كوالالمبور: جولة جديدة من المحادثات الصينية الأمريكية لتهدئة التوترات التجارية    الإتحاد الأرجنتيني ينهي الجدل بشأن مواجهة المنتخب المغربي وسيخوض مواجهة ودية واحدة شهر نونبر ضد أنغولا    نجم كرة القدم الإيطالية السابق سيرينا : "كرة القدم المغربية تلتحق بنادي الكبار"    أراوخو: برشلونة قادر على الفوز بالكلاسيكو.. وأحب مواجهة فينيسيوس    طقس السبت.. أجواء حارة بعدد من مناطق المملكة    كيوسك السبت | الحكومة تطلق دعما مباشرا للفلاحين لإعادة تكوين القطيع الوطني    الرئيس الصيني يزور كوريا للمشاركة في قمة منتدى التعاون الاقتصادي لدول آسيا والمحيط الهادئ    الصحراء المغربية.. الأمين العام الأممي يبرز التنمية متعددة الأبعاد لفائدة ساكنة الأقاليم الجنوبية للمملكة    الوداد يحسم تأهله للدور المقبل من كأس الكونفدرالية بخماسية أمام أشانتي كوتوكو    أمريكا تشرف على وقف الحرب بغزة    "البوليساريو" تعترض على مشروع القرار الأمريكي وتهدد بمقاطعة المفاوضات    التوقعات المبشرة بهطول الأمطار تطلق دينامية لافتة في القطاع الفلاحي    "متنفس للكسابة".. مهنيو تربية المواشي بالمغرب يرحّبون بالدعم الحكومي المباشر    توتّر إداري بالمدرسة العليا ببني ملال    "اللبؤات" ينهزمن أمام اسكتلندا وديا    الوداد يقدم لاعبه الجديد حكيم زياش    عقوبات حبسية تنتظر مستغلي الذكاء الاصطناعي خلال انتخابات سنة 2026    حدود "الخط الأصفر" تمنع نازحين في قطاع غزة من العودة إلى الديار    من التعرف إلى التتبع.. دليل يضمن توحيد جهود التكفل بالطفولة المهاجرة    عامل طاطا يهتم بإعادة تأهيل تمنارت    49 مركزا صحيا جديدا تدخل حيز الخدمة    تقرير يقارن قانوني مالية 2025 و2026 ويبرز مكاسب التحول وتحديات التنفيذ    الأمم المتحدة: ارتفاع الشيخوخة في المغرب يتزامن مع تصاعد الضغوط المناخية    إسبانيا: العثور على لوحة لبيكاسو اختفت أثناء نقلها إلى معرض    النقل الحضري العمومي بواسطة الحافلات.. برنامج 2025-2029 حكامة جديدة لتنقل مستدام    وضع نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة رهن إشارة العموم    من العاصمة .. حكومة بلا رؤية ولا كفاءات    الجولة السادسة من الدوري الاحترافي الأول.. الرجاء يستعد للديربي بلقاء الدشيرة والماص يرحل إلى طنجة دون جمهور    رسالة من مناضل اتحادي: نقد ذاتي ومسؤولية الموقف من «لا للعهدة الرابعة» إلى نعم لمسار النضج والوضوح    توقيف ثلاثة قاصرين بسوق الأربعاء بعد اعتدائهم على شخص من ذوي الاحتياجات الخاصة    من وادي السيليكون إلى وادي أبي رقراق    مهرجان عيطة الشاوية يطلق دورته الأولى ببنسليمان    إلى السيد عبد الإله بنكيران    "الجمعية" تعلن تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في مقتل 3 أشخاص في أحداث القليعة    مطارات المملكة استقبلت أزيد من 23,9 مليون مسافر خلال 8 أشهر    اتصالات المغرب تحقق أكثر من 5,5 مليار درهم أرباحًا في تسعة أشهر    الطاقة الكهربائية.. الإنتاج يرتفع بنسبة 5,3 في المائة عند متم غشت 2025    لويس إنريكي يشيد بحكيمي: يستحق الكرة الذهبية الإفريقية.. إنه أفضل ظهير أيمن في العالم    المجلس العلمي الأعلى يضع نص فتوى الزكاة رهن إشارة العموم    توقعات أحوال الطقس ليوم غد السبت    حاتم عمور يهدي "أشبال الأطلس" أغنية احتفاء بكأس العالم    المخرج نبيل عيوش يغوص في عالم "الشيخات ". ويبدع في فيلمه الجديد الكل "يحب تودا "    وجدة: حين يصبح الحبر مغاربياً    دبوس ماسي لنابليون بونابرت يعرض للبيع في مزاد    "اتصالات المغرب" تتجاوز حاجز 81 مليون زبون    المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب يطلق مشروعا لنشر أطروحات الدكتوراه    مزارعو الضفة الغربية يجمعون الزيتون وسط هجمات المستوطنين المعتادة بموسم الحصاد    بلدان الاتحاد الأوروبي توافق على الانتقال إلى نظام التأشيرة الإلكترونية الموحدة ل"شنغن"    الصين: انتخاب المغربي ادريس الهلالي نائبا لرئيس الاتحاد الدولي للتايكوندو    أكاديمية المملكة تحتفي بالمسار العلمي الحافل للباحث جان فرانسوا تروان    وزارة الأوقاف تعمم على أئمة المساجد خطبة تحث على تربية الأولاد على المشاركة في الشأن العام    طب العيون ينبه إلى "تشخيص الحول"    أمير المؤمنين يطلع على نص فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة ويأذن بوضعها رهن إشارة العموم    الملك محمد السادس يأذن بنشر فتوى المجلس العلمي الأعلى حول الزكاة    علماء يصلون إلى حمض أميني مسبب للاكتئاب    أونسا: استعمال "مضافات الجبن" سليم    مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    دراسة: مواقع التواصل الاجتماعي تفسد أدمغة الأطفال وتضر بشكل خاص بذاكرتهم ومفرداتهم اللغوية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحمديوي يكتب عن زيارته لمعتقلي الحراك بعكاشة : قاعة الانتظار
نشر في شبكة دليل الريف يوم 13 - 08 - 2018

قبل أن نصل قاعة الزيارة كمحطة أخيرة، ننزل إلى قبو فسيح به قاعة انتظار على اليسار، كانت في السابق متجرا يقتني منه السجناء ما يحتاجون إليه، وكنا في الزيارات السابقة، نلتقي بعض سجناء الحق العام وهم ينظفون المكان الذي كانت رائحة مزكمة للنفوس، وكنا غالبا ما نفضل الانتظار في الخارج حتى لا نجبر على استنشاق تلك الرائحة الكريهة، أما الآن فقد تحسنت الأمور بشكل أفضل على الأقل مقارنة بالسابق..
في قاعة الانتظار، بها كراس طويلة مغطاة بجلد بني، لا مساند لها، جلسنا ننتظر الحاكمي مدير دار الشباب السابق بالحسيمة والذي تقاعد من عمله من هذه المدينة التي جاءها شابا وغادرها ستينيا منذ سنوات خلت، كلما التقيته يتذكر معي تلك الأيام الجميلة التي قضيناها معا بدار الشباب بالحسيمة حين كنت رئيسا "لجمعية إزران للبحث والإبداع الموسيقي" في أواخر التسعينات وبداية الألفية الجديدة، ويسألني عن فلان وفلان، وهل مازالت الأنشطة كما كانت...
حين كنا جالسين ننتظره، نناقش أمور السياسة والدين، وكيف أصبحا يلوثان بعضهما البعض وباتا ملتصقين ببعضهما ولا يتفارقان، قال والد يوسف: إن الله بكل جبروته وقوته منح لنا حق الاختيار وحق الانتماء...
نظر إليه طارق، أخ ناصر الزفزافي و قرأ عليه آية قرآنية ليدافع عن رأيه: " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه"..
رد عليه والد يوسف: " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليومن ومن شاء فليكفر".. أليس هذا قول الله أيضا.
تدخل والد ناصر: إذن فلن نلوم أحدا فيما يجري الآن من تناطح بين الناس من أجل الدفاع عن مذاهبهم..ما دمنا نحن نختلف في نص مصدره واحد..
تدخلت قائلا: "كل خنفوس عند امه غزال"، والكل يدافع عن وجهة نظره من زاويته، وبمجرد أن نغير زوايا النظر، نكتشف جيدا ونعي وجهات النظر التي كان يدافع عنها الآخر، لله وجه واحد، وكل منا يحمل صورة له في دماغه تختلف عن الناس جميعا، فدعوا الله ينام.. ضحك عيزي أحمد وردد معي: لندع الله ينام بسلام..
هنا سمعنا طرق الأبواب الحديدية، تلك الأصوات التي لا معنى لها سوى سلب الحرية، وصوت الحارس ينادي: أحمد الزفزافي، طارق الزفزافي... ثم وقفنا جميعا والتحقنا بالباب الحديدي الذي يقف بجواره، من الجهة الداخلية، حوالي أربعة حراس يراقبون بطائق الزيارة وبطائق التعريف لكل واحد منا، ويتأكدون من أننا خضعنا لكل مراحل التفتيش بالنظر إلى الطابع المختوم على ظهور أيادينا.
لم يكن بيننا أطفال في هذه الزيارة، ما دمنا لم نقم بها رفقة العائلات التي تستفيد من حافلات صغيرة تنقلهم إلى عكاشة مرتين في الشهر، فهم يصبغون الزيارة بجو من النشاط ومن الحزن أيضا، خصوصا حين يلتقون آباءهم في السجن، لكنهم حضروا فيما بعد حين التحقت بنا عائلة بوزيان قادمة من الحسيمة على متن سيارتين خاصتين، وكانت الزيارة قد بدأت منذ ساعة تقريبا، ربما أقل وربما أكثر، فللزمن مفهوم آخر، ولا نعرف له طعما ولا ندركه، فكل ما يهمنا هو أن نلتقي هؤلاء الأبطال ونعانقهم وندخل عليهم بعض الفرحة والسرور، ونطلعهم على أخبار المدينة والناس، أخبار الحسيمة التي يحبون حد الجنون..
حين كنت أحدث يوسف، دخل بلال وعثمان بوزيان وشاكر المخروط، تعالت التصفيقات، وبدأ مسلسل العناق من جديد، لهذا العناق طعم خاص جدا لن يدركه إلا من ذاق طعم الحرمان من الحرية، تحس أنك تسعى بأن تمسح عنهم غبار السجن، تمنح لهم بعض الحرية التي دخلت بها، وسلبت منك للحظات.
عائلة بوزيان مكلومة في فلذات أكبادها، هما أخوين اعتقلا معا، بعد أن داهمت الفرقة الوطنية منزلهما في صباح باكر جدا، واحد متزوج والآخر أعزب كان يحضر للزواج، لكنه الآن يخطط للزواج بالحرية قبل أن يتزوج حبيبة القلب.. في إحدى الزيارات السابقة، حاولت زوجته أن تمد له طفلته الصغيرة التي لا تعرفه، فرفضت أن يحملها والدها، الذي بدا لها غريبا، شخص لا تعرفه، التقت عينانا، وسط الأجواء الحزينة تلك، فأحسست بقشعريرة تغزو جسدي، وضعت رأسي بين كفي، فأجهشت في البكاء صامتا، تحسرا على طفلة رفضت أباها الذي حرمت منه.. فكيف لتلك الأم وذاك الجد أن يشرحا لطفلة لم تتجاوز السنة في عمرها أن الشخص الذي تنفر منه هو والدها، وهو الوحيد الذي يجب أن تفر إليه وليس أن تفر منه..
أما شاكر المخروط، فكانت لحيته كثيفة، بشوش، دائري الوجه، متوسط القامة، ليس بالطويل ولا بالقصير، تغير كثيرا منذ اعتقاله، لم أكن أعرفه من قبل، لكنه يسأل عني ويهاتفني حين تشاء الظروف، قال لي: "يوسف يحدثنا عنك كثيرا، ويغني لنا أغانيك الجميلة التي تبعث فينا الأمل، أشكرك صديقي على كل ما تقوم به من أجلنا.."
أجبته مبتسما: عزيزي شاكر، من حسنات هذا الحراك المبارك، أنه جمع شملنا وقربنا من بعضنا البعض أكثر، وعرفنا بأشخاص كانوا معنا ولم نكن نعرفهم، فما نقوم به جميعا، هو في سبيلكم وفي سبيل أبناء هذا الوطن، فلقد كان من الممكن أن يكون أي مواطن مكانك. ثم عانقني من جديد، لكن هذه المرة بقوة أكبر ولمدة أطول... (يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.