الإمارات تعتزم استثمار 1,4 تريليون دولار في الولايات المتحدة خلال 10 سنوات    العرائش.. كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري تقود زيارة ميدانية إلى وحدات صناعية توفّر حوالي 14 ألف منصب شغل    الطالبي العلمي يستقبل مدير المنظمة الإسلامية للأمن الغذائي    إعدام جماعي للكلاب المعقمة يثير موجة استنكار بطنجة وسكان يطالبون بالمحاسبة    ولي العهد الأمير مولاي الحسن يترأس مأدبة غداء أقامها جلالة الملك بمناسبة الذكرى ال 69 لتأسيس القوات المسلحة الملكية    الفلسطينيون يحيون الذكرى 77 للنكبة وسط مخاوف من تكرار التاريخ    في الجزائر الانفعال سياسة دولة    إزالة السوار الإلكتروني لنيكولا ساركوزي    مشجعو الكوكب المراكشي يحتفلون بعودة الفريق إلى القسم الأول من البطولة الاحترافية    الانخفاض ينهي تداولات بورصة الدار البيضاء    160 مليون درهم لمكافحة حرائق 2025.. المغرب يعزز جهوزيته لحماية الغابات    بمناسبة سفر أول فوج منهم إلى الديار المقدسة ..أمير المؤمنين يدعو الحجاج المغاربة إلى التحلي بقيم الإسلام المثلى    الجيش الملكي يواجه الزمامرة في ثمن نهائي كأس العرش في هذا التاريخ    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الجمعة    تم توقيفه في باب مليلية.. خمسيني يحاول تهريب الشيرا في بطنه    قضية مبديع.. متهم أمام هيئة المحكمة باستئنافية الدار البيضاء: لم أتلقَ أي تعليمات بشأن الصفقات    الغلوسي بخصوص المصادقة على مشروع القانون المسطرة: "هناك من يسعى لحماية المفسدين من المساءلة"    الملك محمد السادس يهنئ باراغواي    قبل استئناف تصفيات المونديال "فيفا" يُعيد خصم "أسود الأطلس" إلى المنافسة    أخنوش يستعرض الإصلاحات التعليمية    محكمة العرائش ترفض دعوى زوج الوزيرة المنصوري وتُمهّد لاسترجاع عقارات جماعية    محطة تقوي الماء الشروب في 4 مدن    افتتاح المعهد الوطني العالي للموسيقى والفن الكوريغرافي لتعزيز الإبداع والتعليم الفني بالمغرب    تنسيقية المسرحيين البيضاويين تطالب بعقد لقاء مع والي جهة الدار البيضاء سطات    الوكالة المغربية للدم تطلق جولتها الوطنية من طنجة لتعزيز السيادة الصحية    فتوى تحرم استهلاك لحم الدجاج الصيني في موريتانيا    تزايد عدد المشردين يقلص الدخول إلى مطار مدريد    ابتلاع الطفل لأجسام غريبة .. أخطار وإسعافات أولية    ارتفاع الضغط يطال 1,2 مليون مغربي    باب برج مراكش يفتح ذراعيه لتيار تشكيلي مغربي يسعى لكتابة اسمه عالميًا    الأمن الوطني يحتفل بالذكرى ال69 لتأسيسه: وفاء للمسؤولية.. تحديث مستمر.. وخدمة مواطنة متجددة    الشرطة القضائية تستدعي من جديد عزيز غالي رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان    دراسة: الاحترار المناخي يهدد أوروبا بانتشار وبائي لحمى الضنك وشيكونغونيا    كأس الكونفدرالية... ملعب أمان بزنجبار يحتضن النهائي بين نهضة بركان وسيمبا التنزاني    بنيعيش يفتتح مهرجان الموكار طانطان لحماية وصون تراث الصحراء    أشبال المغرب في مواجهة حاسمة أمام مصر بنصف نهائي كأس إفريقيا    فيدرالية الدواجن تفنّد شائعة الحظر الصيني وتؤكد سلامة الإنتاج الوطني    توقيع مذكرة تفاهم بين المركز المغربي للدبلوماسية الموازية وحوار الحضارات ومركز ديفاك إنفست أفريكا للنهوض بالتنمية بإفريقيا    الموت يغيب الرابور "مول العافية"    إدريس الروخ يكشف كواليس تصوير "BAG" قبل العرض الأول    الوزيرة السغروشني تترأس مراسيم تسليم السلط بين المدير العام السابق لوكالة التنمية الرقمية وخلفه أمين المزواغي    في خطوة لدعم العالم القروي: سند مستدام ثان لبنك المغرب من الصندوق الدولي للتنمية الزراعية    إحياء النادي السينمائي بمدينة مشرع بلقصيري    بريطانيا تعتزم السماح للمستثمرين الأجانب بتملك حصة 15 في المائة من الصحف    تقرير أمريكي يصنف المغرب كأفضل وجهة إفريقية لرجال الأعمال الأجانب    الاتحاد البحر الأبيض المتوسط لرياضات الكيك بوكسينغ ينتخب السيد عبد الفتاح بوهلال عضوا ضمن مكتبه التنفيذي    بولونيا بطلا لكأس إيطاليا على حساب ميلان    أسعار النفط تتراجع بعد ارتفاع مخزونات الخام الأمريكية    ترامب: أمريكا تقترب جدا من إبرام اتفاق نووي مع إيران    ثلاث ميداليات للمغرب خلال بطولة العالم للتايكوندو للفتيان / الفجيرة 2025 منها ميدالية ذهبية ثمينة :    من طنجة إلى بكين: كتاب "هكذا عرفتُ الصين" يكشف عمق الروابط التاريخية بين المغرب والصين    مشروع صيني مغربي جديد لتحلية مياه البحر يدشّن مرحلة متقدمة من التعاون البيئي    أسعار العملات الأجنبية مقابل الدرهم ليوم الخميس    الكرملين يكشف عن تشكيلة وفده للمفاوضات مع أوكرانيا في إسطنبول    دراسة: الإفراط في الأغذية المُعالجة قد يضاعف خطر الإصابة بأعراض مبكرة لمرض باركنسون    أمير المؤمنين يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة برسم موسم الحج لسنة 1446 ه    جلالة الملك يوجه رسالة سامية إلى الحجاج المغاربة بمناسبة انطلاق موسم الحج    رفع كسوة الكعبة استعدادا لموسم الحج    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفصل الثاني من مسرحية 'حكومة ثورة الصناديق'
نشر في لكم يوم 18 - 07 - 2013

تتسارع هذه الأيام وتيرة الأخبار المتعلقة بطبيعة الحزب الذي سيعوض خروج حزب الاستقلال من الائتلاف الحكومي لحكومة عبد الاله بنكيران، أغلب التوقعات تذهب الى دخول حزب التجمع الوطني للأحرار الى الائتلاف الحكومي الجديد لتعويض خروج حزب الاستقلال، هذا التوقع فرّخ العديد من التعليقات الجانبية المستغربة لهذا الاصطفاف السياسي الغريب، خصوصاً بعد كلّ الذي سبق وأن قاله بنكيران وأعضاء من حزبه في حق حزب الاحرار وفي حق أمينه العام.
قد يكون هذا الاستغراب في محله لو كنا في دولة ديموقراطية تجري فيها اللعبة السياسية وفق قواعدها، ولكن ونحن في بلدنا المغرب نعرف جيّدا أن النسق السياسي الذي يحكمنا واضح وصريح؛ الملك هو الذي يحكم والباقي كومبارس يؤثث مشاهد المسرحية، إذن فلا ضير أن يخرج فلان ولا أن يلتحق علان ما دام الثابت هو هو ؛ الملك وحده لا شريك له في الحكم. وهذا المعطى تكرّسه في الحقيقة بجلاء تفاصيل الأزمة السياسية الحالية، فالمتأمل في شريط تشكيل هذه الحكومة وما تلا ذلك يتبين بوضوح أن هذه الحكومة المُدّعية وُلدت وترعرعت منذ البدء بوصفها دمية بيد الملك، يحركها كما شاءت أهواءه السياسية ومصالحه الاستراتيجية.
كلنا نعرف قصة هذه الحكومة والسياق الذي أتت فيه، قيل إن رياح الربيع الديموقراطي هي من حملت حزب العدالة والتنمية الاسلامي الى سدة رئاسة الحكومة، فهي كانت ضرورة أملتها الظروف الاقليمية أكثر مما أملتها رغبة "صاحب الجلالة" كما كان الشأن مع حكومة عبد الرحمان اليوسفي لضمان الانتقال السلس للسطلة من الملك الحسن الثاني الى خلفه محمد السادس، إذن الملك في هذه التجربة لم يختر الاسلامين بقدر ما فرضهم الوضع السياسي العام، والملك لم يقبل بهذا الوضع إلاّ بعد أن اطمأن من تقليم أظافر الحزب السياسية والاتفاق على المربع المتاح اللعب فيه. هنا ربحت المؤسسة الملكية الرهان؛ وظفت ورقة الاسلاميين بأقل تكلفة ممكنة مقارنة مع ما يجري في السياق الاقليمي. وبدا جليّاً أن السيد عبد الاله بنكيران قَبِل بكل اشتراطات الملك وبل وأحياناً زاد من عنده لبرهن له عن صدق ولائه، وهذا ما تلقّفه خصومه الحزبيون (حتى لا أقول السياسيين) وراحوا يغمزون ويلمزون ويقولون لبنكيران إن الدستور الجديد منحك صلاحيات واسعة لكنك لم تستغلها ولم توظفها، وهو امر صحيح، لكن أيضاً هم يعرفون جيداً أن المسكين مكبل بتعهدات واشتراطات مهزلة تمرير دستور 1 يوليوز.
في خضم هذه المعطيات اشتغلت المؤسسة الملكية بآلية محددة فحواها: العمل على "مرمدة" حزب العدالة والتنمية وانهاكه جيّدا ما دام قبل التنازل طواعية حتى على الاسلحة الخفيفة التي اتاحها دستور 2011، وانهاك حزب العدالة والتنمية لا يُقصد به انهاك الحزب فقط، بل انهاك التيارات الاسلامية صاحبة القاعدة الشعبية في هذه الظرفية التاريخية، وأيضاً هذا الانهاك يتيح الايحاء بفكرة مركزية هي أن الملك وحده من له الكلمة الاولى والاخيرة والباقي كيفما كانوا مجرد متلهفين الى المناصب، يرفعون شعارات ويُقْدِمُون على فعل عكسها، فأن يقول بنكيران في مزوار ما لم يقله مالك في الخمر ثم يعود ليطلب ودّه ويعلن "حامي الدين" أن حزب الاحرار خيار جدّي (ربما من الجَدْي) هو تكريس حرفي لهذه المعادلة؛ الشعار شيء والفعل شيء اخر.
ولتنجح الخطة جيداً، كانت محبوكة منذ البدء، ولم يُترك شيء منذور للمصادفة، تم إدخال حزب الاستقلال في عهد عباس الفاسي في حكومة بنكيران، ثم الاتيان بعد ذلك بحميد شباط الى الأمانة العامة لحزبه ليُمْعِن في استفزاز وابتزاز بنكيران ،وبعد أن أنهى مهمته وأُنزِل الستار على الفصل الأول من المسرحية المحبوكة، سيتم رفع الستار عن الفصل الثاني بالتحاق شباط اخر اسمه "مزوار" وسيسير على نهج سلفه في اتمام عملية الاجهاز على حزب العدالة والتنمية. بنكيران وإخوته أكيد تفطنوا، أو على الأقل بعضهم، الى هذا المقلب، لكن هم مجبرون على الاتكال على الله والمضي قدما والاستعانة بالدعاء لعلهم يفلحون في الانتصار على أعدائهم العفاريت والتماسيح...
فالمنطق السياسي السليم بقتضي في مثل هذا الوضع المرتبك المتسم بعدم وجود حزب سياسي مستعد فعلاً العمل مع العدالة والتنمية، يقتضي الدعوة لانتخابات تشريعية سابقة لأوانها لتشكيل خريطة سياسية جديدة، وحتى إن افترضنا أن الظرفية السياسية والاقتصادية لا تسمح باللجوء الى هذا الحل، فإن المنطق يقول أن الخيار الثاني سيكون هو حكومة وحدة وطنية لا يتحمل مسؤوليتها السياسية طرفٌ بعينه، لكن لأن المقصود هو انهاك حزب العدالة والتنمية والامعان في ذلك فإن الخيار الوحيد الذي ستقبل به المؤسسة الملكية هو هذا ما دام يتيح فرصة استكمال "شخبطة حكومة بنكيران" على يد مزوار، ثمة من قيادات العدالة والتنمية من هو واع بهذا وعبروا أكثر من مرّة عن تفضيلهم انتخابات سابقة عن باقي الحلول، لكن بنكيران كان لهم بالمرصاد وعمم بلاغاً يؤكد فيه مرة أخرى أنه هو الوحيد المخول له الحديث باسم الحزب في هذا الموضوع والباقي مجرد أراء شخصية لا تلزم الحزب، أي فيما معناه فلتطمئن يا صاحب الجلالة "لي بغيتها هي اللي غتكون"...
في استقراء التاريخ السياسي الحديث للمغرب ما بعد استقلال "ايكس ليبان" يظهر بوضوح أن كل الاحزاب وكل الشخصيات التي ادّعت شرف المعارضة ثم قَبِلت بخدمة الملكية، كان مصيرها صفعات من الاذلال على طريقة "جزاء سنمار"، فلنتذكر كيف تم التخلص من حكومة عبد الله ابراهيم التي اتكأت عليها الملكية لتصفية جيش التحرير واكتساب شرعية مقاومة المستعمر، ثم كيف تم التعامل مع عبد الرحمان اليوسفي الذي خدم الملكية في عبور السكتة القلبية بخوصصة أهم القطاعات الوطنية لتوفير سيولة نقدية للبنك المركزي وكذا ضمان انتقال هادئ للسلطة من الحسن الثاني الى محمد السادس، جزاؤه كان هو صفعة انتخابات 2002 وتعين جطو رئيساً للحكومة ضدّاً على كل الاتفاقات التي سبقت طبخة "حكومة التناوب"، حينها فهم اليوسفي أن "على نفسها جنت براقش" ففرّ الى بروكسيل وألقى محاضرته الشهيرة ثم لاذ بالصمت الأبدي...
هكذا سيستمر عرض فصول المسرحية ما لم يباغتها انقطاع مفاجئ في التيار الكهربائي، سيواصل بنكيران امتشاق سيفه الدونكيشوتي ويحارب العفاريت والتماسيح، وسيستمر الملك هو الفاعل الوحيد والأوحد، والشعب المغربي ستزداد درجات حنقه طرداً مع ازدياد درجات نفوره من السياسة وكرهه للساسة والسياسيين لتترسخ في لاوعيه "فهاد لبلاد ما كاين غي الملك أما اخرين غي ولاد لحرام كيقلبوا على المصالح ديالهم"....


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.