مع نهاية كل عام يتم ذكر مجموعة من الأحداث التي دخلت التاريخ لضخامتها ولقدرتها على تغيير مسار الأحداث حول العالم، لكن عام 2020 الذي تفصلنا عن نهايته ساعات قليلة، سيبقى موشوما في ذاكرة كل فرد من سكان العالم بسبب جائحة كورونا التي سيطرت على غالبية أحداثه ودفعت عددا من بلدان العالم ومن بينها المغرب إلى فرض الإغلاق التام والبحث عن حلول وإجراءات لمواجهة هذا الفيروس المستجد حماية لاقتصادها وتأمين سلامة مواطنيها. رصد الفيروس وسرعة التدخل منذ رصد أول حالة إصابة بفيروس كورونا وافدة، لمواطن مغربي قادم من إيطاليا، سارعت السلطات المغربية للتعامل بحذر مع الوباء الصيني، وقامت بالتعبئة ضد الفيروس مبكرا وذلك منذ منتصف مارس الماضي، عندما بدأ الإبلاغ عن الحالات المحلية الأولى للفيروس، وشرعت الحكومة في اتخاذ إجراءات لإغلاق الشركات والمؤسسات في جميع المدن، وبحلول أواخر مارس، توسعت تلك الجهود لتشمل خطة حكومية شاملة للتغلب على الوباء، ستتبعه استثمارات كبيرة في القطاع الصحي، ورصد مكثف للأفراد المصابين بالمرض، والتزام وطني بتخصيص حوالي 2.7 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي السنوي لمكافحة الوباء. إغلاق الفضاءات العمومية لكبح انتشار كورونا من أبرز الإجراءات الاستباقية التي انتهجتها السلطات المغربية في إطار التدابير الاحترازية المتخذة لمواجهة الوضع الاستثنائي المتعلق بخطر تفشي فيروس كورونا المستجد على مستوى التراب الوطني، إعلان الحكومة حظر السفر الدولي وتعليق التعليم الخاص والعام، وحظر التنقل بين المدن، وإغلاق المقاهي والمطاعم، وتعليق الصلاة في المساجد، ومنع جميع التجمعات العمومية التي يشارك فيها 50 شخصا فما فوق مع إلغاء جميع التظاهرات واللقاءات الرياضية والثقافية والعروض الفنية. طلبة ووهان الصينية .. أول اختبار في مواجهة كورونا شكل استقبال الطلبة المغاربة بووهان الصينية بالمغرب اختبارا حقيقيا للأطر الصحية في التعامل مع فيروس كورونا بسبب قلة المعطيات حول الفيروس المستجد، وقد استعدت المملكة لاستقبال 167 طالبا ضمنهم 53 امرأة وطفلا تمت إعادتهم من الصين إلى المغرب بعد إغلاق السلطات الصينية لمدينة ووهان بؤرة انتشار الفيروس التاجي، وهيأت وزارة الصحة عددا كبيرا من سيارات الإسعاف لنقلهم من مطار محمد الخامس إلى مستشفى سيدي سعيد بمكناس الذي تمت تهيئته لإيواء الطلبة العائدين من ووهان خلال فترة الحجر الصحي، وذلك وفق شروط ومعايير صحية مدروسة تبعا لتوصيات منظمة الصحة العالمية. وكان الملك محمد السادس قد أعطى تعليماته لإعادة المواطنين المغاربة العالقين بالصين، الذين يشكل الطلبة أغلبيتهم، الموجودين بإقليم ووهان الصيني، إلى أرض الوطن، وأمر بأن تتخذ التدابير اللازمة على مستوى وسائل النقل الجوي، والمطارات الملائمة، والبنيات التحتية الصحية الخاصة للاستقبال. مستشفيات ميدانية لعزل الحالات المصابة مع تزايد وثيرة انتشار أعداد الإصابات بفيروس كورونا بالمملكة سارع المغرب إلى نهج خطة استباقية لمحاولة كبح انتشار الفيروس المستجد قصد تجميع المصابين في مراكز علاج مخصصة لكوفيد19، وقد أعلن المغرب في أبريل الماضي عن إقامة أول مستشفى عسكري ميداني متكامل بإقليم بن سليمان لاستقبال المصابين بفيروس كورونا. يضم 160 سريرًا، تم إحداثه، في إطار جهود القوات المسلحة الملكية لمكافحة كورونا". كما تم إحداث مستشفى ميداني بفضاء المعارض الدولي بالدار البيضاء، لعلاج الحالات النشطة بعد تسجيل أرقام إصابات قياسية بالجهة والتي تتطلب تدخلا طبيا مستمرا بأقسام العناية المركزة بالمستشفى المذكور، بطاقة استيعابية ل 720 سريرا، فيما خصص له 320 ممرضا و80 طبيبا، بمساحة تقارب الهكتارين وبتمويل بلغ 45 مليون درهم. من جهة أخرى أحدثت وزارة الصحة مستشفى ميدانيا بسيدي يحيى الغرب لاستقبال المصابين بفيروس كورونا المستجد، إثر ظهور بؤرة مهنية لوحدة إنتاجية للفواكه الحمراء بجماعة لالة ميمونة لتقديم العلاجات الضرورية للمصابين، الذين وصل عددهم إلى 700 مصاب أغلبهم نساء وذلك لمحاصرة انتشار فيروس كورونا المستجد. كما قامت السلطات بإحداث مستشفيات ميدانية داخلية وتجهيزها بالمعدات الضرورية لاستيعاب الأعداد الكبيرة من الحالات الحرجة، وذلك لتخفيف الضغط على المستشفيات من جراء ارتفاع عدد حالات الإصابة بكورونا. صناعة النسيج في خدمة الحرب على كورونا فرضت الجائحة على المغرب البحث عن تأمين حاجيات المملكة من الكمامات الواقية للحماية من انتشار فيروس كورونا، ففي ظل تهافت العالم على استيراد الكمامات الطبية عبر العالم، حولت شركات النسيج المغربية أنشطتها إلى خدمة القطاع الصحي حيث نجحت المملكة في تصدير الكمامات المصنعة محليا والتي وصلت إلى 18.5 مليون كمامة خلال 18 يوما، الأمر الذي مكن صناعة النسيج من تخطي عتبة إنتاج ال14 مليون كمامة في اليوم، موزعة على 300 مصنع، مُوفرة بذلك مخزوناً كافياً للمواطنين، ومُساهمة في جلب العملة الصعبة، بعد الإقبال الأوروبي المتزايد. ومنذ 21 ماي الماضي، شرع المغرب في تصدير الكمامات المصنعة محلياً، لتصل إلى غاية التاسع من يونيو الماضي، إلى ما مجموعه 18.5 مليون كمامة نحو مليون كمامة يوميا. أجهزة ومعدات مغربية الصنع لمواجهة الجائحة فرضت الجائحة تظافر جهود عدد من القطاعات والشركات والأفراد للمساهمة في القضاء على الفيروس، حيث تمكن باحثون مغاربة من تصميم وصنع أجهزة تنفس اصطناعية وأجهزة قياس حرارة لتزويد المستشفيات التي تكافح فيروس كورونا، وتظافرت جهود عدة كفاءات مغربية لإخراج هذا الاختراع إلى الوجود. ويمكن جهاز التنفس المغربي الصنع من العمل بشكل مسترسل لمدة تصل ل3000 ساعة، كما يمكن تشغيله بالمدن والقرى باستعمال التيار الكهربائي أو بطاريات عادية. كما نجح المغرب خلال أزمة فيروس كورونا في صُنع أسِرّة الإنعاش لدعم المستشفيات الجهوية وتحقيق متطلباتها من الأسرة. ويتميز سرير الإنعاش المغربي الصنع بمواصفات تتطابق تماما مع المعايير الدولية، وخاصة المواصفة IEC 60601-2-52 المتعلقة بسلامة المرضى، بديلاً في المتناول يسمح بالاستغناء عن الأسِرّة المستورَدة، ويُمكّن المغرب من مواجهة تحديات الجائحة بسعر تنافسي، وذلك في سياق نُقصان هذا النوع من الأَسرّة في بعض المناطق من العالم. البحث عن اللقاح لتأمين احتياجات المملكة أمام تزايد وثيرة انتشار فيروس كورونا وفي خطوة استباقية لتأمين احتياجات المملكة من لقاح كوفيد19، وقع المغرب، في 20 من غشت الماضي اتفاقيتي شراكة مع المختبر الصيني سينوفارم (CNBG) في مجال التجارب السريرية حول اللقاح المضاد ل "كوفيد 19" وقدم حوالي 500 متطوع من أجل اختبار مدى فعالية اللقاح، مقابل ضمان أولوية أن يكون المواطن المغربي من بين الأوائل ممن سيتلقون التلقيح. والمغرب ليس البلد الوحيد الذي قام بهذه الخطوة، إذ وقعت الشركة الصينية مع عدة دول من بينها تركيا والبحرين والإمارات اتفاقيات شراكة مشابهة من أجل إجراء اختبارات داخل هذه البلدان، بالموازاة مع اختبارات سريرية تجري في الصين. كما أعطى الملك محمد السادس تعليماته السامية للحكومة قصد اعتماد مجانية التلقيح ضد وباء كوفيد 19 وتوفير اللقاح لجميع المغاربة، كوسيلة ملائمة للتحصين ضد الفيروس والتحكم في انتشاره، في أفق عودة المواطنين، تدريجيا، لممارسة حياتهم العادية، في طمأنينة وأمان. استعدادات لإنجاح أكبر عملية تلقيح وطنية ضد كورونا فرضت جائحة كورونا على المغرب اعتماد خطة استباقية لإطلاق حملة وطنية للتلقيح ضد كورونا، بعد أن استقبل أول دفعة من اللقاح الصيني الذي تطوره شركة "سينوفارم"، والمتمتل في 65 مليون جرعة والذي سيتيح تلقيح 25 مليون شخص، ما سيشكل "إنجازا نوعيا" على مستوى القارة الإفريقية. هذا، وشرعت مراكز التلقيح ضد فيروس كورونا منذ نونبر المنصرم في فتح أبوابها بجهات المملكة لاستقبال المواطنين. وستواكب عملية التلقيح مجموعة من الإجراءات التقنية والتنظيمية، تهم المستفيدين من اللقاح لتتبع حالتهم الصحية، حيث سيتم اعتماد بطاقة التلقيح ضد فيروس كورونا لكافة الأشخاص الذين استفادوا من التطعيم. وسيتم تتبع الأشخاص المستفيدين من التلقيح عن بعد من خلال جواز الصحة ومنصة "يقظة لقاح" اللذان سيمكنان من تتبع ومراقبة الأعراض الجانبية في حالة حدوثها. وستشمل المرحلة الأولى من التطعيم 25 مليون مغربي تزيد أعمارهم عن 18 سنة، حسب جدول لقاحي في حقنتين، في حين ستعطى الأولوية على الخصوص للعاملين في الخطوط الأمامية، خصوصا العاملين في مجال الصحة، والسلطات العمومية، وقوات الأمن، والعاملين في قطاع التربية الوطنية، وكذلك الأشخاص المسنين، والفئات الهشة للفيروس، وذلك قبل توسيع نطاقها في مرحلة ثانية على المواطنين الراغبين في تلقي اللقاح.