وفاة القيادي التقدمي والنقابي الرفيق عبد المجيد الدويب لا تمثل فقط رحيل قامة كبيرة وعالية في ذاكرتنا الحزبية والنضالية، وإنما هي خسارة واحد من... الكبار. في مساره الحزبي والنقابي الطويل والحافل، بقي الدويب، حتى في لحظات الاختلاف، محافظا على الصلات وعلى طريق الالتقاء، وعند كل العودات كان دائما يصون العلاقات و... تفاصيل الود، حتى أنه كان يبدو مبتعدا عن القطيعة وعن... "الغضب النهائي". كان ذلك في الواقع سلوك الكبار، هم وحدهم يستطيعون تمثله واستيعابه والعيش من خلاله. وبرغم ما يفرضه المزاج أحيانا أو رغبات النفس البشرية، فقد كنت تجد عبد المجيد الدويب محافظا على الابتسامة والود مع الكل. وفي القناعات والمبادئ بقي الرجل صافيا ومخلصا كالمرايا، وفيا لنفسه وصادقا معها. من خلال عبد المجيد الدويب بقي المناضلون التقدميون يتأملون سير الكبار والرواد والمؤسسين لحزبهم العتيد، ومن مسارات حياتهم الحزبية والمجتمعية يفهمون كامل الزمن القاسي الذي عبره شعبنا وقواه التقدمية لكي يصل المغرب إلى ما وصل إليه اليوم، ولهذا موته اليوم يعني للأجيال الحالية الإصرار أيضا على الأمل، والتفاؤل بالمستقبل، والاستعداد الدائم لتمتين النضال الوطني الديمقراطي من أجل بلادنا وشعبنا. عبد المجيد الدويب حضر مختلف محطات وتواريخ حزبه منذ البدايات الأولى، واحتضن بيته أحد مؤتمرات الحزب في ظروف السرية والملاحقات وثقل الأزمنة الصعبة، وبقي لعقود واحدا من كبار قادة الحزب إلى أن أتعبه المرض، وظل برغم ذلك، من موقعه في مجلس رئاسة الحزب، أحد الحكماء ورعاة الذاكرة الحزبية. مسار نضالي قوي تماما مثل قوة ضحكاته وإقباله على الحياة... وسواء في الحزب والسياسة أو في النقابة، لم يفرط سي عبد المجيد، الأستاذ والمربي، في علاقته بالكتابة، وبقي قارئا مواظبا وكاتبا أنيقا ومنصتا لتفاصيل الوضع الاجتماعي والتعليمي في بلادنا، فضلا عن اهتمامه بالتنظير للقضايا البيداغوجية ولشؤون إصلاح التعليم والنهوض بأوضاع الطبقة العاملة. وقد تشرفت جريدتنا هذه، وقبلها باقي العناوين التقدمية الأخرى، وأيضا المجلة ثم الصحيفة التي أشرف على إصدارهما باحتضان كتاباته باللغتين العربية والفرنسية، وبذلك كان يقرن ممارسته السياسية والنقابية الميدانية بالإقبال الدائم على القراءة والكتابة، وعلى الارتباط المستمر بالمجتمع والواقع. أبو كريم عاش معتزا بمساراته الحزبية والنقابية، وتربت على يديه أجيال من المناضلات والمناضلين، ورغم أن السيرة لم تخل أحيانا من سجال ومن صخب، فإن صخب الدروب النضالية والنقابية والشخصية كان مثل صخب ضحكاته، أي أنه لم يخلف ضغائن دائمة أو عداوات أبدية، بل كان يعرف كيف يجدد العناق مع الصادقين، ومع الأحبة. الرحمة للرفيق عبد المجيد، والصبر لأسرته الصغيرة ولكل رفيقاته ورفاقه. عزاؤنا واحد. هذا البريد الالكتروني محمى من المتطفلين , يجب عليك تفعيل الجافا سكر يبت لرؤيته