بهدف محرز.. الجزائر تعبر إلى الدور الثاني من كأس أمم إفريقيا بالمغرب    نيجيريا تحسم التأهل إلى ثمن النهائي وماني ينقذ السنغال من الهزيمة    من واد غيس إلى الجماعات الهشة : عبد الحق أمغار يضع فلاحة الحسيمة تحت مجهر المساءلة البرلمانية    وسط قيود على المساعدات الإنسانية .. الأمطار تغرق خيام النازحين في غزة    الأقمار الصناعية تكشف تفاصيل جديدة عن البنية المعدنية الخفية في الأطلس الصغير    صندوق النقد الدولي يدعو المغرب إلى تسريع الإصلاحات الهيكلية دون المساس بشبكات الحماية الاجتماعية. ..أوصى بضرورة تعزيز المنافسة ورفع الإنتاجية والاستثمار في الرأسمال البشري    أخبار الساحة    اليوم بمجمع الأمير مولاي عبد الله .. المنتخب الوطني مطالب بالفوز على زامبيا للبقاء في الرباط وتبديد المخاوف    السودان تحقق فوزا مهما على غينيا الاستوائية في كأس إفريقيا    جبال خنيفرة تلبس "الرداء الأبيض"    بوصوف: المخطوطات "رأسمال سيادي"    المهدي النائر.. ريشة تحيي الجدران وتحول الأسطح إلى لوحات تنبض بالجمال    عبد الكبير الركاكنة يتوج بجائزة النجم المغربي 2025    السينما والأدب: الخصوصية.. والحوار الممكن    أمن العروي يطيح بسائق سيارة أجرة وبحوزته قرابة 5000 قرص طبي مهرب    ميناء طنجة المتوسط يخطط لتوسعة كبرى لمحطة المسافرين استعدادًا لمونديال 2030    تأخر الإشهاد ونقص السيولة يرجئان صرف منحة "الريادة" إلى مطلع 2026    نشرة إنذارية.. زخات رعدية محليا قوية وتساقطات ثلجية وهبات رياح أحيانا قوية يومي الأحد والاثنين    منعطف قضائي بشأن شرعية رسوم تسجيل الطلبة الموظفين    طنجة تتصدر مقاييس التساقطات المطرية بالمملكة خلال ال24 ساعة الماضية    فيضانات تجتاح جنوب إسبانيا بعد تساقطات ليلية كثيفة    الركراكي يؤكد مشاركة حكيمي ضد زامبيا    سلطات آسفي تدقق في لوائح المتضررين من الفيضانات لتفادي الإقصاء    حكيمي: الركراكي غيّر عقلية اللاعبين ويستحق قيادة المغرب للتتويج القاري    مداخيل المغرب من صادرات الأفوكادو تتجاوز 300 مليون دولار خلال موسم واحد    بنسليمان.. انتخاب أحمد بلفاطمي كاتبا إقليميا لاتحاد المقاولات والمهن بإجماع المهنيين    تحسن نسبي مرتقب في الأحوال الجوية بالمغرب بعد أيام من الاضطراب الجوي        بعد خمس سنوات من التطبيع.. تقرير يكشف تغلغل إسرائيل في المغرب من الفلاحة إلى الأمن والتعليم والطاقة    عاصمة الرباط تنتظرها بطولات أكبر ..    بورما تجري أول انتخابات عامة منذ الانقلاب العسكري عام 2021    روسيا تعلن إسقاط 25 طائرة مُسيّرة    قرار حكومي يوسّع الاستفادة من منحة "مؤسسات الريادة" ويعدّل منظومة التحفيز    مدفوعة ب"كان 2025″ وانتعاش السوقين المحلية والأوروبية.. أكادير تقترب من استقبال 1.5 مليون سائح مع نهاية السنة    الحلم المغاربي حاضر في الرياضة غائب في السياسة    غموض الموقف المغربي والإماراتي يلفّ رفضاً عربياً وإسلامياً واسعاً لاعتراف إسرائيل ب"أرض الصومال"    عواصف عنيفة تحصد أرواحًا في السويد وتغرق دول الشمال في الظلام    "جمعية هيئات المحامين بالمغرب" ترفض مشروع القانون المتعلق بتنظيم المهنة وتدعو إلى جمع عام استثنائي    الصين تفرض حد أقصى إلزامي لاستهلاك الطاقة للسيارات الكهربائية    الخدمة العسكرية .. الفوج ال40 يؤدي القسم بالمركز الثاني لتكوين المجندين بتادلة    كأس إفريقيا .. نيجيريا تفوز على تونس و تعبر إلى دور الثمن    أزيد من 2600 مستفيد من قافلة طبية متعددة التخصصات بخنيفرة    مصرع عشريني في اصطدام مروّع بين دراجة نارية وسيارة بطنجة    كُرةٌ تَدُورُ.. وقُلُوبٌ تلهثُ مَعَها    علماء روس يبتكرون مادة مسامية لتسريع شفاء العظام    وفاة المخرج المصري الكبير داوود عبد السيد    تنديد واسع باعتراف إسرائيل بإقليم انفصالي في الصومال    انطلاق فعاليات مهرجان نسائم التراث في نسخته الثانية بالحسيمة    علماء يبتكرون جهازا يكشف السرطان بدقة عالية    من جلد الحيوان إلى قميص الفريق: كرة القدم بوصفها طوطمية ناعمة    روسيا تبدأ أولى التجارب السريرية للقاح واعد ضد السرطان    الحق في المعلومة حق في القدسية!    وفق دراسة جديدة.. اضطراب الساعة البيولوجية قد يسرّع تطور مرض الزهايمر    جمعية تكافل للاطفال مرضى الصرع والإعاقة تقدم البرنامج التحسيسي الخاص بمرض الصرع    جائزة الملك فيصل بالتعاون مع الرابطة المحمدية للعلماء تنظمان محاضرة علمية بعنوان: "أعلام الفقه المالكي والذاكرة المكانية من خلال علم الأطالس"    رهبة الكون تسحق غرور البشر    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تقتل لغتك- بقلم محمد عيادي
نشر في التجديد يوم 29 - 07 - 2010

شعار جميل لحملة نظمتها مؤسسة الفكر العربي وجمعية فعل أمر في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي بلبنان تدعو لاحترام اللغة العربية والحفاظ عليها، والحديث بها في الحياة اليومية، وعدم خلطها بهذه اللغة الأجنبية أو تلك من دون داعٍ ولا ضرورة ملزمة.
وأعجبني تصوير أحد المدوِّنين لمشهد توزيع الحروف العربية على الأرض في شارع الحمراء ببيروت في إطار فعاليات الحملة، وإحاطتها بشريط أصفر كُتب عليه لا تقتل لغتك بقوله جثه ملقاة على الأرض محاطة بشرائط صفراء كيلا يُعبث بمسرح الجريمة، نلقي نظرة على الجثة لنفاجأ بأنها تعود للمدعو حرف الضاد كما عُثر على المغدور حرف العين مضرجاً بدموعه، أقصد بدمائه في مسافة لا تبعد كثيراً عن القتيل الأول، وغير بعيد تم الاعتداء على تاء التأنيث بوحشية في زقاق مظلم في ساعة متأخرة من ذات مساء أسفر عن مفارقتها الحياة. حروف جميلة تُقتل وتُغتال، حرفاً حرفاً حتى الحركات لم تسلم، من فتحةٍ تحلّق عالياً وضمةٍ تحضننا، وكسرةٍ متواضعة، كلهم يُقتلون يومياً بوحشية وسادية وعنف، والقتلة هم نحن، جميعنا نشارك بذبح هذه اللغة، نغتالها برصاص لغات أخرى؛.
طبعاً قتل اللغة العربية لا يقتصر على لبنان بل هي جريمة تُمارَس في جل الوطن العربي مشرقه ومغربه، الأمر الذي يدعو لشن حملات توعية بهذه الجريمة في كل هذه البلدان العربية؛ حيث صار خلط الحديث بقليل من الفرنسية أو الإنجليزية دليلاً حسب البعض على الرقي والتقدم، ويشعرون بأن اللغة العربية كقطعة أثرية لا تصلح إلا في المتاحف وغير ذلك من الأوهام، وبات هذا ملحوظا في الجامعات وغيرها من الأوساط التعليمية والثقافية.
وليست هذه رغبة في الانغلاق ولا عصبية مقيتة ضد اللغات الأخرى، بقدر ما هي وقفة مع الذات لإعادة الاعتبار للغة العربية وعزتها بين باقي اللغات، وترغيب الجيل الصاعد في لغته بأساليب جذابة للنظر إليها كلغة لها إرث حضاري وإبداع علمي استفادت منه الإنسانية كلها، ويمكن التعامل بها يوميا في التواصل والرسائل الهاتفية القصيرة والمعاملات الإدارية لما لذلك من أثر في تقوية الإحساس بالهوية والانتماء والشخصية المستقلة، والتأكيد أن قوة لغة معينة وحضورها رهين بقوة أهلها وضعفها راجع لضعفهم، والهروب من هذا الضعف لا يكون بهذا الحالة المزرية في الوطن العربي من الاستهانة باللغة العربية، والتقليل من شأنها وعدم الإقبال على القراءة بالعربية، وقلة التأليف في الحقل العلمي والمعرفي.
للأسف تيار بخس اللغة العربية بدأ يأخذ منحى سيئا بعيدا عن قضية الخلط أثناء التواصل بين الناس بين اللغة العربية ولغة أجنبية، وتفضيل اللغات الأجنبية في الملتقيات الفكرية والثقافية والعلمية داخل الوطن العربي رغم عدم مشاركة أجانب أو مشاركة أجانب بعدد قليل.
الأمر أسوأ من ذلك بكثير؛ ذلك أن هناك تيارا ينطلق في استهانته باللغة العربية من خلفية أيديولوجية تشكك في قدرة لغة الضاد على مسايرة التطور العلمي، وحتى في تيسير التواصل اليومي بين الناس ويتخذ هذا مبرراً للمطالبة -كما حدث في المغرب- باعتماد اللغة الدارجة (العامية) في التعليم والإعلام بحجة أنها مفهومة وسهلة على عكس اللغة العربية التي يصفها بالمعقدة.
هذا التيار وبخلفية فرانكفونية يدعو إلى تدريس اللغة الدارجة في المدارس من خلال إقرارها في التعليم العمومي الأساسي مكان اللغة العربية، وتقنينها بدعوى تجسير الهوة بين اللغة المكتوبة (العربية) واللغة الشفاهية (الدارجة) والمقصود بالتقنين، كتابة الدارجة بالحرف العربي لخلق لغة تجمع بين الحرف العربي والنطق، وتحرير مصطلحات خاصة ومعاجم وقواعد وآليات بيداغوجية.
هناك من يقلل من تأثير هذا التيار ومطالبه، ويعتبرها ضجيجا عابرا مهما علا صوته كما هي الحال بالنسبة لرئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية موسى الشامي، الذي يرى أن منتقدي اللغة العربية في المغرب ودعاة استخدام الدارجة بدل العربية الفصحى أقلية فرانكفونية تعبر عن طموحات استعمارية في المغرب لا أكثر ولا أقل.
لكن التأمل في المطالب المذكورة يشير إلى أن الأمر لا يتعلق بضجيج عابر، بل برغبة في حصار اللغة العربية بكل أبعادها، وعزل البلد عن محيطه العربي بصراع مفتعل بين الدارجة أو العامية كوسيلة للتواصل اليومي والشعبي واللغة عربية كلغة فكر وثقافة ولغة تعامل إداري، وهذا موجود في العالم كله؛ حيث هناك لغة جامعة وهناك لهجة أو لهجات محلية هي مصدر غِنًى ثقافي وإنساني كما هي الحال بالنسبة للمغرب، فالتعدد اللغوي (العربية والأمازيغية بمختلف فروعها والحسانية والدارجة) كانت وستظل مصدر قوة وثراء ثقافي عبر تاريخ المغرب.
إن التيار المشار إليه يختلق مع كامل الأسف معركة خاطئة، ويتصرف وكأنه خارج التاريخ، ففي الوقت الذي يسارع عدد من الدول لإطلاق قنوات فضائية ناطقة باللغة العربية وآخرها تركيا لمخاطبة الوطن العربي والتواصل معه وتقديم (تسويق) ذاتها له، نجد بين ظهرانينا من يريد أن يعزلنا عن المحيط العربي لكنهم سيفشلون بكل تأكيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.