طنجة.. توقيف المتورط الرئيسي في سرقة قبعة "كوتشي" بحي بئر الشعيري    "كان فوتسال السيدات" يفرح السايح    عادل الفقير    محمد وهبي: كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة (مصر – 2025).. "أشبال الأطلس" يطموحون للذهاب بعيدا في هذا العرس الكروي    حكومة أخنوش تُطلق أكبر مراجعة للأجور والحماية الاجتماعية    الملك يهنئ أعضاء المنتخب الوطني لكرة القدم داخل القاعة للسيدات بمناسبة فوزه بكأس إفريقيا للأمم 2025    نواب بريطانيون عن الصحراء المغربية: مخطط الحكم الذاتي محفّز حقيقي للتنمية والاستقرار في المنطقة بأكملها    سيدات القاعة يفلتن من فخ تنزانيا في ليلة التتويج بلقب كأس إفريقيا    افتتاح فندق فاخر يعزز العرض السياحي بمدينة طنجة    ترامب يستقبل رئيس الوزراء الكندي    انطلاقة أشغال المركز الفيدرالي لتكوين لاعبي كرة القدم بالقصر الكبير    منتخب المغرب لأقل من 20 سنة يدخل غمار كاس افريقيا للأمم غدا بمصر    بهدف قاتل.. منتخب السيدات للفوتسال يتوج بلقب الكان في أول نسخة    زخات رعدية مصحوبة بتساقط البرد وهبات رياح قوية مرتقبة بعدد من أقاليم المملكة    جهة طنجة-تطوان-الحسيمة تتصدر تعيينات الأطباء المتخصصين لسنة 2025 ب97 منصباً جديداً    طنجة .. كرنفال مدرسي يضفي على الشوارع جمالية بديعة وألوانا بهيجة    عبد النباوي: العقوبات البديلة علامة فارقة في مسار السياسة الجنائية بالمغرب    الاستيلاء على سيارة شرطي وسرقة سلاحه الوظيفي على يد مخمورين يستنفر الأجهزة الأمنية    خبير صيني يحذر: مساعي الولايات المتحدة لإعادة الصناعات التحويلية إلى أراضيها قد تُفضي إلى نتائج عكسية    تجار السمك بالجملة بميناء الحسيمة ينددون بالتهميش ويطالبون بالتحقيق في تدبير عقارات الميناء    سلطات سوريا تلتزم بحماية الدروز    مأسسة الحوار وزيادة الأجور .. مطالب تجمع النقابات عشية "عيد الشغل"    القصر الكبير.. شرطي متقاعد يضع حداً لحياته داخل منزله    موتسيبي: اختيار لقجع قناعة راسخة    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأخضر    إدريس لشكر …لا ندين بالولاء إلا للمغرب    المغرب يتلقّى دعوة لحضور القمة العربية في العراق    المغرب يواجه حالة جوية مضطربة.. زخات رعدية وهبات رياح قوية    مُدان بسنتين نافذتين.. استئنافية طنجة تؤجل محاكمة مناهض التطبيع رضوان القسطيط    الإنتاج في الصناعات التحويلية.. ارتفاع طفيف في الأسعار خلال مارس الماضي    الشخصية التاريخية: رمزية نظام    فلسفة جاك مونو بين صدفة الحرية والضرورة الطبيعية    دراسة.. الأوروبيون مستعدون للتخلي عن المنتجات الأميركية    وزارة الأوقاف تحذر من الإعلانات المضللة بشأن تأشيرات الحج    العراق ولا شيء آخر على الإطلاق    إلباييس.. المغرب زود إسبانيا ب 5 في المائة من حاجياتها في أزمة الكهرباء    مسؤول أممي: غزة في أخطر مراحل أزمتها الإنسانية والمجاعة قرار إسرائيلي    انطلاق حملة تحرير الملك العام وسط المدينة استعدادا لصيف سياحي منظم وآمن    العلاقة الإسبانية المغربية: تاريخ مشترك وتطلعات للمستقبل    الإمارات تحبط تمرير أسلحة للسودان    ندوة وطنية … الصين بعيون مغربية قراءات في نصوص رحلية مغربية معاصرة إلى الصين    رحلة فنية بين طنجة وغرناطة .. "كرسي الأندلس" يستعيد تجربة فورتوني    ابن يحيى : التوجيهات السامية لجلالة الملك تضع الأسرة في قلب الإصلاحات الوطنية    فيلم "البوز".. عمل فني ينتقد الشهرة الزائفة على "السوشل ميديا"    المغرب يروّج لفرص الاستثمار في الأقاليم الجنوبية خلال معرض "إنوفيشن زيرو" بلندن    مهرجان هوا بياو السينمائي يحتفي بروائع الشاشة الصينية ويكرّم ألمع النجوم    جسور النجاح: احتفاءً بقصص نجاح المغاربة الأمريكيين وإحياءً لمرور 247 عاماً على الصداقة المغربية الأمريكية    مؤسسة شعيب الصديقي الدكالي تمنح جائزة عبد الرحمن الصديقي الدكالي للقدس    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    اختبار بسيط للعين يكشف احتمالات الإصابة بانفصام الشخصية    دراسة: المضادات الحيوية تزيد مخاطر الحساسية والربو لدى الأطفال    دراسة: متلازمة التمثيل الغذائي ترفع خطر الإصابة بالخرف المبكر    اختيار نوع الولادة: حرية قرار أم ضغوط مخفية؟    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إتحاف اللبيب بمحاسن ذكرى سيدي الحاج الحبيب
نشر في اشتوكة بريس يوم 26 - 10 - 2016

تكاد الأحاديث التي يتداولها الناس هذه الأيام فِي كل القبائل الهشتوكية وغيرها من المداشر والقرى السوسية تتجه كالسهم الواحد صوب الذكرى السنوية للولي الصالح العارف بالله سيدي الحاج لحبيب التنالتِي المتوفَّى يوم الإثنين 26 محرم 1397 هجرية، الموافق ل: 17 يناير 1977 ميلادية .
وبهذا تكون هذه الذكرى التِي ستقام يوم الخميس والجمعة 25-26 محرم 1438 الموافق ل: 27 – 28 أكتوبر 2016 مصادفة للذكرى الواحدة والأربعين، وهي ذكرى يُجدِّد فيها تلاميذه الصلة الروحية بشيخهم، ويوطدون وشائج التلاقي بينهم، سيما وأن كبار تلاميذه المعمرين الآن قاب قوسين أو أدنَى من وصولهم المائة، وهم السابقون الأولون لإحياء هذه الذكرى، وتبعهم تلاميذهم والسواد الأعظم من محبي الشيخ بإحسان إلَى يوم الدين .
من تعزية عالِم ربانِي مصلح إلَى ذكرى كبيرة تتجدد كل سنة:
استقيت من كبار تلاميذ الشيخ سيدي الحاج الحبيب أنهم أقاموا مناسبة متواضعة لشيخهم حين لقي ربه قبل أربعين سنة، وحضر فيها تلاميذه وكبار أعيان قبائل تنالت وهم وقتها لا يتجاوزون المائتين على أقصى تقدير، ثُم اتفقوا في اجتماع بينهم بعد ذلك أن تُقام فِي العام المقبل ذكرى سنوية للشيخ، ومع اختلافهم أولاً فِي كيفية إقامتها، والترتيبات التِي ستجري بها، ومن سيتولَّى الإشراف عليها -لأن ذلك أمر لا بد منه وتقتضيه طبيعة المشاورات- لكنهم سرعان ما توحَّد رأيهم، واجتمعت كلمتهم على وضع الأسس الكبرى للسير العام لتلك الذكرى، ومنذ ذلكم الحين بدأت تلكم الذكريات تتوالَى إلَى الآن، وذلك شأن كل ما أسس على التقوى من الله ورضوان.
ثُم بدأت تشتهر مع مرور الأيام وانصرام الأعوام، فازدادت فيها عوائد حسنة، وآثار محمودة، وتقاليد مرضية، وينتقي لها المجلس العلمي المحلي لاشتوكة أيت باها علماء أكفاء، وصلحاء أتقياء لتذكير الناس بمناقب الشيخ وآثاره، وإرشادهم بما فيه صلاح دينهم ودنياهم، فضلاً عن الإشراف على قراءة القرآن، والأمداح النبوية، ومختلف القصائد الأخرى التي جرى عمل السوسيين على إنشادها فِي مناسباتهم المختلفة، وأفادنِي مقدم الطلبة هناك أنه سيخصَّص هذا الموسم -1438 هجرية- لفقراء إداوالتيت مجلس ذكر قبيل صلاة الجمعة ابتداء من الساعة 10:30لتلاوة أورادهم، وإنشاد مختلف الأمداح النبوية، والابتهالات الدينية.
ومن المتوقع أن يحضر فِي هذه الذكرى أكثر من ألْفي شخص، علاوة على الوفود الرسمية، ومختلف الزوار من كل مناطق المغرب، وبموازاة ذلك سينظَّم معرض خاص بالكتب من أهم مبيعاته هذه السنة كتاب جليل القدر عظيم الفائدة وهو: غنية الأعزل على موطأة ابن المرحَّل تحقيق فقيه مدرسة تنالت سيدي الغالِي الدادسي، وما من ذكرى والحمد لله إلا والتِي بعدها خير منها، سيما مع تشوق الكثيرين للسماع لكرامات الشيخ، وزهده وصلاحه ليزدادوا إيماناً، ومن ثَم يسعى المنظمون والمشرفون على الذكرى إلَى إبراز كفاحه فِي التدريس، ومقاومته ضد الاستعمار، فكانت كل آثاره وكأنها تدل عليه هناك.
فبعد التمهيد بحفريات عامة حول مجمل المراحل التاريخية للذكرى، لا بأس أن أُذَكِّر السادة القراء الأعزاء ببعض سيرة الشيخ سيدي الحبيب التنالتي، وامتداداته الصوفية التي من معينها شرِبْ، وكذا بعض شيوخه الذين أخذ عنهم عِلْمَيْ الظاهر والباطن، وتلاميذه الأحياء الوارثين لسره، والتذكير بالمدارس التي شارط فيها، وغير ذلك من الأمور المتعلقة بحياته رحمه الله.
منابع المشرب الصوفِي وأصوله عند الشيخ سيدي الحبيب التنالتِي:
لا جرم أن الشيخ المربِّي سيدي الحاج الحبيب تربَّى على يد كبار مشاهير المتصوفين فِي عصره يتقدمهم والده سيدي الحاج إبراهيم البوشواري الدرقاوي، وعميد الناصريين في وقته الفقيه سيدي الحاج عبد الرحمن البوشواري المشهور بالحاج عابد –والِدُ الفقيه البركة سيدي الحاج محمد فقيه مدرسة أيت إعزا – والعلامة أبِي العباس الجشتيمي، وكذا الشيخ ماء العينين، بل أذن له الأخير لتلقين جميع أوراد الطرق الصوفية، وكان الشيخ ماء العينين يُقَبِّل الحاج سيدي الحبيب بين عينيه كلما زاره كما أخبرنِي بذلك أحد تلاميذه، فأنت ترى تعدد مشارب أولئك السادة الصوفية، لكن الشيخ سيدي الحبيب غرف من معينهم الروحي على قدر إناه، ومن هنا كانت تنشئته الروحية، ومنبع تربيته الصوفية، فتأثر بهم غاية التأثر، وهكذا تدرج فِي مختلف المقامات زمناً طويلاً بِحكم كثرة المواظبة على الأوراد، ومجاهدة النفس، ونقاء السلوك، والتحلي بالزهد والورع، حتى انتهت إليه القطبية فِي زمنه، كما أجمع على ذلك من بعده من كبار الصوفيين، فأحرى بمن دونهم ممن لا يعتبر خلافهم في ذلك، وقديماً قيل: لو سكت من لا يعلم لقَلَّ الخلاف.
مشارطاته:
بعد أن تلقى الشيخ الصالح سيدي الحاج الحبيب العلم على عدد من الشيوخ ظهرت نجابته مبكراً وانفرد على كثير من أقرانه بجمعه -فِي نشأته العلمية- بين علمَيْ أسرار الحقيقة وفقه الشريعة، فاتجه بعد ذلك للمشارطة بعدد من المدارس الكبيرة كالمدرسة الهوزالية بقبائل إندوزال، ومدرسة تازمورت قرب تارودانت، ومدرسة أبِي الرجاء باشتوكة .
ثُم ألقى عصى التدريس بمدرسة تنالت سنين عدداً، رافعاً راية التربية والتعليم عالياً، فدرس عنده هناك أغلب طلبته، ما زالت آثارهم ترفرف فِي عدد من المدارس العتيقة والجوامع الكبرى بسوس وخارجه .
تلاميذ سيدي الحاج لحبيب:
تخرج على يد قطب وقته: الشيخ الصالح سيدي الحاج لحبيب عدد من الطلبة ممن نفع الله بهم البلاد والعباد، واستمروا على رسالة شيخهم ظاهراً وباطناً، أشهرهم من الأحياء: العارف بالله سيدي الحاج نْدَارْ وَمَانْ، والفقيه المصلح الحاج عبد الله أيت وغوري عميد مدرسة إداومنو، والفقيه البركة سيدي الحاج محمد البوشواري شيخ مدرسة أيت إعزا، والفقيه الصوفِي أحمد اليربوعي شيخ زاوية ومدرسة تراست العتيقة، والفقيه المفسر سيدي محمد الغالِي الدادسي شيخ المدرسة التنالتية حالياً، وآخرون يطول ذكرهم هنا عرضاً بَلْهَ استعراضاً.
بيد أن المختار السوسي ذكر فِي موسوعته المعسول [الجزء 17 من الصفحات 286 إلَى 288] عدداً من تلاميذ الشيخ سيدي الحبيب وأوصلهم إلَى أكثر من ثمانين تلميذاً، غير أن أوسع إحصاء لتلاميذه على الإطلاق ما قام به الفقيه عبد الله موحتاين فِي كتابه: الرتائم الجميلة فِي ذكريات الحبيب الجليلة [ص 372 وما بعدها] إذْ أوصلهم إلَى 279 تلميذاً، وهم فيما أظن أكثر بكثير من العدد المذكور، ذلك أنِّي سألت عدداً من تلاميذ الشيخ الحبيب المباشرين عن تخميناتهم عن عدد تلاميذه بالكلية فأغلبهم يُوصل تلاميذه إلَى 500 وآخرون إلَى 700 طالب، ويغلب على الظن أن كِلا التقديرين صحيح وواقع، بل ومُتَوَقَّع، لأن الشيخ سيدي الحبيب بدأ يُخَرِّج الطلبة منذ سنة 1340 هجرية إلَى وفاته فِي 26 محرم 1397 أي: 57 سنة متصلة فِي التدريس والتربية.
جهاده ضد الاستعمار الفرنسي:
من أهم ما يُلاحظ في جهاده رحمه الله ضد المحتل ندرة أخباره وضمورها، غير أن ذلك راجع فيما يبدو إلَى كتمان الشيخ كل أشكال المقاومة التي أبداها حيال الاستعمار، وليس كالذين يسترسلون فِي كل ما وقع لهم نادراً، وما لَم يقع لهم غالباً، ليُقال إنهم وطنيون، وربما لا يحكي ما جرى له حتى للخاصة ولا لطلبته، فكيف بغيرهم، لأن جواسيس الاستعمار يسترقون السمع حوله لِما كان يتمتع به من قوة روحية، ومكانة علمية عالية.
ومن نوادر ما تواتر عنه رحمه الله خروجه مع كبار مشاهير الفقهاء لمساندة ابن الشيخ ماء العينين أحمد الهيبة ضد الاستعمار، ومرافقته حتى رجوعه من مراكش، وهو الذي يترجم له اللغة الأمازيغية بالعربية، وبعد وفاة الهيبة اجتاح الاستعمار قبائل سوس، فبدأ يلقي القبض على كبار الفقهاء والمجاهدين، وأحاط بسوس من كل الجوانب إحاطة السوار بالمعصم، فاستغلظ على قبائل سوس فاستوى، فالْتجأ الشيخ سيدي الحبيب وقتها إلَى أيت بعمران سنة 1922 وبدأت القبائل الهشتوكية مدعومة بأخرى من سوس تضغط على الاستعمار من أجل رجوع الشيخ إلَى معقله العلمي، وتوالت الصدامات والاضرابات، وكثرت التنديدات والاعتصامات فضاقت أحواز سوس بالمستعمر بما رحبت، فتوجس خيفة فأصدر أمراً بالسماح للشيخ بالرجوع، لما حيل بينهم وبين ما يشتهون، فرجع الشيخ مرفوع الرأس إلَى تنالت، فزادت صلابته على الاستعمار لعلمه وصلاحه قوة على قوة.
وبعد أن جال الشيخ مع حِيَلِ الفرنسيين جولات، وصال معهم فِي الحروب السرية صولات التجأوا إلَى حيلة ماكرة فاقترحوا عليه أن يكون قاضياً شرعياً على قبائل اشتوكة لينشغل بها دون غيرها، فأسرها في نفسه ولَم يبدها لهم فرفض خطة القضاء، وتعلل وقتها بتقديمه نشر العلم والمعرفة على القضاء، فلما لَم يجد الاستعمار حيلة أخرى دَسَّ له أحد المخبرين والجواسيس سماً قاتلاً فمرض، لكنه شفي منه بقدرة الله.
وهكذا ظل الشيخ العارف المصلح سيدي الحبيب التنالتي يشجع تلاميذه ومريديه سراً ضد الاستعمار حتى شلت حركة المحتل، وضعف أمره، فزلت أقدام جواسيسه بعد أن اعتقدوا ثبوتها، فما لهم فِي سوس بعد ذلك من قوة ولا ناصر، وتراجعوا إلَى معاقلهم لأنهم علموا إن أعادوا الكرة مَن أضعف ناصراً وأقل عدداً، فكان للشيخ دور هام فِي إزاحة المستعمر من سوس فِي عز قوته وجبروته يَحِقّ للسوسيين أن يتباهوا بضراوةِ جهاده ضد المستعمر، وبسالة دفاعه عن حوزة الوطن، خصوصاً عند مقارنته مع المجاهدين فِي سوس بشكل عام، وكبار المقاومين فِي المغرب بشكل أعم.
بعض المصنفات والكتب التِي أُلِّفت فِي الشيخ مرتبة حسب تاريخ تأليفها:
1-الرتائم الجميلة فِي ذكريات الحبيب الجليلة للفقيه عبد الله الفارسي طبع سنة 1992.
2- الشيخ بين يديك للفقيه إبراهيم بونصير وهو من تلاميذ الشيخ سيدي الحبيب، وسألته عن تاريخ تأليفه فقال: كنت بدأته بين يدي الشيخ لما كان حياً، وأقتنص كل الفوائد والمستملحات وأحوال الشيخ التي أشاهدها إلَى أن توفِّي فزدت له أضعاف أضعافه بعد ذلك توسيعاً لترجمته وهو فِي حدود 600 صفحة .
3-العلامة الشيخ الحاج الحبيب البوشواري للطالب تفوين محمد، وهو في الأصل بحث مرقون لنيل الإجازة العليا بكلية الشريعة أيت ملول برسم الموسم الجامعي 1994-1995.
4- التصوف بسوس الحاج محمد الحبيب التنالتي نموذجاً للطالبين: حسن بوحملوش وعمر أعيون، وهو في الأصل بحث مرقون لنيل الإجازة العليا بكلية الآداب جامعة ابن زهر برسم الموسم الجامعي 1995-1996.
5- رسائل الشيخ الحبيب الساطعة فِي تقوية الروابط الإنسانية الجامعة للفقيهين: عبد الله الفارسي والمختار بيزكارن طبع سنة 1997.
6-أعمال ندوة نظمتها كلية الآداب والعلوم الإنسانية جامعة ابن زهر تحت عنوان: "سيدي الحاج الحبيب التنالتِي فكره وجهاده" وذلك أيام: 29-30 أبريل 2005. وقد طبعت جامعة ابن زهر الكتاب وهو متداول.
7-ديوان شعر كبير، قلت وظن الأستاذ محمد تفوين في بحثه الموسوم: الشيخ الحاج الحبيب البوشواري أن تلاميذه حفظوا له مجموعة من الأدبيات الثمينة منها ديوان شعر يقدر بأربعة آلاف بيت جمعه تلميذه سيدي الحاج عبد الله أيت وغوري وهو غلط، لأن الفقيه سيدي عبد الله جمع ديوانين أحدهما في مختلف الأشعار والأراجيز والمستملحات الأدبية قد تكون من بينها القصائد المهداة للشيخ، وديوان آخر خاص نظمه في نسبه ونشأته العلمية وأخبار أسرته، دون أن يخصص ديواناً لأشعار الشيخ كما أخبرني بذلك أحد أبنائه .
8-أما المقالات العلمية فهي كثيرة يعسر تتبعها، آخرها مقال محكم لصديقنا الأستاذ الفاضل الدكتور محمد بوشركة أستاذ التعليم العالِي بجامعة عين الشق بالدار البيضاء، نشره بمجلة قوت القلوب تحت عنوان: دور شيوخ المدارس العتيقة في غرس بذور المقاومة الوطنية في نفوس طلبتهم الفقيه الصوفي الحاج الحبيب البوشواري التنالتي أنموذجاً، عدد مزدوج 5-6 الصادر فِي غشت 2015 .
التكامل المعرفِي عند الشيخ سيدي الحبيب:
إن من تأمل الحياة العلمية للشيخ سرعان ما سيتضح له أن الرجل علامة متفنن يخوض في كل العلوم النقلية والعقلية، ويغوص في بحارها فيستخرج منها درراً نفيسة وحِكماً جليلة، أما التصوف فهو ديدنه وعشه الذي لا يفارقه، فبالإضافة إلَى ذلك فقد كان رحمه الله مجاهداً مناضلاً، وأديباً وشاعراً، ومصلحاً اجتماعياً، ومتخصصاً فِي نوادر الطب التقليدي حتى سَدَّ باب الزيادة فيه، ومدرساً كبيراً تخرج على يديه المئات من الطلبة، ونوازلياً ماهراً مالت نحوه كل النوازل الهشتوكية ميلة واحدة، كل هذا مع الزهد والتقوى والصلاح، فاستحق بذلك أن يكون ولِي الفقهاء، وفقيه الأولياء، لا يوجد من يُدَانيه فِي رتبته علماً وصلاحاً، فكيف أن يوجد أحسن منه، والحاصل أن الرجل وما أدراك ما الرجل اجتمع فيه من الخصال الحسنة والفضائل الحميدة ما تفرق فِي غيره من العلماء السوسيين.
خاتمة :
تلكم إذن كانت نبذة موجزة ومختصرة عن حياة الشيخ المصلح سيدي الحبيب التنالتِي، وما كان هذا كله ليكون لولا أن ساق الهدي الإلهي تلك الطائفة الصالحة من تلاميذه لإحياء ذكراه، فقد أحسنت صنعاً فِي فعلها ذاك، وسيشهد لها التاريخ المعاصر بذلك، فجزاهم الله خيراً وأحسن إليهم، وهم داخلون بلا شك تحت عموم قوله صلى الله عليه وسلم: "من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلَى يوم القيامة" وهي فِي الحقيقة ذكرى لمن كان له قلب، وطالما شغفَتِ القبائل الأخرى بمن هو دون سيدي الحاج الحبيب، لإحياء آثاره ونشرها، والاحتفاء بذكراه، لكن هذا فضل ساقه الله لأهل تنالت واختصوا به، دون غيرهم فكانوا أهلاً له.
وليس سراً أن الشيخ كان لا يشِيع في حياته محاسنه وكراماته، ولا يذيع مناقبه وفضائله، حتى لقي ربه، لَكنْ بعد وفاته بدأت بعض كراماته تدور على الألسنة، فزاد الناس فيها ونقصوا، وقدموا منها وأخروا، فذاعت شهرته عند كثير من المعاصرين الذين لَم يلتقوا به، وأُوصيكم أيها الأصاغر إن سمعتم بتلك الكرامات من الأكابر ألا تتسرعوا بإنكارها، ولا التعرض لها، ولا التشكيك فيها، لأن ذلك ذوق روحي لا تخمين فكري، لأن قصارى ما فعله الشيخ رحمه الله وسائر أولياء الله الصالحين أنهم يتدرجون ردحاً من الزمن للوصول إلَى مزيد من المنازل والدرجات، لذا لا يمكن أن يَفهم هذا إلا من سلك ذلك الطريق، أو صاحب، ثُم جانس، أو بتعبير الشيخ ماء العينين "لا يفيد فيها التعبير ولو ضربت لها كل مثل" وعملاً بقولهم: الإشارة تغنِي عن العبارة أقول: إن جاحدكم أحد أيها الأكابر، أو خاطبكم من لا يعرف أسرار هذه الطريقة فقولوا له سلاماً.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.