سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
البطيوي: الديوري نسق مع الجزائريين لإسقاط نظام الحسن الثاني وعلاقته بالفقيه البصري توترت بسبب أموال جزائرية قال إن الديوري توسط في صفقات أسلحة لصالح الجزائريين وحكى عن لقاءاته بعناصر من الجيش المغربي
في كراسي الاعتراف تجري العادة أن يسرد المحاور حياته منذ أن رأى نور الحياة الأول إلى نهاية مساره الحياتي، لكن محمد البطيوي، آثر أن يسير ضد هذا المنطق، ويشرع في بناء الأحداث بالطريقة التي يراها هو مفيدة للتاريخ المغربي، أي أنه اختار أن يبدأ بلحظة عودته إلى المغرب بعد 27 سنة من حياة المنفى الاضطراري تارة، والاختياري تارة أخرى. في بروكسيل، يتذكر البطيوي قصته مع الاعتقال والتعذيب البشع الذي تعرض له بمدينة وجدة، بعدما ورد اسمه إلى جانب طلبة آخرين في اللائحة السوداء للمشاركين في إضرابات سنة 1984، ويتوقف طويلا عند تجربة المنفى وقصة هروبه من المغرب وعلاقته بمومن الديوي، أحد أبرز معارضي نظام الحسن الثاني، ويعود، فوق ذلك، إلى تفاصيل تنشر لأول مرة حول التنسيق الذي كان يجري خارج المغرب للإطاحة بالحسن الثاني. - قلت إن الديوري كان يسعى إلى القضاء على نظام الحكم بالمغرب، هل كانت هناك جهة بعينها تسنده؟ كان ينسق مع الجزائريين وكانت له علاقات قوية معهم. - كيف عرفت ذلك؟ رأيته مرارا يستقبل النحناح مؤسس حزب «حماس» الجزائري، والنحناح رجل خلقته المخابرات الجزائرية من أجل محاربة جبهة الإنقاذ التي كان يتزعمها عباس المدني، لكنه كان إنسانا ذكيا جدا. - هل أخبرك الديوري يوما أنه على تنسيق دائم مع الجزائريين؟ قلت لك إن الديوري كان رجلا كتوما جدا ولا يمكن أن تقرأ أبدا ما الذي يدور في ذهنه ولا ماذا يريد، كان كلما سألته عن شيء يكتفي بجمل متقطعة، لكن النحناح رأيته بأم عيني يزوره في منزله. - متى حدث ذلك بالضبط؟ أعتقد في سنة 1992. جاء النحناح عند الديوري إلى منزله الجديد في شارع la grande armée ، وهو من الأحياء الراقية القريبة من الشونزيليزي بباريس. - ما طبيعة الاجتماعات التي كانت تجمع الديوري بالجزائريين؟ كان الهدف دائما هو إسقاط نظام الحسن الثاني، والذي كان يهم الجزائريين هو رأس الحسن الثاني، وكانوا مستعدين لدفع أي شيء مقابل تحقيق هذا الهدف، وكانوا يرون في الديوري الشخص المناسب لتنفيذ هذه العملية، ولم يتوانوا عن دعمه بكل الوسائل طيلة الفترة التي قضاها الديوري بباريس معارضا شرسا للنظام. - مع من كان ينسق في المغرب؟ كان ينسق مع عناصر من الجيش المغربي، يلتقي معهم بصفة دورية في دنهاخت الهولندية، وكلما ذهب إلى هولندا يمر عبر بروكسيل وأستقبله عندي في منزلي، ويخبرني أنه التقى عناصر من الجيش المغربي بغرض اختراق النظام المغربي لتحقيق الهدف الأهم، القضاء على الحسن الثاني بأي وسيلة. - ألم يخبرك بأسمائهم؟ صدقني لو قلت لك إنني كنت أقرب المقربين من الديوري في تلك اللحظة، بيد أنه كان يخفي علي أشياء كثيرة كما يخفيها عن كثيرين. ذاك هو الديوري، ولم يتغير يوما. - ما الهدف الذي كان من وراء تلك الاجتماعات التي يقوم بها مع عناصر في الجيش كما قلت سلفا؟ بالإضافة إلى أنه كان يريد القضاء على النظام بالمغرب، عرفت في مرحلة لاحقة بأن مجموعة من المعلومات التي وردت في الكتب النارية التي أصدرها ضد النظام في المغرب كانت بمساعدة هؤلاء، أي أنهم مدوه بمعلومات كثيرة عن المغرب وعن خيارات الحسن الثاني. وقد أصدر الديوري وقتها كتابا معنونا ب«من يملك المغرب»، الذي خلق جدلا كبيرا جدا، وعلى إثر الضجة التي عرفتها فرنسا، تدخل الحسن الثاني بقوة لدى الرئاسة الفرنسية قبل أن يقرر فرونسوا ميتيران طرده إلى الغابون. - سنعود إلى هذه النقطة، وقبل ذلك دعني أسألك عن طبيعة اللقاءات التي كانت تجمعكما، هل أصبح التنسيق في ذلك الوقت جاريا من أجل وضع مخطط للقضاء على نظام الحسن الثاني؟ سأخبرك بصراحة، لم أساير يوما خطط مومن الديوري، ولم أكن متفقا معه في الكثير من الأشياء التي يقوم بها، بالنسبة إليه كنت مقربا منه وكان دائما يحب استشارتي، رغم أنني عبرت له عن معارضتي في مرات عديدة للأفكار التي يود تنفيذها. ولا أنسى أن الديوري كان اجتماعيا جدا معي، ويسألني دائما عن أحوال عائلتي. - هل حاول أن يمنحك أموالا مقابل التعاون معه؟ نعم، حاول ذلك، لكن لا أعتقد أنه فعل ذلك من أجل الحصول على مقابل، بقدر ما كان يقول لي إنه يريد تعويضي عن الزيارات التي أقوم بها إلى باريس، بيد أنني كنت أرفض دائما عرضه، وهذا ما جعل علاقة الاحترام تبقى بيننا لمدة طويلة. - من هي الشخصيات السياسية المغربية التي كانت على علاقة قوية مع الديوري في المرحلة التي أقام فيها بفرنسا؟ عرفت منه أنه كانت تجمعه علاقة قوية بعبد الرحمان اليوسفي، ودون أن يخبرني، عرفت أنه كان صديقا للفقيه البصري رغم أني لم أفهم يوما ماهية هاته العلاقة، مرة أحبك ومرة أكرهك.. - لماذا في تقديرك اجتمعت هذه الثنائية في الصداقة بين الرجلين؟ لا أعرف حقا. لكن أخمن أن المشكل بين الرجلين يرجع بالأساس إلى التنسيق الذي كان جاريا مع الجزائريين بخصوص بعض الأموال التي كانا يتلقيانها بغاية إسقاط نظام الملك الراحل الحسن الثاني. والبصري والديوري حصلا على أموال طائلة من الجزائر، زد على ذلك أن الديوري استغل الجزائر بغاية إنجاح مشاريعه التجارية، ولا أخفيك أن الديوري توسط في الكثير من صفقات الأسلحة التي قامت بها الجزائر دون علم أحد، ولم يكن ينكر ذلك أمامي. كانت لدى الديوري ساعتئذ علاقات مع بعض دول أوربا الشرقية مثل تشيكوسلوفاكيا. أعتقد أن الجزائريين لم يكونوا بحاجة إلى الديوري لعقد تلك الصفقات، لكنهم كانوا يحاولون مساعدة الديوري بطريقة رسمية. - متى اقترح عليك بالتحديد التنسيق معه لإنهاء حكم الحسن الثاني بالمغرب؟ أخبرني في العاصمة الإسبانية مدريد، وأظن أنه فعل ذلك في سنة 1992، قبل لقاء «خيرونا» لتأسيس جبهة المعارضين بالمهجر. - ما الذي حدث في لقاء خيرونا؟ حضرت مجموعة من الشخصيات البارزة وكانت تمثيلية الجزائر حاضرة في ذلك الاجتماع، لكن حدثت أشياء غريبة فيما بعد، منها أن رئيس الجبهة الذي لم يكن سوى البجوقي تورط في بعض التلاعبات المالية، وأعلنت بشكل نهائي انسحابي طبعا الديوري رفض الأمر بشكل قاطع، واتصل بي للتراجع عن القرار، لكن أخبرته أنني لن أتراجع وهو قرار نهائي، حاول مرات عديدة ثنيي عن ذلك، لكني تشبثت بموقفي.