قصف منزل يخلف 11 قتيلا في غزة    طقس السبت: حار بعض الشيء بالسهول الداخلية والمنطقة الشرقية والجنوب الشرقي    أمن أكادير يحقق مع جانح استقدم شابة من ملهى ليلي قبل أن يعنفها ويغتصبها    الأميرة للا أسماء تقوم بزيارة عمل إلى جامعة غالوديت بواشنطن من أجل شراكة استراتيجية    تعاف قوي لصادرات المندرين المغربي بعد سنوات الجفاف.. وروسيا في صدارة المستوردين    قيادات "الأحرار" تلتئم بالداخلة.. تنويه بمنجزات الصحراء وحصيلة الحوار الاجتماعي    إسرائيل تهاجم بنيات عسكرية سورية    ولادة طفلة "بلا دماغ" بقطاع غزة ومطالب بالتحقيق في الأسلحة المحرمة التي تستعملها إسرائيل (فيديو)    الأميرة للا أسماء تترأس بواشنطن حفل توقيع مذكرة تفاهم بين مؤسسة للا أسماء وجامعة غالوديت    جهة الداخلة-وادي الذهب.. الوزير البواري يتفقد مدى تقدم مشاريع كبرى للتنمية الفلاحية والبحرية    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    إجهاض محاولة للتهريب الدولي للمخدرات وحجز طنين من الشيرا بمعبر الكركارات    حادثة سير بين بوعرك وأركمان ترسل سائق "تريبورتور" ومرافقه للمستعجلات    حين تصبح الحياة لغزاً والموت خلاصاً… "ياقوت" تكشف أسراراً دفينة فيلم جديد للمخرج المصطفى بنوقاص    الدار البيضاء تطلق قطبا تكنولوجيا جديدا بسيدي عثمان    رئيس برلمان دول الأنديز : أحب المغرب .. رسالة مؤثرة من قلب مراكش إلى العالم    أشغال تجهيز وتهيئة محطة تحلية مياه البحر بالداخلة تبلغ نسبة 60 بالمائة    جماهير الوداد الرياضي والجيش الملكي مع موعد تاريخي    سوريا.. السلطات تعتبر القصف الإسرائيلي لمنطقة قريبة من القصر الرئاسي بدمشق "تصعيدا خطيرا"    توقيع اتفاقية إطار بشأن الشراكة والتعاون من أجل تطوير الحكومة الإلكترونية وتعميم استخدام ميزات الهوية الرقمية    لهذه الأسباب سيغيب الدولي المغربي مزراوي عن فريقه … !    بسبب اختلالات رياضية.. الجامعة الملكية تصدر قرارات التوقيف والغرامة في حق عدد من المسؤولين    يونس مجاهد: مجالس الصحافة وضعت للجمهور وليست تنظيمات بين-مهنية    رغم القطيعة الدبلوماسية.. وفد برلماني مغربي يحل بالجزائر    الجامعة الملكية المغربية تكرم المنتخب الوطني النسوي المتوج بكأس الأمم الإفريقية للفوتسال    توقعات أحوال الطقس في العديد من مناطق المملكة اليوم الجمعة    لبنان يحذر حماس من استخدام أراضيه للقيام بأي أعمال تمس بالأمن القومي    الفنان محمد الشوبي في ذمة الله    الصحة العالمية تحذر من تراجع التمويل الصحي عالميا    حقوقيون يسجلون إخفاق الحوار الاجتماعي وينبهون إلى تآكل الحريات النقابية وتنامي القمع    اللاعب المغربي إلياس أخوماش يشارك في جنازة جدته بتطوان    "إغلاق أخضر" في بورصة البيضاء    دراسة: هذه الأطعمة تزيد خطر الوفاة المبكرة    دراسة: مادة كيمياوية تُستخدم في صناعة البلاستيك قتلت 365 ألف شخص حول العالم    في كلمة حول جبر الأضرار الناجمة عن مآسي العبودية والاتجار في البشر والاستعمار والاستغلال بإفريقيا: آمنة بوعياش تترافع حول «عدالة تعويضية» شاملة ومستدامة    «غزة على الصليب: أخطر حروب الصراع في فلسطين وعليها»    "موازين" يعلن جديد الدورة العشرين    كلية الآداب بالجديدة وطلبتها يكرمون الدكتورة لطيفة الأزرق    عبد الله زريقة.. علامة مضيئة في الشعر المغربي تحتفي به "أنفاس" و"بيت الشعر"    سفينة مساعدات لغزة تتعرض لهجوم بمسيرة في المياه الدولية قرب مالطا    للمرة الخامسة.. مهمة سير فضائية نسائية بالكامل خارج المحطة الدولية    العرائش تسجل أعلى نسبة تملك.. وطنجة تتصدر الكراء بجهة الشمال    رسالة مفتوحة إلى السيد محمد ربيع الخليع رئيس المكتب الوطني للسكك الحديدية    كوريا: الرئيس المؤقت يقدم استقالته لدخول سباق الانتخابات الرئاسية    خُوسّيه سَارَامَاغُو.. من عاملٍ فى مصنعٍ للأقفال إلى جائزة نوبل    الذهب يتعافى بعد بلوغ أدنى مستوى في أسبوعين    كأس أمم إفريقيا لأقل من 20 سنة: المغرب يستهل مشواره بفوز مثير على كينيا    وفاة الممثل المغربي محمد الشوبي    كرة القدم.. توتنهام يضع قدما في نهائي الدوري الأوروبي    الزلزولي يساهم في فوز بيتيس    منتجو الفواكه الحمراء يخلقون أزمة في اليد العاملة لفلاحي إقليم العرائش    القهوة تساعد كبار السن في الحفاظ على قوة عضلاتهم (دراسة)    حقن العين بجزيئات الذهب النانوية قد ينقذ الملايين من فقدان البصر    التدين المزيف: حين يتحول الإيمان إلى سلعة    مصل يقتل ب40 طعنة على يد آخر قبيل صلاة الجمعة بفرنسا    كردية أشجع من دول عربية 3من3    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



صاحبة الجلالة بدون سُلطة
نشر في هسبريس يوم 06 - 02 - 2008

كلما أمسكت بين يدي إحدى الأسبوعيات أو اليوميات المغربية المستقلة أشعر وكأني في المملكة المتحدة وليس داخل المملكة المغربية الشريفة !
مقالات تحت عناوين بمانشيطات عريضة تتحدث عن "العوالم الخفية" للبلاط الملكي ، أسرار القصر تنشر بدون خوف ، ومعها "الصور النادرة" للعائلة الملكية . مقالات تتحدث عن "محاكمات كبرى" لرجال الفساد في "عهد الفساد" البائد ، تغطيات لمحاكمات لصوص المال العام ...
عناوين كبرى وفضائح كبرى تنشر على صدر الصفحات الأولى للجرائد المغربية ، تماما كما في بريطانيا .
لكن شتان بين "صاحبة الجلالة" المغربية و"صاحبة الجلالة" البريطانية ، وشتان بين "المغرب العظيم" وبريطانيا العظمى ، وشتان بين مملكة محمد السادس ومملكة إليزابيث الثانية .
الفرق الذي يفصل بين العاصمة لندن والعاصمة الرباط هو نفسه الذي يفصل بين السماء والأرض ، قد يكون القاسم الوحيد الذي يجمع بينهما هو الضباب ، لندن تعيش أيام السنة كلها تحت رحمة الضباب ، والرباط بدورها تعيش تحت الضباب طيلة أيام لسنة وشهورها ، الفرق الوحيد بين ضباب العاصمتين هو أن لندن تعيش تحت ضباب الطبيعة البارد ، بينما الرباط يكتنفها ضباب السياسة الذي يصيب بالاكتئاب والجنون !
فما الفرق إذن بين الصحافة المغربية والصحافة البريطانية أو الصحافة الغربية بشكل عام ؟
قد يبدو للوهلة الأولى أن لا فرق بينهما إطلاقا ، فما تقوم به الصحافة الغربية هو نفسه ما تقوم به "صاحبة الجلالة" المغربية ، لكن الحقيقة المرة التي لا يريد أحد أن يتجرعها هي أن الصحافة البريطانية والغربية تمثل "السلطة الرابعة" بكل ما تحمله كلمة "تمثيل" من معنى ، ويحسب لها ألف حساب من طرف السياسيين وأصحاب المسؤوليات الكبرى والصغرى ، وتمثل بالفعل "مدفعا" حقيقيا يدافع عن الناس والوطن ، بينما الصحافة المغربية لا تمثل سلطة رابعة ولا خامسة ولا سادسة ، ولا يهتم لشأنها أحد ، ولا يحسب لها أصغر موظف في أبأس مقاطعة لا ألف ولا مائة حساب ! وهذه هي الحقيقة المرة التي يجب أن نتجرعها نحن المواطنون ، ومعنا كل النزهاء والغيورين من صحافيي هذا البلد التعيس .
قد يقول البعض بأن كل ما قلته ليس سوى مجرد تجن على "الجسم الصحفي المغربي" ، وأن الصحافة المغربية لها بالفعل "همة وشأن" ، وأن الصحافيين المغاربة يسهرون الليالي من أجل إحداث خلخلة في مشهدنا السياسي المعتل ...الخ . أنا لا أنكر هذا أبدا ، ولا أنكر مجهودات الصحافيين الغيورين على هذا البلد ، ولا يمكنني بأي حال من الأحوال أن أضرب كل مجهوداتهم في الصفر . لكن قولوا لي بربكم لماذا لم تستطع أي صحيفة مغربية لحد الآن إزاحة ولو رئيس جماعة قروية من منصبه طيلة نصف قرن كامل ؟! ولعلم من لا يعلم فالصحافة البريطانية هي التي أزاحت وزير الداخلية في حكومة طوني بلير من منصبه عندما نشرت عنه خبرا صغيرا يتعلق بتدخله لفائدة خادمته من أجل الحصول على بطاقة الإقامة ، وكان ذلك كافيا كي يستقيل من منصبه بفضل صاحبة الجلالة البريطانية . هادي هي الصحافة ديال بصح ولا بالاك .
وقولوا لي أيضا هل استطاعت الصحافة المغربية أن تكون فاعلا مؤثرا في كل المحاكمات الصورية لرجال الفساد والتي خصصت لها تغطيات واسعة ؟ وهل استطاعت صحافتنا أن تكون فاعلا مؤثرا في العمليات الانتخابية من أجل إحداث تناوب سياسي حقيقي ؟ وإذا كان الجواب البديهي لكل هذه الأسئلة هو لا ، فإن السؤال الطبيعي الذي يطرح نفسه بإلحاح شديد هو : ما الجدوى من وجود هذه الصحافة إذن ؟!
دعونا نتفق على أن لدينا بعض المنابر الصحفية المستقلة تصرخ بملأ فمها مثل سائر صحف الدنيا ، لكن لا أحد يسمعها ، ليس لأن صوتها مبحوح لا يسمع ، وليس لأن الآذان التي تتوجه إليها بنداءاتها الصارخة صماء لا تسمع ، بل لأن سقف القانون في بلدنا لم يبن بالحديد والاسمنت المسلح كما هو الحال في كل ديمقراطيات العالم ، وهو بذلك يكون شبيها بغربال له ثقوب واسعة ، تستطيع "الرؤوس الطويلة" اختراقه بكل سهولة ، وهنا تكمن مشكلتنا الكبرى .
ولا أخفيكم سرا إن قلت بأن اليأس يتملكني في كثير من الأحيان ، حتى أني أكاد أجزم بأن الفرق الوحيد بين الأمس واليوم هو أن لصوص الأمس ومفسديه كانوا يسرقون ويعيثون في الأرض فسادا ، لكن لا أحد كان
يجرؤ على فضحهم ، بينما لصوص اليوم ومفسدوه يمارسون الفساد لكن لا أحد يستطيع أن يوقفهم عند حدهم ، رغم أن الصحافة تفضحهم كل يوم على صدر صفحاتها الأولى ! كاين شي عجب اكثر من هادا .
منير الماجدي الذي يشغل منصب الكاتب الخاص للملك مثلا ، استولى في الصيف الماضي على أربعة هكتارات كاملة من أراضي الأحباس في نواحي تارودانت وكتبها في اسم ابنتيه القاصرتين مقابل خمسين درهما للمتر المربع ، في الوقت الذي يساوي فيه الثمن الحقيقي أربعة آلاف درهم للمتر الواحد ، وعوض أن يتم تقديمه إلى المحكمة رفقة أحمد التوفيق الذي قدم له هذه الهدية الثمينة أرسله الملك إلى جزر الباهامس من أجل قضاء أيام من العطلة على حساب الدولة ! غير اللي ما بغاش يحماق وصافي .
ورغم أن المنابر الإعلامية التي ما زالت تحتفظ بقليل من المصداقية نددت وصرخت واستنكرت ما فعله سكرتير الملك ووزير الأوقاف ، إلا أن أحدا لم يلتفت لصراخها . الماجدي قضى أياما جميلة تحت أشعة الشمس الذهبية على رمال شواطئ الباهاماس وعاد بعد ذلك إلى منصبه وكأن شيئا لم يكن ، وأحمد التوفيق تمت تزكيته بعد شهرين من تلك الفضيحة لولاية حكومية ثانية على رأس وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية.
فهل نحن بحاجة إلى معجزة من السماء حتى تستقيم الأمور في هذا البلد الغارق في البؤس والفساد ؟
الأكيد أننا لسنا بحاجة إلى معجزة ولا إلى أي شيء آخر ، نحن فقط في حاجة إلى قرار سياسي شجاع ، يستطيع كسر "القارورة السحرية" التي تختلط فيها كل سلط هذا البلد ، حتى تتفرع هذه السلط إلى فروعها الثلاثة الطبيعية . سلطة تنفيذية منتخبة شرعيا تنفذ ما تراه مناسبا لتوجهاتها ، وسلطة تشريعية تراقب بعيون لا تنام صنوتها التنفيذية ، وسلطة قضائية "تقطع" كل رأس تجاوز سقف القانون ، إذ ذاك سيكون من حق الصحافة المغربية أن تقول بأنها تمثل "السلطة الرابعة" ، وتراقب عمل السلط الأخرى ، وبالتالي تكون لها "همة وشأن" ويضرب لها ألف حساب وحساب ، أما ما دامت الأمور على ما هي عليه الآن فإن ما تقوم به الصحافة المغربية لا يتجاوز كونه مجرد جعجعة بلا طحين ، والطرف الوحيد الذي له ما يكفي من الهمة والشأن اليوم هو الملك وصديقه الحميم فؤاد عالي الهمة !
almassae.maktoobblog.com

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.