لندن.. خبراء بريطانيون يشيدون بجهود المغرب لحل النزاع حول الصحراء    الجيش الإسرائيلي يعلن "هدنة تكتيكية" في جنوب قطاع غزة    قصة الحملات البريطانية ضد القواسم في الخليج    العيد في غزة .. صلوات وتكبيرات بلا أضاحٍ    تطبيق "واتسآب" يضيف خصائص جديدة إلى خدمة مكالمة الفيديو    حجاج بيت الله يرمون الجمرات في منى    ترتيب البطولة الاحترافية.. (الدورة الأخيرة)    3 أندية تتنافس للظفر بخدمات وليد شديرة    درجات الحرارة الدنيا والعليا المرتقبة اليوم الأحد    توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب يدعو إلى ترشيد استهلاك الماء    الرحالة عياد المفتحي يُعيد إحياء تقليد الحج القديم برحلة مميزة على دراجة هوائية    عيد الأضحى بالصور من غزة إلى موسكو    الرصاص يلعلع بالفنيدق    سعد لمجرد وحاتم عمور يثيران حماس جمهورهما ب"محبوبي"    الحجاج يتوافدون على مشعر منى لرمي جمرة العقبة ونحر الهدي في أول أيام عيد الأضحى    الحجاج يؤدون "طواف الإفاضة" في أول أيام عيد الأضحى المبارك    الحجاج يرمون "جمرة العقبة" الكبرى في مشعر منى    مَهزَلة محمد زيان.. يَستجدي التضامن من المُتمرنين والمُبتدئين    المنتخب النسوي لأقل من 17 سنة يفشل في بلوغ المونديال    ميناء الحسيمة يستقبل أول رحلة ل"مرحبا"    الجيش الإسرائيلي يعلن مقتل ثمانية من جنوده في عملية رفح    فيدرالية اليسار تستنكر إغلاق ممرات عمومية تؤدي لشواطئ المضيق    الجالية المغربية بفرنسا.. عيد أضحى وسط زوبعة سياسية غير مسبوقة    الأكاديمي شحلان يبعث رسالة مفتوحة إلى وزير الثقافة .. "ما هكذا تؤكل الكتف"    عودة فريق الدفاع الحسني الجديدي للدوري المغربي الاحترافي الأول لكرة القدم : تألق وإصرار يجسدان العزيمة والإرادة    عامل الجديدة الخمليشي.. رجل الظل الذي كان له الفضل في عودة الفريق الدكالي إلى قسم الصفوة    إيطاليا تفرح بفوز صعب على ألبانيا    للنهوض بمستقبل رقمي شامل ومنفتح وآمن في القارة الإفريقية.. المغرب يعلن عزمه تقليص الفجوة الرقمية    القنصلية العامة للمملكة المغربية ببروكسل تحتفل بالذكرى الستين لتوقيع الاتفاقية الثنائية لليد العاملة بين المغرب وبلجيكا    المواشي المستوردة تضعف الإقبال على أسواق الأضاحي بالجنوب الشرقي    إرشادات بسيطة لعيد أضحى صحي وسليم.. عن تناول وجبات العيد وطرق الطهي الصحية    فوز صعب لحامل اللقب إيطاليا على ألبانيا في اليورو    بريطانيا : خبراء ينوهون بجهود المغرب لتسوية النزاع المفتعل حول الصحراء المغربية    أطروحة بالإنجليزية تناقش موضوع الترجمة    لفتيت يفوض صلاحيات جديدة للولاة والعمال    أزيد من مليون و833 ألف حاجا وحاجة ضيوف الرحمن هذا العام    الملك محمد السادس يهنئ عاهل المملكة المتحدة        ترجمة "خطبة عرفة" إلى 20 لغة لتصل إلى مليار مستمع حول العالم    توقعات أحوال الطقس غدا الأحد    "الأمن" الملف الثقيل في علاقات المغرب والولايات المتحدة    "الجسر الثقافي بين المغرب وإيطاليا"، معرض للصور الفوتوغرافية يحتفي بالخصائص الثقافية بين البلدين    خضع لحصص كيميائية.. تفاصيل جديدة حول وضع الفنان الزعري بعد إصابته بالسرطان    بوركينا فاسو تجدد تأكيد دعمها لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء المغربية    بورصة البيضاء تنهي تداولات الأسبوع على وقع الانخفاض    صديقي: المغرب اعتمد سياسة استباقية لتحسين النجاعة المائية في خدمة السيادة الغذائية    مغاربة يقصدون "كوستا ديل صول" لقضاء عطلة العيد بدل ممارسة شعائر الاضحية    "الصردي".. سلالة تحظى بإقبال كبير خلال عيد الأضحى    الحجاج يقفون على جبل عرفة    إدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة .. معالجة 1173 إشعارا بالغش سنة 2023    حفلٌ مغربي أردني في أكاديمية المملكة يتوّج دورات تدريبية ل"دار العود"    النشرة الأسبوعية.. 27 إصابة جديدة ب "كوفيد-19"    إرشادات مهمة لعيد أضحى صحي وسليم..    الفنانة بطمة خالة للمرة الثالثة    التعاون الثقافي بين الرباط وبكين يجمع بنسعيد بنظيره الصيني    دسم احتفالية عيد الأضحى يحتاج الحيطة للعناية بالصحة    مخاوف ‬في ‬أوساط ‬علمية ‬عالمية ‬من ‬انتشار ‬فيروس ‬يعيد ‬شبح ‬كورونا..    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرب المغرب على الفساد تبدأ بسجن "خادمة" سرقت قطعة لحم تسد بها جوعها !
نشر في كود يوم 27 - 09 - 2014

الخبر مر مرور الكرام. مجرد عنوان صغير في صفحة الحوادث يقول إن محكمة مغربية قضت بالسجن ستة أشهر نافذة، على "خادمة" (عاملة بيت) اتهمت بسرقة قطعة لحم من مطبخ مشغلتها.

الحادث وقع في هذا الشهر وفي عام الناس هذا، بمدينة القنيطرة، قرب العاصمة المغربية الرباط. يقول الخبر إن القضاء أدان عاملة بيت والية (محافظ) المدينة، بالسجن النافذ ستة أشهر وغرامة مالية، بعد اتهامها بسرقة قطعة لحم من مطبخ "السيدة الوالية".

المواقع الرقمية الخبرية والصحف التي تداولت الخبر، قالت إن الخادمة حوكمت في حالة اعتقال، وبأن الحكم صدر في زمن قياسي لم يسمح لها فيه من توكيل مدافع عنها طبقا للقانون. ربما لأن المحكمة كانت تعرف مسبقا بأن الخادمة التي اضطرت إلى سرقة قطعة لحم من أجل سد جوع أسرتها الصغيرة لن يكون باستطاعتها توكيل محام يدافع عنها!

وطبقا للأخبار الواردة من المنطقة فإن المتهمة المدانة، سيدة فقيرة دفعتها الحاجة والجوع إلى مغادرة قريتها بحثا عن شغل في المدينة لتوفير مورد رزق لها ولأسرتها.

الحكم في حد ذاته يبقى قاسيا، رغم أنه لا تٌعرف الحيثيات التي بنت عليها المحكمة قناعتها، ولا ما إذا كانت السيدة الوالية تحترم القانون المنظم لتوظيف خادمات البيت، لمعرفة ما إذا كان فعل الخادمة يستحق ظروف التخفيف أم لا. فأخبار الصحف والمواقع الرقمية تحفل يوميا بأخبار التعنيف والاستغلال البشع الذي تتعرض له هذه الفئة من العاملات. ورغم وجود قانون "يحمي" هذه الفئة الضعيفة، إلا أن القليل من الأسر هي التي تحترمه، حيث مازال تشغيل القاصرات دون سن 15 سنة منتشرا، وأغلبهن يتعرضن للاستغلال البشع، وتفرض عليهن أعمال سخرة مهينة للكرامة البشرية، هذا إذا لم يكن ضحايا التعنيف والممارسات السادية المرضية من طرف مشغليهن ومشغلاتهن. وفي غياب جهات تدافع عن حقوق هذه الفئة المظلومة والمنسية داخل المجتمع، فلا يمكن معرفة إلى أي حد تحترم حقوقهن في التغطية الاجتماعية والصحية، كما أن أجورهن غير المعلنة والتي لا تخضع لعقود قانونية، نادرا ما تحترم الحد الأدنى من الأجور (أقل من 200 يورو شهريا) الذي ينص عليه القانون ولا يتم احترامه حتى داخل الإدارة العمومية!

هذه الحادثة تذكر ببؤساء فكتور هيغو، في روايته الشهيرة التي حملت نفس العنوان، وفيها يحكي عن قصص بؤساء فرنسا في بداية القرن الثامن عشر، حيث سجن بطل الرواية جان فال جون لأنه سرق رغيف خبز احتاجه لكي يسد به جوع أسرته. الفرق الوحيد، ما بين بؤساء فكتور هيغو، وبؤساء مغرب اليوم، هو أنه مازال في عالمنا هذا من يضطر ليمد يده من أجل ما يٌمسك به رمقه، إما عن طريق التسول المهين لكرامة الإنسان، أو عن طريق مد اليد إلى حاجة الغير اضطرارا مما يعرضه للسجن. فكم من سجين يرتكب اليوم "جرائم صغيرة"، رغم أنه لا يوجد في عالم الإجرام ما هو صغير وما هو كبير، من أجل العودة إلى السجن لتوفير وجبة ساخنة وفراش دافئ.

السوسيولوجيا هي التي قد تسعفنا في تحليل الظاهرة، وهناك عدة مؤشرات تلفت إلى وجودها وانتشارها، مثل ارتفاع نسبة "العود" إلى السجون المغربية من فئة أصحاب "الجرائم الصغيرة"، وإقدام المعتقلين المفرج عنهم حديثا على ارتكاب جرائم "سرقة صغيرة" تعيدهم إلى السجن بعد أيام فقط من مغادرتهم لأبوابه. فهل يتعلق الأمر بإدمان على الإجرام أم هو نوع من التصرف المفكر فيه من أجل التخلص من حالة التشرد والتيه خارج السجن؛ داخل عالم لا يرحم!

للتذكير فقط فإن منصب "الوالي" (المحافظ) في المغرب، هو منصب يحصل بالتعيين من طرف الملك، وهو أرفع بكثير من منصب "العمدة" المنتخب، يوفر لصحابه راتبا يعادل راتب وزير (نحو 5 آلاف يورو شهريا) مع توفير سكن مريح وحرس وخدم من القوات العمومية، وعدة سيارات رهن خدمة المسؤول وأفراد أسرته، وتعويضات جزافية بما فيها التعويض عن سلة الغذاء، وفوق كل ذلك سلطات واسعة تسمح للمسؤول بالتصرف في ميزانيات صناديق سوداء غير خاضعة للمحاسبة أو المراقبة.

وللتذكير أيضا، فإن الحكم القاسي والسريع على الخادمة التي سرقت قطعة لحم من أجل سد رمق أسرتها، يأتي في وقت تتحدث فيه وسائل الإعلام المغربية عن ملفات فساد واختلاسات لأموال عمومية من طرف مسؤولين، بعضها أدين أصحابها لكنهم مازالوا أحرارا طليقين، من بينهم برلماني أدين بالسجن خمس سنوات نافذة في ملف فساد مالي، ومازال "ممثلا للشعب" يتقاضى راتبا "محترما" من خزينة الدولة! ومنها ملفات مازالت معلقة منذ سنوات أمام القضاء العاجز عن الحسم فيها بنفس السرعة التي أدان فيها "الخادمة" المسكينة. والباقي ملفات تلوكها الألسن تٌؤثث جلسات النميمة في المقاهي الشعبية، بينما أصحابها يتمتعون بحصانة تجعلهم فوق القانون.

إنها مفارقات الزمن المغربي في عهد أول حكومة يرأسها حزب إسلامي جعل شعار حملته الانتخابية "محاربة الفساد والاستبداد". فلا غرابة أن تبدأ هذه الحرب بالقضاء على "فساد الفقراء" بعد أن عجزت عن القضاء على أسباب فقرهم!


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.