اتهمت بعض المركزيات النقابية الحكومة بكونها تحاول أن «توهم الرأي العام بأن النقابات هي المسؤولة عن فشل الحوار الاجتماعي». وفي الوقت الذي كانت فيه المركزيات النقابية تنتظر أن يعلن الوزير الأول عباس الفاسي عن تحديد موعد للإجتماع مع تلك المركزيات من أجل تدارس «الباب المسدود» الذي وصل إليه الحوار الاجتماعي، قررت الحكومة أن ترد على المركزيات النقابية عبر بلاغ مشترك صادر عن وزارة تحديث القطاعات العامة ووزارة التشغيل والتكوين المهني تعلنان فيه «عن تشبث الحكومة القوي بمنهجية الحوار»، وبما تم إنجازه خلال جولات الحوار الاجتماعي سواء في القطاع العام أو الخاص». وكانت ثلاث مركزيات نقابية، وهي الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب والاتحاد المغربي للشغل والفيدرالية الديمقراطية للشغل، قد بعثت بداية الأسبوع الجاري رسالة إلى الوزير الأول، تطلب منه فيها عقد لقاء طارئ معها لبحث مآل الحوار الاجتماعي. وقال سعيد صفصافي، عضو المكتب الوطني للاتحاد النقابي للموظفين التابع للاتحاد المغربي للشغل، في اتصال أجرته معه «المساء» صباح أمس، إن «ما تحاول الحكومة تمريره من خلال هذا البلاغ هو مجرد مغالطات تحاول من خلالها إعطاء الانطباع للرأي العام بأن النقابات هي المسؤولة عن وصول الحوار الاجتماعي إلى الباب المسدود»، مشيرا إلى أن «أسلوب المغالطة هذا» هو نفسه الذي اعتمدته الحكومة حينما أعلنت مؤخرا عن مبالغ الزيادة في الأجر الخاصة بالسلالم من 1 إلى 9 مشيرة إلى أن هذه المبالغ تتراوح ما بين 300 و450 درهما، دون أن تفصح عن أن الأمر يتعلق بنصف هذه المبالغ دون الاقتطاعات، بل إن هناك فئة من الموظفين (السلالم 9) لن تستفيد إلا من 30 درهما. وأضاف سعيد صفصافي أن المجهودات التي ادعت الحكومة اتخاذها يجب أن تقاس بمدى استجابتها لمطالب النقابات، وقال موضحا: «إن العبرة بالنتائج وليس بعدد الاجتماعات التي عقدتها مع النقابات، وعلينا أن نعرف أن أهم مطلب نقابي هو الزيادة في الأجور تبعا للارتفاع الصاروخي لأسعار السلع والخدمات. وكل ما قامت به الحكومة في هذا الشأن هو مجرد قرارات انفرادية سبق لها أن اتخذتها سنة 2008 دون قبولها من طرف النقابات، وهي لا ترقى، بطبيعة الحال، إلى الحد الأدنى لمطالب النقابات». ومن جهته، وصف محمد يتيم، الكاتب العام للاتحاد الوطني للشغل بالمغرب، بلاغ الوزارتين بكونه «محاولة لرفع العتب. أما جوهر الأشياء فظل على حاله». واستغرب المسؤول النقابي، في اتصال مع «المساء» صباح أمس، كيف تصدر وزارة التشغيل والتكوين المهني بلاغا مشتركا مع قطاع وزاري آخر «ولجنة القطاع الخاص لم تجتمع أساسا». وأضاف قائلا إن الحوار الاجتماعي «وصل إلى الطريق المسدود»، موضحا أن الرؤية التي سادت لدى الحكومة سنة 2008 هي نفس الرؤية التي مازالت تتحكم في التعاطي الحكومي مع الحوار الاجتماعي. وأضاف قائلا: «المشكل أن الحكومة تقدمت بعرض سنة 2008، وهو عرض رفضناه حينها، ولكنها مازالت تتمسك به». وأشار محمد يتيم إلى أن الحكومة دخلت الحوار الاجتماعي «ليس بمقاربة إيجابية، بل كانت ترغب فقط في ربح الوقت وتقديم بعض الفتات. بالفعل، كانت هناك زيادات ولكنها لا تتناسب مع حجم التدهور في القدرة الشرائية للموظفين والمأجورين». وكانت وزارة تحديث القطاعات العامة ووزارة التشغيل والتكوين المهني قد استعرضتا حصيلة الحوار الاجتماعي بين الحكومة والنقابات العمالية، سواء في القطاع الخاص أو العام. ففي القطاع الخاص، تحدث البلاغ المشترك عن حصول توافق حول أجرأة القرار القاضي بتوسيع سلة العلاجات التي يتولاها الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لفائدة مؤمنيه لتشمل الأمراض غير القابلة للاستشفاء، وحول دراسة مراجعة تعريفة المسؤولية بالنسبة إلى الصندوق الوطني لمنظمات الاحتياط الاجتماعي، والتوافق بخصوص مشروع التعويض عن فقدان الشغل وإحالته على الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لدراسة تدابير أجرأته، وكذا التدابير التي اتخذتها الحكومة من أجل تسوية ملف متقاعدي وكالة النقل الحضري بالدار البيضاء. أما لجنة القطاع العام فعقدت ستة اجتماعات، تمت خلالها دراسة النقط الثلاث المحددة في جدول الأعمال، والمتعلقة بتسوية وضعية الموظفين المرتبين في سلالم الأجور من 1 إلى 4، بإقرار ترقية إلى السلم الخامس، وكذا إقرار تعويض عن العمل بالمناطق الصعبة والنائية لفائدة نساء ورجال التعليم والصحة ومراجعة حصيص الترقي.