الركراكي يرفع إيقاع "أسود الأطلس"    مؤتمر نصرة القدس و"معا للقدس": أية قوة يتم إرسالها لغزة يجب تحديد ولايتها بواسطة مجلس الأمن بالتشاور مع الشعب الفلسطيني    دعم المقاولات الصغرى بالمغرب .. "الباطرونا" تواكب والأبناك تقدم التمويل    47735 شكاية وصلت مجلس السلطة القضائية والأخير: دليل على اتساع الوعي بالحقوق    مقترح عفو عام عن معتقلي حراك "جيل Z"    الحموشي يتقلَّد أرفع وسام أمني للشخصيات الأجنبية بإسبانيا    "لارام" تدشن أول رحلة مباشرة بين الدار البيضاء والسمارة    اتفاق مغربي سعودي لتطوير "المدينة المتوسطية" بطنجة باستثمار يفوق 250 مليون درهم    تحيين مقترح الحكم الذاتي: ضرورة استراتيجية في ضوء المتغيرات الدستورية والسياسية    انتخابات العراق: ما الذي ينتظره العراقيون من مجلس النواب الجديد؟    هجوم انتحاري خارج محكمة في إسلام آباد يودي بحياة 12 شخصاً ويصيب 27 آخرين    ماكرون يؤكد رفض الضم والاستيطان وعباس يتعهد بإصلاحات وانتخابات قريبة    الوالي التازي: المشاريع يجب أن تكون ذات أثر حقيقي وليست جبرا للخواطر    التوقيت والقنوات الناقلة لمباراة المغرب وإيران في نهائي "الفوتسال"    مونديال أقل من 17 سنة.. المغرب يتعرف على منافسه في الدور المقبل    شراكة بين "اليونسكو" ومؤسسة "المغرب 2030" لتعزيز دور الرياضة في التربية والإدماج الاجتماعي    الرصاص يلعلع بأولاد تايمة ويرسل شخصا إلى المستعجلات    مديرية الأرصاد الجوية: أمطار وثلوج ورياح قوية بهذه المناطق المغربية    الرشيدي: إدماج 5 آلاف طفل في وضعية إعاقة في المدارس العمومية خلال 2025    إطلاق طلب عروض دولي لإعداد مخطط تهيئة جديد في 17 جماعة ترابية بساحل إقليم تطوان وعمالة المضيق-الفنيدق    بنسعيد في جبة المدافع: أنا من أقنعت أحرار بالترشح للجمع بين أستاذة ومديرة    "رقصة السالسا الجالسة": الحركة المعجزة التي تساعد في تخفيف آلام الظهر    "الفتيان" يتدربون على استرجاع اللياقة    استئنافية الحسيمة تؤيد أحكاما صادرة في حق متهمين على خلفية أحداث إمزورن    التدبير‮ ‬السياسي‮ ‬للحكم الذاتي‮ ‬و‮..‬مرتكزات تحيينه‮!‬ 2/1    كأس إفريقيا للأمم لكرة القدم (المغرب 2025).. تعبئة 15 ألف متطوع استعدادا للعرس القاري    إصدارات مغربية جديدة في أروقة الدورة ال44 من معرض الشارقة الدولي للكتاب    قراءة تأملية في كتاب «في الفلسفة السياسية : مقالات في الدولة، فلسطين، الدين» للباحثة المغربية «نزهة بوعزة»    نادية فتاح تدعو إلى وضع تشغيل النساء في صلب الاستراتيجيات الاقتصادية والسياسية    مراكش تحتفي بعودة السينما وتفتح أبوابها للأصوات الجديدة في دورة تجمع 82 فيلما من 31 دولة    والآن سؤال الكيفية والتنفيذ .. بعد التسليم بالحكم الذاتي كحل وحيد    حادثة سير خطيرة بالطريق السيار العرائش – سيدي اليماني    رسميًا.. المغرب يقرر منح التأشيرات الإلكترونية لجماهير كأس إفريقيا مجانا عبر تطبيق "يلا"    برلمانية تستفسر وزير التربية الوطنية بشأن خروقات التربية الدامجة بتيزنيت    "ساولات أ رباب".. حبيب سلام يستعد لإطلاق أغنية جديدة تثير حماس الجمهور    انعقاد الدورة ال25 للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان    ملايين اللاجئين يواجهون شتاء قارسا بعد تراجع المساعدات الدولية    الحكومة تعتزم إطلاق بوابة إلكترونية لتقوية التجارة الخارجية    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بانخفاض    رونالدو يكشف أن مونديال 2026 سيكون الأخير له "حتما"    بموارد ‬تقدر ‬ب712,‬6 ‬مليار ‬درهم ‬ونفقات ‬تبلغ ‬761,‬3 ‬مليار ‬درهم    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    المغرب ‬رائد ‬في ‬قضايا ‬التغيرات ‬المناخية ‬حسب ‬تقرير ‬أممي ‬    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    ألمانيا تضع النظام الجزائري أمام اختبار صعب: الإفراج عن بوعلام صنصال مقابل استمرار علاج تبون    مجلس الشيوخ الأميركي يصوّت على إنهاء الإغلاق الحكومي    وزير الداخلية يبدأ مرحلة ربط المسؤولية بالمحاسبة؟    إيران تعدم رجلًا علنا أدين بقتل طبيب    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    انخفاض طلبات الإذن بزواج القاصر خلال سنة 2024 وفقا لتقرير المجلس الأعلى للسلطة القضائية    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الموقف الصحيح من المقاومة والضحايا والدمار
نشر في التجديد يوم 31 - 07 - 2014

مع هدنة الاثنتي عشرة ساعة في 26 تموز/ يوليو وصلت صور الدمار الواسع الذي سوّى عمارات وأبنية مع الأرض، ودفن تحتها ربما أكثر من 14 شهيداً كان من بينهم الأطفال والنساء والشيوخ وآباء وأمهات.
وقد صحب ذلك تصعيد في الحديث عن آلاف الضحايا من قتلى وجرحى وعن الدمار الواسع إلى جانب التركيز الشديد على إبراز السمة الإجرامية المفرطة لدى الكيان الصهيوني.
طبعاً لا أحد يستطيع أن يمنع الدموع من الهطول أو القلوب من التصدّع وهو يرى مشاهد أشلاء القتلى، أو تمزق أجساد الأطفال المضرجة بالدماء، ولا أحد يمكنه أن يقلل من فداحة الدمار في عدد من أحياء مخيمات قطاع غزة وبلداته ومدينته أو أخبار إبادة عائلات بأسرها.
ولكن، السؤال كيف نتعامل مع هذه الحالة التي لا بدّ من أن يطغى فيها القلب والأعصاب على التعامل المناسب والوعي الصحيح.
والسؤال الثاني، هل نجعل مشهد الضحايا يطغى على مشهد المقاومة وإنجازاتها القتالية البطولية أو على مشهدالصمود الشعبي ولا سيما النساء الثكالى والآباء المكلومون الذين يتعالون على فداحة المصاب فيعلنون وقوفهم وراء المقاومة ويطالبونها بالثبات والمزيد من الضربات ضدّ العدو.
بالنسبة إلى السؤال الأول: لا يجوز أن نسمح للعين وهي تدمع وللقلب وهو يتصدّع بأن ننسى أن سقوط الضحايا لا مفرّ منه في مواجهة عدو اغتصب الأرض وهجّر أهلها ومحى اسم الوطن وهويته وصادر حق شعبه في تقرير المصير وحق إنسانه في الوجود الحر الكريم، وكان خنجراً في الجسم العربي أو سرطاناً.
ولهذا إذا استسلمنا للخوف من التضحيات فما علينا إلاّ أن نُهاجر من فلسطين جميعاً ونتركها له، وإلاّ لاحق نقطة ضعفنا بالإضطهاد والتضييق والتهديد بالقتل والتنكيل حتى نرحل، وهذه كانت قصته مع من تبقى من فلسطينيين في مناطق ال48 ومن نزلوا تحت الاحتلال في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، ولولا الصمود والمقاومة في وجه كل ذلك أي الاستعداد لتقديم التضحيات لما أبقى في فلسطين عربياً مسلماً أو مسيحياً منذ أمد بعيد.
ولهذا يتوّهم من يظن بإمكان التعايش مع العدو الصهيوني لأنه سيكون ساذجاً لا يعرف جوهر المشروع الصهيوني وما يمكن أن يصل إليه إذا خفنا من المقاومة ولم نحتمل طريقها وما يحمله بالضرورة من تضحيات. بل أن ما نراه اليوم من دمار وضحايا هو أقل بكثير مما فعله في السابق وما كان سيفعله لولا امتشاقنا لسلاح المقاومة واستعدادنا لتحمّل التضحيات ومختلف الصعاب (في عدوانه عام 1982 وصل عدد الشهداء من فلسطينيين ولبنانيين 16 ألفاً والجرحى 32 ألفاً).
هذا ما يجب أن ندركه ونذكره ونحن نواجه المشاهِد التي تدمي القلب فنرتفع إلى مستوى أعلى في الوعي والممارسة، وهو ما فعله آباؤنا وأجدادنا ومن سبقونا على درب المقاومة والصمود دفاعاً عن الوجود. فقضيتنا ليست قضية عدل فحسب وإنما هي قضية وجود ووطن وهوية وحياة.
فإذا كانت شعوب العالم، بمن فيها شعوب عربية دفعت من أجل استقلالها من استعمار أو من احتلال مئات الألوف وحتى الملايين من الشهداء والجرحى فلا يحق لمن يواجه عدونا الذي اغتصب فلسطين وهجّر غالب أهلها ولم يزل يمعن في مشروعه الاستيطاني التهويدي، وقد جعل من الساعين للتسوية والتعايش أضحوكة ومن مروّجي أفكار المنظمات "غير الحكومية" مسخرة، إذ كيف يحق لهم أن يجعلوا مشهد الدمار في الشجاعية أو الأطفال الضحايا صوتاً يعلو على صوت المعركة أو يطغى على مشهد الصواريخ التي أغلقت مطار بن غوريون أو على مشهد إنجازات المقاومة والأنفاق والقتال القريب، أو على مشهد الثكالى والمكلومين وهم يعلنون الصمود ويطالبون المقاومة بالاستمرار والتصعيد، وقد احتسبوا كل الضحايا شهداء أحياء عند الله ومن أُصيب في جسده أو بيته مأجوراً وإلاّ أين يذهب بالإيمان.
هنا يجب أن نُسْكِتَ أصوات المتواطئين مع العدوان من الذين يسعون إلى تجريد المقاومة من أسلحتها وأنفاقها حين يبالغون في الحديث عن الدمار والضحايا ويجعلون المشهد مندبة ولطماً فتخفى مآثر المقاومة.
وهؤلاء ينطبق عليهم قول المتنبي: "إذا اشْتَبَهَتْ دُموعٌ في خُدودٍ ** تَبَيّنَ مَنْ بَكَى مِمّنْ تَباكَى".
إن الموقف الصحيح يتطلب أن يطغى أولاً وضع العدو في قفص الاتهام وإبراز ذلك الوجه المشرق الذي لم يسبق له مثيل على الأرض الفلسطينية ونحن نرى أبطال المقاومة يخرجون من الأنفاق لينقضوا على دبابات الميركافا ويثخنوا بقوات العدو ويجعلوا قطاع غزة منتصراً في ميدان القتال البري، وطويل باع في ميدان حرب الصواريخ. مما جلب له إعجاب أمته وحبّها وقد اخترق الرأي العام العالمي بتعاطف معه سوف يعزز انتصاره، فالرأي العام العالمي يتعاطف مع المظلومين الأقوياء وليس مع المظلومين الأذلاء.
وعندما تجتمع بطولة المقاومة بالرغم من الخلل في كثافة النيران مع مظلومية ضحايانا ومع شجاعة شعبنا فسوف تكتمل أسباب الهزيمة النازلة بالعدو لا محالة. وقد شاء الله ذلك منذ جاء الرد بالصواريخ وعززت بالمواجهات في الهجوم البري.
صحيح أن الموقف المصري – العربي الرسمي عموماً شكل نقطة ضعف خطرة في مصلحة العدوان وقد وصل الأمر بالبعض إلى حد تسويغه والتواطؤ معه تحت حجة محاربة حماس وهي حجة تصل حدّ السخف والبهتان. ولكن لم يعد ذلك حاسماً في نتائج المعركة وإن أطال من أمدها.
فحرب العدوان الذي يشنه العدو الصهيوني على قطاع غزة جاء امتداداً للمواجهات في القدس والضفة الغربية ومناطق ال48 إثر ردود الفعل على قتل الشهيد الفتى محمد أبو خضير بالحرق حيّاً وبعد تعذيبه والتنكيل في جسده.
ثم ماذا يقولون عندما انتفضت القدس والضفة الغربية الأسبوع الفائت كله وما تزالان تضامناً مع المقاومة والشعب في قطاع غزة. مما اضطر جيش الاحتلال لفتح جبهة ثانية والدليل اقتران المواجهات بإطلاق الرصاص الحي وسقوط الشهداء.
وبهذا أصبحت، بل يجب أن تصبح مقاومة العدوان واحدة في كل من القطاع والضفة والقدس. بل يجب أن توحّد مطالب المقاومة في القطاع مع المطالبة بدحر الاحتلال وتفكيك المستوطنات وتحرير الضفة والقدس وإطلاق كل الأسرى وبلا قيد أو شرط، لتبقى البوصلة نحو تحرير كل فلسطين.
من ذا الذي لا يستطيع أن يرى الآثار السلبية الخطرة للغاية على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ولا سيما على الضفة الغربية والقدس والأسرى إذا ما فشلت المقاومة لا سمح الله في قطاع غزة. وهو ما يريده العدو والذين يظنون أن الحرب العدوانية على قطاع غزة تشن ضد حماس أو الجهاد أو ضد السلاح والأنفاق فقط. وليس ضد الشعب الفلسطيني كله وضد القضية ومستقبل الصراع.
فحماس والجهاد والجبهة الشعبية وكل فصائل المقاومة ومن ضمنها ألوية الناصر صلاح الدين وكتائب شهداء الأقصى وكتائب عبد القادر الحسيني وكتائب المقاومة الوطنية متحدون قيادة وكوادر ومقاتلين في صف واحد. ويذهب مَدْغولاً، أو عبثاً، من يحاول التفريق أو الفرز بينهم.
الشعب الفلسطيني كله موحد خلف المقاومة في قطاع غزة وخلف الانتفاضة في الضفة الغربية والقدس.
وأخيراً ستكون خسارة فادحة إضاعة الفرصة الراهنة بالإحجام عن الذهاب بالانتقاضة إلى أقصى مدى إلى جانب المقاومة والشعب في قطاع غزة. فالنصر بانتظار فلسطين إذا اجتمعت الانتفاضة والمقاومة المنتصرة في غزة.
مع هدنة الاثنتي عشرة ساعة في 26 تموز/ يوليو وصلت صور الدمار الواسع الذي سوّى عمارات وأبنية مع الأرض، ودفن تحتها ربما أكثر من 14 شهيداً كان من بينهم الأطفال والنساء والشيوخ وآباء وأمهات.
وقد صحب ذلك تصعيد في الحديث عن آلاف الضحايا من قتلى وجرحى وعن الدمار الواسع إلى جانب التركيز الشديد على إبراز السمة الإجرامية المفرطة لدى الكيان الصهيوني.
طبعاً لا أحد يستطيع أن يمنع الدموع من الهطول أو القلوب من التصدّع وهو يرى مشاهد أشلاء القتلى، أو تمزق أجساد الأطفال المضرجة بالدماء، ولا أحد يمكنه أن يقلل من فداحة الدمار في عدد من أحياء مخيمات قطاع غزة وبلداته ومدينته أو أخبار إبادة عائلات بأسرها.
ولكن، السؤال كيف نتعامل مع هذه الحالة التي لا بدّ من أن يطغى فيها القلب والأعصاب على التعامل المناسب والوعي الصحيح.
والسؤال الثاني، هل نجعل مشهد الضحايا يطغى على مشهد المقاومة وإنجازاتها القتالية البطولية أو على مشهدالصمود الشعبي ولا سيما النساء الثكالى والآباء المكلومون الذين يتعالون على فداحة المصاب فيعلنون وقوفهم وراء المقاومة ويطالبونها بالثبات والمزيد من الضربات ضدّ العدو.
بالنسبة إلى السؤال الأول: لا يجوز أن نسمح للعين وهي تدمع وللقلب وهو يتصدّع بأن ننسى أن سقوط الضحايا لا مفرّ منه في مواجهة عدو اغتصب الأرض وهجّر أهلها ومحى اسم الوطن وهويته وصادر حق شعبه في تقرير المصير وحق إنسانه في الوجود الحر الكريم، وكان خنجراً في الجسم العربي أو سرطاناً.
ولهذا إذا استسلمنا للخوف من التضحيات فما علينا إلاّ أن نُهاجر من فلسطين جميعاً ونتركها له، وإلاّ لاحق نقطة ضعفنا بالإضطهاد والتضييق والتهديد بالقتل والتنكيل حتى نرحل، وهذه كانت قصته مع من تبقى من فلسطينيين في مناطق ال48 ومن نزلوا تحت الاحتلال في الضفة الغربية والقدس وقطاع غزة، ولولا الصمود والمقاومة في وجه كل ذلك أي الاستعداد لتقديم التضحيات لما أبقى في فلسطين عربياً مسلماً أو مسيحياً منذ أمد بعيد.
ولهذا يتوّهم من يظن بإمكان التعايش مع العدو الصهيوني لأنه سيكون ساذجاً لا يعرف جوهر المشروع الصهيوني وما يمكن أن يصل إليه إذا خفنا من المقاومة ولم نحتمل طريقها وما يحمله بالضرورة من تضحيات. بل أن ما نراه اليوم من دمار وضحايا هو أقل بكثير مما فعله في السابق وما كان سيفعله لولا امتشاقنا لسلاح المقاومة واستعدادنا لتحمّل التضحيات ومختلف الصعاب (في عدوانه عام 1982 وصل عدد الشهداء من فلسطينيين ولبنانيين 16 ألفاً والجرحى 32 ألفاً).
هذا ما يجب أن ندركه ونذكره ونحن نواجه المشاهِد التي تدمي القلب فنرتفع إلى مستوى أعلى في الوعي والممارسة، وهو ما فعله آباؤنا وأجدادنا ومن سبقونا على درب المقاومة والصمود دفاعاً عن الوجود. فقضيتنا ليست قضية عدل فحسب وإنما هي قضية وجود ووطن وهوية وحياة.
فإذا كانت شعوب العالم، بمن فيها شعوب عربية دفعت من أجل استقلالها من استعمار أو من احتلال مئات الألوف وحتى الملايين من الشهداء والجرحى فلا يحق لمن يواجه عدونا الذي اغتصب فلسطين وهجّر غالب أهلها ولم يزل يمعن في مشروعه الاستيطاني التهويدي، وقد جعل من الساعين للتسوية والتعايش أضحوكة ومن مروّجي أفكار المنظمات "غير الحكومية" مسخرة، إذ كيف يحق لهم أن يجعلوا مشهد الدمار في الشجاعية أو الأطفال الضحايا صوتاً يعلو على صوت المعركة أو يطغى على مشهد الصواريخ التي أغلقت مطار بن غوريون أو على مشهد إنجازات المقاومة والأنفاق والقتال القريب، أو على مشهد الثكالى والمكلومين وهم يعلنون الصمود ويطالبون المقاومة بالاستمرار والتصعيد، وقد احتسبوا كل الضحايا شهداء أحياء عند الله ومن أُصيب في جسده أو بيته مأجوراً وإلاّ أين يذهب بالإيمان.
هنا يجب أن نُسْكِتَ أصوات المتواطئين مع العدوان من الذين يسعون إلى تجريد المقاومة من أسلحتها وأنفاقها حين يبالغون في الحديث عن الدمار والضحايا ويجعلون المشهد مندبة ولطماً فتخفى مآثر المقاومة.
وهؤلاء ينطبق عليهم قول المتنبي: "إذا اشْتَبَهَتْ دُموعٌ في خُدودٍ ** تَبَيّنَ مَنْ بَكَى مِمّنْ تَباكَى".
إن الموقف الصحيح يتطلب أن يطغى أولاً وضع العدو في قفص الاتهام وإبراز ذلك الوجه المشرق الذي لم يسبق له مثيل على الأرض الفلسطينية ونحن نرى أبطال المقاومة يخرجون من الأنفاق لينقضوا على دبابات الميركافا ويثخنوا بقوات العدو ويجعلوا قطاع غزة منتصراً في ميدان القتال البري، وطويل باع في ميدان حرب الصواريخ. مما جلب له إعجاب أمته وحبّها وقد اخترق الرأي العام العالمي بتعاطف معه سوف يعزز انتصاره، فالرأي العام العالمي يتعاطف مع المظلومين الأقوياء وليس مع المظلومين الأذلاء.
وعندما تجتمع بطولة المقاومة بالرغم من الخلل في كثافة النيران مع مظلومية ضحايانا ومع شجاعة شعبنا فسوف تكتمل أسباب الهزيمة النازلة بالعدو لا محالة. وقد شاء الله ذلك منذ جاء الرد بالصواريخ وعززت بالمواجهات في الهجوم البري.
صحيح أن الموقف المصري – العربي الرسمي عموماً شكل نقطة ضعف خطرة في مصلحة العدوان وقد وصل الأمر بالبعض إلى حد تسويغه والتواطؤ معه تحت حجة محاربة حماس وهي حجة تصل حدّ السخف والبهتان. ولكن لم يعد ذلك حاسماً في نتائج المعركة وإن أطال من أمدها.
فحرب العدوان الذي يشنه العدو الصهيوني على قطاع غزة جاء امتداداً للمواجهات في القدس والضفة الغربية ومناطق ال48 إثر ردود الفعل على قتل الشهيد الفتى محمد أبو خضير بالحرق حيّاً وبعد تعذيبه والتنكيل في جسده.
ثم ماذا يقولون عندما انتفضت القدس والضفة الغربية الأسبوع الفائت كله وما تزالان تضامناً مع المقاومة والشعب في قطاع غزة. مما اضطر جيش الاحتلال لفتح جبهة ثانية والدليل اقتران المواجهات بإطلاق الرصاص الحي وسقوط الشهداء.
وبهذا أصبحت، بل يجب أن تصبح مقاومة العدوان واحدة في كل من القطاع والضفة والقدس. بل يجب أن توحّد مطالب المقاومة في القطاع مع المطالبة بدحر الاحتلال وتفكيك المستوطنات وتحرير الضفة والقدس وإطلاق كل الأسرى وبلا قيد أو شرط، لتبقى البوصلة نحو تحرير كل فلسطين.
من ذا الذي لا يستطيع أن يرى الآثار السلبية الخطرة للغاية على القضية الفلسطينية والشعب الفلسطيني ولا سيما على الضفة الغربية والقدس والأسرى إذا ما فشلت المقاومة لا سمح الله في قطاع غزة. وهو ما يريده العدو والذين يظنون أن الحرب العدوانية على قطاع غزة تشن ضد حماس أو الجهاد أو ضد السلاح والأنفاق فقط. وليس ضد الشعب الفلسطيني كله وضد القضية ومستقبل الصراع.
فحماس والجهاد والجبهة الشعبية وكل فصائل المقاومة ومن ضمنها ألوية الناصر صلاح الدين وكتائب شهداء الأقصى وكتائب عبد القادر الحسيني وكتائب المقاومة الوطنية متحدون قيادة وكوادر ومقاتلين في صف واحد. ويذهب مَدْغولاً، أو عبثاً، من يحاول التفريق أو الفرز بينهم.
الشعب الفلسطيني كله موحد خلف المقاومة في قطاع غزة وخلف الانتفاضة في الضفة الغربية والقدس.
وأخيراً ستكون خسارة فادحة إضاعة الفرصة الراهنة بالإحجام عن الذهاب بالانتقاضة إلى أقصى مدى إلى جانب المقاومة والشعب في قطاع غزة. فالنصر بانتظار فلسطين إذا اجتمعت الانتفاضة والمقاومة المنتصرة في غزة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.