الإرهاب هو الإرهاب، سواء توجه إلى أمن الدولة فهدده، أو توجه إلى أمن المجتمع فقوضه. وكذب الذين ركزوا على أمن الدولة وحدها معتبرين ذلك أخطر الأخطار وأكبر المصائب والكوارث، فلا قيام لدولة ولا دوام لها إذا تركت مجتمعها يتخبط في مهاوي الرذيلة والموبقات، وحصنت نفسها وتركته عرضة للرياح العاصفة. ووسائل الإعلام التي تجعل من الحبة قبة ومن الاحتمال واقعا ومن الأوهام حقيقة مشاركة حتى النخاع في مخادعة المجتمع والتواطؤ على تخريبه وتمزيق أنسجته وخلاياه. الضجة الكبرى التي تصاحب اعتقالات واختطافات يقال إنها لعناصر ما يسمى "السلفية الجهادية" و"التكفير والهجرة" و"الصراط المستقيم" وغيرها من الأسماء المصنوعة، الضجة الكبرى هذه لا نسمع لها همسا ولا ركزا عندما يقدم أحد المدمنين على الجنس والمخدرات والخمور على سفك الدماء وانتهاك الأعراض وترويع العائلات والمجتمع، ولا توجه التهمة إلى هذه الجماعة الإرهابية أو تلك، ولا تذكر الأسماء الحقيقية للزعماء والتجار الذين يتاجرون في عقول المجتمع ولحومه وأرواحه. ففي كل يوم نسمع عن سلسلة من الجرائم النكراء البشعة، ويكون الخمر والجنس والمخدرات هي الأركان الثلاثة الثابتة فيها، وتمر الجرائم دون توجيه الاتهام إلى الجماعات الإرهابية الإفسادية الواقفة وراءها، ولا يعتقل من عناصرها النشيطة أحد، ولا تمتد التحقيقات إن وجدت إلى الرؤوس المدبرة لها، وإلى العقول المنظمة لمخططها التدميري الرهيب الذي يستهدف المجتمع والدولة معا. وحتى لا نذهب بعيدا في استعراض هذه الجرائم البشعة، نتوقف عند آخر ما عرفه الناس في مذبحة الشاون النكراء. فقد اعترف المجرم القاتل أنه ارتكب المجزرة وحده وأزهق أرواح عائلة بكاملها مستعملا سلاحا أبيض. وقالت التحقيقات والاعترافات إن المجرم قام بعمليته الإرهابية الدموية بعد تناول كمية كبيرة من المخدرات والخمور، وأنه كان على علاقة غير شرعية مع أم الأطفال الهالكة، وأنه من ذوي السوابق العدلية، ومبحوث عنه في شأن جريمتي قتل بالدار البيضاء. الأركان الثلاثة للجريمة واضحة للعيان، أي المخدرات والجنس والخمر، فهذه هي الأسلحة الفتاكة التي تستعملها جماعات متواطئة بالمغرب، ويقف وراءها تنظيم محكم وتدبير شرير يريد للمغرب والمغاربة أن يتحولوا إلى وحوش كاسرة كافرة، تعيش في لحظات الظلام الطويلة، تقتل بعضها بعضا وتفترس بعضها بعضا، ويطمئن الإرهابيون الظلاميون إلى سيطرتهم وتحكمهم في مقاليد الأمور. فمن هم الإرهابيون الحقيقيون الذين ينتهكون الأعراض ويزهقون الأرواح ويرهبون الناس كل يوم؟ ولماذا لا تشن عليهم حملة واسعة للقضاء عليهم وتجفيف منابع إرهابهم وإجرامهم؟ لقد قام المجتمع المغربي منذ قرون خلت على أسس الإسلام، وعاش في ظله في أمن وطمأنينة وسلام، وضمن المغاربة سلامة دينهم وعقولهم وأنفسهم وأحوالهم ونسلهم بفضل هذا الدين، حتى إذا جاء هذا العصر بظلماته، ودست في أوساطهم ثلاثية الجرائم المدنسة. وجماعات التخمير والتفسيق، وقدمت لها كافة التسهيلات والتجهيزات للمضي في تنفيذ مشروعها الإرهابي التخريبي، فأصبح الكل مهددا في أمنه وسلامته. لابد من وضع اليد على هذه الجماعات التخريبية التي تشيع الخمر والمنكر والفسق والفجور ليلا ونهارا في المغاربة. فهؤلاء هم الإرهابيون الحقيقيون، وهم السفاكون المجرمون. تعلمنا من شريعة الإسلام أن من قتل نفسا واحدة فكأنما قتل الناس جميعا، ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا، وأن ما أسكر قليله فكثيره حرام، وأن الخمر أم الخبائث، وأن الزنا جريمة يهتز لها عرش الرحمن، فما أحوج المغرب والعالم إلى رحمة الإسلام وعدالته.