اقتنى حزب الأصالة والمعاصرة، مقرا جديدا يضم مكاتبه الإدارية وسط العاصمة الرباط. المقر الجديد كان في الأصل عبارة عن عمارة من أربعة طوابق تعود ملكيتها للبنك العقاري والسياحي (CIH) وهو مصرف تعود ملكيته للدولة عبر صندوق الإيداع والتدبير. ويوجد المقر بشارع علال بنعبد الله قبالة المقر المركزي لوكالة المغرب العربي للأنباء. وطرح المصرف للبيع هذه العمارة باستثناء طابقها السفلي الذي يحتوي وكالة بنكية تابعة له، بواسطة طلب عروض، ورست العملية على حزب الأصالة والمعاصرة في نهاية المطاف، وبلغت قيمة البيع 10 ملايين درهم. "نعم هذا هو المبلغ، ويمكن حذف بعض الدراهم من هنا أو هناك، لكن قيمة الشراء تبلغ مليار سنتيم بالفعل"، يقول عبد اللطيف وهبي، الأمين العام للحزب في تصريح لموقع "اليوم 24". وسيسعى الحزب في وقت لاحق إلى ضم الطابق السفلي إلى أملاكه عندما يطرحه المصرف المذكور للبيع. وشارك حزب الأصالة والمعاصرة في طلب العروض بواسطة شركة أسسها أخيرا، وضخ في رأسمالها مبلغ ثلاثة ملايين درهم، وتعود غالبية أسهمها إلى الحزب بحصة 98 بالمائة، فيما يتحوز الأمين العام للحزب، على حصة 1 بالمائة، فيما محاسب الحزب، أديب بنبراهيم، يتحوز على واحد بالمائة كذلك. الحصة التي حازها الأمين العام للحزب ليست ملكية إسمية تعود إليه، وإنما تؤول إلى الحزب هي الأخرى، بمجرد ما تزول عنه صفة الأمين العام للحزب، وفق توضيحات وهبي. وجرى تمويل عملية الاقتناء بواسطة قرض بنكي أجازه مصرف "القرض الفلاحي" لفائدة الشركة المذكورة، وتبلغ قيمة القرض 20 مليون درهم. الشركة التي حازت العقار المذكور، أبرمت عقدا مع الحزب لكراء مقره الجديد إليه بسومة كرائية تبلغ نفس قيمة القسط الشهري المؤدى لتسديد القرض الذي جرى بواسطته تمويل عملية الاقتناء. وهذه "طريقة معتمدة لتسيير العمليات المالية بالنسبة إلى الحزب"، كما يشرح وهبي. ووفق بيانات تفصيلية قدمها وهبي، فإن الملايين العشرة المتبقية من مبلغ القرض البنكي الذي حصلت عليه الشركة التابعة للحزب، سيجري بواسطتها تمويل اقتناء عقار عبارة عن بناية بالعاصمة الرباط، وبالتحديد في مقاطعة أكدال، لتكون مقرا مركزيا يكون بديلا عن المقر الحالي الموجود في طريق زعير. المقر الحالي للحزب سيجري التخلي عنه بمجرد استكمال عملية اقتناء العقار.وتبلغ سومة كراء المقر الحالي 40 ألف درهم كل شهر. محاسب الحزب، أديب بنبراهيم، قال لموقع "اليوم 24′′، إن عملية الاقتناء جارية لهذا العقار. ويقول وهبي "إن حزب الأصالة والمعاصرة هو الهيئة السياسية الوحيدة التي لم تستفد من أراض وزعتها الدولة على الأحزاب لبناء مقراتها المركزية فوقها، كما حدث ذلك بالنسبة إلى التجمع الوطني للأحرار والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وآخرين.. لقد كان علينا إذن، أن نعول على مواردنا لتمويل اقتناء عقار مقرنا المركزي الجديد". وسيكون موقع العقار الذي تجري بخصوصه آخر لمسات عملية الاقتناء بالقرب من مقر حزب الاتحاد الاشتراكي الموجود في ذلك المكان، وقد كان مقرا مركزيا للحزب قبل أن يجري نقله إلى حي الرياض بمجرد تسلم هذا الحزب لزمام حكومة التناوب. ويملك حزب الأصالة والمعاصرة قطعة أرض بالرباط، تبلغ مساحتها حوالي 3 آلاف متر. لكن رسا القرار في نهاية المطاف على بيعها لتمويل أجزاء من اقتناء المقر المركزي، واقتناء مقرات جديدة للحزب بالجهات. وتشكل هذه الخطوة تصفية لخطط كان الأمين العام الأسبق، إلياس العماري، ثم سلفه، حكيم بنشماش، قد دشناها لبناء مقر مركزي جديد للحزب فوق القطعة الأرضية التي يملكها. وكانت الدراسات المتعلقة بهذا المشروع قد أُنهيت، وكانت القيمة التقديرية للكلفة تبلغ 35 مليون درهم، كما يقول جمال شيشاوي، وهو مهندس أشرف على أجزاء من هذه الدراسات آنذاك. إلياس العماري قدم مشروع مقره الجديد عام 2015، متحدثا في بلاغ باسم الحزب آنذاك، عن بناية تحتل مساحة تقدر ب2700 متر، بل وأطلق اكتتابا وطنيا لفائدة أعضاء الحزب لتمويل المشروع، وقام بفتح حساب بنكي مخصص لتكاليف تشييده. لكن توقف ذلك فجأة بمجرد هزيمة الحزب في الانتخابات التي أجريت عام 2016. وفي حقيقة الأمر، لم يكن هناك أي دليل على وجود حساب بنكي لهذا الغرض، ولم تضع الإدارة الجديدة للحزب يدها على أي حساب مماثل. ويقول وهبي: "لم نعثر على أي شيء. غالبا كان ذلك مجرد هراء". ويؤكد ذلك محاسب الحزب أيضا. في نهاية المطاف، فإن الأمين العام الحالي قرر الاستغناء عن هذه الخطط بسبب كلفتها المبالغ في تقديرها، ولأسباب أخرى، كما يؤكد وهبي نفسه. ويقول وهبي إن الحزب "ليس لديه ما يخفيه" بخصوص عمليات بيع عقاراته وشراء أخرى، مشيرا إلى أن الحزب سينشر في الوقت المناسب، "كافة الوثائق المتعلقة بعمليات البيع والشراء والكراء هذه حتى يطلع عليها أعضاء حزبه كما باقي المواطنين". وأضاف قائلا: "إن هذه العمليات هدفها تكوين أملاك خاصة بالحزب"، الذي ينظر إليه كتجمع للأعيان والأغنياء، وهو أيضا ثاني أكبر حزب بالمغرب، بينما في الواقع "لا يملك سوى قطعة أرض واحدة، وليس لديه مقر مسجل ملكيته باسمه"، كما يشدد الأمين العام للحزب.