دعا الائتلاف المدني من أجل الجبل السلطات المغربية إلى تبني سياسة عمومية مندمجة ومنصفة تجاه ساكنة المناطق الجبلية، محذرًا من استمرار ما وصفه ب"الإقصاء والتهميش" الذي تعانيه هذه المناطق رغم وزنها الديمغرافي والجغرافي. وقال الائتلاف في ورقة توجيهية إن المناطق الجبلية، التي تضم أكثر من 178 ألف كلم2 أي حوالي 26% من التراب الوطني ويقطنها أكثر من 7 ملايين نسمة، تعيش أوضاعًا صعبة نتيجة ضعف البنيات التحتية، وارتفاع معدلات الفقر والأمية، وضعف الولوج إلى الخدمات الصحية والتعليمية، إضافة إلى الهشاشة الاقتصادية المرتبطة بتدهور الموارد الطبيعية وغياب العدالة المجالية.
واقترح الائتلاف حزمة من المداخل لإصلاح الوضع، أبرزها إحداث هيئة وطنية خاصة بتنمية المناطق الجبلية تعمل بتنسيق مع مختلف القطاعات الوزارية، وتتمتع بصلاحيات واسعة في التخطيط والتنفيذ. كما أوصى بإحداث مجلس استشاري يضم خبراء وممثلين عن المجتمع المدني والسكان المحليين، لضمان تتبع السياسات العمومية الموجهة لهذه المناطق. وعلى الصعيد الاقتصادي، دعا الائتلاف إلى اعتماد نموذج تنموي مستدام يرتكز على الاقتصاد الأخضر الجبلي عبر تطوير السياحة البيئية، وتشجيع الزراعة المستدامة، واستثمار الطاقات المتجددة. كما شدد على ضرورة تقوية صندوق خاص بتنمية المناطق الجبلية، عبر موارد إضافية من الميزانية العامة وفرض مساهمات على استغلال الشركات للموارد الطبيعية المحلية. أما في الجانب الاجتماعي، فقد أوصى بتحسين الولوج إلى التعليم عبر بناء مدارس داخلية وخارجية وإحداث أقطاب جامعية متخصصة، وتعزيز المنظومة الصحية بتوفير التجهيزات والبنيات الضرورية بما فيها النقل الصحي الجوي، فضلا عن تحسين البنيات التحتية من طرق ومرافق أساسية في المناطق المعزولة. كما اقترح إعداد قانون إطار خاص بالجبل، يضع أسسًا تشريعية ومؤسساتية ملزمة لمعالجة الإشكالات التنموية، ويضمن الحقوق الاقتصادية والاجتماعية لسكان هذه المناطق، مع اعتماد سياسات ترابية تراعي الخصوصيات البيئية والثقافية المحلية. وختم الائتلاف ورقته بدعوة الفاعلين السياسيين والمؤسسات الرسمية إلى "الإنصات لصوت الجبل وساكنته"، مؤكدا أن العدالة المجالية والإنصاف الترابي يمثلان شرطًا أساسيًا لتحقيق التنمية المتوازنة والارتقاء بأوضاع ملايين المواطنين الذين يعيشون في المناطق الجبلية.