الحكومة والنقابات توقعات على زيادات عامة في الأجور وتخفيضات في الضريبة على الدخل    بالفيديو.. الجيش الإسباني ينفذ تمارين عسكرية على الحدود مع الناظور    الصين: "بي إم دبليو" تستثمر 2,8 مليار دولار اضافية شمال شرق البلد    200 مليون مسلم في الهند، "أقلية غير مرئية" في عهد بهاراتيا جاناتا    تقرير: المغرب وإسرائيل يسعيان تعميق التعاون العسكري رغم الحرب في غزة    منظمة المطبخ المركزي العالمي تستأنف عملها في غزة بعد مقتل سبعة من عمالها    استطلاع.. غالبية المريكانيين كيبان ليهوم أن إدارة ترامب أنجح من ديال بايدن    أول تعليق من مدرب نهضة بركان على مواجهة الزمالك في نهائي كأس "الكاف"    يوسفية برشيد يضع قدمه الأولى في القسم الثاني بعد التعادل مع تطوان    ماركا: المغرب يستغل الفرصة.. استعدادات متقدمة لنهائيات كأس العالم وسط فضائح الاتحاد الإسباني    طقس الإثنين.. أمطار ضعيفة وثلوج بهذه المناطق    رواد مركبة الفضاء الصينية "شنتشو-17" يعودون إلى الأرض في 30 أبريل    هجوم مسلح يخلف سبعة قتلى بالاكوادور    إدارة أولمبيك خريبكة تحتح على الحكام    "عشر دقائق فقط، لو تأخرت لما تمكنت من إخباركم قصتي اليوم" مراسل بي بي سي في غزة    "العدالة والتنمية" يندد بدعوات إلى استقالة ابن كيران بعد خسارة انتخابات جزئية    مدرب بركان يعلق على مواجهة الزمالك    فريق يوسفية برشيد يتعادل مع "الماط"    "العدالة والتنمية" ينتقد حديث أخنوش عن الملك خلال عرض حصيلته منددا بتصريح عن "ولاية مقبلة"    كلمة هامة للأمين العام لحزب الاستقلال في الجلسة الختامية للمؤتمر    البطولة: المغرب التطواني يضمن البقاء ضمن فرق قسم الصفوة وبرشيد يضع قدمه الأولى في القسم الثاني    مرصد يندد بالإعدامات التعسفية في حق شباب محتجزين بمخيمات تندوف    بايتاس: ولوج المغاربة للعلاج بات سريعا بفضل "أمو تضامن" عكس "راميد"    مكناس.. اختتام فعاليات الدورة ال16 للمعرض الدولي للفلاحة بالمغرب    طنجة تسجل أعلى نسبة من التساقطات المطرية خلال 24 ساعة الماضية    ماذا بعد استيراد أضاحي العيد؟!    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس الجائزة الكبرى لجلالة الملك للقفز على الحواجز    الدرهم يتراجع مقابل الأورو ويستقر أمام الدولار    تعميم المنظومتين الإلكترونييتن الخاصتين بتحديد المواعيد والتمبر الإلكتروني الموجهة لمغاربة العالم    بعد كورونا .. جائحة جديدة تهدد العالم في المستقبل القريب    مقايس الامطار المسجلة بالحسيمة والناظور خلال 24 ساعة الماضية    الأسير الفلسطيني باسم خندقجي يظفر بجائزة الرواية العربية في أبوظبي    الجهود الدولية تتكثف من أجل هدنة غزة    "البيغ" ينتقد "الإنترنت": "غادي نظمو كأس العالم بهاد النيفو؟"    الفيلم المغربي "كذب أبيض" يفوز بجائزة مهرجان مالمو للسينما العربية    اتفاق جديد بين الحكومة والنقابات لزيادة الأجور: 1000 درهم وتخفيض ضريبي متوقع    دراسة: الكرياتين يحفز الدماغ عند الحرمان من النوم    التاريخ الجهوي وأسئلة المنهج    طنجة "واحة حرية" جذبت كبار موسيقيي الجاز    تتويج الفائزين بالجائزة الوطنية لفن الخطابة    المعرض الدولي للفلاحة 2024.. توزيع الجوائز على المربين الفائزين في مسابقات اختيار أفضل روؤس الماشية    نظام المطعمة بالمدارس العمومية، أية آفاق للدعم الاجتماعي بمنظومة التربية؟ -الجزء الأول-    خبراء "ديكريبطاج" يناقشون التضخم والحوار الاجتماعي ومشكل المحروقات مع الوزير بايتاس    مور انتخابو.. بركة: المسؤولية دبا هي نغيرو أسلوب العمل وحزبنا يتسع للجميع ومخصناش الحسابات الضيقة    المغرب يشارك في الاجتماع الخاص للمنتدى الاقتصادي العالمي بالرياض    هيئة كبار العلماء السعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون تصريح    صديقي: المملكة قطعت أشواط كبيرة في تعبئة موارد السدود والتحكم في تقنيات السقي    مهرجان إثران للمسرح يعلن عن برنامج الدورة الثالثة    سيارة ترمي شخصا "منحورا" بباب مستشفى محمد الخامس بطنجة    خبراء وباحثون يسلطون الضوء على المنهج النبوي في حل النزاعات في تكوين علمي بالرباط    ابتدائية تنغير تصدر أحكاما بالحبس النافذ ضد 5 أشخاص تورطوا في الهجرة السرية    السعودية: لا يجوز الحج في هذه الحالة.. ويأثم فاعله!    قبائل غمارة في مواجهة التدخل الإستعماري الأجنبي (8)    الأمثال العامية بتطوان... (584)    انتخابات الرئاسة الأمريكية تؤجل قرار حظر "سجائر المنثول"    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    الأمثال العامية بتطوان... (583)    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



محمد باريز.. مسار حكّاء
نشر في المساء يوم 07 - 03 - 2012


فؤاد زويريق
يعتبر محمد باريز من الوجوه المراكشية التي تألقت في فن الحلقة واستمدت قوتها من جذورها المتأصلة في عمق المدينة الحمراء، بما تمثله هذه المدينة من تواضع أصحابها
وبشاشة ساحتها وكِبرياء صومعتها وإباء جبالها وعظمة رجالاتها.. محمد باريز من الحكواتيين المثقفين المُقْنِعين الذين يضعونك بكل أمانة في إطار حالم لكنه واقعي معيش، مُلامِس لحياتك اليومية، حياة يعكسونها لك كما هي، بكل تجلياتها، سلبية كانت أو ايجابية، بدون أقنعة أو رتوشات، محمد باريز حكواتي متجدد ومتحمس، تتماهى طاقته وديناميته وحضوره المكثف والمتعدد، وهو الحضور الذي لا ينتهي عند حدود ساحة جامع لفنا ، بل يتعداها ليشمل داخل المغرب وخارجه، هي طاقة نحتاج مثلها للنهوض بهذا الفن وإعطائه ما يستحقه.. محمد باريز ببشاشتِه المعهودة يفرض عليك إعادة تشخيص ذاتك واستكشاف دواخلها البئيسة والشقية، ففعل الحكي عنده متعة واستفادة قبل كل شيء، حكاياته تعكس ذلك وحركاته تفرض عليك ذلك.
يعتبر فن الحلقة من الفنون العتيقة في المغرب. وقد كان الإقبال عليه على أشده قبل اكتساح كل هذه الأجهزة البصرية حياتنا اليومية، كان الإقبال عليه في زمن يعتبر زمنَ الحكي بامتياز، إذ كان هذا الفن هو الوسيلة الوحيدة للمسامرة والمجالسة وكان الحكواتيون ذوي شأن رفيع في مجتمعهم.. تغيرت الأمور اليوم وأصبح فن الحلقة يعيش أسوأ أيامه بسبب الإهمال والتهميش الذي يعاني منهما، مما جعله يدخل مرحلة خطيرة جدا هي مرحلة الاحتضار والاندثار.
والمؤسف أكثر عدم وجود جيل جديد يخلُفهم ويحمل المشعل من بعدهم. وقد دق أصحاب هذا الفن ناقوسا تلو الآخر، لحماية هذا التراث الشفاهي الذي بفضله أدرجت ساحة جامع لْفنا ضمن القائمة التمثيلية للتراث الثقافي اللا مادي للإنسانية، والذي تشرف عليه منظمة «يونسكو».
يمكن اعتبار محمد باريز أيقونة ساحة جامع لفنا ورمزا من رموز نضالها، كافح وما يزال من أجل رد الاعتبار إليها ولفنونها، شاهدته وهو يحكي فوق رصيفها، وسمعته وهو يناضل من أجلها.. أينما رحل وارتحل حمل على أكتافه جميل الكاتب الإسباني خوان غويتيسولو، وهو اعتراف صادق بكل ما قام به هذا الكاتب من أجل هذه الساحة. نفتقد اليوم عدة رواة كانوا، إلى وقت قريب، جزءا لا يتجزأ من ساحة جامع لفنا و«دينامو» حركيتها، أمثال «الصاروخ» و«باقشيش» و«دكتور الحشرات» وغيرهم كثير، وأخشى ما أخشاه أن يأتي يوم نتحسر فيه على من تبقى منهم، وعلى رأسهم محمد باريز.. من هنا، يكون ضروريا على كل المؤسسات الثقافية والجمعيات المدنية أن تلتفت بجدية إلى وضعية هؤلاء والوقوف على حل دائم يقلص معاناتهم ومشاكلهم.
لم يستلهم محمد باريز رواياته وحكاياته من الثقافة الشعبية المغربية فقط أو من الأساطير والملاحم العربية القديمة، كالأزلية والحمزاوية والوهابية والعنترية.. بل استلهمها كذلك من الأدب الحديث، حيث أخذ نصوصا أدبية لكتّاب كبار، أمثال خوان غويتيسولو وخورخي لويس بورخيس وعمران المليح.. وبلورها في قالب حكواتي ابداعي جميل يتماشى وفن الحلقة المراكشية. وانطلاقا من هذا التجريب، وضع محمد باريز اسمه بالخط العريض بين الرواة العالميين وأصبحت العديد من العواصم الأوربية تستدعيه للاستفادة من فنه والاستمتاع بحلقاته.. تتويج واعتراف يستحقه سي محمد باريز بفضل اجتهاده وتألقه، ومع ذلك يبقى هذا الاستحقاق ناقصا، ما دامت بلاده تتجاهله وتدير ظهرها له، وهذا ما يحز في نفسه وفي نفوسنا جميعا. وقد استغل محمد باريز السينما كذلك، فنقل أحداث أفلامها إلى أرصفة جامع لفنا، فجرّدها من صورها وأعاد بناءها وتركيبها من جديد، مستحدثا خطابا جديدا يتمازج فيه الفن السابع بفن الحلقة، وهو خطاب استحسنه الجمهور والمتتبعون كذلك.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.