بلاوي يثمن التعاون القضائي الدولي    خلاصة مجلس الحكومة اليوم الخميس    حريق كبير يندلع بغابة عين لحصن ضواحي تطوان واستنفار واسع لمحاصرته    بيت الشعر في المغرب يتوّج بجائزة الأكاديمية الدولية للشعر    الحكومة تصادق على إحداث المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي    نشرة إنذارية.. طقس حار وزخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح يومي الخميس والجمعة بعدد من مناطق المملكة    تفكيك شبكة مغربية-إسبانية لتهريب البشر والمخدرات تستعمل قوارب الفانتوم    هشام بلاوي: الجريمة المنظمة تهديد متصاعد يتطلب تعاونًا قضائيًا دوليًا فعالًا    بنيله شهادة البكالوريا من خلف أسوار السجن، نزيل يخطو أولى خطواته على سكة إعادة الاندماج (بورتريه)        نشرة إنذارية..طقس حار وزخات رعدية مصحوبة بتساقط للبرد وبهبات رياح بعدد من مناطق المملكة    معرض بكين للكتاب: اتفاقية لترجمة مؤلفات حول التراث المغربي اللامادي إلى اللغة الصينية    الدوزي يُطلق العدّ التنازلي ل"ديما لباس"    كتل هوائية صحراوية ترفع الحرارة إلى مستويات غير معتادة في المغرب    المغرب يطلق مشروعه الأول لطاقة الرياح البحرية بطاقة 1000 ميغاواط قبالة سواحل الصويرة بحلول 2029    ميداليات تحفز "بارا ألعاب القوى"    العيون ‬تحتضن ‬منتدى ‬إفريقيا ‬لبحث ‬الآفاق ‬الاقتصادية ‬والتجارية ‬بالقارة    الشعب المغربي يحتفل غدا الجمعة بالذكرى ال55 لميلاد صاحب السمو الملكي الأمير مولاي رشيد    دلالات ‬تجديد ‬مجلس ‬حقوق ‬الإنسان ‬دعمه ‬لمغربية ‬الصحراء    الذهب يصعد وسط التوتر في الشرق الأوسط    التصعيد بين إسرائيل وإيران يعيد للواجهة مطالب إحياء مصفاة "سامير" لتعزيز الأمن الطاقي    مجموعة "فيسين" تطلق طرحا عاما أوليا في بورصة الدار البيضاء    طنجاوة يتظاهرون تنديدًا بالعدوان الإسرائيلي على غزة وإيران    "مجزرة جديدة"… إسرائيل تقتل 40 فلسطينيا بينهم 16 من منتظري المساعدات    رائحة دخان تجبر طائرة على الهبوط في ميونخ    جوفنتوس يكتسح العين الإماراتي بخماسية    إصابة حكم ومشجعين في فوضى بالدوري الليبي    فحص دم جديد يكشف السرطان قبل ظهور الأعراض بسنوات    بورصة الدار البيضاء تستهل تداولاتها على وقع الانخفاض    بنك المغرب والمؤسسة المالية الدولية يوقعان شراكة لتعزيز الشمول المالي الفلاحي بالمغرب    فرحات مهني يكتب: الجزائر الإيرانية    بنهاشم بعد مواجهة مانشستر سيتي: لعبنا بشجاعة وخرجنا بدروس ثمينة رغم الخسارة    لقجع: المغرب ملتزم بجعل كأس العالم 2030 نموذجا للاندماج والاستدامة البيئية    رحيمي وحركاس وبنعبيد ضمن قائمة أغلى اللاعبين العرب في مونديال الأندية    ندوة علمية تناقش موضوع النخبة المغربية في زمن التغيير    إيران تستهدف مستشفى بجنوب إسرائيل ونتانياهو يتوعدها بدفع "ثمن باهظ"    الصين تدفع نحو مزيد من الانفتاح السياحي على المغرب: سفارتها بالرباط تتحرك لتعزيز توافد السياح الصينيين    بيب غوارديولا في تصريح أعقب مواجهة الوداد الرياضي المغربي، إن "المباراة الأولى في دور المجموعات دائما ما تكون صعبة    مجموعة العمل من أجل فلسطين تعقد ندوة صحفية تحضيرا لمسيرة وطنية الأحد بالرباط    برلمان أمريكا الوسطى يُجدد دعمه الكامل للوحدة الترابية للمغرب ويرد على مناورات خصوم المملكة    برلمان أمريكا الوسطى يجدد دعمه للوحدة الترابية للمغرب ردا على المناورات    مربو الدجاج يثمنون توجه الحكومة لإعفاء الفلاحين الصغار ويدعون لإدماجهم الفعلي في برامج الدعم    ياسين بونو يهدي الهلال تعادلا ثمينا أمام ريال مدريد رياضة    كارثة صامتة .. ملايين الهكتارات العربية على وشك الضياع    طنجة.. سيارة تدهس "مقدّم" بعدما دفعه متشرد نحو الطريق    إطلاق الهوية الجديدة ل "سهام بنك" خلفًا ل "الشركة العامة المغربية للأبناك"    خدش بسيط في المغرب ينهي حياة بريطانية بعد إصابتها بداء الكلب    انتخاب المغرب نائبا لرئيس المجلس العلمي لاتفاقية اليونيسكو حول حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه    السعودية تدعو إلى ارتداء الكمامة في أداء العمرة    دورة تكوينية وورشات فنية لفائدة الأطفال والشباب بالمركز الثقافي لمدينة طانطان    فجيج بين ازيزا النادرة والتربية العزيزة.. حكاية واحة لا تموت    التوفيق : تكلفة الحج تشمل خدمات متعددة .. وسعر صرف الريال عنصر حاسم    ورزازات تحدث تحولا نوعيا في التعامل مع الكلاب الضالة بمقاربة إنسانية رائدة    وزير الأوقاف: خدمات واضحة تحدد تكلفة الحج الرسمي وتنسيق مسبق لضبط سعر الصرف    خبير يعرف بالتأثير الغذائي على الوضع النفسي    وزارة الاوقاف تصدر إعلانا هاما للراغبين في أداء مناسك الحج    وزارة الأوقاف تحدد موعد قرعة الحج        







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سلطة الدِّرهم
نشر في هسبريس يوم 30 - 07 - 2009

بعث لي أحد الأصدقاء عبر "الفايسبوك" رابطا لأغنية بالدارجة المغربية، وتبين بعد الاطلاع على مضمون الشريط، أن صاحب الأغنية، ليس بينه وبين فن الغناء إلا الخير والإحسان، ويا ليت أمر بث ذلك السخف، اقتصر على موقع اليوتوب، ذلك أن صاحبها، وهو ثري من مدينة العرائش، يُجند الكثير من المال و"الأصدقاء" في أكثر من محطة إذاعية، وقناتين تلفزيتين، ليضمن ل "فنه" ذيوعا أكبر، باعتبار أن ما يُقدمه فتح مبين في مجاله. ""
الخلاصة، التي تُفيدها قصة "بوجعران" فن الغناء، كما لقبه الصديق، الذي بعث إلي بالرابط المذكور، أن مَن هب وذب، يُمكنه أن يصبح فنانا بخشخشة الأوراق النقدية، حيث سيجد دائما مَن يفسح له مكانا جيدا، في أكثر من وسيلة ذيوع، وليذهب الفن الحقيقي وأصوله إلى الجحيم.
الواقع أن حكاية "بوجعران" ليست سوى الشجرة التي تُخفي الغابة، فلا أحد يجهل (باستثناء الراسخين في الجهل) أن أكثر من مجال اختصاص يوجد في ضائقة إبداع مزمنة، وبما أن امتلاك، الثروات أسهل من التوفر على الموهبة الحقيقية، وبالتالي كثرة الأولين وندرة الأخيرين، لذا فقد تناسل أصحاب الأموال "الفنانين" و"الدكاترة" ووو.. في مختلف فروع العلم والمعرفة، والسياسة والفن... ووو، قلَّ الإبداع والمُبدعون، والسياسة والسياسيون، والعلم والعلماء، والفن والفنانون... وإذا طرح أحدنا هذا السؤال على نفسه: متى سمعت آخر أغنية مغربية، تستحق اسمها؟ أو: في أي عام قرأتَ آخر كتاب جيد لمؤلف مغربي؟ ومتى استمعت إلى آخر خطاب سياسي مقبول.. إلخ، فسيجد الجواب مُحيلا إياه، على زمن قديم يُحسب بعشرات السنين. ورغم ذلك فالناس يُغنون مثل "بوجعران" ويجدون مَن يصفق لهم، ويُطري "موهبتهم" قبل أن يُقدمهم للجمهور الأوسع، عبر محطة إذاعة أو قناة تلفزية، بعدما تكون خشخشخة الأوراق النقدية، قد أتت مفعولها "السحري"، وقل نفس الشيء عن كل المجالات الأخرى.
وإذا ما وسَّعنا دائرة النقاش في هذا الموضوع، وقلَّبنا بعض أوجهها الأكثر بروزا، فسنجد أن "موهبة" التوفر على المال، في مجتمع العوز والحاجة، قادرة على فعل كل شيء، ألا نقول فيما بيننا: "الفلوس كايديرو الطريق في البحر؟".. فكيف نتعجب إذا انتهت الانتخابات، ووجدنا أن مَن "يمثلوننا" أو بالأحرى يُمَثِّلُون بنا، في البرلمان والمجالس البلدية، والغرف التجارية والصناعية.. إلخ، ليسوا سوى تُجارا عرفوا كيف يشترون مقاعدهم ب"خشخشة" أموالهم؟
هكذا إذن، تنسحب قيمة المال على كل شيء، وتصبح سيدة كل "القيم".. فالشهادات الدراسية، حتى أعلى المراتب، تُشترى بالمال، والموقع السياسي و "العلمي".. إلخ يخضع للمساومة، ثم الامتلاك عند دفع المبلغ "المُناسب" للشخص "المُناسب".. وهكذا تصبح سلطة المال هي المُتحكمة في كل شيء.. وما عداها "غير هضرة لي ما كاتشري خضرة" كما نعلق شامتين فيما بيننا.
الباحثون عن المواقع الأمامية، في شتى المجالات، يعرفون بالسليقة هذه الحقيقة "البديهية" لذا تراهم يستغرقون في جمع أكبر قدر مُستطاع، وغير مُستطاع، من المال ثم يدخلون بسهولة إلى مجالات السياسة والسلطة، والفن.. حيث يلتهمون الموقع تلو الآخر، بينما تنحني أمامهم الهامات، وتُدلل لهم كل العقبات، ليصلوا إلى مراتب النفوذ وجني المزيد من الأموال، وهكذا دواليك، إلى ما لا نهاية لهذه الحلقة المُفرغة.
قد يقول قائل: وما الغرابة في كل هذا؟ إنه تحصيل حاصل.. صحيح، لكن وجه الغرابة، أن أحدنا حينما يعترضه طارئ صحي، أو يجد نفسه لسبب من الأسباب، في حاجة إلى خدمات أحد المحامين، أو يريد لابنه مدرسا جيدا.. إلخ، فلا يجد إلى ذلك سبيلا، يندهش لندرة هذا وذاك، في مجتمع يدور حول خشخشة الأوراق النقدية، من أخمص قدميه حتى قُنَّةِ رأسه.. الفارغة.
لقد قامت سلطة المال، في المجتمعات المتقدمة، على أساس تراكم الإنتاج، أما في بلاد أبي جهل، مثلنا، فإن الثروة "ركبت" على العكس تماما، فوق قلة الإنتاج، وهو ما جعل الدرهم سيد الموقف، فاحتكره المخزن ورجاله، حتى تدور العجلة في الاتجاه المرغوب، أي استعباد الناس، وإفراغ كل قدراتهم، حتى أصبحوا عاجزين حتى عن مجرد "الوقوف" ناهيك عن.. الإبداع.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.