تراجع مفرغات الصيد الساحلي بميناء الصويرة إلى 7052 طنا    يهم الجالية.. إسبانيا ترفع من مدة سفر "العاطلين عن العمل" دون فقدان الدعم    الجيش الإسرائيلي يوسّع عملياته في وسط غزة    اتفاق وشيك بين أملاح وبلد الوليد لإنهاء التعاقد وسط اهتمام إسباني وتركي            بالفيديو.. الدورة الصيفية لموسم أصيلة 46.. فنٌّ ينمو على إيقاع المدينة    توقيف مستشارة جماعية متلبسة بحيازة "الكوكايين"    نقابة صحية تطالب بتوسيع المشاركة في بعثة الحجاج    معركة أنوال.. معلمة وضاءة في مسلسل الكفاح الوطني ضد الاحتلال الأجنبي    طواف فرنسا.. الهولندي ثيمين آرينسمان بطلا للمرحلة 14 وإيفينيبويل ينسحب    بطولة إفريقيا للجيدو للشبان (لواندا- 2025).. المنتخب المغربي يحرز اللقب    فدرالية اليسار تطالب بتحقيق عاجل في شبهات تورط وزراء في استغلال النفوذ والتهرب الضريبي    غزة.. تنفيذ المرحلة الثالثة من حملات الإغاثة المغربية    تجديدات تنظيمية لحزب الاستقلال بجماعتي بني جرفط وخميس الساحل تعزز الحضور الحزبي بإقليم العرائش    المنتخب الوطني المحلي لكرة القدم يفوز وديا على بوركينا فاسو (2-1)    الأرصاد الجوية تتوقع طقسا متقلبا الأحد.. انخفاض في الحرارة وأمطار في بعض المناطق    تحذير من تسونامي في روسيا عقب زلزال بلغت شدته 7.4 درجات    المجلس العلمي المحلي للناظور ينظم لقاء تواصليا لفائدة نساء وأطفال الجالية المغربية بالخارج    أزمة أثمنة الأدوية.. صيادلة المغرب يهددون بإغلاق شامل    استنكار اتحاد الصحفيين الرياضيين المغاربة لما تعرض له الزميل حسن بوطبسيل    زلزالان قويان يضربان قبالة سواحل كامتشاتكا الروسية وتحذيرات من تسونامي    تشاؤم الأسر المغربية يتفاقم بشأن أسعار المواد الغذائية وقدرتها على الادخار        الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بتيفلت تطالب بفتح تحقيق في ظروف تنظيم مهرجان محلي        استقالة الرئيس التنفيذي لشركة "أسترونومر" للتكنولوجيا بعد جدل حول فيديو من حفل كولدبلاي    خالد المريني: رائد الهوكي على الجليد في المغرب    قدس جندول تتوج بجائزة أفضل ممثلة بمهرجان المسرح الحر بعمان    الداخلة تفتح أبوابها لهوليود و"The Odyssey" يبدأ رحلته من قلب الصحراء    "كان" السيدات: المنتخب المغربي يخوض حصته التدريبية ما قبل الأخيرة تأهبا لمواجهة غانا    أزمة غير مسبوقة ب ENSA طنجة.. الأساتذة ينددون بسوء التسيير ويعلنون خطوات تصعيدية    تتويج منتخب المغرب للإناث بلقب إفريقيا في كرة المضرب "تحت 16 سنة" وتأهله لبطولة العالم    السلطات السورية تعلن وقف القتال وروبيو يطالبها بمنع تنظيم "الدولة الإسلامية" من دخول السويداء    بورصة الدار البيضاء تحلق عاليا.. مؤشرات قياسية ورسملة تاريخية    زلزالان شديدان قبالة أقصى الشرق الروسي وتحذير من تسونامي (هيئة المسح الجيولوجي الأمريكية)    كوريا: مصرع 10 أشخاص وفقدان 9 آخرين بسبب الأمطار الغزيرة والانهيارات الأرضية    جبهة الدفاع عن فلسطين ومناهضة التطبيع تنظم مسيرة وطنية في الرباط تنديدا بتجويع أهالي غزة    العيطة تتألق في قلب الرباط.. ليلة فنية تسافر بالجمهور في أعماق التراث المغربي    تأخر صرف "منحة يوليوز" يؤرق طلبة مراكز جهوية للتربية والتكوين بالمغرب        الملتقى الدولي لفناني القصبة بأليكانتي: الفن في خدمة التبادل الثقافي والتنمية الإنسانية    رسملة بورصة البيضاء تفوق ألف مليار درهم .. ربحيّة السوق تجذب المستثمرين    تشاؤم واسع بين الأسر المغربية... الادخار مستحيل والأسعار تواصل الارتفاع    نتائج الشطر الثاني للدعم السينمائي    ترامب يغيّر وصفة "مشروب القمامة" وسط تحذيرات من مخاطر "كوكاكولا"    الرئاسة السورية تعلن وقفا شاملا وفوريا لإطلاق النار في جنوب البلاد    "الأشجار المحظورة" .. الشاعر المغربي عبد السلام المَساوي ينثر سيرته أنفاسًا    دراسة: الذكاء الاصطناعي يحول تخطيط القلب العادي إلى أداة فعالة لاكتشاف عيوب القلب الهيكلية        بعد تشخيص إصابة ترامب بالمرض.. ماذا نعرف عن القصور الوريدي المزمن    البيت الأبيض يعلن إصابة ترامب بمرض مزمن    زمن النص القرآني والخطاب النبوي    "مدارات" يسلّط الضوء على سيرة المؤرخ أبو القاسم الزياني هذا المساء على الإذاعة الوطنية    التوفيق: معاملاتنا المالية مقبولة شرعا.. والتمويل التشاركي إضافة نوعية للنظام المصرفي    التوفيق: المغرب انضم إلى "المالية الأساسية" على أساس أن المعاملات البنكية الأخرى مقبولة شرعاً    التوفيق: الظروف التي مر فيها موسم حج 1446ه كانت جيدة بكل المقاييس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إفشال حكومة العدالة والتنمية مصادرة للديمقراطية ومخاطرة بمستقبل البلاد
نشر في المساء يوم 12 - 05 - 2013

منذ وصول حزب العدالة والتنمية إلى سدة الحكومة -وليس الحكم بطبيعة الحال- بالمغرب في انتخابات 25 نونبر 2011، وهي الانتخابات التي اعتبرت الأكثر ديمقراطية وشفافية في
تاريخ المغرب، توالت المقاومات العنيفة لهذه التجربة الفتية التي ينتظر منها الشعب المغربي المصوت لها أن تنقل المغرب نقلة نوعية من واقع الفساد المستشري والإدارة المريضة والحكم غير الرشيد وغياب الحكامة والتهرب الضريبي وغيرها من صنوف الآفات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية التي تنخر مجتمعنا المغربي الذي سئم من الحكومات المتعاقبة والتي أتت على المال العام وأفسدت السياسة المغربية وخلقت جوا من العزوف السياسي غير مسبوق توج باستحقاقات 2007 التي أشرت على عزوف المواطنين المغاربة عن العملية السياسية برمتها وصوت فقط أقل من 20 في المائة على برلمان 2007، وكان ذلك مؤشرا قويا على أن الشعب المغربي بقدر امتعاضه من السياسات المتبعة بقدر فهمه العميق المتزايد ووعيه الشقي والعصامي بتلابيب التحكم السياسي الذي باتت تشهده الحركة السياسية في بلادنا آنذاك وإلى الآن. حكومة العدالة والتنمية التي جاء بها الربيع الديموقراطي المغربي كانت إجابة جزئية عن هذا الوعي المتزايد لدى المواطنين والمواطنات المغاربة الذين عبروا بدعمهم لحزب العدالة والتنمية عن رغبتهم الأكيدة في تغيير الأوضاع وإصلاح ما يجب إصلاحه قبل فوات الأوان، لكن ثمة من يفكر ليلا ونهارا في معاقبة المغاربة على اختيارهم الديمقراطي الذي لا يهم اختلافنا أو اتفاقنا معه وإنما المهم أن الشعب المغربي اختار حزبا معينا، فالأولى احترام قراراته لا البحث عن تضليله تارة أو معاقبته على اختياراته تارة أخرى، مقصود الكلام أن حكومة العدالة والتنمية صحيح أنها انقلبت على حركة 20 فبراير المغربية، وهذا خطأ سياسي كبير سوف تؤدي ثمنه باهظا بطبيعة الحال لأن المعادلة التاريخية تقول إن من فرّط في حلفائه يسهل التفريط فيه، لكن هذه الحكومة يتزعمها حزب سياسي هو الأكثر تنظيما في المغرب والأكثر وجودا وقربا من المواطنين، وقبل هذا وذاك فهو الحزب الأكثر نظافة وشفافية. أعرف أن هذا التقييم سيجلب علي من الانتقادات الشيء الكثير، ولكن لأن الحقيقة هي منهجي وقناعاتي أصرفها ولا أنتظر أن يتفق معي فيها أحد فإني أعتبر حزب العدالة والتنمية أخف الأضرار بالنسبة إلى المغاربة. صحيح أنه حزب مهادن إلى درجة الخنوع، وصحيح كذلك أنه حزب يتبنى تقية سياسية تصل في بعض الأحيان إلى درجة النفاق السياسي في تعامله مع حلفائه الحكوميين وغير الحكوميين، ولكنه حزب نظيف وخطابه ذو مصداقية ولا يجيش الناس بالمقابل في التظاهرات ولا في المؤتمرات ولا تؤبد قياداته السياسية في الكراسي القيادية كما هو الشأن مع بعض المركزيات النقابية المنتقدة للحكومة والتي لا تستطيع حتى أن تغير ديناصوراتها في القيادة، حيث معدل العمر يتجاوز أحيانا 73 سنة. قد نختلف مع أسلوب الأستاذ الرميد إلى درجة القطيعة في تعامله مع العمل النقابي، وقد نختلف معه في إقصائنا من الحوار الوطني حول العدالة، وقد نختلف مع الوزير الشوباني في إقصائه لنا من حوار المجتمع المدني، وقد نختلف مع الأستاذ عبد الإله بنكيران في أمور كثيرة، منها تنازلاته الكثيرة عن اختصاصاته وعدم تفعيله الدستور بالشكل المطلوب وإطلاقه المقولة المشهورة (عفا الله عما سلف) ومصادرته حق المفكر الأمازيغي احمد عصيد -الذي أعلنا تضامننا المطلق واللامشروط معه ضد خفافيش الظلام ودعاة التكفير- وقد نختلف مع الدكتور العثماني في إقصاء وزارته لنا كفعاليات مدنية في الدبلوماسية الموازية للدفاع عن الوحدة الترابية لمملكتنا السعيدة وقد نخالفه الرأي في طريقة تدبيره للدبلوماسية الرسمية ولكن.. لا يمكن بتاتا -والرأي يلزمني بطبيعة الحال- أن أقول إن الرميد والشوباني وبنكيران والعثماني، مع حفظ الألقاب، مثل الوزراء السابقين في نزاهتهم وصدقيتهم وأخلاقهم، بل حدود التفكير في ذلك شبهة، إنهم شرفاء ومفخرة للمغرب ونموذج للوزراء المخلصين النزهاء الذين لا تشوب أرصدتهم البنكية شوائب أو شبهات رغم أن الله عز وجل هو الذي يعلم ما تخفي الصدور والأرصدة، إلا أن انطباعي ومعرفتي القريبة ببعضهم زكت لدي هذا الاعتقاد والذي أظنه صائبا.
الهدف من هذه المرافعة لصالح وزراء العدالة والتنمية داخل الحكومة ليست دفاعا عن الحزب أو عن شخوص وزرائه فأعمالهم تدل عليهم، ولكن الهدف منها هو حماية الوطن -المغرب- مما يحاك ضده في الليل والنهار في أروقة مظلمة وسراديب عميقة. التفكير والتخطيط للانقلاب على حكومة العدالة والتنمية ستكون عواقبه وخيمة على المسار الديمقراطي المغربي المتعثر أصلا، وسيعزز من فرص التطرف والفوضى السياسية التي نحن في غنى عنها، فالوضعية السياسية التي نعيشها اليوم والتي تتسم بالاستقرار الأمني والاجتماعي لن نعرف قيمتها إلا بعد أن تعوزنا ونفتقدها وبعد فوات الأوان، وسيخسر المغرب بكل تفاصيله وطبقاته الاجتماعية والسياسية وسيتمنى الأيام الخوالي الآمنة بدون نتيجة، حكومة العدالة والتنمية تلعب دور الإطفائي الكبير اليوم ودور مقيم التوازن السياسي في المجتمع، ولكن ذلك لن يستمر إذا ما واصل «كان وأخواتها» بلغة عبد القادر الشاوي هجومهم الممنهج والمنسق من أجل إسقاط حكومة الأستاذ عبد الإله بنكيران، مستعملين لغات مختلفة ومنهجيات متكاملة، فالربيع المغربي لم ينته بعد، وهذا ليس تقييمي الشخصي بل تقييم كبريات مراكز الأبحاث الغربية العاملة والملحقة ببعض السفارات، إذ تقول إن المغرب لم يجتز بعد الربيع المغربي وإن البلاد لا يمكن أن تعود إلى سابق عهدها سائبة مستلبة، الربيع المغربي عملية متواصلة، مترسخة ومتأججة في نفوس الناس، ولكن وصول العدالة والتنمية أدخله مرحلة الانتظارية والترقب في انتظار الإصلاح الموعود، لكن استمرار عرقلة الحكومة من الداخل والخارج سيجعل المشهد السياسي المغربي يتجاوز خطاب العدالة والتنمية وسيعطي للمنتقدين عن حق والمشككين في إمكانية التغيير من داخل المؤسسات الدلائل القطعية على أن العمل السياسي المدني المتدرج لا قيمة ترجى منه، وبالتالي ستبقى الأبواب مفتوحة على الحلول الثورية والانقلابية والتطرفية وتلك قصة أخرى وباب آخر سنعرف متى ندخله، ولكن من المستحيل أن نعرف متى سنخرج منه.
المتربصون بحكومة العدالة والتنمية واهمون إذا اعتقدوا أن الحكومة ستسقط لوحدها أو، على الأقل، بدون ضجيج كما فعلوا مع حكومة عبد الرحمان اليوسفي، بل إن إسقاط الحكومة بأي طريقة وأي مبرر ستسقط معه جدران سميكة أخرى متحصنة ضد التغيير، وسيؤدي الانتقال الديمقراطي بالمغرب الثمن غاليا، وسيستنج المغاربة أن الحكومات في المغرب لا تحكم وأن الانتخابات لا طائل منها بل الحكم في المغرب يصنع خارج المؤسسات والإرادة الشعبية، وسينظم الإسلام المعتدل مع الراديكالي -بإفشال حكومة العدالة والتنمية- واليساري المعتدل مع الراديكالي -بالانقلاب على حكومة عبد الرحمان اليوسفي- إلى جناح التغيير الراديكالي، وهذه من دروس التاريخ الذي علمنا أن الضغط دائما يؤدي إلى الانفجار، لذلك يجب أن نقول جميعا مع الشهيد المهدي عامل يجب استحضار عافية العقل من أجل الاستعاذة من ظلامية العصر.

انغير بوبكر
*باحث في العلاقات الدولية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.