أخنوش يصف الأغلبية ب"التجربة المثالية".. ويعدُ بالعمل "إلى آخر دقيقة"    مفوضية أوروبية: المغرب جسر للتعاون.. وميثاق المتوسط يضمن شراكة متساوية    صلاحيات أوسع لمندوبية حقوق الإنسان    الدخول الاجتماعي يجدد التنبيهات النقابية للحكومة من تغول الفساد وتنامي منسوب الاحتقان    المغرب يطور منصة للذكاء الاصطناعي    بورصة البيضاء تبدأ التداولات بالأخضر    المغرب يعتبر التصريحات بشأن احتلال غزة وترحيل الفلسطينيين "خطيرة ومرفوضة"    توصية فرنسية بحظر استخدام المنصات الاجتماعية للأطفال دون 15 عاما    "حماس": قصف قطر "يغتال التفاوض"    انطلاق "أسطول الصمود العالمي" من تونس باتجاه غزة وسط حضور جماهيري واسع    السعودية تدعم سوريا بالنفط الخام    يبلغ ثمنها ابتداء من 60 دولارا أمريكيا افتتاح مرحلة ما قبل البيع لتذاكر مونديال 2026    التقدم والاشتراكية يطالب وزير الداخلية بالتصدي الحازم لاستعمال المال في الانتخابات    بوريطة: تصريحات احتلال غزة مرفوضة وتمس بالتسوية القائمة على حل الدولتين    ناشط مؤيد لإسرائيل يقتل في جامعة أمريكية    بوريطة: "المغرب يؤيد عقد قمة استثنائية عربية إسلامية لمناقشة الاعتداء الإسرائيلي على قطر"    72 في المائة من تجار الجملة يتوقعون استقرار المبيعات خلال الفصل الثالث من 2025 (مندوبية)    البطولة.. الكوكب المراكشي يستقبل نهضة بركان بالملعب الكبير عوض الحارثي    إدريس الروخ يحذر جمهوره من شخص ينتحل اسمه وصورته    جولة فنية مرتقبة لدنيا بطمة بعدة مدن مغربية    القاعات السينمائية المغربية تستقبل فيلم "كازا كيرا" ابتداءً من 17 شتنبر    «حسام أمير».. من الإطار البنكي إلى نجم صاعد في سماء العيطة والأغنية الشعبية    دعوة إلى الكنوبس لمراجعة إجراءاته الخاصة بمرضى السرطان    أمن أصيلة يوقف مروجاً للمخدرات القوية متلبساً وبحوزته كميات معدة للترويج    أخنوش رسم حصيلة "إيجابية" لحكومته.. لكن أرقام المؤسسات الدولية والمعارضة تقدم صورة مختلفة    في أكادير.. سوق الكتب المستعملة متنفس للأسر أمام غلاء مستلزمات الدخول المدرسي    أخنوش: الفلاحة التصديرية تستهلك مياها أقل بأربع مرات من حجم المياه المستوردة عبر القمح    توقيف بارون مخدرات مطلوب لدى المغرب في مليلية    الكتابة والاستضافة    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    بسبب غزة.. إسبانيا تقترح معاملة الرياضيين الإسرائيليين مثل الروسيين        تحذير لقضاة الأسرة من شبكة إجرامية تزور وثائق خاصة بتعدد الزوجات    سلا: مصرع جانح بالرصاص بعد اعتدائه على شرطي    محكمة فرنسية تفرج عن مهاجرة مغربية رفضت الترحيل رغم وضعها غير القانوني    لماذا يتفادى الركراكي مواجهة المنتخبات القوية..؟    وزراء يؤكدون أن مشروع "AYA" خطوة للمغرب نحو تفعيل استراتيجيته الصناعية وتعزيز سيادته الغذائية    لامين يامال: "أحلم بالفوز بعدة كرات ذهبية"    رونالدو يثير الجدل بمتابعته مؤثر مسلم يقدم محتوى تعريفي عن الإسلام    لقجع يصدم خصوم الحاج أبرون ويحفظ مصداقيته أمام حملة تشكيك في طريق عودته لرئاسة المغرب التطواني    استغلال سيارات أجرة بطنجة لوثيقة تسعيرة مزورة تجرهم للمساءلة القانونية        دي ميستورا يعري عورة الجزائر و ينسف مزاعم الحياد التي يجترها وزير خارجيتها عطاف    ارتفاع طفيف للذهب وسط توقعات بخفض الفائدة الأمريكية        بطولة انجلترا: الاصابة تبعد الدولي المصري مرموش عن ديربي مانشستر    الصين تكشف عن مخطط لتسريع تكامل الذكاء الاصطناعي مع قطاع الطاقة    الزاوية الكركرية تحتفي بإصدارات الشيخ محمد فوزي الكركري    حسام أمير يعيد إحياء "حكّام الرجال" بأسلوب معاصر        بعد جدل طلاقها .. سكينة بنجلون تطلق نداء عاجلا لحسن الفذ    188 مليون طفل ومراهق يعانون السمنة .. والأمم المتحدة تحذر    دراسة: أسماك الناظور ملوثة وتهدد صحة الأطفال    دراسة: أسماك الناظور ملوثة بعناصر سامة تهدد صحة الأطفال    أجواء روحانية عبر إفريقيا..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تحيي المولد النبوي    أمير المؤمنين يصدر أمره إلى المجلس العلمي الأعلى بإصدار فتوى شاملة توضح للناس أحكام الشرع في موضوع الزكاة    الملك محمد السادس يأمر بإصدار فتوى توضح أحكام الشرع في الزكاة    المجلس العلمي الأعلى يعلن إعداد فتوى شاملة حول الزكاة بتعليمات من الملك محمد السادس    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بيان اليوم تفتح كتاب حياة المناضل السياسي والحقوقي والإعلامي مصطفى اليزناسني
نشر في بيان اليوم يوم 21 - 01 - 2018

بعد نشرنا للجزء الأول في شهر رمضان الماضي، تواصل بيان اليوم، نشر حلقات الجزء الثاني، من مسار المناضل السياسي والحقوقي والصحافي مصطفى اليزناسني، الذي يبهر كل من يجالسه، بتواضعه، وأدبه ولطفه، ينصت كثيرا، وإذا تحدث اختصر، لا يحب الحديث عن نفسه، أو حتى أن تسلط عليه الأضواء، ظل وما يزال يعمل في صمت.
انخرط في العمل السياسي في خمسينيات القرن الماضي، كمناضل وقيادي في الحزب الشيوعي المغربي، ويعتبر واحدا من مؤسسي المنظمة المغربية لحقوق الإنسان وكان عضوا بمكتبها الوطني، كما أنه عضو باللجنة المغربية الإسبانية ابن رشد وهو أيضا عضو سابق بهيئة الإنصاف والمصالحة.
وعمل في المجال الإعلامي حيث شغل منصب رئيس تحرير صحيفة «الكفاح الوطني»» في الفترة الممتدة من 1965 إلى1967، ثم محرراً بجريدة «العلم»، قبل أن ينتقل إلى وكالة المغرب العربي للأنباء كسكرتير للتحرير ما بين سنتي 1970 و1971، كما شغل، في فترة لاحقة، منصب مدير صحيفتي «الميثاق الوطني» و»المغرب»، كما كان عضوا بالمكتب الوطني للنقابة الوطنية للصحافة المغربية.
مصطفى اليزناسني، درس في جامعة صوفيا ببلغاريا وحصل فيها على دبلوم في العلوم الاجتماعية، يتقن العديد من اللغات: العربية والفرنسية والبلغارية والإسبانية والروسية والحسانية، مر من تجربة العمل الديبلوماسي، حيث شغل منصب ملحق ثقافي ثم قائما بأعمال السفارة المغربية في نواكشوط سنة 1975.
يحكي في هذا المسار، جزءا من تجربته في المجال السياسي والحقوقي والإعلامي، فهو يؤمن بأن التجربة هي، في نهاية المطاف، مجموعة عوامل تساهم في نحت وبلورة شخصية الإنسان.
الحلقة 29
المنظمة المغربية لحقوق الإنسان تميزت بقوتها الاقتراحية للإسهام في حل المشاكل وتسويتها
بنزكري سافر إلى بريطانيا من أجل دراسة حقوق الإنسان ومن أجل أن يمتلك الأدوات العلمية والمعرفية للدفاع عن حقوق الإنسان
خلال تواجدي بالمنظمة المغربية لحقوق الإنسان، التزمت مع نفسي أن أعمل في المجال الحقوقي، بنفس القدر، الذي أشتغل فيه في المجال الصحفي، الذي أعيش منه. فقد كنت لما أنتهي من العمل الصحفي في الجريدة، أذهب مباشرة وحتى دون أن أتناول وجبة الغذاء، إلى مقر المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، بحي أكدال بالرباط، ويمكن أن أقول دون مبالغة أني كنت نشيطا بشكل كبير وحاضرا باستمرار.
هناك التقيت أناسا كنت أعرفهم من قبل، كالمهدي المنجرة الذي كنت أعرفه بصفتي صحافيا، وعمر عزيمان أعرفه بحكم الانتماء إلى مدينة تطوان، وخالد الناصري الذي كنت أعرفه منذ مدة طويلة، وعبد العزيز بناني الذي أعرفه منذ أن كان في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، وقد كان هناك انسجام كبير مع هذه المجموعة.
يجب أيضا أن نشير إلى الحضور النوعي والوازن للمرأة في المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، كربيعة الناصري وأمينة لمريني ولطيفة أجبابدي وزهور العلوي وخديجة مروازي، وغيرهن من النساء المميزات، ونفس الشيء بالنسبة للرجال، وبالتالي يمكن القول أن النخبة المغربية ساهمت كلها تقريبا في تأسيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، فقد كانت هناك شخصيات بارزة من أطباء ومهندسين ومحامين وجامعيين.
أشير هنا إلى الانسجام الذي كان مع بعض الأشخاص المؤسسين، والذين كان لهم حضور دائم في المنظمة، وكنا نلتقي بشكل يومي، وقد مرت رئاسات في المنظمة، لما ترأس مثلا خالد الناصري المنظمة كانت هناك أزمة بسب ذهاب الرئيس أنذاك قبل متم الولاية، بعد خالد الناصري جاء عبد العزيز بناني الذي يعترف له الجميع بالدور المحوري الذي لعبه في المنظمة، كما يجمع الكل على أنه رجل مبادئ ورجل معطاء، حيث كان شعلة في النشاط والعمل سواء من حيث الرصد أو إعداد التقارير أو من حيث الحضور في تمثيل المنظمة.
ثم أيضا هناك عطاء إدريس بنزكري الذي كان عطاء متميزا جدا، حيث أنه مباشرة بعد خروجه من السجن، التحق في البداية بالمنظمة كمدير إداري، لم أكن أعرفه من قبل، لكن علاقتنا توطدت بشكل كبير في المنظمة، حيث نشأت بيننا صداقة ومودة.
كما ساهم في تنظيم أرشيف المنظمة وعمل، منذ وقت مبكر، على إحداث موقع إليكتروني للمنظمة، كما كان له دور أساسي في صدور مجلة الكرامة إلى جانب، طبعا، العمل الذي كان يقوم به في مجال الرصد والحماية، وإشاعة ثقافة حقوق الإنسان والتكوين عبر مجموعة من الندوات.
يتعين أيضا أن أشير إلى أن المنظمة المغربية لحقوق الإنسان ابتكرت أساليب جديدة في العمل وفي مقدمتها إعداد التقارير المضادة لتقارير الدولة، والتي كانت تحرص على عرضها في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان بجنيف.
وقد ترسخت القناعة لدى المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، أن دور المنظمات الحقوقية، لا ينبغي أن يقتصر، فقط، على التنديد، والمطالبة، والاحتجاج بل عليها أن تكون لها القدرة على الاقتراح أي أن تصبح، أيضا، قوة اقتراحية للإسهام في حل المشكل وتسويتها. هذا المعطى كان يفرض مقاربة قائمة على التكوين والتكوين المستمر، وبالتالي يتعين أن أذكر أن إدريس بنزكري كانت له ميزة أساسية، هي أنه كان يدمن على القراءة وكان يحرص على أن يكون له تكوين جيد في مجال حقوق الإنسان، حيث سافر إلى بريطانيا من أجل دراسة حقوق الانسان ومن أجل أن يمتلك الأدوات العلمية والمعرفية للدفاع عن حقوق الإنسان وكان يحث الآخرين على الدرس والتحصيل.
وكان ادريس بنزكري، أيضا، براغماتيا في تفكيره، وكان صلبا في مبادئه، كما كان واقعيا في التكتيكات التي يمكن أن ينهجها في تحديد الأولويات وتسطير الأهداف. فخلال تلك الفترة، تكونت مجموعة غير رسمية من داخل المنظمة، كان يسميها ادريس، المختبر، حيث كانت بمثابة خلية تفكير، وكانت تبحث عن مخارج للعديد من القضايا التي كان يتعين الترافع بشأنها.
أذكر ذات يوم، أن ادريس بنزكري، جاءني بحالة رودريغز فلاسكيس الذي حكمت له المحكمة الأمريكية اللاتينية بالتعويض وجبر الضرر، وطلب مني أن أشتغل على هذه الحالة، وأن أعمل على ترجمتها من الاسبانية إلى العربية. هذه الواقعة وغيرها كثير، مما كان يوحي أن ادريس بنزكري كانت له رؤية، وكان له أفق واضح، يعرف ماذا يريد وإلى أين هو ذاهب، فتكوينه واطلاعه على تجارب أخرى، وانصهاره مع الواقع الميداني عبر تلك الجولات التي كان يقوم بها لتلك المناطق التي شهدت انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، كمنطقة الأطلس المتوسط، والتعرف المباشر، ليس على الضحايا المشهورين، ولكن على نوع آخر من الضحايا، من الذين لم تكن تسلط عليهم الأضواء في المناطق النائية وفي الجبال.
هذا النوع من التفكير يؤكد بأن الرجل، كان يؤسس لما يمكن أن يحدث فيما بعد، أو لما سيحدث فيما بعد. فالعناية ببعض تجارب العدالة الانتقالية التي كانت مطروحة منذ تلك الفترة، صحيح لم تكن مطروحة على أساس أنها كانت قريبة المنال، بل كانت تطرح وكان الأمر يتعلق بالتهييء لما يمكن أن يحدث في المستقبل.
فيما بعد، ستأتي مرحلة تجميع ضحايا حقوق الإنسان، وأن التمهيد لذلك انطلق مع مجموعة معتقلي تزمامرت، حيث كانوا يأتون بمعية عائلتهم إلى مقر المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، وكانوا يحكون معاناتهم أمام أعضاء من المكتب الوطني للمنظمة، وأمام طبيب نفساني وهو الدكتور عبد الله زيوزيو، وبالتالي الاشتغال مع العائلات بدأ منذ تلك الفترة، ولو أنه، بطبيعة الحال، لم يكن مطرحا بالشكل الذي سيتم فيما بعد، لكنه كان مؤسسا لذلك وممهدا للمنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف الذي سيتأسس في مرحلة لاحقة.
اللقاءات مع مجموعة معتقلي تازمامارت كانت مهمة، أولا لأن الأمر يتعلق بجنود كانوا ضمن القوات المسلحة الملكية، وقد جدوا آذانا صاغية، وعناية فائقة في المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، نفس الشيء يمكن أن يقال عن المجموعات الصحراوية الذين كانوا يأتون إلى المنظمة كضحايا، وكانوا يحكون معاناتهم دون أن يسألهم أحد عن طبيعة تفكيرهم، أو عن ارتباطاتهم، حيث كان هناك جو من الثقة في المنظمة وفي مناضليها، نفس الشيء أيضا يمكن أن يقال عن قدماء معتقلي التيار الإسلامي، فالممارسة كانت تظهر بالفعل استقلالية المنظمة على مختلف التيارات والتوجهات السياسية وعن الدولة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.