لماذا أصبح مخزون اللبان في العالم مهدداً بالنفاد؟    اتحاد طنجة لكرة القدم يتحدى العصبة الوطنية الاحترافية بعقد الجمع العام    ملتقى العيون للصحافة يعالج دور الإعلام في الدفاع عن الصحراء المغربية    الكاميرون ينتصر على الغابون في مباراة صعبة    ارتفاع مخزون سد عبد الكريم الخطابي بإقليم الحسيمة بعد التساقطات المطرية الأخيرة    السيول تسلب حياة شاب في الدريوش    صحافيون ينتقدون تصويت مجلس المستشارين على قانون مجلس الصحافة ويهددون بالتصعيد    المعارضة بمجلس المستشارين تنسحب من الجلسة العامة وتطلب من رئيسه إحالة مشروع قانون إعادة تنظيم المجلس الوطني للصحافة على المحكمة الدستورية    نشرة إنذارية.. زخات رعدية قوية وتساقطات ثلجية وطقس بارد من الأربعاء إلى السبت بعدد من مناطق المملكة    ‬ال»كان‮«: ‬السياسة والاستيتيقا والمجتمع‮    مسؤولية الجزائر لا غبار عليها في قضية طرد 45 ألف أسرة مغربية    أمطار وثلوج تنعش منطقة الريف وتبعث آمال موسم فلاحي واعد بعد سنوات من الجفاف    السلطة القضائية تنضم إلى PNDAI    مخطط التخفيف من آثار موجة البرد يستهدف حوالي 833 ألف نسمة    "كان المغرب".. المنتخب الجزائري يتغلب على السودان (3-0) في أولى مبارياته في دور المجموعات    وهبي: الحكومة امتثلت لملاحظات القضاء الدستوري في "المسطرة المدنية"    توقيف شخص بحوزته أقراص مهلوسة وكوكايين بنقطة المراقبة المرورية بطنجة    كأس إفريقيا للأمم 2025.. الملاعب المغربية تتغلب على تقلبات أحوال الطقس    "ريدوان": أحمل المغرب في قلبي أينما حللت وارتحلت    مقاييس الأمطار المسجلة بالمملكة خلال ال 24 ساعة الماضية    كأس إفريقيا للأمم 2025 .. منتخب بوركينا فاسو يحقق فوزا مثيرا على غينيا الاستوائية    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها على وقع الأحمر    قضية البرلماني بولعيش بين الحكم القضائي وتسريب المعطيات الشخصية .. أسئلة مشروعة حول الخلفيات وحدود النشر        توفيق الحماني: بين الفن والفلسفة... تحقيق في تجربة مؤثرة    شخص يزهق روح زوجته خنقا بطنجة‬    نص: عصافير محتجزة    وفاة رئيس أركان وعدد من قادة الجيش الليبي في حادث سقوط طائرة في تركيا    رباط النغم بين موسكو والرباط.. أكثر من 5 قارات تعزف على وتر واحد ختام يليق بمدينة تتنفس فنا    أطروحة دكتوراة عن أدب سناء الشعلان في جامعة الأزهر المصريّة    الكشف عن مشاريع الأفلام المستفيدة من الدعم    وزير الصحة يترأس الدورة الثانية للمجلس الإداري للوكالة المغربية للدم ومشتقاته    روسيا تعتزم إنشاء محطة طاقة نووية على القمر خلال عقد    رهبة الكون تسحق غرور البشر    المغرب في المرتبة الثامنة إفريقيا ضمن فئة "الازدهار المنخفض"    الأمطار لم توقّف الكرة .. مدرب تونس يُثني على ملاعب المغرب    الاقتصاد المغربي في 2025 عنوان مرونة هيكلية وطموحات نحو نمو مستدام    الحكومة تصادق على مرسوم إعانة الأطفال اليتامى والمهملين    كأس إفريقيا بالمغرب .. مباريات الأربعاء    زلزال بقوة 6.1 درجات يضرب تايوان    انفجار دموي يهز العاصمة الروسية    فرنسا تندد بحظر واشنطن منح تأشيرة دخول لمفوض أوروبي سابق على خلفية قانون الخدمات الرقمية    "الهيلولة".. موسم حجّ يهود العالم إلى ضريح "دافيد بن باروخ" في ضواحي تارودانت    عجز ميزانية المغرب يقترب من 72 مليار درهم نهاية نونبر 2025    انتصارات افتتاحية تعزز طموحات نيجيريا والسنغال وتونس في كأس إفريقيا    الذهب يسجل مستوى قياسيا جديدا متجاوزا 4500 دولار للأونصة    بكين وموسكو تتهمان واشنطن بممارسة سلوك رعاة البقر ضد فنزويلا    طقس ممطر في توقعات اليوم الأربعاء بالمغرب    كأس أمم إفريقيا 2025.. بنك المغرب يصدر قطعة نقدية تذكارية فضية من فئة 250 درهما ويطرح للتداول ورقة بنكية تذكارية من فئة 100 درهم    عاصفة قوية تضرب كاليفورنيا وتتسبب في إجلاء المئات    بلاغ بحمّى الكلام    فجيج في عيون وثائقها        الولايات المتحدة توافق على أول نسخة أقراص من علاج رائج لإنقاص الوزن    دراسة: ضوء النهار الطبيعي يساعد في ضبط مستويات الغلوكوز في الدم لدى مرضى السكري    دراسة صينية: تناول الجبن والقشدة يقلل من خطر الإصابة بالخرف    خطر صحي في البيوت.. أجهزة في مطبخك تهاجم رئتيك    من هم "الحشاشون" وما صحة الروايات التاريخية عنهم؟    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



إلى السيد مصطفى بوهندي : أبو هريرة صحابي جليل -2-
نشر في هسبريس يوم 28 - 02 - 2010


بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه
وبعد
فنكمل إن شاء الله بيان ما جاء في كتاب بوهندي من المغالطات
يقول بوهندي :[ لا نعرف شيئا عن أهل الصفة إلا من روايات أبي هريرة ، ما هي أسماؤهم ؟ أو أسماء بعضهم غير أبي هريرة ؟ لماذا لا يتحدثون عن أنفسهم ويقولون نحن أضياف الإسلام لا شغل لنا إلا انتظار الصدقات في المسجد النبوي ؟ وهل كان محمد يبارك تجمعهم هذا بينما يذهب الأنصار والمهاجرون إلى أسواقهم وأموالهم ؟ لماذا لا يتحدث إلا أبو هريرة عنهم ؟ أليسوا هم الأصحاب الحقيقيون الملازمون لرسول الله ؟ ألم يقل لهم الرسول يوما :"اخرجوا من هذه المسكنة والذلة الذي أنتم فيها واكسبوا قوتكم من عرق جبينكم فإن الإسلام الذي جئتكم به لا يصنع ( المعتكفين المتسولين ( وإنما يصنع ( العباد العاملين ذوي الأيدي ( [ .
قلت : سبحان الله ، وكأن أبا رية هو الذي يتحدث هنا وليس بوهندي !!!
أنت يا سيد بوهندي الذي لا تعرف شيئا عن أهل الصفة إلا من روايات أبي هريرة وحقدك على أبي هريرة رضي الله عنه أعماك عن غير رواياته .
أما نحن والحمد لله فقد أخبرنا عنهم عبادة بن الصامت وعلي بن أبي طالب وأنس بن مالك وعبد الله بن مسعود وابن عباس وفضالة بن عبيد وأبو أمامة الباهلي وأبو ذر الغفاري وقتادة وواثلة بن الأسقع وعبد الرحمن بن عوف والبراء بن عازب والحسن البصري ويزيد بن عبد الله بن قسيط وعلقمة المزني إرسالا رضي الله عنهم أجمعين .
فكم يا ترى من صحابي هنا حدثنا عن وجود أهل الصفة وعن حالهم دون احتساب أبي هريرة رضي الله عنه ومن أرسل الأحاديث من التابعين ؟
فيكون عدد الصحابة الذين حدثونا عن أهل الصفة من دون احتساب أبي هريرة ومن غير رواياته إثنا عشر صحابيا جليلا ، وهم :
1 – عبادة بن الصامت .
2 – علي بن أبي طالب .
3 – أنس بن مالك .
4 – عبد الله بن مسعود .
5 – أبو أمامة الباهلي .
6 – أبو ذر الغفاري .
7 – واثلة بن الأسقع .
8 – عبد الرحمن بن عوف .
9 – البراء بن عازب .
10 – قتادة .
11 – ابن عباس .
12 – فضالة بن عبيد .
رضي الله عنهم أجمعين ، أما من طريق الإرسال والرواية من التابعين :
1 – الحسن البصري .
2 – يزيد بن عبد الله بن قسيط .
3 – يزيد بن أصرم .
4 – علقمة المزني .
رضي الله عنهم أجمعين ، فيكون عدد من حدثنا عن أهل الصفة ست عشر راويا ، أفلا يكيفيك إثنا عشر عدلا وأربعة من التابعين يخبروك بوجود أهل الصفة ؟
هذا فيما وصلت إليه أنا العبد الضعيف في البحث أما لو بحث من هو أعلم مني لربما لا يستطيع حصرهم من كثرتهم .
وهذه أحاديثهم تباعا :
أخرج البخاري في تهذيب الكمال ( 12/378 ( وفي التاريخ الكبير ( 2/140 ( عن علي بن أبي طالب قال : مات رجل من أهل الصفة فقيل يا رسول الله : ترك دينارا ودرهما ؟ قال :"كيتان صلوا على صاحبكم" وفي إسناده عتيبة ويزيد مجهولان .
واخرج أبو داود في سننه ( 3416 ( عن عبادة بن الصامت قال : علمت ناسا من أهل الصفة الكتاب والقرآن فأهدى إلي رجل منهم قوسا فقلت : ليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله عز وجل لأتين رسول الله فلأسألنه ؟ فأتيته فقلت يا رسول الله صلى الله عليه وسلم : رجل أهدى إلي قوسا ممن كنت أعلمه الكتاب والقرآن وليست بمال وأرمي عنها في سبيل الله ؟ قال :"إن كنت تحب أن تطوق طوقا من نار فاقبلها" ورواه علي بن المديني في تنقيح تحقيق التعليق ( 3/65 ( ورواه ابن حبان في المجروحين ( 2/339 ( وابن عبد البر في التمهيد ( 21/113 ( وفي الاستذكار ( 4/420 ( وابن القيسراني في تذكرة الحفاظ ( 220 ( وفي معرفة التذكرة ( 167 ( .
وأخرج أبو حاتم الرازي في العلل لأبن أبي حاتم ( 2/218 (عن أنس بن مالك : أن رجلا من أهل الصفة مات وترك متاعا فباع النبي صلى الله عليه وسلم متاعه فيمن يزيد.
وأخرج المنذري في الترغيب والترهيب ( 2/86 (عن عبد الله بن مسعود قال : توفى رجل من أهل الصفة فوجدوا في شملته دينارين فذكروا ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم فقال :"كيتان" .
وأخرج المنذري كذلك في الترغيب والترهيب ( 2/86 ( عن أبي أمامة أن رجلا توفى على عهد رسول الله فلم يوجد له كفن فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال :" انظروا إلى داخلة إزاره" فأصيب دينار أو ديناران فقال "كيتان" وفي رواية : توفى رجل من أهل الصفة فوجد في مئزره دينار فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم "كية" ثم توفى آخر فوجد في مئزره ديناران فقال:"كيتان" .
وأخرج المنذري كذلك في الترغيب والترهيب ( 4/145 ( عن أبي ذر الغفاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له :"يا أبا ذر : أترى كثرة المال هو الغنى ؟" قلت : نعم يا رسول الله ، قال :"فترى قلة المال هو الفقر ؟" قلت : نعم يا رسول الله ، قال:"إنما الغنى غنى القلب والفقر فقر القلب" ثم سألني عن رجل من قريش قال :"هل تعرف فلانا ؟" قلت : نعم يا رسول الله ، قال :"فكيف تَراه أو تُراه ؟" قلت : إذا سأل أعطي وإذا حضر أدخل ، قال : ثم سألني عن رجل من أهل الصفة فقال :"هل تعرف فلانا ؟" قلت : لا يا والله ما أعرفه يا رسول الله ، فما زال يجليه وينعته حتى عرفته ، فقلت : قد عرفته يا رسول الله ، قال :"فكيف تَراه أو تُراه ؟" قلت : هو رجل مسكين من أهل الصفة ، فقال :"هو خير من طلاع الأرض من الآخر " قلت : يا رسول الله : أفلا يعطى من بعض ما يعطى الآخر ؟ فقال :"إذا أعطي خيرا فهو أهله وإذا صرف عنه فقد أعطى حسنة" .
وأخرج العراقي في تخريج الإحياء ( 4/208 ( عن أنس بن مالك أن رجلا من أهل الصفة استشهد فقالت أمه هنيئا لك يا بني الجنة هاجرت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وقتلت في سبيل الله ، فقال صلى الله عليه وسلم :" وما يدريك لعله كان يتكلم بما لا ينفعه ويمنع مالا يضره " وفي إسناده ضعف ، وهذا لا يعني أن هذا الصحابي الجليل كان يتكلم بما لا ينفعه ويمنع مالا يضره وإنما قصد رسول الله صلى الله عليه وسلم بقوله ذلك للمرأة أن لا تزكي أحدا بالجنة ، فذاك أمر لله ولرسوله وليس لأحد دونهما أن يشهد لأحد بالجنة .
وأخرج الهيثمي في مجمع الزوائد ( 8/308 ( عن واثلة بن الأسقع قال : كنت في أهل الصفة فدعاني رسول الله صلى الله عليه وسلم يوما بقرص فكسره في القصعة وضع فيها ماء سخنا ثم صنع فيها ودكا ثم سفسفها ثم لبقها ثم صنعها ثم قال :" اذهب فائتني بعشرة أنت عاشرهم" فجئت بهم فقال :" كلوا وكلوا من أسفلها ولا تأكلوا من أعلاها فإن البركة تنزل في أعلاها " فأكلوا منها حتى شبعوا . ورجال إسناد الحديث موثقون .
واخرج ابن حجر في الفتح ( 11/291 ( عن يزيد بن عبد الله بن قسيط مرسلا قال : كان أهل الصفة ناسا فقراء لا منازل لهم فكانوا ينامون في المسجد لا مأوى لهم غيره .
وأخرج ابن حجر في الإصابة ( 4/69 ( عن عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لرجل من أهل الصفة يكنى أبا رزين :"يا أبا رزين إذا خلوت فحرك لسانك بذكر الله فإنك لا تزال في صلاة ما ذكرت ربك يا أبا رزين إذا أقبل الناس على الجهاد فأحببت أن يكون لك مثل أجورهم فالزم المسجد تؤذن فيه ولا تأخذ على أذانك أجرا". وإسناده ضعيف .
وأخرج البخاري في الأجوبة المرضية ( 2/869 ( عن الحسن البصري مرسلا أنه صلى الله عليه وسلم خرج على أهل الصفة يوما فذكر الحديث فقال لهم يوما :"أنتم اليوم خير أم أنتم حين تغدون في حلة وترحون في حلة وتغدو عليكم قصعة وتروح أخرى ؟ " فقالوا : يا رسول الله نحن اليوم بخير وإنا لنرى أنا يومئذ خير منا اليوم ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"كلا والذي نفس محمد بيده لأنتم اليوم خير منكم يومئذ" .
وأخرج الترمذي في الجامع ( 2987 (عن البراء بن عازب في قوله تعالى ( ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ( قال : نزلت فينا معشر الأنصار كنا أصحاب نخل ، فكان الرجل يأتي من نخله على قدر كثرته وقلته وكان الرجل يأتي بالقنو والقنوين فيعلقه في المسجد وكان أهل الصفة ليس لهم طعام فكان أحدهم إذا جاء أتى القنو فضربه بعصاه فيسقط البسر والتمر فيأكل وكان ناس ممن لا يرغب في الخير يأتي الرجل بالقنو فيه الشيص والخشف وبالقنو قد انكسر فيعلقه فأنزل الله تبارك وتعالى ( يا أيها الذين آمنوا أنفقوا من طيبات ما كسبتم ومما أخرجنا لكم من الأرض ولا تيمموا الخبيث منه تنفقون ولستم بآخذيه إلا أن تغمضوا فيه ( قال : لو أن أحدكم أهدى إلي مثل ما أعطى لم يأخذه إلا على إغماض أو حياء .
وأخرج أبو نعيم في الحلية عن فضالة بن عبيد الله قال : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا صلى بالناس يخر رجال من قيامهم في صلاتهم لما بهم من الخصاصة وهم أهل الصفة حتى يقول الأعراب : إن هؤلاء مجانين .
بل لقد ذكرهم الله سبحانه في كتابه وشهد لهم بأن انقطاعهم كان في سبيل الله فقد أخرج ابن سعد في طبقاته ( 1/255 (من طريق الواقدي عن محمد بن كعب القرظي أنه قال في تفسير قوله تعالى ( للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله لا بستطيعون ضربا في الأرض ( قال : هم أصحاب الصفة .
وقال القرطبي في تفسير هذه الآية [ وإنما خص فقراء المهاجرين بالذكر لأنه لم يكن هناك سواهم وهم أهل الصفة وكانوا نحوا من أربعمائة رجل وذلك أنهم كانوا يقدمون فقراء على رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لهم من أهل ولا مال فبنيت لهم صفة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم فقيل لهم أهل الصفة [ ( 3/340 ( .
وأخرج ابن المنذر من طريق الكلبي عن أبي صالح عن ابن عباس في قوله تعالى ( للفقراء الذين أحصروا في سبيل الله ( قال : هم أصحاب الصفة (. الدر المنثور ( .
ثم إن هؤلاء الصحابة الكرام ( أهل الصفة ( لم يكونوا ينتظرون الصدقات من الناس ، لقد كانت من علاماتهم ( لا يسألون الناس إلحافا ( و ( يحسبهم الجاهل أغنياء من التعفف ( وكانوا يقومون بفروض عظيمة منها تلقي القرآن والسنن ودراستهما حيث كانت الصفة مدرسة الإسلام وكان يدرس فيها أكابر الصحابة وقد مر بنا حديث عبادة بن الصامت حينما أهدى له رجل من أهل الصفة قوسا .
فكيف يطردهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد نزل عليه قوله تعالى ( ولا تطرد الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي يريدون وجهه ( كيف يطردهم ويقول لهم اذهبوا واعملوا ولا تجلسوا هنا ، الإسلام يحب العمل لا التكاسل !!!
أهل الصفة يا سيد بوهندي كانوا طلبة علم ، وهؤلاء طلبة الجامعات والمعاهد والمدارس العتيقة وطلبة القرآن قد وقفوا أنفسهم على طلب العلم على الرغم من كون أقرانهم يذهبون للعمل والانشغال بالأموال والأولاد والأعمال ، ولكن الدولة تصرف عليهم وتقدم لهم منحا وكذلك الناس يكفونهم المؤونة حتى يتعلموا ويقرؤوا ويدرسوا حتى إذا ما طلع علينا رجل مثلك يشكك في صحابي من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم ردوا عليك .
أفيكون قعودهم لطلب العلم وملازمتهم للجامعات والمدارس ، بل ومنهم من يسكن فيها ( الداخليات ، الخيريات ( قبولهم ورضاهم بالصدقة ؟ .
فهل ترى أن على الدولة طردهم من الجامعات والمدارس والمعاهد ويعملوا كما عمل أقرانهم يخرجون للعمل والصفق بالأسواق فنبقى أمة بغير علم ويبقى مدرجك فارغا في الجامعة ؟
هل ترى أن على الناس أن يطردوا طلبة القرآن من الكتاتيب والمدارس العتيقة فنبقى أمة بغير قرءان ؟
أولئك يردون زللك إذا أخطأت وهؤلاء يصلون بك إذا هداك الله .
لقد كان أهل الصفة يمثلون قطاع التعليم يا سيد بوهندي ، وهل ترى للدولة قيام بغير تعليم ؟
ثم إنهم كانوا – أهل الصفة – يحرسون رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانوا يستعدون لتنفيذ أوامره وحاجاته في طلب من يريد من المسلمين وغير ذلك ، كانوا قائمين بهذه الفروض عن المسلمين فكانت نفقتهم على سائر المسلمين وإن سميت صدقة ، فصبروا على تلك الحال طلبا للعلم حتى فرج الله عليهم ، ذكر القرطبي في تفسيره قال :[ قال علماؤنا : وكانوا رضي الله عنهم في المسجد ضرورة وأكلوا من الصدقة ضرورة فلما فتح الله على المسلمين استغنوا عن تلك الحال وخرجوا ثم ملكوا وتأمروا [ ( 3/340 (
أترى أنهم لو لم يتعلموا كيف يتملكوا ويتأمروا ؟
هذا ومع حالهم ذلك فقد سجلوا أسمائهم مع الصحابة في الجهاد وارتقى العديد منهم إلى ربه شهيدا مرضيا عليه فقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبعين منهم قبل إسلام أبي هريرة إلى غزوة بئر معونة واستشهدوا ( فتح الباري 2/82 ( .
أما عن قولك :[ كيف لأبي بكر وعمر يمران على أبي هريرة وهو في تلك الحالة من الجوع ولا ينتبهان له ويمر رسول الله فيأخذه ويطعمه ، إن مثل هذا التوجيه ليجعل الصحابة لا يأبه بعضهم ببعض إذ كيف أن أحدهم وهو من أضياف الإسلام يكاد يموت جوعا حتى يغشى عليه ويمر خيرة الصحابة عليه ولا يدركون ما هو فيه ، إنهم حسب هذا الادعاء لا يهمهم أمر الفقير والمسكين هذا عن خيرتهم فكيف بعامتهم [.
وهذا استدلال خاطئ يا سيد بوهندي فكون أبي بكر وعمر يمران على أبي هريرة في حالة جوع ولا ينتبهان له فنستدل بذلك على عدم اهتمامهما بالفقير والمسكين فهذه مغالطة كبيرة فلقد ضرب أبو بكر وعمر أروع الأمثلة في الكرم والإنفاق وبذل المال في خدمة الفقير والمسكين ، وقد يأتيك صديق وهو جائع ويكثر عليك من الأسئلة حتى تأخذه معك للغذاء أو العشاء أو حتى لشرب الشاي ولكن لا تتفطن لما قصده من أسئلته لك وذلك لاستحيائه طلب الطعام منك ، أفيكون ذلك دليلا لي حتى أتهمك بعدم الاهتمام بأصدقائك ، ثم لقد كانت المدينة المنورة في تلك الآونة في حالة جوع عام فكان من له طعام يأخذ الرجل والرجلين ومن ليس له طعام يضاف إلى أهل الصفة فحالة الجوع كانت عامة للظروف التي كانت تمر على المسلمين آنذاك حتى إن رسول الله صلى الله عليه وسلم وصاحباه أخرجهم الجوع من بيوتهم ، وفرغ بيت علي من الطعام حتى بكى الحسن والحسين من الجوع وما عند فاطمة كسرة خبز تلهيهما في قصة أخرجها أبو داود بسند صحيح عن سهل بن سعد الساعدي ، وفرغت بيوت أزواج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لم يبق فيها للضيف إلا الماء ، فهل نقول بأن الصحابة أهملوا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لم يكن للضيف في بيته إلا الماء ؟ فحاشا صحابته الكرام ذلك وهم الذين فدوه بأعمارهم وأولادهم لا بطعامهم فقط .
وقد جاع المقداد وصاحباه حتى لم يجدوا في المدينة من يقبل ضيافتهم إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وقد اخرج ذلك مسلم في صحيحه .
أما عن قولك :[ ما هي أسماؤهم ؟ أو أسماء بعضهم غير أبي هريرة ؟ لماذا لا يتحدثون عن أنفسهم ويقولون نحن اضياف الإسلام [ .
أقول لك : عجزك عن البحث وضيق يدك فيه هي من جعلتك لا تعرف أسمائهم ، أما أنك لو رجعت إلى مؤلفات ابن الأعرابي والسلمي والحاكم وأبو نعيم لعلمت أنهم قد أفردوا مؤلفات في جمع أصحاب الصفة وبيان أسمائهم وصفاتهم ومناقبهم .
وقد ذكر القرطبي في تفسيره قال [ قال أبو ذر : كنت من أهل الصفة وكنا إذا أمسينا حضرنا باب رسول الله صلى الله عليه وسلم فيأمر كل رجل فينصرف برجل ويبقى من بقي من أهل الصفة عشرة أو أقل فيأتي النبي صلى الله عليه وسلم بعشائه ونتعشى معه فإذا فرغنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :"ناموا في المسجد" ( 3/340 (.
فهذا أبو ذر يشهد بنفسه على أنه من أصحاب الصفة ، أتراه قد دفعه أبو هريرة بأن يقول ذلك حتى يسكت بوهندي عن اتهامه بالكذب ؟
وذكر الحاكم في المستدرك قال [ فأما أهل الصفة على عهد رسول الله فإن أساميهم في الأخبار المنقولة إلينا متفرقة ولو ذكرت كل حديث منها بحديثه وسياقة متنه لطال به الكتاب ولم يجئ بعض أسانيدها على شرطي في هذا الكتاب فذكرت الأسامي من تلك الأخبار على سبيل الاختصار وهم : أبو عبد الله الفارسي وأبو عبيدة بن عبد الله بن الجراح وأبو اليقظان عمار بن ياسر وعبد الله بن مسعود الهذلي والمقداد بن عمرو بن ثعلبة وقد كان الأسود بن عبد يغوث تبناه فقيل المقداد بن الأسود الكلبي وخباب بن الأرث وبلال بن رباح وصهيب بن سنان بن عتبة بن غزوان وزيد بن الخطاب أخو عمر وأبو كبشة مولى رسول الله وأبو مرثد كناز بن حصين العدوي وصفوان بن بيضاء وأبو عبس بن جبر وسالم مولى أبي حذيفة بن عتبة بن ربيعة ومسطح بن أثاثة بن عباد بن عبد المطلب وعكاشة بن محصن الأسدي ومسعود بن الربيع القاري وعمير بن عوف مولى سهيل بن عمرو وعويم بن ساعدة وأبو لبابة بن عبد المنذر وسالم بن عمير بن ثابت وكان أحد البكائين من الصحابة وفيه نزلت ( وأعينهم تفيض من الدمع حزنا ( وأبو البشر كعب بن عمرو وخبيب بن يساف وعبد الله بن أنيس وأبو ذر جندب بن جنادة الغفاري وعتبة بن مسعود الهذلي وكان عبد الله بن عمر بن الخطاب ممن يأوي إليهم ويبيت معهم في المسجد وكان حذيفة بن اليمان أيضا ممن يأوون إليهم ويبيت معهم وأبو الدرداء عويمر بن عامر وعبد الله بن زيد الجهني والحجاج بن عمرو السلمي وأبو هريرة الدوسي وثوبان مولى رسول الله ومعاذ بن الحارث القاري والسائب بن خلاد وثابت بن وديعة رضي الله عنهم أجمعين [ ( 3/555 (.
أيكفيك هؤلاء من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم الأطهار الأبرار أم تزيد ؟ والله عندنا المزيد وبالأسانيد أيضا ومن غير رواية أبي هريرة رضي الله عنه .
فاتق الله في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم .
نكتفي بهذا ونكمل في المقالات الآتية إن شاء الله .
اللهم إني أشهدك وأشهد ملائكتك والكتبة الموكلين بي وأشهد خلقك وجميع من قرأ مقالتي هذه أنني أحب أبا هريرة وصحابة رسولك كلهم حبا جما يليق بمقامهم وينزههم عن الكذب والافتراء عليهم أو منهم وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.