مطالب بإحداث مطبّات لتخفيف السرعة أمام مدرسة البلسم الخاصة بالجديدة    من المعبد إلى المدرّج: كرة القدم بوصفها دينا ضمنيا    آلاء بنهروال... كفاءة مغربية شابة تتوج مسارها الأكاديمي بماستر في علوم البيولوجيا بجامعة مونبليي    استمرار إغلاق مسجد الحسن الثاني بالجديدة بقرار من المندوبية الإقليمية للشؤون الإسلامية وسط دعوات الساكنة عامل الإقليم للتدخل    محكمة الاستئناف بالجديدة تُدين ممرضا في الصحة النفسية بتهمة التحرش بعد إلغاء حكم البراءة    إشادات بشجاعة بائع الفواكه أحمد الأحمد.. "البطل" الذي تصدى لمنفذي هجوم استراليا    الحالة الجوية تعلق الدراسة في تطوان    الأمطار الغزيرة في آسفي توحد جهود المجتمع والدولة لمواجهة الفاجعة    فاجعة آسفي.. حصيلة وفيات الفيضانات ترتفع إلى 21 شخصا    كأس العالم للأندية سيدات .. الجيش الملكي يضرب موعدًا مع أرسنال في نصف النهائي    أمطار قوية وتساقطات ثلجية ورياح عاصفية مرتقبة بعدد من مناطق المغرب    ارتفاع حصيلة ضحايا هجوم سيدني إلى 16 قتيلا و40 مصابا    من باريس.. فرحات مهني يعلن ميلاد جمهورية القبائل ويطرق أبواب الاعتراف الدولي    ارتفاع حصيلة ضحايا سيول آسفي إلى 14 وفاة في تحيين رسمي جديد        التوفيق يبرز بواعث الحاجة إلى المذهب المالكي في ظل التحولات المجتمعية    لقجع ل"فرانس فوتبول": كرة القدم المغربية بُنيت بعقل استراتيجي لا بمنطق الإنجاز العابر    الخصوصية التفاعلية والقاتلة    انتخاب محمد شويكة رئيسا للجمعية المغربية لنقاد السينما    الرباط تحتضن مهرجان "ربادوك" للسينما الوثائقية    طنجة تحتضن البطولة الوطنية للشرطة في الجيدو والكراطي بمشاركة واسعة    رونار: السلامي صديقي لكن عليه التوقف    أكادير تحتفي بعشرين سنة من تيميتار: دورة إفريقية بامتياز تسبق كأس أمم إفريقيا وتجمع الموسيقى الأمازيغية بالعالم    المغرب يوقّع على سابقة غير مسبوقة في تاريخ كأس أمم إفريقيا    من شفشاون إلى الرباط: ميلاد مشروع حول الصناعة التاريخية    توقيف مشتبه به في حادث جامعة براون    أوجار من الناظور: الإنجازات الحكومية تتجاوز الوعود والمغاربة سيؤكدون ثقتهم في "الأحرار" عام 2026    تطبيق "يالا" يربك الصحافيين والمشجعين قبل صافرة انطلاق "كان المغرب 2025"    عشرة قتلى على الأقل إثر إطلاق نار عند شاطئ بونداي بأستراليا خلال احتفال بعيد يهودي    احتفال يهودي بأستراليا ينتهي بإطلاق النار ومصرع 10 أشخاص    ائتلاف يدعو إلى وقف تهميش المناطق الجبلية وإقرار تدابير حقيقية للنهوض بأوضاع الساكنة    مقتل 10 أشخاص في إطلاق نار خلال فعالية يهودية في سيدني    مجلس النواب والجمعية الوطنية لمالاوي يوقعان مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون البرلماني    استقالات جماعية تهز نقابة umt بتارودانت وتكشف عن شرخ تنظيمي.    إسرائيل تندد ب"هجوم مروع على اليهود"    مباراة المغرب-البرازيل بمونديال 2026 الثانية من حيث الإقبال على طلب التذاكر    زلزال بقوة 5,1 درجات يضرب غرب إندونيسيا    ألمانيا: توقيف خمسة رجال للاشتباه بتخطيطهم لهجوم بسوق عيد الميلاد    توقعات أحوال الطقس لليوم الأحد    مسؤول ينفي "تهجير" كتب بتطوان    افتتاح وكالة اسفار ltiné Rêve إضافة نوعية لتنشيط السياحة بالجديدة    إطلاق قطب الجودة الغذائية باللوكوس... لبنة جديدة لتعزيز التنمية الفلاحية والصناعية بإقليم العرائش        البنك الإفريقي للتنمية يدعم مشروع توسعة مطار طنجة    سلالة إنفلونزا جديدة تثير القلق عالميا والمغرب يرفع درجة اليقظة    بورصة البيضاء .. ملخص الأداء الأسبوعي        من الناظور... أخنوش: الأرقام تتكلم والتحسن الاقتصادي ينعكس مباشرة على معيشة المغاربة        المغرب: خبير صحي يحدّر من موسم قاسٍ للإنفلونزا مع انتشار متحوّر جديد عالمياً    الممثل بيتر غرين يفارق الحياة بمدينة نيويورك    "الأنفلونزا الخارقة".. سلالة جديدة تنتشر بسرعة في المغرب بأعراض أشد وتحذيرات صحية    تناول الأفوكادو بانتظام يخفض الكوليسترول الضار والدهون الثلاثية    منظمة الصحة العالمية .. لا أدلة علمية تربط اللقاحات باضطرابات طيف التوحد    سوريا الكبرى أم إسرائيل الكبرى؟    الرسالة الملكية توحّد العلماء الأفارقة حول احتفاء تاريخي بميلاد الرسول صلى الله عليه وسلم    تحديد فترة التسجيل الإلكتروني لموسم حج 1448ه    موسم حج 1448ه.. تحديد فترة التسجيل الإلكتروني من 8 إلى 19 دجنبر 2025    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخَطَّابي... مِنْ جَدَلِ الرُّفَاتِ إِلَى إِحْيَاءِ الفِكْرِ وَالتُّرَاثِ
نشر في شبكة دليل الريف يوم 11 - 03 - 2013

بين الفينة والأخرى تثار قضية رفات المجاهد المغربي محمد بن عبدالكريم الخطابي وقد سال مداد كثير حول المسألة بغية نقله من مصر إلى المغرب، ورغم أن الأمر قد يعتبر مهما وشائكا، إلا أنه يهمل ما هو أهم من الرفات سهوا أو قصدا، وهو فكره وتصوره ومنهجه في الحياة ومقاومة الاستعمار بشقيه المادي والفكري؛ والخطابي لا يضيره في أي مكان كان رفاته بالمشرق أو المغرب، وفي البر أو البحر؛ فالروح صعدت إلى باريها، والعظام النخرة، هي أثر بعد عين ...وهو القائل "إذا تناهى إلى أسماعكم أن الاستعمار أسرني أو قتلني أو بعثر جسمي كما يبعثر تراب هذه الأرض، فاعلموا أنني حي وسأعود من جهة الشرق"، وهي عودة فكر ومنهج لا عودة شبح.
وخير من الاهتمام المبالغ فيه بالرفات ينبغي أن يصرف الجهد لانتزاع الحقوق من محتل غاصب آثار قنابله باقية بالريف، وتبعات ذلك من الأمراض المزمنة منتشرة بين الساكنة، وثمة صمت مريب حول هذه المعضلة التي يقضي بسببها العشرات من السكان، فإذا كان الخطابي أدى واجبه الديني والوطني بالجهاد والمقاومة فقد بقي الشطر الثاني من القضية وهو رد الاعتبار وانتزاع الحق بشكل ملموس ورفع مختلف أشكال وصاية المحتل الذي يحن لمناطق احتلاله، وهذا يتحمله الخلف الذين أكثروا اليوم من التطبيل والتزمير ونسمع لهم جعجعة ولا طحين حول جثة هامدة، نبش قبر صاحبها إذاية له ومخالفة لرغبته ووصيته.
كما ينبغي الاهتمام بإحياء منهج الرجل وفكره وسيرته تامة غير منقوصة أو مقطعة، فقد تم تفييء تاريخ الخطابي وإهمال مراحل هامة من حياته أثرت في تكوين شخصيته، والأطراف المتعاونة على طمس تاريخ الخطابي متعددة، فبعد الجهات الرسمية التي يزعجها الخطابي ومن على شاكلته وتفرض قيودا على تراثه، هنالك الحركة الأمازيغية التي تتبنى رفاته وتهمل فكره، وتتعمد تحريفه، بل بينه وبينها تناف وشنآن في الكثير من الرؤى والمواقف، فالخطابي مرجعيته إسلامية بحتة ومصدر فكره الكتاب والسنة؛ كما تشهد على ذلك آثاره ونشأته العلمية بأعرق جامعة إسلامية، ومنخرطو الحركة الأمازيغية يعادون من يحمل هذا الفكر والتصور، ويسمونه بالتخلف والرجعية؛ فعلام يوالون الخطابي وقد ناصبوا العداء لمثل هذا الفكر؟!.
وما تحتاجه الناشئة اليوم ليس رفاتا يدفن تحت التراب، بل إحياء منهجه الشمولي ومدارسة حياته بكل مراحلها فذلك من أعظم ما يذكي الأوار, ويربي الأجيال، ويبعث الهمم, ويرتقي بالعقول, ويوحي بالاقتداء لكل مسلم غيور على دينه ووطنه.
فالمغرب بل والعالم الإسلامي بحاجة إلى الخطابي رحمه الله في جميع مجالات الحياة دون حصر جهوده في زاوية واحدة، أو التركيز على جانب وإخفاء جوانب أخرى؛ قد تكون هي الأساس لما برز فيه من المقاومة والجهاد؛ فلم لا يتم الحديث عن نشأته التربوية، كقدوة للناشئة، وتعليمه الذي صقل مواهبه وشخصيته، كدليل للمتعلمين السائرين في الطريق، والعلماء الذين تربى على أيديهم أحسن تربية كهداية وبيان لأثر المعلم في نفس التلميذ.
فأين الاهتمام بالقرآن و العناية بالسنة وأين التربية على مائدة الشريعة في حياة الخطابي، وإحياء العلوم الإسلامية، والعناية بالتراث الذي قال عنه الخطابي: "...أريدها عدالة اجتماعية، ونظاما عادلا يستمد روحه من تراثنا"؛ فبمدارسة التراث يتكون الجيل الصالح المربى على القيم والأخلاق؛ وتغرس في نفسه كل معاني الخير والفضيلة.
ومؤسف أن يكون بعض أدعياء حب الخطابي يرفعون صوره ثم يمدون أيديهم لمستعمر غاشم طالما قاومه الخطابي وطرده من عقر دارهم، ومن خيانة الدين والوطن والخطابي أن تمد الأيدي في الخفاء إلى من قاتلوه وحاصروه وأبادوا نفوسا في قبائل الريف، وفي الظاهر يتم الضحك على الذقون بالاهتمام بالرفات، والوفي للخطابي لن يصالح من حاربه وعاداه وقتل ذريته؛ بل يسير على منهجه في نكران الذات، ودفع رواسب التعصب والتحيز، والاستعمار بشقيه الفكري والمادي.
إن قصر قضية الخطابي على رفاته وجثته محاولة يبوء أصحابها بالخيبة والخسران، فالخطابي تاريخه منهج حياة، وقد خلف تراثا ومواقف تحيا به الأجيال، فخلف من بعده من ضيع تلك المواقف وطمس تلك الحقائق وكم نحن اليوم بحاجة إلى بعث جديد لفكره ورؤيته الإصلاحية؛ فهو مجاهد مصلح عاش على مائدة القرآن ومن نوره كان يقتبس، وبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يهتدي، حتى انتقل إلى ربه عزيز النفس، قرير العين، شامخ الأنف، بما بذله من جهد ومن خلفه من أثر.
ولست أنكر أن بعض محاولات إعادة الرفات منبعثة من قلوب مخلصة، ومحبة للخطابي، إلا أن الاهتمام بما يفيد الحي أولى من الاهتمام بما لا يفيد الحي ولا الميت!.
وإذا كان الخطابي لم يرتض العودة إلى المغرب حيا؛ فما فائدة الإصرار على إعادته ميتا؟! وقد نقل أحد أحفاده أن جده أوصى بعدم نقل الرفات ما دام بأرض مسلمة!
رحم الله الخطابي.. وجمعنا به في الفردوس الأعلى.
عبد الكريم القلالي
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.