الصين تطلق نماذج ذكاء اصطناعي مفتوحة في تحدّ للقيود الأمريكية    هونغ كونغ ترحب ب"الطلاب الممنوعين" في أمريكا    ارتفاع تهديدات اختطاف الأطفال من وإلى هولندا.. والمغرب في دائرة الاتهام    المغرب يستعد لتوسيع أسطوله البحري بأول بارجة حربية إسبانية منذ 40 سنة    نور الدين أمرابط ينضم رسميا للوداد    "تيارات جنوبية" تؤدي إلى ارتفاع ملموس في درجات الحرارة بالمغرب    حجز آلاف حبوب الهلوسة بباب سبتة    إنقاذ شخص من سيول بإقليم الدريوش    لكريني يرفض إساءة الجزائري بخوش    الفنان عبد الرحمان بورحيم في ذمة الله    وفاة المخرج الجزائري لخضر حمينة عن 95 عاما    تقلبات سعر صرف الدرهم في أسبوع    السغروشني: تموقع بلدنا غير بارز كفاية على مستوى الترتيب العالمي المرتبط بالذكاء الاصطناعي    "استدامة الموارد المائية والأمن الغذائي" شعار المؤتمر الجهوي للاتحاد العام للفلاحين بسوس ماسة    بين التتويج المحلي والطموح القاري.. نهضة بركان أمام اختبار الحسم في زنجبار    تداولات بورصة الدار البيضاء تتجاوز 2 مليار درهم في أسبوع    المعهد الموريتاني يحذر: صيد الأخطبوط في هذه الفترة يهدد تجدد المخزون البيولوجي    الصحراء المغربية.. مناورات عسكرية مغربية أمريكية واسعة النطاق في ختام تمرين "الأسد الإفريقي 2025"    بنكرير.. توقيف قاصرين متورطين في إضرام النار عمدا وتعريض مستعملي الطريق للخطر    دوري الأضواء يغري رجاء بني ملال وأولمبيك الدشيرة    فيفا يكشف تفاصيل قرعة كأس العرب 2025 بقطر    جامعة هارفارد: القضاء الأمريكي يعلق العمل بقرار منع تسجيل الطلبة الدوليين    مدينة العرائش تحتضن الدورة الثانية من ملكة جمال الفراولة    الجناح المغربي يتألق في مهرجان كان السينمائي    المهرجان الدولي لفروسية ماطا يفتتح دورته ال13 بمشاركة وازنة (فيديو)    ألمانيا تحذر من صعود جماعات شبابية يمينية إجرامية    المهرجان الدولي لفن القفطان "Art du Caftan" في طنجة مرآة للتراث المغربي وأناقة القفطان    "Art du Caftan"يحتفي بعشر سنوات من الإبداع في دورته العاشرة بمدينة طنجة    أبو زيد: "الاتحاد الاشتراكي" تحول إلى عقيدة "المناولة" وقيادته تسخره في أعمال التحايل الممتهن سياسا وأخلاقيا    ملف الصحراء المغربية في الأمم المتحدة: بين واقع الاعتراف الدولي وشروط سحب الملف من اللجنة الرابعة    مغربي من مواليد فرنسا يجد نفسه بدون أوراق إقامة في سن 58    هل يدخل الرجاء عصر الخصخصة بثقة: مؤسسات ملاحية عملاقة تفتح أفقًا جديدًا للنادي    نهاية 2024: الصين تتصدر العالم ببناء أكثر من 94 ألف سد وقدرات كهرومائية غير مسبوقة    ماء العينين: ملتمس الرقابة لا يلائم السياق السياسي والبرلماني المغربي    تيمور الشرقية... المنتخبة غلة باهيا تسلط الضوء على التحول التنموي العميق في الصحراء المغربية    لجنة التقنيات والعمليات السيبرانية بمجلس وزراء الأمن السيبراني العرب تعقد اجتماعها الأول    نيجيريا تعلن عن خطوات جديدة في مشروع أنبوب الغاز الرابط مع المغرب    كيوسك السبت | المغرب يعتزم القضاء على الأمية بحلول 2029    البرازيلي رونالدو نازاريو يبيع حصته في بلد الوليد    الاستثمار الصيني في المغرب: بطاريات المستقبل تنبض من طنجة نحو أسواق العالم    بوريطة يمثل جلالة الملك في حفل تنصيب رئيس الإكوادور وسط تقارب دبلوماسي متزايد    كريستيانو رونالدو على وشك توقيع عقد القرن … !    عرض بقيمة 400 مليار لضم لامين يامال … برشلونة يتخذ قراره    حجاج التنظيم الرسمي مدعوون للإحرام في الطائرات حين بلوغ ميقات "رابغ"    خبر تهريب 2,5 طن من الشيرا من شاطئ "طالع القرع"… يستنفر المصالح المختصة    تتويج الفائزين بجائزة المغرب للشباب 2025    تحالف مغربي-إماراتي يطلق مشروعا عملاقا في طنجة لتعزيز الأمن الطاقي بالمملكة    بلاغ جديد من وزارة الأوقاف للحجاج المغاربة    الأزمي «البليكيه»    الرد الشامل على اللغو السافل: باب ما جاء في انسحاب الاتحاد من العبث    وزارة الأوقاف: حجاج التنظيم الرسمي مدعوون للإحرام في الطائرات حين بلوغ ميقات "رابغ"    يهم حجاج الناظور.. وزارة الأوقاف تدعو إلى الإحرام في الطائرات    الله أمَر بالسّتْر ولم يأمُر ببيْع الماسْتَر !    دراسة: الولادة المبكرة قد تكون مفيدة في حالة الأجنة كبيرة الحجم    السعودية تجري أول عملية لزرع جهاز ذكي داخل الدماغ في الشرق الأوسط    وزير الصحة المغربي يجري مباحثات ثنائية مع المدير العام لمنظمة الصحة العالمية    لإيقاف السرطان.. التشريح المرضي وطب الأشعة الرقمي أسلحة مدمرة للخلايا الخبيثة    البرازيل في ورطة صحية تدفع المغرب لتعليق واردات الدجاج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أنموذج قرآني للنساء
نشر في ميثاق الرابطة يوم 25 - 04 - 2014

قال الله تقدست أسماؤه: "إِنَّ اللَّهَ اَصْطَفَى ءَادَمَ وَنُوحًا وَءَالَ إِبْرَاهِيمَ وَءَالَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ اِذْ قَالَتِ اِمْرَأَةُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالاُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنْبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ" [اَل عمران، 33-37].
فهذا نموذج من أعظم وأروع النماذج التي قدّمها القرآن المجيد مثلا للنساء إلى يوم الدين؛ إنها مريم ابنة عمران المرأة الوحيدة التي ذكرت بالاسم على سبيل التعيين في كتاب الله العزيز، وسميت سورة كريمة باسمها وهي سورة مريم، وتكرّر ذكر اسمها في القرآن اثنتين وثلاثين مرة تشريفا وتبجيلا وتكريما.
بداية القصة أن امرأة عمران أم مريم عليهما السلام كانت تتطلع بشوق إلى أن يمنّ الله تبارك وتعالى عليها بولد، وهلك زوجها عمران وهي حامل، فلما تحققت حملها قالت "ربّإِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا" نذرت أن تجعل ما في بطنها عبدا خالصا لوجه الله، والمحرر هو الخالص المفرغ للعبادة، وخدمة المسجد في بيت المقدس؛ إذ كانوا يتقربون إلى الله في شريعتهم بذلك "فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالاُنْثَى" كأنها تعتذر إلى ربها وهو بكل شيء عليم، وليس الذكر كالأنثى في خدمة المسجد والقيام بأموره.
ثم إنها وصلت نيتها الأولى وأحسنت الظن بربها فقالت "وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ" أي العابدة؛ ومقصودها من هذا الإخبار بالتسمية التقرب إلى الله فإن معنى مريم خادمة الرب بلغتهم "وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ" وفي الحديث الصحيح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ما من بني آدم من مولود إلا نخسه الشيطان حين يولد فيستهل صارخا من نخسه إياه إلا مريم وابنها".
"فتقبلها ربها بقبول حسن" أي تقبل نيتها ونذرها بأعلى درجات القبول، وسلك بها مسلك المقبولين، وأنبتها نباتا حسنا، وكفلها نبي من أنبياء الله، وجعلها معه في محرابه، وكانت عنده، وحضنها فنشأت طاهرة ناسكة في بيت نبوة وعبادة وطهر، وهذا كله علامة القبول. ومن ثم، هيأها الله لأمور عظام، وشرفها بخطاب الملائكة "وَإِذْ قَالَتْ الْمَلَائِكَة يَا مَرْيَم إِنَّ اللَّه اَصْطَفَاك وَطَهَّرَك وَاصْطَفَاك عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ" [آل عمران، 42-43]. قال ابن كثير: "هذا إخبار من الله تعالى بما خاطبت به الملائكة مريم، عليها السلام، عن أمر الله لهم بذلك أن الله قد اصطفاها، أي: اختارها لكثرة عبادتها وزهادتها وشرفها وطهرها من الأكدار والوساوس واصطفاها ثانيا مرة بعد مرة لجلالتها على نساء العالمين". ثم أورد نقولا عن جلة المفسرين في الباب كقول مجاهد" كانت مريم عليها السلام تقوم حتى تتورم كعباها، وقول الأوزاعي: "لما خاطبت الملائكة مريم قامت حتى تورمت قدماها، وركدت في محرابها راكعة وساجدة وقائمة، حتى نزل الماء الأصفر في قدميها رضي الله عنها".. وكفاها فخرا وجلالا وشرفا أنها محل الخطاب الإلهي: "وَاصْطَفَاك عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ" [اَل عمران، 42] فهي سيدة نساء العالمين؛ ارتقت مدارج الكمال في خلقها، ودينها، وطهرها، وشرفها.. وهذه الشهادة المنيفة المميزة تعضدها شهادة سيد المرسلين سيدنا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي رفع شأنها وخلد ذكرها بقوله "خير نسائها مريم بنت عمران، وخير نسائها خديجة بنت خويلد".
وعن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "حسبك من نساء العالمين مريم بنت عمران، وخديجة بنت خويلد، وفاطمة بنت محمد، وآسية امرأة فرعون".
وكذلكم حلاها الباري تبارك وتعالى في القرآن بالصديقة حين قال: "اَفَلَا يَتُوبُونَ إِلَى اللَّهِ وَيَسْتَغْفِرُونَهُ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ مَّا الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ وَأُمُّهُ صِدِّيقَةٌ كَانَا يَاكُلَانِ الطَّعَامَ اَنظُرْ كَيْفَ نُبَيِّنُ لَهُمُ الاَيَاتِ ثُمَّ اَنظُرْ اَنَّى يُوفَكُونَ" [المائدة، 76- 77].
والصِّديقة هي المؤمنة به والمؤمنة له، والصّديقيّة مرتبة سامية من المراتب والمقامات العلية تأتي بعد مرتبة الأنبياء وأعلى من مرتبة الشهداء، ولذلكم كان لها من الكرامات الهائلة ما بهر زكرياء عليه السلام "كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِنْدَهَا رِزْقًا"… ومن كراماتها ومعجزاتها أنها العذراء الوحيدة من بين النساء التي حملت وولدت بلا زوج؛ فجعلها الله وابنها آية للعالمين، ومعجزة باقية، وحكمة بالغة دالة على عظيم قدرته وكمال صفاته… نفعنا الله بسيرتها العطرة وأنفاسها الزكيات الطيبات، والصلاة والسلام على حبيبنا ونبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين، والحمد لله رب العالمين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.