ثلاث جهات تساهم بنسبة 58,5 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي سنة 2023    الذهب يسجل ارتفاعا قياسيا بدعم من توقعات خفض الفائدة وضعف الدولار    بلجيكا تعلن أنها ستعترف بدولة فلسطين وستفرض "عقوبات صارمة" على إسرائيل    الدولي المغربي سفيان أمرابط ينضم إلى ريال بيتيس    طقس حار في العديد من مناطق المملكة اليوم الثلاثاء    مراكش.. قلق حقوقي من اختلالات بنيوية تهدد حق التلاميذ في التعليم بجماعة سعادة    سماعة طبية معززة بالذكاء الاصطناعي تكتشف أمراض القلب في 15 ثانية    المغرب يعزز قوته الجوية بصفقة لاقتناء مروحيات "كاراكال" متعددة المهام        بكين تحتضن للمرة الأولى "سباق زايد الخيري".. حدث عالمي يجمع الرياضة بالإنسانية    ألمانيا تُجرّب حافلات ذاتية القيادة في 15 مدينة            بطولة انجلترا: الفرنسي كولو مواني ينتقل لتوتنهام على سبيل الإعارة    سابقة في طنجة.. إغلاق زقاق سكني وتحويله إلى مطعم أمام أعين السلطة والسكان يستغيثون    صيف 2025 الأشد حرارة في بريطانيا منذ 1884            المغرب يختبر تجربة رائدة بألواح شمسية عائمة للحد من تبخر المياه وتوليد الطاقة النظيفة    العصبة المغربية تستنكر وصف ساكنة الريف ب"الأوباش" وتدعو النيابة العامة للتدخل    كرة قدم: باير ليفركوزن يحسم صفقة المغربي إلياس بن صغير    وفاة حسن كمون رئيس "المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف" وأحد أبرز الوجوه الحقوقية في المغرب    إحباط محاولة تهريب أزيد من ألف مفرقعة بميناء طنجة المتوسط    أبرز صفقات اليوم الأخير في سوق الانتقالات    مجلة "غلوبال فاينانس" الأمريكية تصنف الجواهري ضمن قائمة أفضل محافظي البنوك المركزية في العالم    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع أداء إيجابي    ارتفاع صادرات الفوسفاط المغربي بنحو 21 في المائة    المغرب، مركز استراتيجي للتعافي بعد الكوارث بالنسبة للشركات الأوروبية    قضية "الراعي الصغير"..القضاء يؤجل الملف إلى 11 شتنبر ويوجه تهمة القتل العمد لمجهول    بصفقة 32 مليون يورو.. المغربي إلياس بن الصغير ينتقل من موناكو إلى باير ليفركوزن    آني إرنو: الجهل بالأدب العربي في الغرب يحرمه من «نوبل»»    من روايات الدخول الأدبي الفرنسي L'Homme qui lisait des livres .. رشيد بنزين عن غزة: «لا يمكن استعمار المتخيل»    حنان البيضاوية تطلق أغنية جديدة بعنوان «ولاد بلادي» بلمسة عصرية    الإخوان المسلمون والحلم بالخلافة    بعد أن كلف إصلاحه حوالي 360 مليار سنتيم .. ملعب طنجة الكبير سيكون جاهزا نهاية شتنبر    دراسة جديدة تكشف أن عقول المصابين بالتوحد منظمة بشكل مختلف    الأوقاف تعلن موعد أداء مصاريف الحج للائحة الانتظار من 15 إلى 19 شتنبر        مارسيليا يحسم صفقة المغربي نايف أكرد    ليالي العام الهجري    أرادوها متأخرة فبقيت مزدهرة    انتخابات 2026.. حزب الكتاب يقترح ثورة هادئة في القوانين الانتخابية            الرئيس الصيني يدعو إلى فهم تاريخ الحرب العالمية الثانية ويستنكر عقلية الحرب الباردة والتنمر الدولي        انتخاب مكتب جديد لجمعية "عدالة"    جماعة الحوثي تشيّع القادة القتلى    الملكية وتد ثبات الأمة وإستمرار الدولة المغربية    دخول القانون المتعلق بالصناعة السينمائية وبإعادة تنظيم المركز السينمائي المغربي حيز التنفيذ    الذكرى 88 لانتفاضة 'ماء بوفكران' محطة وازنة في مسار ملاحم الكفاح الوطني من أجل الحرية والاستقلال    زلزال بأفغانستان يخلف أكثر من 800 قتيل وأزيد من 2700 جريح    دعاء اليحياوي.. نجمة صيف 2025 بامتياز… تألق كبير في كبرى المهرجانات المغربية…        منع منتجات تجميل تحتوي على مادة TPO السامة        جديد العلم في رحلة البحث عن الحق    الزاوية الكركرية تنظم الأسبوع الدولي السابع للتصوف بمناسبة المولد النبوي الشريف    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



أصيلة.. مآثر عمرانية شاهدة على تاريخ تليد وحاضر مجيد
نشر في شمالي يوم 02 - 07 - 2019

يبدو أن بعض المدن تغريك بتاريخها فتسمع رنينه الخافت في كل زقاق ومبنى قديم.. لعل هذا التوصيف ينطبق تماما على مدينة أصيلة، تلك الحاضرة الصغيرة التي تطل على المحيط الأطلسي، لكنها تستمد من الأطلسي تاريخا عريقا تشهد عليه معالم المدينة. فبقصصها وحكاياتها تروي عراقتها ومشاهد من الماضي لازالت تفاصيلها بين زوايا مآثرها.
فمدينة أصيلة، التي تبعد حوالي 40 كيلومترا عن عروس الشمال طنجة، تعد من أعرق حواضر المغرب التي اضطلعت بأدوار تاريخية كبرى، إذ غطت بإشعاعها مجالات جغرافية واسعة داخل فضاء الضفة الجنوبية للبحر الأبيض المتوسط. كما أن الزائر للمدينة “البيضاء”، ينتبه للوهلة الأولى، لطابعها المعماري الإسلامي والمتوسطي الذي تطغى عليه الدور البيضاء المتراصة والنوافذ الزرقاء.
ولا غرابة أن يتردد اسم أصيلة، التي كانت تدعى “زيليس” إبان العهد الروماني، على ألسنة الق صاص، وي ثب ت في سجلات الأحداث منذ أقدم عصور التاريخ، مثلما يتردد ذكر طنجة وتطوان ومدن أخرى كانت متسيدة للمشهد التاريخي بالجهة الشمالية للمملكة.
وتضم المدينة حاليا، العديد من المآثر التاريخية ذات الأصول الرومانية والإسلامية واليهودية والبرتغالية والإسبانية، من أشهرها الجامع الأعظم وجامع السعيدة وبرج القمرة وقصر الريسوني والأسوار والأبراج البرتغالية والثكنة الإسبانية والكنيسة الكاثوليكية.
وأنجبت مدينة أصيلة، خلال مرحلة العصور الوسطى، الكثير من العلماء والمفكرين الذين اخترقت شهرتهم الآفاق، وعلى رأسهم العلامة الإمام الأصيلي الذي كان من أشهر رواة “صحيح البخاري” بكل منطقة الغرب الإسلامي.
وبرز اسم المدينة لأول مرة عند نهاية مرحلة حكم الأدارسة، حيث كانت عاصمة للمنطقة التي آل أمرها للأمير القاسم بن إدريس الثاني، قبل أن تنتقل السلطة فيها إلى ملوك قرطبة الذين أعادوا بناءها وتجهيزها. وقد أشار العديد من المؤرخين، مثل ابن حوقل والبكري والحسن الوزان، إلى غنى تاريخ المدينة خلال هذه المرحلة وإلى أهمية أسوارها ورواج أسواقها وأمن مينائها.
وابتداءا من القرن 14 ميلادي، كانت سفن الجنويين والكطلانيين والميورقيين تفد على ميناء أصيلة، وأقام تجارهم فنادق لهم بالمدينة، وأصبحوا يعتمدون عليها للحصول على العديد من السلع الهامة مثل التبر والحبوب والصوف، مقابل ترويج سلع مختلفة أهمها التوابل والعقاقير الشرقية. وإلى جانب التجارة، فقد امتهنت ساكنة المدينة نشاط الجهاد البحري، مما أكسبها مناعة وصيتا عالميين تردد صداهما في مصنفات التاريخ الإسلامي والأوروبي.
وفي سنة 1471 م، تعرضت المدينة للاحتلال البرتغالي، وفي سنة 1578 م كانت قاعدة للحملة العسكرية التي قادها الملك البرتغالي ضون سبستيان على المغرب، والتي انتهت بالمواجهة الشهيرة في معركة وادي المخازن. وتراجعت أهميتها السياسية والاقتصادية منذ القرن 17 الميلادي، لتعيش تحت تقاطب وتأثير مدن شمال المغرب المجاورة. وظلت على هذا الحال إلى أن وقعت تحت الاحتلال الإسباني عند بداية القرن 20، شأنها في ذلك شأن باقي مناطق شمال المغرب.
ويتذكر سكان مدينة أصيلة بكل اعتزاز زيارة جلالة المغفور له محمد الخامس للمدينة واجتماعه بخليفته مولاي الحسن بن المهدي وبرعاياه من سكانها يوم 9 أبريل 1947، وهو في الطريق إلى طنجة لزيارتها زيارة نقلت الصراع في المغرب بين القوى الوطنية والحكم الاستعماري إلى الصعيد الدولي.
وفي هذا السياق، أكد الباحث في التاريخ المعاصر، الأستاذ أسامة الزكاري، أن مدينة أصيلة تعتبر من أقدم المدن المغربية، التي لعبت أدوارا تاريخية، وكانت متأثرة ومؤثرة في كل التفاعلات التجارية والسياسية والاجتماعية والعلمية والثقافية التي عاشتها منطقة الشمال الغربي للمغرب عبر تاريخها القديم والوسيط ثم الحديث.
وأبرز الأستاذ الزكاري، في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، أن “المتبحر في تاريخ المدينة يصطدم دائما بندرة المراجع التي تؤرخ لفترة من فترات المدينة، وفي بعض الحقب التاريخية نلاحظ فراغا تاما بحيث لم يذكر اسم المدينة بتاتا لا في المراجع المغربية أو الأجنبية”.
وأشار الباحث المحلي إلى أن مدينة أصيلة “هي الوحيدة من مدن الشمال التي تعرضت للتدمير والهدم عدة مرات من طرف الغزاة المستعمرين، وذلك بسبب خضوعها للاحتلال لمدة طويلة”.
وهكذا، يبدو جليا أن مدينة أصيلة تزخر بتاريخ حافل بالأحداث ومليء بالوقائع، مما يدل على أهميتها، لكن هذا التاريخ في حاجة إلى باحثين ينيرون زواياه ويكتشفون خباياه، لاسيما فيما يتعلق بتجميع الوثائق المتعلقة بسنوات الحكم البرتغالي والإسباني للمدينة وتسليط الضوء على أحوال المدينة السياسية والاقتصادية خلال تلك الفترة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.