بدء أشغال المؤتمر السادس للبرلمان العربي بمشاركة المغرب بالقاهرة    گاريدو مدرب اتحاد العاصمة: جينا نربحو بركان ونتأهلو للفينال ونديو الكاس    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    طنجة.. توقيف ثلاثة أشخاص بحوزتهم حوالي 9000 قرص مهلوس    هذا تاريخ عيد الأضحى لهذه السنة بالمملكة    رحلة الجاز بطنجة .. عودة للجذور الإفريقية واندماج مع موسيقى كناوة    جلالة الملك يهنئ رئيس جمهورية الطوغو بمناسبة العيد الوطني لبلاده    فرنسا تعلن استعدادها تمويل خط كهرباء يربط الدار البيضاء بالداخلة    شركة صينية تحول أموالا ضخمة من مصنعها في إسبانيا إلى وحدتها في المغرب    بعد "بلوكاج" دام لساعات.. الاستقلال ينتخب فجر السبت لجنة ثلاثية لرئاسة مؤتمره    بلغت تذاكره 1500 درهم.. حفل مراون خوري بالبيضاء يتحول إلى فوضى عارمة    هيئة كبار العلماء بالسعودية: لا يجوز الذهاب إلى الحج دون أخذ تصريح وآثم من فعل ذلك    تقنيات أوروبية متطورة تحاول إقناع مهنيي القطاعات الفلاحية في المغرب    مجلس الأمن .. حركة عدم الانحياز تشيد بجهود جلالة الملك لفائدة القضية الفلسطينية    مدير الثانوية اللي حصل ففي يو كيتحرش بتلميذة قاصر "هرب".. والنيابة العامة دارت عليه مذكرة بحث وسدات عليه الحدود    ارتفاع عدد شهداء العدوان الإسرائيلي على غزة إلى 34 ألفا و388 شهيدا منذ بدء الحرب    الخارجية البريطانية: ملتازمين بتعزيز وحماية حقوق الإنسان فالصحرا وكنشجعو الأطراف باش يواصلوا جهودهم فهاد الصدد    الرباط: اختتام فعاليات "ليالي الفيلم السعودي"    المغرب يواجه واحدا من أكثر المواسم الفلاحية كارثية في تاريخه    ارتفاع أسعار اللحوم الحمراء بالمغرب    مؤتمر الاستقلال يمرر تعديلات النظام الأساسي ويتجنب "تصدع" انتخاب القيادة    بنتايك ضمن التشكيلة المثالية للجولة ال34 من دوري الدرجة الثانية الفرنسي    تفاصيل وكواليس عمل فني بين لمجرد وعمور    الدكيك يكشف ل"الأيام24″ الحالة الصحية ليوسف جواد وإمكانية مشاركته بكأس العالم    تواصل حراك التضامن مع الشعب الفلسطيني في المغرب.. مظاهرات في 56 مدينة دعما لغزة    قناة عبرية: استقالة رئيس الأركان الإسرائيلي قريبا وجميع الضباط المسؤولين عن كارثة 7 أكتوبر سيعودون إلى ديارهم    زلزال بقوة 6.1 درجات يضرب هذه الدولة    مجلس أمناء الاتحاد العربي للثقافة الرياضية يجتمع بالدوحة لمناقشة خطة 2025    إسبانيا تعزز وجودها العسكري بالقرب من المغرب    "التكوين الأساس للمدرس ورهان المهننة" محور ندوة دولية بالداخلة    السعيدية.. افتتاح النسخة الثامنة من تظاهرة "أوريونتا منتجعات السعيدية – حكايات فنية"    خمسة فرق تشعل الصراع على بطاقة الصعود الثانية وأولمبيك خريبكة يهدد حلم "الكوديم"    سيناريوهات الكاف الثلاث لتنظيم كأس إفريقيا 2025 بالمغرب!    مغني راب إيراني يواجه حكماً بالإعدام وسط إدانات واسعة            زفاف العائلات الكبيرة.. زواج ابنة أخنوش من نجل الملياردير الصفريوي    هجوم روسي استهدف السكك بأوكرانيا لتعطيل الإمدادات د مريكان    سامسونغ تزيح آبل عن عرش صناعة الهواتف و شاومي تتقدم إلى المركز الثالث    حريق كبير قرب مستودع لقارورات غاز البوتان يستنفر سلطات طنجة    تطوير مبادرة "المثمر" ل6 نماذج تجريبية يَضمن مَكننة مستدامة لأنشطة فلاحين    الأكاديمية تغوص في الهندسة العمرانية المغربية الإسبانية عبر "قصر الحمراء"    زلزال بقوة 6 درجات يضرب دولة جديدة    ممثل تركي مشهور شرا مدرسة وريبها.. نتاقم من المعلمين لي كانو كيضربوه ملي كان صغير    الرابطة الرياضية البيضاوية يؤكد ان الوحدة الترابية قضيتنا الاولى    جمارك الجزائر تجهل قانون الجمارك    اكتشف أضرار الإفراط في تناول البطيخ    كورونا يظهر مجدداً في جهة الشرق.. هذا عدد الاصابات لهذا الأسبوع    تتويج 9 صحفيين في النسخة الثامنة للجائزة الكبرى للصحافة الفلاحية والقروية    الأمثال العامية بتطوان... (583)    دراسة: التمارين منخفضة إلى متوسطة الشدة تحارب الاكتئاب    ‬غراسياس ‬بيدرو‮!‬    محمد عشاتي: سيرة فنان مغربي نسج لوحات مفعمة بالحلم وعطر الطفولة..    بروفيسور عبد العزيز عيشان ل"رسالة24″: هناك علاج المناعي يخلص المريض من حساسية الربيع نهائيا    الأمثال العامية بتطوان... (582)    جراحون أميركيون يزرعون للمرة الثانية كلية خنزير لمريض حي    في شأن الجدل القائم حول مدونة الأسرة بالمغرب: الجزء الأول    "نسب الطفل بين أسباب التخلي وهشاشة التبني"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الحمديوي يكتب عن زيارته لمعتقلي الحراك بعكاشة : قاعة الانتظار
نشر في شبكة دليل الريف يوم 13 - 08 - 2018

قبل أن نصل قاعة الزيارة كمحطة أخيرة، ننزل إلى قبو فسيح به قاعة انتظار على اليسار، كانت في السابق متجرا يقتني منه السجناء ما يحتاجون إليه، وكنا في الزيارات السابقة، نلتقي بعض سجناء الحق العام وهم ينظفون المكان الذي كانت رائحة مزكمة للنفوس، وكنا غالبا ما نفضل الانتظار في الخارج حتى لا نجبر على استنشاق تلك الرائحة الكريهة، أما الآن فقد تحسنت الأمور بشكل أفضل على الأقل مقارنة بالسابق..
في قاعة الانتظار، بها كراس طويلة مغطاة بجلد بني، لا مساند لها، جلسنا ننتظر الحاكمي مدير دار الشباب السابق بالحسيمة والذي تقاعد من عمله من هذه المدينة التي جاءها شابا وغادرها ستينيا منذ سنوات خلت، كلما التقيته يتذكر معي تلك الأيام الجميلة التي قضيناها معا بدار الشباب بالحسيمة حين كنت رئيسا "لجمعية إزران للبحث والإبداع الموسيقي" في أواخر التسعينات وبداية الألفية الجديدة، ويسألني عن فلان وفلان، وهل مازالت الأنشطة كما كانت...
حين كنا جالسين ننتظره، نناقش أمور السياسة والدين، وكيف أصبحا يلوثان بعضهما البعض وباتا ملتصقين ببعضهما ولا يتفارقان، قال والد يوسف: إن الله بكل جبروته وقوته منح لنا حق الاختيار وحق الانتماء...
نظر إليه طارق، أخ ناصر الزفزافي و قرأ عليه آية قرآنية ليدافع عن رأيه: " ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه"..
رد عليه والد يوسف: " وقل الحق من ربكم فمن شاء فليومن ومن شاء فليكفر".. أليس هذا قول الله أيضا.
تدخل والد ناصر: إذن فلن نلوم أحدا فيما يجري الآن من تناطح بين الناس من أجل الدفاع عن مذاهبهم..ما دمنا نحن نختلف في نص مصدره واحد..
تدخلت قائلا: "كل خنفوس عند امه غزال"، والكل يدافع عن وجهة نظره من زاويته، وبمجرد أن نغير زوايا النظر، نكتشف جيدا ونعي وجهات النظر التي كان يدافع عنها الآخر، لله وجه واحد، وكل منا يحمل صورة له في دماغه تختلف عن الناس جميعا، فدعوا الله ينام.. ضحك عيزي أحمد وردد معي: لندع الله ينام بسلام..
هنا سمعنا طرق الأبواب الحديدية، تلك الأصوات التي لا معنى لها سوى سلب الحرية، وصوت الحارس ينادي: أحمد الزفزافي، طارق الزفزافي... ثم وقفنا جميعا والتحقنا بالباب الحديدي الذي يقف بجواره، من الجهة الداخلية، حوالي أربعة حراس يراقبون بطائق الزيارة وبطائق التعريف لكل واحد منا، ويتأكدون من أننا خضعنا لكل مراحل التفتيش بالنظر إلى الطابع المختوم على ظهور أيادينا.
لم يكن بيننا أطفال في هذه الزيارة، ما دمنا لم نقم بها رفقة العائلات التي تستفيد من حافلات صغيرة تنقلهم إلى عكاشة مرتين في الشهر، فهم يصبغون الزيارة بجو من النشاط ومن الحزن أيضا، خصوصا حين يلتقون آباءهم في السجن، لكنهم حضروا فيما بعد حين التحقت بنا عائلة بوزيان قادمة من الحسيمة على متن سيارتين خاصتين، وكانت الزيارة قد بدأت منذ ساعة تقريبا، ربما أقل وربما أكثر، فللزمن مفهوم آخر، ولا نعرف له طعما ولا ندركه، فكل ما يهمنا هو أن نلتقي هؤلاء الأبطال ونعانقهم وندخل عليهم بعض الفرحة والسرور، ونطلعهم على أخبار المدينة والناس، أخبار الحسيمة التي يحبون حد الجنون..
حين كنت أحدث يوسف، دخل بلال وعثمان بوزيان وشاكر المخروط، تعالت التصفيقات، وبدأ مسلسل العناق من جديد، لهذا العناق طعم خاص جدا لن يدركه إلا من ذاق طعم الحرمان من الحرية، تحس أنك تسعى بأن تمسح عنهم غبار السجن، تمنح لهم بعض الحرية التي دخلت بها، وسلبت منك للحظات.
عائلة بوزيان مكلومة في فلذات أكبادها، هما أخوين اعتقلا معا، بعد أن داهمت الفرقة الوطنية منزلهما في صباح باكر جدا، واحد متزوج والآخر أعزب كان يحضر للزواج، لكنه الآن يخطط للزواج بالحرية قبل أن يتزوج حبيبة القلب.. في إحدى الزيارات السابقة، حاولت زوجته أن تمد له طفلته الصغيرة التي لا تعرفه، فرفضت أن يحملها والدها، الذي بدا لها غريبا، شخص لا تعرفه، التقت عينانا، وسط الأجواء الحزينة تلك، فأحسست بقشعريرة تغزو جسدي، وضعت رأسي بين كفي، فأجهشت في البكاء صامتا، تحسرا على طفلة رفضت أباها الذي حرمت منه.. فكيف لتلك الأم وذاك الجد أن يشرحا لطفلة لم تتجاوز السنة في عمرها أن الشخص الذي تنفر منه هو والدها، وهو الوحيد الذي يجب أن تفر إليه وليس أن تفر منه..
أما شاكر المخروط، فكانت لحيته كثيفة، بشوش، دائري الوجه، متوسط القامة، ليس بالطويل ولا بالقصير، تغير كثيرا منذ اعتقاله، لم أكن أعرفه من قبل، لكنه يسأل عني ويهاتفني حين تشاء الظروف، قال لي: "يوسف يحدثنا عنك كثيرا، ويغني لنا أغانيك الجميلة التي تبعث فينا الأمل، أشكرك صديقي على كل ما تقوم به من أجلنا.."
أجبته مبتسما: عزيزي شاكر، من حسنات هذا الحراك المبارك، أنه جمع شملنا وقربنا من بعضنا البعض أكثر، وعرفنا بأشخاص كانوا معنا ولم نكن نعرفهم، فما نقوم به جميعا، هو في سبيلكم وفي سبيل أبناء هذا الوطن، فلقد كان من الممكن أن يكون أي مواطن مكانك. ثم عانقني من جديد، لكن هذه المرة بقوة أكبر ولمدة أطول... (يتبع)


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.