عندما يتيح مهرجان تطوان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط لجمهوره أن يشاهد فيلم «رسائل البحر» للمخرج المصري داود عبد السيد, فهو يقدم له إسما سينمائيا راقيا وأحد علامات السينما الواقعية في العالم العربي والإفريقي. وقع داود عبد السيد, الذي تكرمه الدورة 17 لهذه التظاهرة, عناوين سينمائية فارقة في تاريخ السينما العربية «الكيت كات», و»مالك الحزين» و«أرض الأحلام» و»رسائل البحر»...وكان المنطلق دائما هو «التأمل». وقال داود عبد السيد, في تصريح صحافي على هامش فقرات مهرجان تطوان الدولي لسينما البحر الأبيض المتوسط, أن الاشتغال على فيلم ما ينبع قبل كل شيء من تصور معين, أو بمعنى آخر عندما تفرض قضية ما نفسها عليه. «أنا كائن دائم التأمل», يضيف داود عبد السيد, أشتغل عندما تسكنني رغبة قوية في الحكي, أو عندما تنضج رؤية معينة وما أقدمه مشروط بأن يكون عميقا ويقدم رؤية اجتماعية وسياسية فالفعل السينمائي «فعل اجتماعي وثقافي وإنساني». وتدعو سينما عبد السيد المشاهد إلى التأمل, بالرغم من أنها تشتغل على تيمات معقدة وشخصيات تتصف في غالبها بنقص أو عجز. إن الشخصيات التي يتحدث عنها الفنان عبد السيد ليست بشخصيات محظوظة, حيث يتربص بها القدر وتعاني من عاهات مزمنة كالفقر «سارق الفرح» و العمى «الكيت كات» والتأتأة ومرض السرطان «رسائل البحر», إلا أنها تعيش بكبرياء وتقاوم مثل الشيخ حسني في «الكيت كات». وقد اتفق جل نقاد السينما على أن هذا المخرج الكبير يركز على الشخصيات دون الموضوع, ويرجع السيد ذلك إلى أن الفن قبل كل شيء خبرة جمالية ووجدانية وإنسانية, والخبرات تتحقق بالحديث عما هو إنساني, فقراءة الفيلم من المنظور الوجداني يستدعي بالضرورة التركيز على الشخصيات.