماغ على معالجة الأصوات    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



هل تشكل البنوك الإسلامية إضافة إيجابية للاقتصاد المغربي؟
مؤشرات كثيرة تفيد بقرب الترخيص لها بالمغرب ومعيقات تلوح في الأفق
نشر في المساء يوم 28 - 12 - 2011

أسبوعان فقط بعد إعلان اكتساح حزب العدالة والتنمية للانتخابات وشروع قيادته في تشكيل الحكومة التي ستقود المغرب للسنوات الخمس المقبلة،
عاد الحديث بقوة عن إمكانية إنشاء بنوك إسلامية في المغرب مع استقبال أمينه العام لوفد قطري يبحث إمكانية إنشاء بنك إسلامي ومؤسسة تأمين إسلامية. النقاش ليس وليد اليوم، بل إنه بدأ قبل أزيد من عقدين، مع طلبات كثيرة بقيت حبيسة رفوف السلطات المالية، وطيلة هذه المدة، ومع إصرار عدد من الجهات على ضرورة أن يفسح المجال أمام التمويل الإسلامي، كما يحدث في عدد من الدول العربية، وتقديمها لمبررات قوية منها ضعف نسبة الاستبناك، والرغبة في توفير منتوجات لفئات عريضة من المواطنين ممن لا تغريهم المنتوجات التقليدية الربوية، وجد بنك المغرب في التمويلات البديلة مخرجين لكنها فشلت بعد خمس سنوات بدليل الحصيلة غير المعلنة.
في هذا الملف رصد لأهم المستجدات التي يشهدها ملف البنوك الإسلامية، وفيه آراء مختصين ومهتمين بقطاع التمويل الإسلامي.
الخطوة التي أقدم عليها بنك المغرب، بالترخيص لتسويق منتوجات بديلة، بعد مشاورات مع المجموعة المهنية لبنوك المغرب، هي حسب المتتبعين نتيجة طبيعية لحاجة عبرت عنها شرائح عريضة من المستهلكين الرافضين لأي نوع من التعامل بالمنتوجات الكلاسيكية المخالفة للضوابط الشرعية، وهي أيضا استجابة لضغط بعض البرلمانيين، خاصة المنتمين إلى حزب العدالة والتنمية، وأيضا تحت إلحاح عدد من المستثمرين الخارجيين، خاصة المنتمين إلى دول الخليج وشرق آسيا.
عملية إخراج هذه المنتوجات، سبقتها مشاورات ودراسات امتدت على مدى قرابة سنتين، وتم استقدام مجموعة من الخبراء من عدد من البنوك الإسلامية من ماليزيا والهند وبعض دول الخليج، لدراسة إمكانية وضع منتوجات جديدة بهدف استقطاب شريحة واسعة من المغاربة التي لا تهتم بالعمل البنكي في صيغته الكلاسيكية بمبرر تعامله الربوي. وكان الهدف منها قطع الطريق على أي محاولة لإنشاء بنوك إسلامية.
ويرى مهتمون بالمجال في رفض الترخيص لدخول البنوك الإسلامية إلى المغرب والاقتصار على وضع منتوجات بديلة أنه سلوك لا يتماشى والتطور العالمي الذي يعرفه القطاع المالي، وما أصبح للمالية الإسلامية والمعاملات المالية المحترِمة لمبادئ الشريعة من صدى وطلب على مستوى عدد من الدول الأوربية، خاصة فرنسا وبريطانيا، بدليل أن دراسة نشرت نتائجها وكالة التنقيط Standard and Poor's أشارت إلى أن المالية الإسلامية ستعرف تطورا كبيرا بعد صمودها أمام الأزمة المالية العالمية، وحسب هذه الدراسة فإن «عددا من المؤسسات المالية الإسلامية ظلت محمية من الأزمة المالية العالمية، وهذا راجع إلى أن مبادئ الشريعة تحرم الفائدة»، ودائما حسب الدراسة «هذه المبادئ هي التي منعتها كذلك من الاستثمار في منتوجات مالية معقدة عملت كقناة لنقل الأزمة».
المبررات المغربية لرفض الترخيص للبنوك الإسلامية، هي كما أعلن عنها عبد اللطيف الجواهري والي بنك المغرب في وقت سابق، تتلخص في أن «بنك المغرب لم يرخص للأبناك الإسلامية لأن الطلبات كانت كثيرة بالنسبة إلى السوق المغربي. إذ تلقى البنك أزيد من عشرة طلبات من كل من قطر وأبو ظبي والكويت والبحرين وليبيا، بالإضافة إلى طلب داخلي، مضيفا أنه إذا تم إعطاء ترخيص لجهة دون أخرى فلن يبقى المشكل تقنيا، وسيتحول إلى مشكل سياسي، ولتفادي هذا المشكل، اعتمد بنك المغرب 3 نوافذ إسلامية».
مبررات والي بنك المغرب لا تقنع الكثيرين ممن يطالبون بضرورة فسح المجال أمام هذه البنوك، بذريعة أن الأمر سيفيد في إضافة نقطتين إلى معدل النمو الاقتصادي في بلد يسعى إلى تسريع وتيرة النمو من أجل معالجة معضلة البطالة.
نقاش مستمر
اليوم عاد النقاش مجددا مع تولي حزب العدالة والتنمية لقيادة الحكومة، وتغيرت معطيات كثيرة، منها ما أعلن عنه الجواهري قبل أيام، خلال ندوة صحافية إذ أوضح أن البنك المركزي يناقش مع وزارة الاقتصاد والمالية كيفية إدراج المقتضيات المؤطرة لهذا النوع من المؤسسات البنكية في قانون البنوك، واعترف بأن البنك «يأخذ بعين الاعتبار هذه الآليات في إطار دعم المالية الخارجية»، وأضاف قائلا: «إذا أراد المغرب الانتقال من دائرة التمويل الإقليمي إلى نطاق التمويل الدولي، فإنه يتوجب عليه الاعتماد على جميع الأنشطة المالية».
وربط والي بنك المغرب، أيضا تطوير البنوك الإسلامية بمشروع القطب المالي للدار البيضاء، وقال إن هذا القطب «يؤطر بطبيعة الحال جميع أنواع التمويلات الممكنة، بما فيها أنشطة البنوك الإسلامية».
تصريحات الجواهري تأتي بعد أيام فقط من استقبال عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المعين، لوفد قطري حل بالمغرب لبحث إمكانية إنشاء بنك إسلامي وشركة إسلامية للتأمين. وخلال الاجتماع طرحت فكرة إنشاء بنك إسلامي وشركة إسلامية للتأمين في المغرب كتجربة رائدة ستعود بالنفع على المواطنين المغاربة الذين سيملكون 51 في المائة من أسهم المؤسسة البنكية فيما سيساهم القطريون بنسبة 49 في المائة. وهي الفكرة التي قال بخصوصها محمد نجيب بوليف، القيادي بحزب العدالة والتنمية في تصريح سابق ل «المساء» «ملف إنشاء البنوك الإسلامية بالمغرب سيجد طريقه إلى الحل، لأنه ملف رئيسي بالنسبة إلى حزب العدالة والتنمية، باعتبار أننا كنا ندعو دائما في المعارضة إلى فتح الملف، لضمان تنافسية حقيقية، ولكي يكون هناك التزام واضح تجاه المواطنين المغاربة باعتبار أن جزءا كبيرا منهم لا يريد الحلول التجارية الحالية التي تقدمها البنوك، وبالتالي ففي إطار ديمقراطية الاختيار، فالحزب سيدفع بمحاولة تأسيس بنوك إسلامية، وحتى الفاعلون الذين كان لديهم نوع من الاعتراض أو عدم وضوح الرؤية، تغير الأمر بالنسبة إليهم، وأتكلم هنا عن والي بنك المغرب الذي صار يتكلم بإيجابية، ومن المنتظر أن ينظم خلال دجنبر الحالي يوما دراسيا تكوينيا لفائدة العاملين في القطاع البنكي للتعرف على التمويلات الإسلامية، وهناك أيضا المدير العام للمركز المالي للدار البيضاء، الذي تحدث عن كون هذه التمويلات هي إيجابية بالنسبة إلى البورصة المغربية ويجب دعمها، ثم هناك مجلس القيم المنقولة، الذي أعطى إشارات واضحة بأن التمويلات الإسلامية إيجابية، وهذا ما يجعل المستثمرين الخارجيين يتحركون، بمجرد صعود العدالة والتنمية إلى الحكومة، في اتجاه ضمان مكان متقدم في القطاع».
تصريحات بوليف، القيادي بحزب العدالة والتنمية، والتي قال فيها إن «حزب العدالة والتنمية إلى جانب الشركاء الآخرين في الحكومة الحالية سيحسم في ملف التمويلات الإسلامية» تنضاف إلى تصريحات مماثلة لأكثر من قيادي بالحزب، ومنها ما صدر عن القيادي سعد الدين العثماني الذي أكد «أن من التدابير التي ستنظر فيها الحكومة التي يقودها حزبه، إنشاء بنك إسلامي في المغرب، اعتبارا لما له من قيمة إضافية كبرى لصالح البلاد، مضيفا أنه توجد حاليا صيغ مصرفية بديلة عن المعاملات البنكية التقليدية، لكنها لم تلْق الإقبال المرجو، بسبب القوانين المالية التي جعلت كُلفته مرتفعة».
العثماني أضاف أنه «وجب التفكير بجدية في إنشاء بنك إسلامي في البلاد مادامت دول أوروبية كثيرة أدركت فوائد المعاملات الإسلامية، لافتًا إلى أن المغرب سيستفيد اقتصاديًّا، نظرًا لجذب الاستثمارات وأصحاب الأموال الذين يحبذون الطريقة الإسلامية في التعامل البنكي».

مسألة وقت..
تعكف لجنة مشتركة بين بنك المغرب والمجموعة المهنية للأبناك منذ أشهر على إعادة النظر في القانون البنكي الحالي من أجل إدماج آليات التمويلات البديلة في النظام البنكي المغربي.
وتشتغل اللجنة على أساس استخلاص أهم المميزات التي تميز تجارب عدد من الدول ومنها التجربة الماليزية، التي سمحت بخلق نوع من التعددية في صيغ تمويل الاقتصاد والتي سمحت بخلق نوع من الانسجام بين التمويلات الكلاسيكية والإسلامية، وهو النموذج الذي يمكن أن يكون ملائما للمغرب.
ويرى عبد السلام البلاجي، رئيس الجمعية المغربية للدراسات والبحوث في الاقتصاد الإسلامي، أن «هناك مؤشرات قوية على قرب الحسم في ملف البنوك الإسلامية مع الحكومة الجديدة، بدليل أن معظم البرامج الانتخابية للأحزاب التي تنافست في الانتخابات الأخيرة كانت تشير إلى إمكانية تأسيس بنوك إسلامية في المغرب، وهذا ما يمكن وصفه بشبه اتفاق بين الأحزاب بما فيها أحزاب هي اليوم في المعارضة».
البلاجي يضيف، «الآن الأبواب أمام البنوك لم تعد مغلقة كما كان في السابق، والتقرير الأخير الذي صدر عن بنك المغرب، أشار إلى العمل على إخراج بنوك إسلامية وصيغ إسلامية جديدة. إذن فالمؤسسة الرسمية وهي بنك الإصدار لم يعد لديها أي مانع بل إشارات إلى ضرورة الاستفادة من تجارب دول أخرى مثل ماليزيا التي نجحت في التعايش بين البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية. يضاف إلى ذلك «تقرير البورصة الذي صدر قبل شهر، والذي ركز بشكل كبير على البنوك والصيغ الإسلامية وضرورة أن تجد لها مكانا في المغرب».
السؤال العريض الذي يطرح نفسه بإلحاح هو ما سبب هذا التحول في مواقف عدد من الأطراف التي كانت تمانع في الترخيص للبنوك الإسلامية بالدخول إلى حلبة المنافسة في المغرب، منذ أزيد من عقدين؟
يرى عبد اللطيف شقيري، أستاذ قانون الهندسة المالية بجامعة الحسن الأول بسطات، أن الفكرة التي تقول إن رفض الترخيص لإنشاء بنوك إسلامية بالمغرب سببه ضغوطات تمارسها جهات حكومية مجانبة للصواب، ويرى أن من الضروري التأكيد أن القانون المنظم للقطاع البنكي يمكن من منح صفة البنك الإسلامي لأي بنك يريدها، والقول بأن الدولة ترفض الترخيص لمثل هذه البنوك غير صحيح، لغياب أي إثبات بوجود أي سلطة من السلط تمنع وجودها. وليس هناك أي تشريع يمنع وجود هذه البنوك، والقانون المنظم للمهنة يشترط بعض الشروط الشكلية الواجب توفرها، والمادة الأولى من هذا القانون تشترط أن تكون مؤسسات الائتمان على شكل شركات مساهمة، وربما لم تحترم الطلبات المقدمة هذا الشرط أو شروطا أخرى، وطالما نحن في دولة تحترم القانون فمن حق هؤلاء التوجه إلى المحكمة الإدارية، والقضاء مؤهل للنظر في مدى احترامها للضوابط القانونية أو القول بأن الجهات المسؤولة ترفض الترخيص لها بدون مبررات قانونية».
المصدر ذاته يضيف: «اعتقد أن مسؤولي البنوك الإسلامية يعرفون مسبقا أن نسبة الاستبناك في المغرب ضعيفة، ولو أنها وجدت فيه سوقا قابلة للاتساع والتطور لأمكنها إيجاد عدة طرق للدخول، منها التأقلم مع التشريع المغربي المنظم لشركات الائتمان..».
من جهته يرى عبد السلام البلاجي، أن «الذي تغير هو الظروف الاقتصادية الدولية التي تنظر إلى كل ما هو إسلامي بعين الشك والتخوف، وهذه مسألة أضحت متجاوزة، وفي فرنسا مثلا، فمنذ 2007 أصدر مجلس الشيوخ الفرنسي تقريرا تحت عنوان «المالية الإسلامية»، ويقول بضرورة إدماج المالية الإسلامية في المالية الفرنسية، مضيفا أن التشريع الفرنسي يضم مجموعة من المبادئ القرآنية وأنه لا يتعارض مع التشريع الفرنسي، وإذا كان هذا يحصل في المناخ الدولي، ففي مناخ إسلامي مثل المناخ المغربي فالأحرى أن نحسم في هذا الملف، وللأسف انتظرنا حتى تأخذ فرنسا القرار».
تحدي المنافسة..
في سنة 2008 نشرت جريدة «لا تريبون» دراسة «تشير إلى أن سكان العالم الذين يدينون بالإسلام يمثلون 25 في المائة، ويقدر البعض أن ما بين 40 و 50 في المائة من الادخار سيدبر طبقا للشريعة الإسلامية خلال 8 أو 10 سنوات عوض 10 في المائة خلال سنة 2007، ولهذا يرى المهتمون أن المغرب مطالب باللجوء إلى إنشاء هذه المؤسسات المالية لحاجة المجتمع والاقتصاد الوطني إليها، كما أن النظام المالي الإسلامي يمكن أن يكون مكملا للنظام المالي التقليدي، وذلك بخلق منافسة صحية، من شأنها إغناء الحقل المالي والبنكي بالمغرب، بمنحه قدرة على جلب رؤوس أموال ومنح المستثمرين إمكانية مصاحبة استثماراتهم ببنوك أو شركات استثمارية خاضعة لمبادئ الشريعة الإسلامية كما هو جار على مستوى العالم أجمع.
عنصر المنافسة القوية التي تمثلها البنوك الإسلامية لنظيرتها التقليدية، هو تحد آخر أمام المنتوجات الإسلامية، وفي هذا الإطار يرى، البلاجي أن «هذا التخوف تجاوزته كثير من البنوك الفرنسية في الخليج، لأنها فتحت شبابيك تتعامل وفق أحكام الشريعة الإسلامية، وأصبحت لها فروع تعامل بكلا النظامين أي الإسلامي والتقليدي، لكن مع ضرورة أن تكون هناك مراقبة شرعية حتى لا يتم التلاعب بعقائد الناس ورغباتهم، واليوم يمكن أن تكون هنا فترة تعايش وتنافس بين الأسلوبين، ومن أثبت جدارته سيستمر في السوق، وعلى الأقل يجد المتعاملون مع الأبناك بدائل ولا يضطرون إلى التعامل مع منتوج واحد».
هناك بعض البلدان مثل باكستان، يقول المصدر ذاته، «حيث انتهجت الدولة خطة تم في المرحلة الأولى منها التعايش بين البنوك الإسلامية والبنوك التقليدية، ثم في مرحلة ثانية تم تغليب البنوك الإسلامية على البنوك التقليدية ثم في مرحلة ثالثة إدماج البنوك التقليدية في الأسلوب الإسلامي.. وفي اعتقادي أن الأمر يجب أن يترك لما يريده الزبناء، وإذا كان هناك زبناء يفضلون استمرار البنوك التقليدية، فعلى الأقل لا يحرم الآخرون ممن يرغبون في التعامل مع البنوك الإسلامية».


البلاجي: إذا لم يأخذ المغرب المبادرة في المنطقة فالفرصة ستضيع
«هناك تغيرات دولية وتسابق كبير بين فرنسا وبريطانيا لاستقطاب البنوك الإسلامية، يقول المصدر ذاته، والمغرب مؤهل لأن يكون منافسا قويا لوجوده في شمال إفريقيا وصلته الوطيدة مع دول إفريقيا الغربية الناطقة بالفرنسية وصلته مع جنوب أوربا، ثم إمكانية أن تكون له صلة متينة مع دول القارة الأمريكية، هذه كلها مؤشرات تمكنه من أن يصير سوقا مالية للتمويلات الإسلامية كما هو الحال بالنسبة للبحرين في الشرق العربي، وعلى المغرب ألا يستمر في التأخير الحاصل في هذا المجال، لأن القطار لن ينتظرنا إلى الأبد، وتونس دخلت المنافسة منذ شهر يوليوز الماضي، وإذا لم يأخذ المغرب المبادرة في المنطقة، فالفرصة ستضيع، زد على ذلك أن هناك طلبا شعبيا كبيرا على التمويلات الإسلامية».



الشقيري: اللوبي البنكي لا يتحرك طالما يعرف أن هناك معيقات قانونية
من المتوقع أن يصطدم الترخيص للبنوك بعدد من المعيقات، وخاصة منها المعيقات القانونية، وبالخصوص القوانين التي تتطرق للفائدة، وجب أن يتم تعديل عدد من الفصول إذ نجد أن ظهير الالتزامات والعقود يحرم الفائدة، ونجد عددا من المواد في مدونة التجارة تتحدث عن الفوائد والعمولات، ومن الضروري أيضا إدخال تعديلات على تدابير حماية المستهلك التي تتحدث عن الفائدة، لأنه لا يمكن أن نعدل القانون البنكي ونسمح بوجود بنوك إسلامية ولا نعدل القوانين المرتبطة بالعمل البنكي، وهذا في رأيي من المعيقات الصعبة التي ستواجه الدولة.
اللوبي البنكي لا يحرك ساكنا طالما يعرف بوجود المعيقات القانونية التي أشرت إليها، وفي هذه الحالة سنكون أمام خيارين، إما تعديل الترسانة القانونية الحالية وهذا ورش ضخم يحتاج إلى عمل مضن، أو نلجأ إلى وضع قانون خاص بالمؤسسات البنكية الإسلامية، وحتى فكرة القطب المالي للدار البيضاء، يمكن أن يطرح إشكالية تضارب القوانين ووجود قانون جديد وآخر قديم.
اللوبي البنكي، يراقب الآن النقاش الدائر بخصوص الملف، لكن ماذا ستكون ردة فعله بخصوص مبدأ المنافسة غير المشروعة، خاصة إذا علمنا أن البنوك الإسلامية تتعامل بنسبة صفر فائدة، في حين أن البنوك التقليدية تطبق نسبا مرتفعة، وهذا يفرض أن ندخل تعديلات جذرية على قانون المنافسة المشروعة، لأن المؤسسات التقليدية تجد نفسها متضررة من منتوجات البنوك الإسلامية.
الخلاصة، هي أن الملف ضخم ويجب إشراك عدد من الأطراف منها رجال الاقتصاد والخبراء الماليون ورجال الدين والجامعيون، على أساس وضع أرضية للانطلاق تحول دون ارتكاب زلات قانونية ونجد أنفسنا بعد سنتين أو أكثر أمام قانون تتخلله العديد من الثغرات.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.