منظمة حقوقية: مشروع قانون المالية لا يعالج إشكالية البطالة ومعيقات الولوج للخدمات الأساسية مستمرة    الأمم المتحدة.. ترجيح مقتل 42 شخصا جراء غرق قارب قبالة سواحل ليبيا    أربعة منتخبات إفريقية تتصارع في الرباط على بطاقة المونديال الأخيرة    "الكان" .. "دانون" تطلق الجائزة الذهبية    مؤسسة منتدى أصيلة تفوز بجائزة السلطان قابوس للثقافة والفنون والاداب في مجال المؤسسات الثقافية الخاصة    ابن كيران ينظم ندوة صحافية في بيته للدفاع عن إمام مغربي أدين في فرنسا ب 15 عاما سجنا    فاجعة.. مصرع أسرة بأكملها غرقا داخل حوض لتجميع مياه السقي بخريبكة    لجنة المالية في مجلس النواب تصادق على الجزء الأول من مشروع قانون المالية لسنة 2026    مباريات الدور ال32 ب"مونديال" الناشئين في قطر    اختلاس أموال عمومية يورط 17 شخصا من بينهم موظفون عموميون    استبعاد يامال من قائمة المنتخب الإسباني    السعودية تحدد مواعيد نهائية لتعاقدات الحج ولا تأشيرات بعد شوال وبطاقة "نسك" شرط لدخول الحرم    "الماط" يستغل تعثر شباب المحمدية أمام اتحاد أبي الجعد ويزاحمه في الصدارة    وكالة الطاقة الدولية تتوقع استقرارا محتملا في الطلب على النفط "بحدود 2030"    مستشارو جاللة الملك يجتمعون بزعماء األحزاب الوطنية في شأن تحيين وتفصيل مبادرة الحكم الذاتي في األقاليم الجنوبية    أمطار متوقعة غدا الخميس بالمغرب    50 ‬مليار ‬درهم ‬لتقليص ‬الفوارق ‬المجالية.. ‬إنجاز ‬26 ‬ألف ‬كيلومتر ‬من ‬الطرق ‬وآلاف ‬المشاريع ‬الاجتماعية    ولد الرشيد يبرز بإسلام آباد جهود المغرب بقيادة الملك في مجال تعزيز السلم والأمن والتنمية    ارتفاع أسعار الذهب في الأسواق العالمية    الأمم المتحدة: الطلب على التكييف سيتضاعف 3 مرات بحلول 2050    أزمة "النظام الأساسي" تدفع موظفي الجماعات الترابية إلى الإضراب    فيدرالية اليسار الديمقراطي تؤكد تمسكها بالإصلاحات الديمقراطية وترفض العودة إلى الوراء في ملف الحكم الذاتي    إسبانيا تقلد عبد اللطيف حموشي بأرفع وسام اعترافًا بدور المغرب في مكافحة الإرهاب والتعاون الأمني    الغابون تحكم غيابيا على زوجة الرئيس المعزول علي بونغو وابنه بالسجن بتهم الاختلاس    إسرائيل تفتح معبر زيكيم شمال غزة    تقرير دولي: تقدم مغربي في مكافحة الجريمة المنظمة وغسل الأموال    حجز آلاف الأقراص المهلوسة في سلا    منتخب جهوي بكلميم يندد ب"تبديد" 1000 مليار سنتيم دون تحسين الخدمات الصحية في الجهة    تيزنيت: نقابة مفتشي التعليم تشيد بالأدوار المحورية التي تضطلع بها هيئة التفتيش و ترفض محاولات طمس الهوية المهنية للهيئة وتقزيم أدوارها ( بيان )    بورصة الدار البيضاء تفتتح على ارتفاع    ليلة الذبح العظيم..    انطلاق أشغال تهيئة غابة لاميدا بمرتيل ، للحفاظ علي المتنفس الوحيد بالمدينة    تنصيب عبد العزيز زروالي عاملا على إقليم سيدي قاسم في حفل رسمي    المعهد الملكي الإسباني: المغرب يحسم معركة الصحراء سياسياً ودبلوماسيا    "جيروزاليم بوست": الاعتراف الأممي بسيادة المغرب على الصحراء يُضعِف الجزائر ويعزّز مصالح إسرائيل في المنطقة    برادة يدعو الآباء والأمهات إلى مساندة المؤسسات التعليمية بالمواكبة المنزلية    الركراكي يرفع إيقاع "أسود الأطلس"    دعم المقاولات الصغرى بالمغرب .. "الباطرونا" تواكب والأبناك تقدم التمويل    "لارام" تدشن أول رحلة مباشرة بين الدار البيضاء والسمارة    انتخابات العراق: ما الذي ينتظره العراقيون من مجلس النواب الجديد؟    بنسعيد في جبة المدافع: أنا من أقنعت أحرار بالترشح للجمع بين أستاذة ومديرة    "رقصة السالسا الجالسة": الحركة المعجزة التي تساعد في تخفيف آلام الظهر    "الفتيان" يتدربون على استرجاع اللياقة    مراكش تحتفي بعودة السينما وتفتح أبوابها للأصوات الجديدة في دورة تجمع 82 فيلما من 31 دولة    رسميًا.. المغرب يقرر منح التأشيرات الإلكترونية لجماهير كأس إفريقيا مجانا عبر تطبيق "يلا"    "ساولات أ رباب".. حبيب سلام يستعد لإطلاق أغنية جديدة تثير حماس الجمهور    انعقاد الدورة ال25 للمهرجان الوطني للمسرح بتطوان    الشاعرة والكاتبة الروائية ثريا ماجدولين، تتحدث في برنامج "مدارات " بالإذاعة الوطنية.    الكاتب ديفيد سالوي يفوز بجائزة بوكر البريطانية عن روايته "فلش"    المشي اليومي يساعد على مقاومة الزهايمر (دراسة)    خمسة آلاف خطوة في اليوم تقلل تغيرات المخ بسبب الزهايمر    دراسة تُفنّد الربط بين "الباراسيتامول" أثناء الحمل والتوحد واضطرابات الانتباه    وفاة زغلول النجار الباحث المصري في الإعجاز العلمي بالقرآن عن عمر 92 عاما    وفاة "رائد أبحاث الحمض النووي" عن 97 عاما    بينهم مغاربة.. منصة "نسك" تخدم 40 مليون مستخدم ومبادرة "طريق مكة" تسهّل رحلة أكثر من 300 ألف من الحجاج    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    حِينَ تُخْتَبَرُ الْفِكْرَةُ فِي مِحْرَابِ السُّلْطَةِ    أمير المؤمنين يأذن بوضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



لا تقتل لغتك- بقلم محمد عيادي
نشر في التجديد يوم 29 - 07 - 2010

شعار جميل لحملة نظمتها مؤسسة الفكر العربي وجمعية فعل أمر في الأسبوع الأخير من الشهر الماضي بلبنان تدعو لاحترام اللغة العربية والحفاظ عليها، والحديث بها في الحياة اليومية، وعدم خلطها بهذه اللغة الأجنبية أو تلك من دون داعٍ ولا ضرورة ملزمة.
وأعجبني تصوير أحد المدوِّنين لمشهد توزيع الحروف العربية على الأرض في شارع الحمراء ببيروت في إطار فعاليات الحملة، وإحاطتها بشريط أصفر كُتب عليه لا تقتل لغتك بقوله جثه ملقاة على الأرض محاطة بشرائط صفراء كيلا يُعبث بمسرح الجريمة، نلقي نظرة على الجثة لنفاجأ بأنها تعود للمدعو حرف الضاد كما عُثر على المغدور حرف العين مضرجاً بدموعه، أقصد بدمائه في مسافة لا تبعد كثيراً عن القتيل الأول، وغير بعيد تم الاعتداء على تاء التأنيث بوحشية في زقاق مظلم في ساعة متأخرة من ذات مساء أسفر عن مفارقتها الحياة. حروف جميلة تُقتل وتُغتال، حرفاً حرفاً حتى الحركات لم تسلم، من فتحةٍ تحلّق عالياً وضمةٍ تحضننا، وكسرةٍ متواضعة، كلهم يُقتلون يومياً بوحشية وسادية وعنف، والقتلة هم نحن، جميعنا نشارك بذبح هذه اللغة، نغتالها برصاص لغات أخرى؛.
طبعاً قتل اللغة العربية لا يقتصر على لبنان بل هي جريمة تُمارَس في جل الوطن العربي مشرقه ومغربه، الأمر الذي يدعو لشن حملات توعية بهذه الجريمة في كل هذه البلدان العربية؛ حيث صار خلط الحديث بقليل من الفرنسية أو الإنجليزية دليلاً حسب البعض على الرقي والتقدم، ويشعرون بأن اللغة العربية كقطعة أثرية لا تصلح إلا في المتاحف وغير ذلك من الأوهام، وبات هذا ملحوظا في الجامعات وغيرها من الأوساط التعليمية والثقافية.
وليست هذه رغبة في الانغلاق ولا عصبية مقيتة ضد اللغات الأخرى، بقدر ما هي وقفة مع الذات لإعادة الاعتبار للغة العربية وعزتها بين باقي اللغات، وترغيب الجيل الصاعد في لغته بأساليب جذابة للنظر إليها كلغة لها إرث حضاري وإبداع علمي استفادت منه الإنسانية كلها، ويمكن التعامل بها يوميا في التواصل والرسائل الهاتفية القصيرة والمعاملات الإدارية لما لذلك من أثر في تقوية الإحساس بالهوية والانتماء والشخصية المستقلة، والتأكيد أن قوة لغة معينة وحضورها رهين بقوة أهلها وضعفها راجع لضعفهم، والهروب من هذا الضعف لا يكون بهذا الحالة المزرية في الوطن العربي من الاستهانة باللغة العربية، والتقليل من شأنها وعدم الإقبال على القراءة بالعربية، وقلة التأليف في الحقل العلمي والمعرفي.
للأسف تيار بخس اللغة العربية بدأ يأخذ منحى سيئا بعيدا عن قضية الخلط أثناء التواصل بين الناس بين اللغة العربية ولغة أجنبية، وتفضيل اللغات الأجنبية في الملتقيات الفكرية والثقافية والعلمية داخل الوطن العربي رغم عدم مشاركة أجانب أو مشاركة أجانب بعدد قليل.
الأمر أسوأ من ذلك بكثير؛ ذلك أن هناك تيارا ينطلق في استهانته باللغة العربية من خلفية أيديولوجية تشكك في قدرة لغة الضاد على مسايرة التطور العلمي، وحتى في تيسير التواصل اليومي بين الناس ويتخذ هذا مبرراً للمطالبة -كما حدث في المغرب- باعتماد اللغة الدارجة (العامية) في التعليم والإعلام بحجة أنها مفهومة وسهلة على عكس اللغة العربية التي يصفها بالمعقدة.
هذا التيار وبخلفية فرانكفونية يدعو إلى تدريس اللغة الدارجة في المدارس من خلال إقرارها في التعليم العمومي الأساسي مكان اللغة العربية، وتقنينها بدعوى تجسير الهوة بين اللغة المكتوبة (العربية) واللغة الشفاهية (الدارجة) والمقصود بالتقنين، كتابة الدارجة بالحرف العربي لخلق لغة تجمع بين الحرف العربي والنطق، وتحرير مصطلحات خاصة ومعاجم وقواعد وآليات بيداغوجية.
هناك من يقلل من تأثير هذا التيار ومطالبه، ويعتبرها ضجيجا عابرا مهما علا صوته كما هي الحال بالنسبة لرئيس الجمعية المغربية لحماية اللغة العربية موسى الشامي، الذي يرى أن منتقدي اللغة العربية في المغرب ودعاة استخدام الدارجة بدل العربية الفصحى أقلية فرانكفونية تعبر عن طموحات استعمارية في المغرب لا أكثر ولا أقل.
لكن التأمل في المطالب المذكورة يشير إلى أن الأمر لا يتعلق بضجيج عابر، بل برغبة في حصار اللغة العربية بكل أبعادها، وعزل البلد عن محيطه العربي بصراع مفتعل بين الدارجة أو العامية كوسيلة للتواصل اليومي والشعبي واللغة عربية كلغة فكر وثقافة ولغة تعامل إداري، وهذا موجود في العالم كله؛ حيث هناك لغة جامعة وهناك لهجة أو لهجات محلية هي مصدر غِنًى ثقافي وإنساني كما هي الحال بالنسبة للمغرب، فالتعدد اللغوي (العربية والأمازيغية بمختلف فروعها والحسانية والدارجة) كانت وستظل مصدر قوة وثراء ثقافي عبر تاريخ المغرب.
إن التيار المشار إليه يختلق مع كامل الأسف معركة خاطئة، ويتصرف وكأنه خارج التاريخ، ففي الوقت الذي يسارع عدد من الدول لإطلاق قنوات فضائية ناطقة باللغة العربية وآخرها تركيا لمخاطبة الوطن العربي والتواصل معه وتقديم (تسويق) ذاتها له، نجد بين ظهرانينا من يريد أن يعزلنا عن المحيط العربي لكنهم سيفشلون بكل تأكيد.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.