يوارى الثرى اليوم في الدارالبيضاء المحامي والسياسي والكاتب والمناضل عبد الرحيم برادة الذي وافته المنية في نفس المدينة، مساء الأحد، عن عمر ناهز 84 سنة. ونعى المناضل سيون أسيدون الراحل على صفحته الرسمية على فيسبوك بالقول "رجل عظيم يتركنا. سنفتقدك يا عبد الرحيم حتى لو كنت وستبقى هناك، ستبقى دائما حاضر معنا …" وكتب المناضل عبد الغني قباج ناعيا الفقيد "إنسان قل نظيره في واقعنا السياسي والحقوقي والنضالي والالتزام بقضايا تحرر الشعب المغربي .. "، قبل أن يضيف "محامي مناضل عنيد في الدفاع عن حق الإنسان المغربي في حياة متحررة .. شجاع في الدفاع عن كل اليساريين الذين عارضوا نظام الاستبداد والاستغلال … " أما المحامي عبد العزيز النويضي، فكتب ينعي رفيق مهنته "يعجز اللسان عن التعبير عن فقدان واحد من آخر عمالقة النضال والفكر . ناضل بشجاعة وتبصر وأعطى بدون حساب دفاعا عن الحقوق والحريات وكان قدوة لكل من يحمل هم العدل ومحاربة الظلم". اشتهر عبد الرحيم برادة بمرافعاته القانونية القوية في محاكمات سياسية في سنوات الجمر والرصاص التي عرفها المغرب في سبعينات القرن الماضي، عندما انتصب للدفاع عن زعيم اليسار الرادكالي إبراهيم السرفاتي ورفاقه في حركة "إلى الأمام" اليسارية، أو عندما دافع عن مناضلي حركة "23 مارس" اليسارية. كما عرف برادة بشجاعته أثناء المحاكمات السياسية الكبرى التي عرفها المغرب في سبعينات القرن الماضي، حيث نصب نفسه، إلى جانب 51 محاميا بارزا مثل عبد الرحيم بوعبيد ومحمد بوستة وعبد الرحمن بن عمرو، مدافعا عن المتتابعين في ما عرف بمحاكمات مراكش الكبرى عام 1971، والتي توبع فيها 193 متهما بتهم محاولة قلب النظام. وبرادة رجل مواقف قبل أن يكون رجل قانون، عرف بمواقفه الشجاعة ضد الظلم والاستبداد، وبدافعه عن الحريات بكل أنواعها وعلى رأسها حرية المعتقد. وكان لبرادة مواقف سياسية واضحة من النظام القمعي في عهد الملك الراحل الحسن الثاني الذي ظل يعارضه حتى وفاته. ولد عبد الرحيم برادة سنة 1938 بمدينة الدارالبيضاء وتابع دراسته الحقوقية في باريس التي درس بها القانون. وكان مناضلا في حزب "الاتحاد الوطني للقوات الشعبية"، في عهد مؤسسه المهدي بنبركة الذي تَعرّف عليه في باريس وربطته علاقات خاصة مع عمر بنجلون الوجه البارز داخل الحركة الاتحادية. وفي بداية الألفية الحالية اختار الأمير هشام العلوي، محمد برادة ليكون دفاعه في قضية رفعها ضد سياسي قبل أن يتوصلا إلى صلح أدى إلى طي القضية قبل أن يقف المحامي وموكله الأمير أمام المحكمة. وبرادة هو أيضا كاتب عرف بمقالاته القانونية القوية، وصدر له عام 2018 كتاب باللغة الفرنسية تحت عنوان "مرافعة من أجل مغرب علماني"، يطرح فيه ضرورة فتح النقاش حول مسألة العلمانية في المغرب كمفتاح لدمقرطة الدولة والمجتمع في المغرب.