نشرة إنذارية.. موجة حر مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    مجلس المستشارين يعقد جلسة عامة لمناقشة الحصيلة المرحلية لعمل الحكومة        نزار بركة واحل فتشكيل اللجنة التنفيذية ولقا صعوبة فالجمع بين مِساج الملك للسياسيين والتوافق الداخلي        إحالة الرئيس السابق لجماعة "آيت بن يعقوب" على قاضي التحقيق ففاس مع عدد من المسؤولين وها شنو دار معاهوم    تقرير للخارجية الأمريكية يرسم صورة قاتمة عن حقوق الإنسان بالمغرب    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية مقابل الدرهم    احتضان إسلامي لمبادرات ومواقف الملك    2 ماتو و21 تصابو فهجوم بجنوية وقع داخل سبيطار في الصين    القضاء بمراكش حكم على ضابط ديال البوليس ب5 سنين دالحبس فقضية وفاة ياسين الشبلي بمفوضية الشرطة بنجرير    احتفاء المهرجان الدولي مسرح وثقافات بسنته ال 20 : كوميديا موسيقية ومسرح أمازيغي وعودة مسرح الحي، لتتويج هذا الاحتفاء    بمشاركة 30 فيلما يمثلون 15 دولة : أيت ملول تحتضن مهرجان سوس الدولي للفيلم القصير    تقرير رسمي: معدل الاكتظاظ بالسجون يبلغ 159% والسجناء قدموا 5153 شكاية خلال 2023    تحذير من ارتفاع درجات الحرارة إلى 44 درجة في بعض أقاليم المملكة    تارودانت ربيع المسرح في نسخته الثانية يكرم نزهة الركراكي    بمناسبة شهر التراث: ندوة في موضوع "دور الرواية في تثمين المواقع التراثية بالقصر الكبير"    سان جيرمان يستهدف رقما تاريخيا ضد دورتموند في دوري أبطال أوروبا    عميد شرطة بتزنيت يتعرض لطعنة سكين    الجيش الإسرائيلي يعلن سيطرته على معبر رفح    انتشار تعاطي السجائر الإلكترونية بين الأطفال يجر مزور للمساءلة    الأمم المتحدة تحذر من أن مخزونها من الوقود يكفي ليوم واحد فقط في غزة    إحداث أزيد من 16 ألف مقاولة جديدة في المغرب    عبد الجليل يترأس مراسم المعرض الدولي للنقل واللوجيستيك لأفريقيا والمتوسط "لوجيسمد"    توقعات أحوال الطقس غدا الأربعاء    فرقة "أتيز" الكورية تتصدر نجوم مهرجان موازين    انطلاق تكوين أساتذة مادة الأمازيغية في السلك الابتدائي بجهة طنجة    ارتفاع حركة النقل الجوي بمطار الحسن الأول بالعيون    وزارة الصحة في غزة: 34789 فلسطينيا قتلوا في الهجوم الإسرائيلي على القطاع منذ 7 أكتوبر    سلسلة "اولاد إيزا" الكوميدية تثير غضب رجال التعليم وبنسعيد يرد    ارتفاع عدد ضحايا حوادث السير من مستعملي الدراجات النارية بنسبة 31 في المائة    المبعوث الصيني الخاص لتغير المناخ يزور الولايات المتحدة    ارتفاع أسعار النفط بعد الضربات الإسرائيلية على رفح    بايرن يخطف نجم الميلان ويربك حسابات ريال مدريد    الطيران الأميركي يعلن التحقيق مع "بوينغ"    أمازون: سنستثمر 9 مليارات دولار فسنغافورة    بطولة ألمانيا: الفرنسي كومان يعود لتدريبات بايرن ميونيخ    بطولة انجلترا: وست هام يعلن رحيل مدربه مويس نهاية الموسم    سيمانة قبل ما يبدا مهرجان كان.. دعوة ديال الإضراب موجهة لكاع العاملين فهاد الحدث السينمائي الكبير وها علاش    المنتخب الوطني "للفوتسال"يحتل المرتبة السادسة عالميا    صعود أسعار الذهب من جديد    بأكثر من 15 مليون دولار.. نجل الصفريوي يشتري منزلاً في ميامي وهذه صوره    منير المحمدي يكشف.. هذا هو قدوتي وهذا ما كنت لأفعله لو لم أكن لاعب كرة قدم!    "فريق نجم طرفاية: قصة نجاح وتألق في عالم كرة القدم"    إبراز فرص الاستثمار بالمغرب خلال مائدة مستديرة بالولايات المتحدة        "العرندس" يتوج نفسه وينال جائزة الأفضل في رمضان    كبير إيطاليا يدخل بقوة على خط التعاقد مع زياش    زيلينسكي يستعجل استلام أسلحة غربية    الدورة الثانية عشر لعملية تأطير الحجاج بإقليم الناظور    الأمثال العامية بتطوان... (591)    دراسة: السجائر الإلكترونية قد تسبب ضررا في نمو الدماغ    باحثة: الضحك يقدر يكون وسيلة واعرة لعلاج الناس    السفه العقدي بين البواعث النفسية والمؤثرات الشيطانية    جواد مبروكي: الحمل والدور الحاسم للأب    منظمة تدعو لفتح تحقيق في مصرع عامل بمعمل تصبير السمك بآسفي    الأمثال العامية بتطوان... (589)        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إعادة الاعتبار للشعب أم مديح الشعبوية؟
نشر في كود يوم 26 - 12 - 2012

تكرست في القاموس السياسي المغربي مقولة الشعبوية، وأصبحت مفردة مركزية في التداول، بل زاوية في النظر والتحليل لدى الإعلاميين الباحثين وغيرهم كثير. وأصبح من اللازم الخروج من التباس الاستعمال إلى وضوح الجذور والمعنى.
إن المغزى من وراء تكريس الشعبوية، سلبا أو إيجابا، يهدف إلى أن يعود الشعب إلى السياسة أو تعود إليه. والسؤال هو التالي: هل الشعب السياسي الذي نريده، من شروطه الشعبوية أو من ضروراته حتى؟..
الشعبوية ليست أمنية، قد تحقق التجاوز الإيجابي لأعطاب السياسة في بلد ما، الشعبوية هي، بالأساس، تاريخ ملموس، قائم.. وتعلمنا هي نفسها أنها بجذور سياسية وعقدية وإيديولوجية تسعى إلى الهيمنة المطلقة، وكانت في القرن الماضي، قرن الحروب الكبرى، طريقا إلى النازية أو الفاشية، ولم تكن تعني، كما يوحي بها جانبها المضيء، تعميم الثقافة السياسية على الشعب وتخويله الحق السيادي في ممارستها بما ينفعه..
ففي ساعات كثيرة في أيام التاريخ ولياليه، كانت الشعبوية هي الطريق المؤقت إلى .. الجحيم.
ليست هي دفع الشعب عنوة إلى أن يشم، بالرغم من أنفه، روائح المناورات السياسية والخديعة والضلالات..
هي ليست إرغام الشعب على أن يلعب الدور السياسي الكامل، كقوة دافعة، لأن الفراغ اقتضى أن يكون هناك تدبيريون منفصلين عنه..أو أن النخبة خانته وغرقت في حساباتها الضيقة، إنها، بالتعريف السياسي، لحظة أزمة في العيش المشترك لدى شعب ما..
وأخطر ما فيه هو أن تصبح الأزمة هوية في العلاقة مع الآخرين، وكل مخالف هو مدبر الأزمة الذي يجب أن يقطع: هتلر اعتبر الآخرين كلهم أصل الهزيمة الألمانية، وهم بالتالي أصل الهزيمة البشرية..
الشعبوية قد تكون التعبير عن صرخة الشعب وهو يبحث عن سيد، عن حكم أقوى، وعن الشكيمة بلغة الأداب السلطانية..
ونحن نرى أمامنا اليوم مسعى إلى أن تصبح الهوية هي حصان الخطاب والممارسة، بيد الذين يريدون أن يكون الشعب هو الحصان يترك وحيدا بعد الفوز النهائي.
الشعبوية طلب سياسي يحوله الديماغوجي إلى طلب هوياتي، فراغ في الهوية، وهنا تصبح الشعبوية خطيرة، كطلب سياسي قد يكون التعبير عن لحظة نضج سياسية، فيرفع الطلب السياسي إلى درجة التعبئة العامة..
الشعبوية خطيرة عندما تتحدث باسم الشعب بعد أن تكون قد وصلت لكي تقصيه من بعد: لا مصير للشعب لدى الشعبوية الديماغوجية سوى الصمت..
وعندما يكون هذا مسنودا بفهم إلهي للمهمة السياسية، نكون أمام خطورة بالغة..
الشعب الذي يصبح شعبويا تنفر منه النخبة التي لا تريد شعبوية تفرض عليها النزول إلى الشارع وإلى الشعب..
الشعبوية هي اليوم تعبير عن محافظة الشعب، وعن ارتباطه بتقليد هويته بعيدا عن أي شكل حزبوي معين ..
الشعبوية إذا لم تفهم باعتبارها رد فعل على تدمير الكيان الاجتماعي للشعب، فلن نقدر أبدا قدرة هذا الشعب السياسية على تحرير نفسه من الشعارات التبسيطية والانتخابوية.. وهي نتيجة الأزمة بين النخبة وبين الشعب وقطاعاته المختلفة، وفي المغرب بدأ الاتحاد الاشتراكي ينبه إلى خطورة هذه القطيعة منذ المؤتمر الثامن، بعد أن تبين بأن هناك عجزا في الثقة بين المجتمع السياسي وبين الشعب برمته.
والفارق بين حماية الكيان الاجتماعي للشعب والارتقاء به إلى أن يكون الشعب السياسي الذي نريده، وبين استغلاله كاحتياطي للتطاحن به، هو أننا ندرك بأنه لن يكون شعبا سياسيا إلا إذا جعل من الحرية المبدأ الرئيسي في تكوينه..
وعلينا أن نسأل أين الحرية اليوم من شعبوية المغرب الراهنة؟
وما هو موقف الشعبويين، في التدبير الحكومي، منها، نصوصا وقانونا وممارسة ومعتقدات، منذ النقاش حول الدستور؟
وأن الشعب الذي يفشل في أن يكون شعبا سياسيا يتحول إلى شعب هوية: وهذا يقتضي، أصلا، تدمير وتفكيك الحركات والحركية السياسية.. ومن هنا يكون مصير السياسة هو الموت في زمن الشعبوية الديماغوجية.
أمام استحالة وعدم قدرة تبني أهداف مشتركة جامعة بطريقة حرة وديموقراطية، يكون هناك ميل إلى شيء متعال وفوقي، يتجاوز كل الأهداف السياسية والمطلبية والاجتماعية، وهو أصلا الهوية الجامدة السابقة عن كل شيء بما في ذلك الشعب الذي نعاصره. إنه شيء يتضمن وحده أصل وغاية وجود أي عمل نريد القيام به.
الشعبوي في هذا السياق «مقاول هوية»، منعش عقاري لهوية ما، وهي في الغالب ليست دوما وطنية.
قد تكون دينية أو إيديولوجية أو قلبية الخ، لكنها ليست وطنية قابلة للتعايش الديموقراطي والتعددي!
الشعبوية قد تفهم على أنها حركة ضد النخب الأنانية الضيقة الفهم، والتي تستحوذ على القرار، لهذا يكون الهدف هو نزع الدولة من أيادي النخب المذكورة ووضعها بين يدي الشعب.. وفي هذه الحالة تكون إيجابية، بل ضرورية.
وقد تعني وسائلها أن يسلك السياسي طريق القرب، والعلاقة المباشرة مع الناس والحديث بلغتهم، بفورتها وبلكنتها ودرجة عفويتها..
أما الشعبوية، كانتكاسة للديموقراطية، فقد وجدت في مواجهتها تاريخيا الحركة الاشتراكية الديموقراطية، وكيف ما كانت الشعبوية، سواء يسارية أو يمينية أو غيرها، فإن تاريخ الصراع معها قادته الاشتراكية الديموقراطية... ذلك لأن التربية الاشتراكية الديمقراطية هي أصلا نابعة من الإنصات إلى الشعب والعمل مع الشعب، ونابعة بين تضاريسه الناتئة والمنبسطة..، وقد بين التاريخ الحديث أن الأمر بالنسبة لحركة الاشتراكية الديموقراطية هو صراع مع كل أشكال المحافظة والهيمنة والتسلط والظلم.
لهذا، حقيقة، لا نفهم من يريد أن يجعل من الصراع كما لو أنه إنتاج سينمائي: أي هناك الشرير، وهناك مممثلون آخرون يقفون في وجهه. التاريخ بالنسبة للاتحاد الاشتراكي ليس إنتاجا سينمائيا أو كاستينغ يختاره أحد ما، بل هو جدلية كاملة في الصراع، وموقع الاتحاد الاشتراكي هو بالذات أن يكون في موقع المناهض للشعبويات القاتلة..
أما القرب، فإنه الشرط الضروري لاستمرارنا كحركة في المجتمع. وقد كان لابد من هذا التوضيح لكي يستقيم الفهم.. ومفاده أن الأمر يتعلق بالنسبة لنا بإعادة الاعتبار للشعب!
12/26/2012


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.