قال عبد القادر اعمارة رئيس المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي إن موضوع الشيخوخة يكتسي أهمية استراتيجية متزايدة، خاصة في ظل التحولات الديمغرافية التي تعرفها بلادنا خلال السنوات الأخيرة، ولا سيما مع تسارع وتيرة شيخوخة الساكنة وتحسن أمل الحياة، حسب نتائج الإحصاء العام للسكان والسكنى لسنة 2024. وأشار خلال عرضه لخلاصات تقرير المجلس حول "الادماج الاقتصادي والاجتماعي للأشخاص المسنين، اليوم الأربعاء بمقر المجلس بالرباط، أن هذه التطورات تطرح على السياسات العمومية الموجهة إلى هذه الفئة العمرية تحديات جديدة تتطلب مقاربة متجددة.
وأكد أن المقاربة الجديدة لا ينبغي أن تنظر إلى الأشخاص المسنين باعتبارهم فقط في حاجة إلى التكفل والرعاية، وإنما كطاقة بشرية منتجة ينبغي الاستثمار في خبراتها وقدراتها، بما يسهم في التنمية الاقتصادية والاجتماعية، ونقل المعارف بين الأجيال، وتعزيز التماسك المجتمعي. وأوصى المجلس في تقريره بتسريع وتيرة تنفيذ خطة العمل الوطنية للنهوض بالشيخوخة النشيطة 2023-2030 وتقوية الاندماجية بين محاورها وما تتضمنه من إجراءات وبرامج، واعتماد قانون إطار يُحدد الأهداف الأساسية للفعل العمومي في مجال الإدماج الاجتماعي والاقتصادي للأشخاص المسنين. ودعا أيضا إلى الرفع من قيمة المعاشات، لتمكين الأشخاص المسنين من سبل العيش الكريم ومواجهة ارتفاع كلفة المعيشة، وملاءمة خدمات التأمين الإجباري الأساسي عن المرض بما يتيح الاستجابة بشكل أمثل لاحتياجاتهم الخاصة، لا سيما من خلال إدماج خدمات الرعاية الصحية المنزلية، وتغطية تكاليف المواكبة من طرف أعوانِ تمريضٍ مؤهلين للقيام بالأعمال الأساسية للحياة اليومية. وأكد المجلس على ضرورة تعزيز حكامة المنظومة المؤسساتية المتعلقة بالتكفل بالأشخاص المسنين، وذلك بما يضمن تحسين فِعْلية حقوقهم الأساسية، وتجويد التنسيق بين مختلف الفاعلين المعنيين. واقترح تيسير ولوج الأشخاص المسنين إلى سوق الشغل، عبر ملاءمة الآليات المتعلقة بالتشغيل والتكوين والحفاظ على النشاط المهني مع الاحتياجات الخاصة لهذه الفئة، وبتسريع وتيرة إصلاح مدونة الشغل والنظام الأساسي العام للوظيفة العمومية. وأوصى أيضا بتمكين الأشخاص المسنين من الجمع الكلي أو الجزئي بين الأجر ومعاش التقاعد، وسن تحفيزات ضريبية موجهة إلى المقاولات التي تُشغّل الأشخاص المسنين أو تحتفظ بهم، والعمل على تشجيع المبادرة المقاولاتية للأشخاص المسنين من خلال تقديم مواكبة شخصية، وتيسير الولوج إلى التمويل، وتثمين كفاءات وخبرات هذه الفئة، خاصة من مغاربة العالم، من خلال إحداث منصة وطنية تُسهّل إقامة شبكات متخصصة حسب مجالات الخبرة. وشدد المجلس على أهمية تطوير «اقتصاد فضي» منظَّمٍ قمينٍ بتحويل شيخوخة السكان إلى رافعة لخلق القيمة الاقتصادية والاجتماعية، استرشاداً بالتجارب الدولية الناجحة في هذا المجال، حيث يستندَ هذا الاقتصاد إلى نموذج مبتكَر للرعاية والرفاه والمشاركة، يُدمِج بشكل متجانس الطلب الاستهلاكي للأشخاص المسنين، وعرض الخدمات الملائمة حسب المجالات الترابية، مع العمل على تشجيع انبثاق أنشطة اقتصادية مستدامة ومُنتِجة لفرص الشغل.